fbpx
الهيئات القضائية

الدفع بكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة

أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٩٤١٦ لسنة ٧٩ قضائية ـ الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٦/١١/٢٧، أنه من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام أو تلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة ، بل يُستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها .

الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر وبعد المـــداولة قانوناً .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك أنه جاء قاصراً فى بيان واقعة الدعوى ولم يورد مضمون أدلة الإدانة ومؤداها ، ولم يدلل على توافر رابطة السببية بين الإصابة التى نسب إلى الطاعن إحداثها بالمجنى عليه وبين العاهة التى لحقت به معرضاً عن دفاعه القائم على انتفائها ، ولم يستظهر القصد الجنائي لديه ، وعول فى قضائه على تقرير الطب الشرعى مكتفياً بإيراد نتيجة دون مضمون بإيراده وصف الإصابة وسببها وكيفية حدوثها ، وعول فى قضائه على أقوال المجنى عليه الغير معززة بشاهد رؤية وتعدد رواياته وتناقضها مع بعضها وما جاء بأقوال والده شاهد الإثبات الثانى ، وعدم معقولية تصويره للحادث وتعذر رؤية للطاعن لظلمه مكانه ملتفتاً عن دفاعه فى هذا الشأن ، وأطرح دفعه ببطلان استجوابه بمحضر الضبط وبطلان الاعتراف المعزو إليه به كونه وليد مادى ومعنوى برد قاصر غير سائغ والتفت عن دفعه بعدم جدية التحريات واستند إليها مع أنها لا تصلح دليلاً فى الإدانة وضرب صفحاً عن دفعه بكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم صحة إسناده إليه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه فى بيان كاف أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فإن ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بهذا الشأن يكون لا محل له .

لما كان ذلك ، وكانت علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذى قارفه الجاني ويرتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التى ينفرد قاضى الموضوع بتقديرها ، فمتى فصل فى شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدى إلى ما انتهى إليه ــ على أن العاهة التى تخلفت لدى المجنى عليه كانت نتيجة فعل الضرب المسند إلى الطاعن ، وكان الأخير لا يمارى فى أن ما أقام عليه الحكم قضاءه من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبى الشرعى له سنده الصحيح من لاأوراق فإن منعاه يكون غير سديد هذا إلى أنه لا جدوى للطاعن من وراء منازعته فى قيام رابطة السببية بين فعله والعاهة مادامت العقوبة المقضى بها عليه تدخل فى حدود العقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط الذى لم يتخلف عنه عاهة مستديمة .

لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة عن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجنى عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي فى هذه الجرائم ، بل يكفى أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى ــ كما أوردها الحكم ـــ وهو ما يتحقق فى واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل التقرير الطبى الشرعى فى قوله ” أن إصابة المجنى عليه بالساعد الأيمن أصلاً رضية حدثت من المصادمة بأى أداة صلبة راضة أياً كان نوعها ويمكن حدوثها وفق التصوير الوارد بالأوراق وفى وقت معاصر لها وقد تخلف لديه من جراء هذه الإصابة عاهة مستديمة عبارة عن إعاقة بحركات المرفق الأيمن وحركتى كب وبطح الساعد الأيمن وتقدر نسبة العجز المتخلفة عنها بنحو ٤٠ % ” فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون التقرير الطبى الشرعى لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .

لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود فى بعض تفاصيلها مادام استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان الشارع لم يقيد القاضى الجنائي فى المحاكمات الجنائية بنصاب معين فى الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أى دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح فى الأوراق ، وكان من المقرر أن الدفع باستحالة الرؤية بسبب الظلام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم . ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم فى صورة الواقعة التى اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا فى تعويله فى قضائه بالإدانة على أقوال المجنى عليه وشهود الإثبات بدعوى تعدد روايات الأول وتعذر رؤيته للطاعن بمكان الحادث لظلمته وتضارباً أقواله مع شاهد رؤية الحادث ــ شاهد الإثبات الثانى ـــ ولا على المحكمة إن هى التفتت عن دفاعه فى هذا الشأن ، ومن ثم يكون منعى الطاعن فى هذا الخصوص غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعى على الحكم بالقصور فى الرد على الدفع ببطلان استجواب بمحضر جمع الاستدلالات وبطلان الاعتراف المعزو للطاعن به مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند فى الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب أو الاعتراف المدعى ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الطب الشرعى وهى أدلة مستقلة عن الاستجواب والاعتراف وقد أفصح الحكم عن هذا بجلاء عند رده على الدفع ومن ثم فإن ما يثره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون به وجه .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول فى تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى ، وكان الدفع بعدم جدية التحريات لا يعدو دفاعاً موضوعياً لا يستلزم فى الأصل من المحكمة رداً على استقلال إذ أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم وفى عدم إيرادها لهذا الدفاع أوردها عليه ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها إلى أدلة الثبوت التى أقامت عليها قضاءها ومن ثم فإنه تنحسر عن الحكم قلة الإخلال بحق الدفاع .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم صحة اسناد الاتهام وكيديته وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من لمحكمة رداً صريحاً مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين

مقالات ذات صلة

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock