fbpx
الهيئات القضائية

نواصل نشر الدراسة التوثيقية الخاصة بإحتفال اليوبيل الماسي لمجلس الدولة

واصلت الدراسة التوثيقية التي أعدها المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بمناسبة الإحتفال باليوبيل الماسي لمجلس الدولة- 75 عاماص على إنشائه-، رصد الدور الوطني لمجلس الدولة ضد الاحتلال البريطانى وتدعيم ثورة 1952, تحت عنوان «الغائب في اليوبيل الماسى لمجلس الدولة تاريخ ومواقف»

تحدثت الدراسة عن قصة الاحتفال الأسطورى لنشأة المحكمة الإدارية العليا المصرية عام 1955 أعرق وأقدم محكمة إدارية في قارتى أفريقيا واَسيا، وكيف اُفتتحت المحكمة الإدارية العليا في مهدها؟ وأول تشكيل لها؟ وماذا دار في اجتماع الافتتاح؟ ومن شهد هذا الافتتاح التاريخى وزمانه؟ حيث تنشغل الأجيال خاصة الحديثة بالتساؤل الجدير بالأهمية عن كيفية افتتاح المحكمة الإدارية العليا في مهدها عام 1955 .أي بعد تسع سنوات على إنشاء مجلس الدولة عام 1946 الذي بدأ العمل به بمحكمة القضاء الإدارى والمحاكم الإدارية دون وجود للإدارية العليا إلا عام 1955

يقول المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن التاريخ يكشف عن وثيقة محضر الاجتماع بافتتاح أعمال المحكمة الإدارية العليا يوم السبت بتاريخ ۲۸ من صفر سنة 1375 هجرية، الموافق 15 أكتوبر من سنة 1955، وكان الاجتماع برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد على السيد رئيس مجلس الدولة وكان معه في الاجتماع خمسة أعضاء للمحكمة الإدارية العليا في أول تشكيل لها هم السادة الأساتذة المستشارين / بدوى إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلى إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل , وعن هيئة مفوضى الدولة حضر السيد الأستاذ المستشار / سيد على الدمراوی رئيس هيئة مفوضي الدولة والسيدين الأستاذين المستشار على محسن مصطفى والسيد الأستاذ / حامد حندوسة المستشار المساعد هيئة مفوضي الدولة , وحضره أول سكرتير للمحكمة الإدارية العليا هو السيد / محمد سعيد عبدالفتاح، المنتدب للقيام بأعمال سکرتارية المحكمة وكاتب الاجتماع

وأن أول تشكيل لها من عظماء مجلس الدولة تولوا مناصب رفيعة في الدولة فالمستشار بدوى إبراهيم حمودة شغل منصب رئيس مجلس الدولة من 16 نوفمبر 1961 حتى 7 نوفمبر 1963، ثم منصب وزير العدل عام 1964 ثم أول رئيس للمحكمة الدستورية العليا من 7 فبراير 1970 حتى 4 أكتوبر 1978 والمستشار الإمام الإمام الخريبى شغل منصب رئيس مجلس الدولة من 8 مايو 1965 حتى 16 يناير 1966 والمستشار محمد مصطفى كامل إسماعيل شغل منصب رئيس مجلس الدولة من 6 مارس 1969 حتى 31 أغسطس 1969 ثم منصب منصب وزير العدل, والمستشار على محسن مصطفى شغل منصب رئيس مجلس الدولة , كانوا قمم كبيرة منذ نشأتها

وذكرت الدراسة أن المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة عام 1955 ألقى كلمة في افتتاح المحكمة الإدارية العليا، وركز فيها على الابداع في الحلول القانونية المرنة للمواءمة بين المصلحة العامة في سير تلك المرافق وبين الصوالح الفردية الخاصة , وقال لقضاة الإدارية العليا: أنتم تحملون الأمانة ورائدكم نداء الحق ووحي الضمير < حيث افتتح الاجتماع بالكلمة الآتية: «بسم الله الرحمن الرحيم تفتتح اليوم أعمال المحكمة الإدارية العليا، وهي من أجل ما استحدثه القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي يعد مفخرة من مفاخر حكومة الثورة المباركة، فقد دعمت به مجلس الدولة وهيأت له من وسائل التقوية والإصلاح ما يمكنه من النهوض برسالته على خير وجه، باعتباره من أهم أعمدة النظام الديمقراطي القوى السليم.»

وأضاف «إن إنشاء هذه المحكمة ليعتبر بحق ثورة في تاريخ القضاء الإداري، فستكون المعقب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من دوائر محكمة القضاء الإداري ومن المحاكم الإدارية كافة. وإنه ليظهر من ذلك خطر المهمة الملقاة على عاتقها، فكلمتها ستكون القول الفصل في تأصيل مبادىء القانون الإداري تأصيلا يربط بين شتاتها ربطا محكما متكيفا مع التطور في سير المرافق العامة وفي تنسيق قواعده تنسيقًا يمنع التعارض والتناقض بين أحكام القضاء الإداري ويتجه بها نحو الاتساق والاستقرار والثبات. ويزيد من خطر هذه المهمة أن القانون الإداري، على عكس القانونين المدني أو التجاري، غير مقنن، ولذا كانت مهمة القاضي الإداري ليست مجرد تطبيق قواعد مقننة مقدما، بل هي في الأغلب ابتداع الحلول القانونية التي تتلاءم مع الطبيعة الخاصة للروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفرا د في مجالات القانون العام، فإنها بحكم تعلقها بسير المرافق العامة لا يمكن أن تحكمها قواعد جامدة كتلك التي تحكم الروابط المدنية في مجالات القانون الخاص، بل يجب أن تتغير وتتطور وتتكيف وفقاً لاحتياجات تلك المرافق وضرورة سيرها .»

وأضاف «من هنا ابتدع القانون الإداري نظرياته التي استقل بها في هذا الشأن، وذلك كله يقتضي من القائمين بأمر القضاء الإدارى مجهودا شاقا مضنيا في البحث والتأصيل لا يقف عند حد الموازنة والترجيح كما هي مهمة القاضي المدني، بل يتجاوزه إلى الفهم بمنطق القانون العام، وبالنظر الثاقب البصير باحتياجات المرافق العامة، کی يلمس مركز التوازن بين المصلحة العامة في سير تلك المرافق وبين الصوالح الفردية الخاصة، فيبتدع من الحلول القانونية المرنة ما يوائم بينهما .»

ويذكر «لقد كان إنشاء المحكمة العليا أمراً لا محيص عنه، بعد تعدد دوائر محكمة القضاء الإداري وإنشاء المحاكم الإدارية المختلفة. وقد كان القانون رقم ۱۱۲ لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة خلوا من أي نص ينظم الوسيلة لتفادي تناقض الأحكام؛ ولعل ذلك راجع إلى أن محكمة القضاء الإداري في أول تشكيلها كانت تتكون من دائر تين خماسيتين، وسار العمل على أن تنظر الدائرة الأولى القضايا المقدمة من الأفراد، وتنظر الأخرى القضايا المقدمة من الموظفين، فلم يحصل تناقض بين الأحكام. ثم تعددت الدوائر تبعا لازدياد عدد القضايا، وجاء القانون رقم 9 لسنة 1949 فأجاز لأية دائرة من دوائر محكمة القضاء الإدارى – كلما رأت لدى النظر في إحدى الدعاوى أن النقطة القانونية المقتضى البت فيها سبق صدور جملة أحكام بشأنها يناقض بعضها بعضا، أو كان من رأيها العدول فيها عن اتباع مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة – أن تأمر بتجديد المرافعة في الدعوى وإحالتها إلى دوائر المحكمة مجتمعة. فكانت هذه الإحالة اختيارية للدائرة المنظورة أمامها الدعوى، كما أن دوائر المحكمة لم تكن ملزمة بأن تتبع في المستقبل قضاء الدوائر المجتمعة في نقطة قانونية معينة، ومن ثم كان العلاج ناقصاً لا يحقق توحيد المبادىء واستقرارها هذا إلى زيادة عدد مستشاري المحكمة زيادة تجعل مداولتهم من الصعوبة بمكان لتفرق الآراء بحسب اختلاف وجهات النظر، فلم يكن- والحالة هذه- مندوحة من إنشاء المحكمة العليا كعلاج حاسم»

وشارت الدراسة إلى أن لفظ توحيد المبادئ في أساسه من اختراع المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة الذي نطق به يوم افتتاح المحكمة ومن بعده اُنشئت دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا من بعده كما أرادها.

و يضيف الدكتور خفاجى أن المستشار السيد على السيد رئيس مجلس الدولة يمضى قائلاً: «بقدر اغتباطنا بهذا النظام الجديد بقدر شعورنا بالمسئولية الخطيرة الملقاة على عاتقنا، نحن الذين عهد إلينا الإبتداء بهذه المهمة، ولكني لعلى يقين من أن زملائي، وهم من صفوة مستشاري المجلس علماً، وأكملهم خلقا، سيحملون معی الأمانة بكل عزم وتفان، ليس لهم من رائد إلا نداء الحق ووحي الضمير .وإذا كانت مهمتنا شاقة وخطيرة، فإني واثق من أننا سنجد من هيئة مفوضي الدولة ومن إخواننا المحامين خير عون لنا على تحري الحقيقة وإنارة طريق العدالة.»

ثم أضاف «إن القانون الجديد قد ناط بهيئة المفوضين مهمة ضخمة ونظم هذه الهيئة تنظيما مبتکرا من أساسه، ولم يكن فيه مقلدا للنظم الأجنبية، وإنما ابتدع – على تجارب الماضي وهو زهاء عشر السنوات – نظاما أصيلا يناسب ظروفنا الخاصة يجمع بين مزايا نظام المقررين ونظام مفوضي الحكومة أمام مجلس الدولة الفرنسى مع سلطات أوسع للمفوضين في سبيل تهيئة الدعوى على نمط يجمع بين التبسيط والسرعة في الإجراءات حتى لا تبقى المراكز القانونية مزعزعة أمدا طويلا، وبين تمحيص القضايا تمحيصا دقيقا ينتهي برأي مسبب تمثل فيه الحيدة لصالح العدالة والقانون. وإنه ليسرني أن ألمس حسن البداية في السير على هذا النهج، فأرى بين القضايا المعروضة علينا اليوم طعونا مقدمة من هيئة المفوضين لصالح الناس، وطعونا أخرى لصالح الإدارة، تغيت الهيئة فيها جميعا صالح العدالة والقانون وحدهما .»

 

مصدر الخبر | موقع المصري اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock