النقض تضع 7 مبادئ قضائية لمنع استغلال الوكالة
أصدرت الدائرة المدنية – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المتعاملين بالتوكيلات، ويتصدى للتلاعب في الوكالة واستغلالها، أرست فيه 7 مبادئ قضائية، قالت فيه:
“1- منع الوكيل قانوناً من استغلال صفته في بيع مال الموكل لصالح نفسه لتعارض المصالح، وقيامه بذلك يُعد تجاوز لحدود وكالته، وأثره للموكل إجازة هذا التعاقد أو التمسك بعدم نفاذ التصرف في مواجهته.
2- تحديد نطاق الوكالة يكون مناطه عبارة التوكيل وملابسات صدوره وظروف الدعوى.
3- إضافة المتعاقدين شروطاً أو عبارات مكتوبة إلى العقد المطبوع بخط اليد أو أية وسيلة أخرى يكون أثره وجوب إعمال هذه الشروط والعبارات ولو تعارضت مع الشروط والعبارات المطبوعة.
4- محكمة الموضوع تكون سلطتها في تفسير العقود والاتفاقات واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها دون رقابة من محكمة النقض، وشريطة ذلك أن يكون تفسيرها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها وبما يكفى لحمل قضائها.
5- لمحكمة الموضوع معالجة تفسير المحررات، وشريطة ذلك وجوب الاعتداد بما تفيده العبارات بأكملها.
6- مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم يكون ماهيتها تحريف للثابت مادياً بالمستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حصلته المحكمة مخالفاً للثابت بالأوراق.
7- ثبوت تضمن التوكيل الصادر من الطاعن للمطعون ضده علي أعمال التصرف في فقرتين مستقلتين بالبند الثالث نصت أولهما علي بيع العقارات والأراضي وغيرها دون النص علي البيع للنفس، ونصت الثانية علي بيع السيارات وأضيف الي عجزها بخط اليد عبارة، وذلك لنفسه أو للغير عدا السيارات التي عليها حظر، ويكون مؤداه سعة الوكالة للبيع للنفس في السيارات فقط دون غيرها من الأموال، أما مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر والقضاء برفض دعوي عدم نفاذ عقد بيع شقة التداعي تأسيساً علي اتساع الوكالة لبيع المطعون ضده لشقة التداعي لنفسه معتداً بالعبارة المضافة بخط اليد بشأن السيارات في التصرف في العقارات يُعد خطأ وفساد.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 17188 لسنة 88 قضائية، برئاسة المستشار بليغ كمال، وعضوية المستشارين شريف الكومي، ورمضان عثمان، والدكتور أحمد فاروق عوض، وأحمد سيد يوسف.
الوقائع.. الوكيل يستغل توكيل موكله ويبيع لنفسه شقة من أملاكه
الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوي رقم 3782 لسنة 2016 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد البيع المؤرخ 1 يناير 2015 وطرده من عين التداعي والتسليم، وقال بياناً لذلك: إنه مالك للشقة المبينة بصحيفة الدعوي، وقد أنذره المطعون ضده بأنه باعها لنفسه بموجب هذا العقد مستخدماً في ذلك التوكيل العام رقم 3047 لسنة 1999 توثيق كفر الدوار الصادر له من الطاعن رغم أن الوكالة لا تبيح له هذا التصرف، فضلاً عن سبق الغائها، فأقام الدعوي.
محكمة أول درجة تقضى بطرد الوكيل من عين النزاع
وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة بالطلبات استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 132 لسنة 74 قضائية، فحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوي، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
الوكيل يستأنف الحكم لإلغاءه.. والمحكمة تستجيب
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بتجاوز المطعون ضده حدود الوكالة الصادرة له والتي لا تجيز للوكيل بيع العقارات لنفسه إلا أن المحكمة قضت برفض دعواه استناداً إلى أن الوكالة تبيح ذلك بالمخالفة لعبارات التوكيل الصادر منه، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
الموكل يطعن على الحكم أمام النقض.. ويؤكد: الوكالة لا تبيح له هذا التصرف
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المواد 108، 179، 706/1 من القانون المدني: “لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء كان التعاقد لحسابه هو أم الحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل على أنه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد…. ولا يجوز لمن ينوب عن غيره بمقتضي اتفاق أو نص أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسه مباشرة أو باسم مستعار ولو بطريق المزاد العلني ما نيط به بيعه بموجب هذه النيابة… وأنه ليس للوكيل أن يستعمل مال الموكل لصالح نفسه “، مؤداه منع الوكيل قانوناً من استغلال صفته في بيع مال الموكل لصالح نفسه دون وكالة خاصة لما في ذلك من تعارض بين مصالح الوكيل وموكله فإن فعل فيكون قد جاوز حدود الوكالة ويكون للموكل في هذه الحالة إجازة هذا التعاقد أو التمسك بعدم نفاذ التصرف في مواجهته.
وبحسب “المحكمة”: وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المناط في التعرف على مدى سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها أو من أموال تقع عليها هذه التصرفات يتحدد بالرجوع إلى عبارة التوكيل ذاته، وما جرت به نصوصه وإلى الملابسات التي صدر فيها وظروف الدعوى، فإذا استعمل المتعاقدان نموذجا مطبوعا للعقد أو المحرر وأضافا إليه بخط اليد أو بأية وسيلة أخرى شروطا أو عبارات تتعارض مع الشروط والعبارات المطبوعة وجوب تغليب الشروط والعبارات المضافة في السياق الذي وردت فيه – باعتبارها تعبيرا واضحا عن إرادة المتعاقدين.
شرط سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود
ووفقا لـ”المحكمة”: وإنه ولئن كان المحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والاتفاقات واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تفسيرها لها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت اليها وبما يكفي لحمل قضائها، فلا يجوز للمحكمة وهي تعالج تفسير المحررات أن تعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من عبارات المحرر بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها، كما أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف الثابت مادياً في بعض المستندات أو ابتناء الحكم على فهم خاطئ حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى.
لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالصورة الرسمية من التوكيل العام رقم 3047 لسنة 1999توثيق كفر الدوار الصادر من الطاعن للمطعون ضده أنه تضمن بالبند الثالث أعمال التصرف في فقرتين مستقلتين، نص في الفقرة الأولى منهما على وكالته في بيع وشراء الأطيان الزراعية والعقارات والأراضي الفضاء والمنقولات والأوراق المالية وسلطات الوكيل بشأنها ولم تتضمن نصاً خاصاً يخول الوكيل التعاقد مع نفسه.
أين تقع حدود الوكالة؟
وتضيف “المحكمة”: ونصت الفقرة الثانية على وكالته في شراء وبيع السيارات وأضيف إلى عجزها بخط اليد عبارة ” وذلك لنفسه أو للغير عدا السيارات التي عليها حظر ” ثم بينت – ذات الفقرة الثانية – ما للوكيل من اختصاص في استخراج التراخيص والتجديد ومباشرة الإجراءات لدي جهات المرور فتكون هذه العبارة وفي السياق الذي وردت به قد نصت على سعة الوكالة للبيع للنفس في السيارات فقط دون غيرها من الأموال، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فأقام قضاءه برفض الدعوي على أن هذه الوكالة تتسع لبيع المطعون ضده شقة التداعي لنفسه مستمداً إلى هذه العبارة التي أضيفت في موضوع سلطات الوكيل في التعاقد بشأن السيارات معتداً بها في التصرف في العقارات بالمخالفة لمقصود الموكل الظاهر، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، والزمت المطعون ضده بالمصروفات، وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 732 لسنة 74 قضائية الإسكندرية برفضه وتأييد الحكم المستأنف والزمت المطعون ضده بالمصاريف الاستئنافية، ومبلغ ثلاثمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
مصدر الخبر | موقع برلماني