أحوال محاكم مصر

تباين أحكام النقض و”دائرة توحيد المبادئ” بتجريم التنقيب عن الأثار

تباين أحكام النقض و"دائرة توحيد المبادئ" بتجريم التنقيب عن الأثار

على الرغم من أن الهيئة العامة للمواد الجنائية – بمحكمة النقض – عدلت عن الأحكام القضائية الصادرة من بعض دوائرها،

 بعدم تأثيم المتهمين بالتنقيب عن الأثار طالما كان التنقيب في أرض ليست ملك للدولة وليست ليست مسجلة كمنطقة أثرية،

 وتصدت لتلك الثغرة التي كانت تؤدى لحصول المتهمين على أحكام بالبراءة، وأرست مبدأ قضائيا قالت فيه: 

“التنقيب مُجرم بغض النظر عن كون المنطقة أثرية أم غير أثرية”،

 وذلك في الطعن المقيد برقم 10219 لسنة 91 قضائية “هيئة عامة”، بتاريخ مارس 2023 – أي فيما يقرب من حوالى 18 شهرا .  

النقض تُبرئ “سيدة” من تهمة التعدى على أرض أثرية

 

إلا أن المفاجأة تمثلت في صدور الطعن رقم 16989 لسنة 93 قضائية، الصادر بتاريخ 10 يوليو 2024، 

والذى خالف ما انتهت إليه الهيئة العامة للنقض، وعاد مرة أخرى للنقطة الأولى، وذلك من خلال إرساء 5 مبادئ قضائية،

 بشأن التنقيب عن الأثار، يرى البعض أن الحكم له وجاهة فى حيثياته بخصوص المسئولية المفترضة، والذى جاءت كالتالى:

1- مناط التأثيم في جريمة التعدي على أرض آثرية أن تكون الأرض المعتدى عليها مملوكة للدولة،

 وأن يكون صدر بشأنها قرار أو أمر باعتبارها آثرية

 

2- جريمة التعدي على أرض آثرية يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي العام،

 وهو تعمد الجاني ارتكاب الفعل المادي المكون للجريمة والمتمثل في إتيان فعل التعدي على الأرض المعتبرة أثرية 

 

3- عدم صحة القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً من نصوص القانون.

 

4- الأصل ثبوت القصد ثبوتاً فعلياً .

 

5- عدم مساءلة الشخص شريكاً كان أو فاعلاً إلا بقيامه بالفعل أو الامتناع المجرم قانوناً .

 افتراض المسئولية استثناء قصره في الحدود التي نص عليها القانون فحسب.   

 

الدوائر مُصدرة الأحكام

الحكم الأول الأول للهيئة العامة للنقض والمقيد برقم 10219 لسنة 91 قضائية “هيئة عامة” – برئاسة المستشار محمد عبد محجوب، 

وعضوية المستشارين أحمد عبد القوي، وحمد عبد اللطيف، وعادل الكناني، وعاصم الغليش، ومنصور القاضي، وعابد راشد،

 ومحمد سامى، والدكتور على فرجانى، وعلى عماره، وبحضور كل من المحامى العام أحمد شنن، وأمانة سر طارق عبد العزيز.  

 

بينما الحكم الثانى صدر من الدائرة الجنائية، دائرة الأربعاء (ب)، بمحكمة النقض، لصالح المحامى بالنقض يحيى سعد، 

برئاسة المستشار صفوت مكادى، وعضوية المستشارين محمد أبو السعود، وعلى أحمد عبدالقادر، وأحمد أنور الغرباوى،

 وأيمن صالح، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض مصطفى راجح، وأمانة سر أحمد لبيب. 

 

وقالت المحكمة فى أسباب حكمها فى الطعن رقم 16989 لسنة 93 قضائية،

 أن مناط التأثيم في جريمة التعدي على أرض أثرية … أن تكون الأرض المعتدى عليها مملوكة للدولة،

وأن يكون قد صدر بشأنها قرار أو أمر سابق على العمل بالقانون أو بعد صدوره باعتبارها أثرية –

 على أن يكون القرار الصادر في الحالة الأخيرة من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة،

 وأن يأتي الجاني بأية صورة من صور التعدي على هذه الأرض – على النحو الذي أشارت إليه المادة – بدون ترخيص طبقًا لأحكام القانون،

 وكانت هذه الجريمة من الجرائم العمدية التي يشترط لقيامها توافر القصد الجنائي العام وهو تعمد الجاني ارتكاب الفعل المادي،

 المكون للجريمة والمتمثل في إتيان فعل التعدي على الأرض المعتبرة أثرية – أيًا كانت صورته – بدون ترخيص طبقًا لأحكام القانون، 

واتجاه إرادته إلى ارتكاب الوقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها ، والأصل أن القصد الجنائي من أركان الجريمة.  

المحكمة تفند حكم براءة (السيدة) من التعدى على أرض أثرية

وبحسب “المحكمة”: فيجب أن يكون ثبوته فعليًا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية إلا إذا نص عليها الشارع صراحةً ،

 أو كان استخلاصها سائغًا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن؛ 

إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلًا أو شريكًا،

 إلا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها سواءً أكان ذلك بالقيام بالفعل أم بالامتناع الذي يجرمه القانون،

 ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناءً وفي الحدود التي نص عليها القانون ،

 ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل . 

 

دائرة الخميس “ج” تحيل الطعن للهيئة العامة للنقض

 

أما حكم الهيئة العامة للنقض المقيد برقم 10219 لسنة 91 قضائية “هيئة عامة”، بتاريخ مارس 2023 جاء فيه،

 أن دائرة الخميس “ج” الجنائية رأت إحالة هذا الطعن إلى الهيئة العامة للمواد الجنائية للعدول عن الأحكام الصادرة،

 من الدوائر الجنائية بالمحكمة والتي اشترطت لقيام جريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على الأثار،

 دون ترخيص المؤثمة بالمادة “42” من القانون “117” لسنة 1983 بشأن إصدار قانون حماية الآثار، المستبدلة بالقانون رقم “91” لسنة 2018،

 أن يكون موقع الحفر أرضا أثرية أو متاخمة لها، وتأييد الأحكام الصادرة من الدوائر الجنائية التي انتهت إلى تأثيم عمال الحفر،

 في أي موقع سواء كان أثريا أو غير أثري مملوكاً ملكية عامة أو خاصة متى كان القصد منه هو،

 الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة.

مثار الخلاف بين الأحكام المطلوب العدول عنها

ومثار الخلاف بين الأحكام المطلوب العدول عنها وبين تلك المطلوب تأييدها يدور حول مناط التأثيم في جريمة إجراء أعمال الحفر،

 بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص طبقا لنص المادة “42” أنفة البيان، وهل يقتصر التجريم على الحفر في الأرض الأثرية،

 أو تلك المتاخمة لها أو التي تقع في محيطها أم أن التجريم يمتد ليشمل الحفر في أي موقع،

 سواء كان اثرياً أو غير أثري، مملوكا ملكية عامة أو خاصة متى كان القصد منه الحصول على الآثار،

 دون ترخيص من الجهة المختصة . 

 

المحكمة في حيثيات الحكم قالت – لما كان ذلك – وكانت القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لها ليس فيها، 

فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك،

 وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة نص القانون الواجب تطبيقه، وكانت المادة “42” من القانون رقم “117” لسنة 1983،

 بشأن إصدار قانون حماية الآثار المستبدلة بالقانون رقم “91” لسنة 2018، إذ نصت على عقاب كل من أجري أعمال الحفر،

 بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص، فقد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها،

 على أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجري فيه الحفر،

 وأوجد تنظيما يسمح بذلك شرطه الحصول على ترخيص من الجهة المختصة. 

عدول محكمة النقض عن الاتجاه شريطة إن المكان يكون أثرى لتطبيق عقوبة التنقيب

 

وبحسب “المحكمة”: خصت المادة الخامسة من القانون أنف الذكر المجلس الأعلى للاثار – دون غيره بشئون الآثار،

 وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أيا كان مالكها مع مراعاة حكم المادة “32” من هذا القانون،

 بما تضمنته من ضوابط وشروط منح الترخيص بذلك حتى وان كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية، 

ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الأخير وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في مجلس النواب،

 من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون تأتى إعمالاً لحكم المادتين “49 – 50” من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار،

 والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه،

 إذ أن تراث مصر الحضاري والثقافي والمادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية،

 وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، والاعتداء على أي من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون. 

 

ووفقا لـ”المحكمة”: ومن ثم تحتم القول – طبقا للمادة “42” المار بيانها – بوجوب كل من يقوم بأعمال الحفر،

 في أي موقع سواء كان اثريا أو غير ذلك مملوكاً ملكية عامة أو خاصة، متي كان هو الحصول على الآثار،

 دون ترخيص من الجهة المختصة، سواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق، ودون أن يكون هناك محل للتحدي،

 بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها،

 وهو قول لا يسعفه النص، بل يصطدم بصراحته ومقصود الشارع منه، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل،

 والتي تغيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومعاصرة مرتكبيها، إذ لا تخصيص بغير مخصص، ولا الزام بما لا يلزم. 

الحكم تصدى للمبدأ السابق الذى كان بمثابة ثغرة لحصول المنقبين على البراءة

 

لما كان ما تقدم، فإن الهيئة تقر الأحكام التي انتهت إلى تأثيم أعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثريا غير أثري،

 مملوكاً ملكية عامة أو خاصة متى كان ذلك بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة،

 والعدول عما تعارض مع ذلك من أحكام – لما كان ذلك – وكانت المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية،

 قد نصت على أن تشكل الجمعية العامة المحكمة النقض هينتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضيا برئاسة رئيس المحكمة،

 أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها.

 

وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدا قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوي إلى الهيئة المختصة بالمحكمة،

 للفصل فيها وتصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل، وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني،

 قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخري أحالت الدعوي إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، 

وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل”.

 

والمستفاد مما ورد في هذه المادة سواء ما تعلق منها بتشكيل الهيئة الواحدة (فقرة /2) أو بتشكيل الهيئتين مجتمعتين (فقرة /3)،

 هو أنه كلما رأت إحداها العدول عن مبدأ قررته أحكام سابقة اصدرت حكمها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء بالنسبة للهيئة،

 وأربعة عشر عضواً بالنسبة للهيئتين مجتمعتين، ولم تلزم أيا من التشكيلين بعد الفصل بمسألة العدول بالفصل في موضوع الطعن وجوبياً،

 وهو ما تشير إليه عبارة وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضوا على الأقل”،

 التي وردت بعجز المادة إذ أن العدول هو الذي يلزم له الأغلبية المشار إليها فيها دون الحكم في الطعن نفسه،

 الذي يكفي فيه بعد ذلك الأغلبية العادية المقررة لإصدار الأحكام. لما كان ذلك،

 فإن الهيئة بعد الفصل في المسالة المعروضة تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه طبقاً لأحكام القانون . 

 

فلهذه الأسباب:

حكمت الهيئة العامة للمواد الجنائية 

أولا: إقرار الأحكام التي انتهت إلى تأثيم اعمال الحفر في أي موقع مملوكاً ملكية عامة أو خاصة،

 متي كان ذلك بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة، والعدول عما تعارض احكام. ثانيا: إعادة الطعن إلى الدائرة المُحيلة للفصل فيه طبقا للقانون.   

 

وعن الحلول والسيناريوهات فى هذه الحالة – يقول الخبير القانون والمحامى بالنقض أحمد قناوى – 

يشار إلى أنه توجد هيئة عامة للمواد الجنائية، وهيئة عامة أخرى للمواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها، 

والمكونة من 11 قاضيا، وفى حالة تعارض المبدأ من الممكن الرجوع للدائرة ذاتها أو دائرة أخرى، 

ترفض تطبيق المبدأ وتصر وتحيله للهيئة العامة التي تتضمن كل هذه الدوائر مجتمعة، وتأخذ قرارها بالتصويت.  

حكم محكمة النقض

حكم محكمة النقض

حكم محكمة النقض

حكم محكمة النقض

حكم محكمة النقض

حكم محكمة النقض

460924690_7924474981013975_2112083884495769232_n460924690_7924474981013975_2112083884495769232_n460924690_7924474981013975_2112083884495769232_n

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى