محكمة النقض : تؤيد براءة سيدة الشرقية آكلة جثة طفلها بعد طهي أجزاء منه
محكمة النقض : تؤيد براءة سيدة الشرقية آكلة جثة طفلها بعد طهي أجزاء منه
أسدلت محكمة النقض الستار على واحدة من أغرب القضايا في تاريخ مصر الحديث؛ تلك التي أقدمت خلالها المتهمة،
على إزهاق روح ابنها ضربًا وذبحًا وسلخًا، قبل تقطيع الجثة إلى قطع صالحة للطهي، وأكلت بعضًا منها مطبوخًا خلال وجبة الغداء،
قبل أن تزعم فيما بعد أنها ضحية للسحر تارة ولمعاملة قاسية على يد طليقها – والد طفلها المقتول – تارةً أخرى،
وتبين فيما بعد أنها غير سوية وتعاني من اضطرابات نفسية وعقلية حصلت بسببها على حكمًا بالبراءة عن التهم المنسوبة إليها،
فيما أيدت محكمة النقض حكم البراءة ليُصبح باتًا ونهائيًا لا رجعة فيه.
حصلت «أخبار الحوادث» على حيثيات الحكم على المتهمة بالبراءة من التهم المنسوبة إليها واستمرار إيداعها مستشفى الأمراض العقلي،
ة والنفسية بالعباسية لتلقي الرعاية اللازمة هناك حتى تتعافى، وتأييد محكمة النقض للحكم بالبراءة ورفض الطعون المقدمة،
من النيابة العامة ومن المدعي بالحق المدني (طليق المتهمة والد طفلها المجني عليه).
حيثيات الحكم في القضية التي تحمل رقم 8619 جنايات مركز شرطة فاقوس لسنة 2023، المقيدة برقم 844 كلي شمال الزقازيق لسنة 2023،
استندت في تبرئة المتهمة من التهم المنسوبة إليها على تقرير اللجنة الخماسية من أساتذة الطب النفسي في جامعتي الزقازيق والمنصورة،
والتي شُكلت لأجل فحص المتهمة وبيان مدى مسؤوليتها عن الجرم الذي ارتكبته والباعث وراء الجريمة،
التي وقعت داخل منزلها غير الصالح للسُكنى على أطراف قرية أبو شلبي التابعة لنطاق ودائرة مركز شرطة فاقوس في محافظة الشرقية؛
إذ خلُصّ تقرير اللجنة الطبي النفسي العقلي، والذي أطمأنت إليه المحكمة، إلى أن المتهمة سالفة الذكر،
خارج نطاق المسؤولية الجنائية القائمة على الإدراك والاختيار، والذي يتعين معه كذلك القضاء ببراءة المتهمة،
مما أنسب إليها عملًا بما جاء في المادة 62/1 من قانون العقوبات، والمستبدل بالقانون رقم 71 لسنة 2009.
الحكم ببراءة المتهمة
الحكم ببراءة المتهمة من التهم المنسوبة إليها جاء فيه أن رعاية المريض النفسي وتعديل بعض أحكام قانون العقوبات،
قد نص على أنه «لا يُسأل جنائيًا الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أفقده الإدراك أو الاختيار،
أو الذي يعاني من غيبوبة ناشئة عن عقاقير مخدرة أيًا كان نوعها إذا أخذها قهرًا عنه أو عن غير عِلمٍ منه،
ويظل مسؤولًا جنائيًا الشخص الذي يعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب نفسي أو عقلي أدى إلى إنقاص إدراكه أو اختياره،
فيما تأخذ محكمة النقض في اعتبارها تلك الظروف عند تحديد مدة العقوبة»، وهو نص مستحدث يتمثل في إضافة الاضطراب النفسي للمتهم ،
إذا ما أفقده الإدراك أو الاختيار وقت ارتكاب الجريمة، واعتباره سببًا للإعفاء من المسؤولية الجنائية.
13 جلسة
حيثيات براءة المتهمة جاء فيه ايضًا أنه؛ “كان البّيِن أن المتهمة هناء قتلت ابنها الطفل المجني عليه عمدًا مع سبق الإصرار،
إلا أن المسؤولية الجنائية قد انصرفت بحسبانها؛ إذ كانت تعاني وقت ارتكاب الجريمة من اضطراب ذهاني،
أفقدها الاستبصار والحكم الصائب على الأمور، مع وجود قصور في القدرات العقلية تحت تأثير حالتها المرضية،
وأن المتهمة ارتكبت جريمتها تحت تأثير حالتها المرضية وهي فاقدة للإدراك والإرادة،
وعليه فهي تعتبر غير مسؤولة عن فعلها الإجرامي وبريئة من ارتكابه”.
تأييد براءة المتهمة جاء بعد مرور عام وثلاثة أشهر بالتمام من حكم محكمة جنايات الزقازيق الصادر بتاريخ السبت 30 سبتمبر من العام 2023،
وهي المدة التي قضتها المتهمة داخل أسوار مستشفى العباسية للأمراض العقلية والنفسية؛ تنفيذًا لحكم المحكمة بإيداعها هناك لتلقي الرعاية اللازمة.
الجريمة سبقت وقت صدور الحكم بخمسة أشهر وأربعة أيام؛ إذ كانت الساعة حينها تشير إلى نحو الخامسة مساءً ،
عندما انفردت المتهمة «هناء محمد حسن حتروش» ربة المنزل التي كانت تبلغ سبعة وثلاثين عامًا وقتها،
بولدها الوحيد «سعد محمد سعد» صاحب الخمسة أعوامٍ، وأقدمت على إزهاق حياته والدفع به في عِداد الموتى؛
لا لشيء إلا لأنها ارتأت أن وجوده على ظهر الدنيا فيه خطورة على حياته.
المتهمة، وحسبما جاء في أمر إحالتها إلى المحاكمة الجنائية، قتلت ابنها الطفل المجني عليه عمدًا مع سبق الإصرار والترصد؛
بعدما استعانت بعصا خشبية (يد فأس) وسلاح أبيض (سكين)، ضربت الطفل المجني عليه بالعصا ثلاث ضربات على رأسه سقط معها أرضًا،
قبل أن تستل السكين وتنحر عنقه وتجر الجثة إلى حمام البيت، وهناك سلخت الجلد عن لحم الضحية نجلها وحولته إلى أشلاء،
واقتطعت بعضًا من اللحم وطهت أجزاءً منه وأكلتها.
محطات محاكمة المتهمة
محطات محاكمة المتهمة استمرت ثلاثة عشر جلسة من جلسات محكمة جنايات الزقازيق في محافظة الشرقية،
وشهدت العديد من المفارقات والمفاجآت ما بين ردود فعل المتهمة وطلبات الدفاع،
وحتى همهمات الحضور الذي كان على رأسهم طليق المتهمة ووالدتها؛ حيث انهارت «هناء» وقت محاكمتها أمام هيئة المحكمة،
لتدفع عن نفسها صفة الجنون وتؤكد على أنها ضحية للسحر، بقولها: “أنا معمول لي عمل”.
منعطف آخر كان فاصلًا في سير القضية عندما أكدت شاهدة الإثبات الأولى في القضية أمام هيئة المحكمة،
على أن المتهمة خلال اليوم السابق لوقوع الجريمة نادت عليها وطلبت منها أن تهيل عليها التراب في حفرة أعدتها في الأرض،
لأجل أن تُدفن فيها هي وابنها الطفل المجني عليها، وأضافت الشاهدة وقتها: «هناء مش طبيعية خالص»،
لتثور المتهمة وقتها ويعلو صوتها وهي تُعقب على حديث جارتها الشاهدة: “أنا كويسة وزي الفل.. واللي حصل كان غلطة”.
وعلى الرغم من إقرار لجنة الفحص الثلاثية المشكلة من إدارة الطب النفسي الشرعي من مجلس الصحة النفسية بالعباسية،
بأن المتهمة كانت في كامل قواها العقلية والنفسية وقت ارتكاب جريمتها، إلا أن المحكمة، وعقب مناقشة شهود الإثبات ومناقشة المتهمة،
قررت تشكيل لجنة خماسية من أساتذة الطب النفسي في جامعتي الزقازيق والمنصورة؛ لأجل فحص المتهمة،
وبيان مدى مسؤوليتها عن الجرم الذي ارتكبته والباعث وراء الجريمة، والتي أصدرت تقريرها بعد مناظرة المتهمة،
في مناسبتين ومراجعة ما أجرى لها من فحوصات والاطلاع على ملف القضية وما تضمنه ومناظرة بعض الشهود ومناقشتهم في أقوالهم.
اضطراب ذهاني
وارتأت اللجنة الخماسية؛ أن المتهمة المذكورة كانت تعاني وقت ارتكاب الجريمة من أعراض اضطراب ذهاني أفقدها الاستبصار،
والحكم الصائب على الأمور مع وجود قصور في القدرات العقلية، وأنها ارتكبت جريمتها تحت تأثير حالتها المرضية،
وهي فاقدة للإدراك والإرادة وعليه، فهي تعتبر غير مسؤولة عن فعلها الإجرامي المذكور، وهو ما اطمأن إليه يقين المحكمة ،
وأصدرت حكمها ببراءة المتهمة من التهم المنسوبة إليها، وإيداعها مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بالعباسية لتلقي الرعاية اللازمة هناك،
وهو ما يستمر سريانه حتى تعافي المتهمة مما تعانيه ولا تزال تتلقى الرعاية الطبية عسى أن تتعافى منه،
وتعبر حادث ارتكبته دون مسؤولية أو وعي وربما لم تشهده البشرية قبلها قَطْ.
مصدر الخبر | موقع اخبار الحوادث