أصدرت الدائرة المدنية “ب” – بمحكمة النقض – حكما في غاية الأهمية يرسخ لمبدأ قضائيا يتصدى لإشكاليات تغير المحاكم لسبب الدعوى بدون طلب الخصوم،
قالت فيه: “لا يجوز للمحكمه تغيير سبب الدعوى بدون طلب الخصوم فهذا يعد حكما بما لم يطلبه الخصوم”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 3886 لسنة 90 قضائية، لصالح المحامى أحمد أبو المعاطى جمعه، برئاسة المستشار أحمد جلال عبد العظيم،
وعضوية المستشارين أحمد كمال حمدى، وإسماعيل حسن يحيى، وأحمد حسين عبد الحميد، وهشام قرشى محمد، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد رجب، وأمانة سر عبد الفضيل صالح.
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 322 لسنة 2016 مدنى محكمة دمياط الابتدائية ،
بطلب الحكم بطردها من الشقة المبينة بالصحيفة والمملوكة له وتسليمها إليه لوضع يدها عليها غصباً بلا سند، ثم ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى،
وبعد أن أودع تقريره ووجه المطعون ضده طلباً عارضاً برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 27 نوفمبر 2010 وعدم اعتباره هبة مستترة.
في تلك الأثناء – أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع أقوال شهود الطرفين حكمت في الطلب العارض بصورية عقد البيع المورخ 27 نوفمبر ،
2010 واعتباره هبة مستترة وفي الدعوى الأصلية برفضها، ثم استأنف المطعون ضده هذا الحكم كما استأنفته الطاعنة أمام ذات المحكمة بالاستئنافين رقمي 145، 159 لسنة 51 قضائية
المنصورة “مأمورية دمياط”، وبعد أن ضمتهما المحكمة للارتباط، قضت في أولهما ببطلان عقد البيع المؤرخ 27 نوفمبر 2010 وبطرد الطاعنة من شقة النزاع وتسليمها للطاعن،
وبرفض ثانيهما، ثم طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه،
وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال،
إذ خلص إلى أن حقيقة طلبات المطعون ضده في الدعوى كحسب تكييفها الصحيح هي الحكم ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 27 نوفمبر 2010 الصادر لها منه،
لوقوعه تحت إكراه معنوي دفعه لإبرامه لصالحها في حين إنه كان قد أقام دعواه المبتدأة بطلب الحكم بصورية هذا العقد صورية نسبية باعتبار أن الثمن الوارد به لم ينفع،
وقضى ببطلانه وبطردها من شقة النزاع فإن المحكمة الاستئنافية تكون قد غيرت من تلقاء نفسها سبب الدعوى وتجاوزت نطاقها بإيراد سبب جديد لم يثره المطعون ضده بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
محكمة النقض العبرة في تكثيف الدعوى وإنزال الوصف الصحيح في القانون على وقائعها
محكمة النقض في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى في محله ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة في تكثيف الدعوى وإنزال الوصف الصحيح في القانون على وقائعها ،
هو بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تكيف الدعوى بما تتبينه من وقائعها،
وأن تسبغ عليها وصفها الصحيح في القانون إلا أنها مقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها فلا تملك التغيير في مضمون هذه الطلبات وهي في ذلك تخضع لرقابة محكمة النقض،
التي يكون لها أن تعطي الوقائع الثابتة في الحكم المطعون فيه تكييفها الصحيح ما دامت لا تعتمد في هذا التكييف على غير ما حصلته محكمة الموضوع من هذه الوقائع،
كما لا يجوز للمحكمة تغيير سبب الدعوى من تلقاء نفسها بل يجب عليها أن تقصر بحثها على السبب الذي أقيمت به الدعوى فإذا خرجت المحكمة عن نطاق الخصومة،
التي طرحها عليها أطرافها ورد حكمها علي غير محل ووقع باطلاً بطلاناً أساسيا مخالفاً للنظام العام مخالفة تعلو سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم إذ لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها محدداً سببها.
لما كان ذلك، وكان المطعون ضده قد أقام دعواه المبتدأة بطلب صورية عقد البيع المؤرخ 27 نوفمبر 2010 صورية نسبية لعدم دفع الثمن،
فإن لازم ذلك أن تتقيد المحكمة في قضائها بتلك الطلبات في حدود سببها القانوني طالما لم يطرأ عليها تغيير أو تعديل من المطعون ضده أثناء سير الخصومة،
وإذ أعاد الحكم المطعون فيه تكييف الدعوى وخلص إلى بطلان عقد البيع لوقوع إكراه معنوي دفع المطعون ضده إلى إبرامه ورتب على ذلك قضاءه – من بعد –
بطرد الطاعنة من شقة النزاع باعتبارها غاصبة لها فإنه يكون قد غير من سبب الدعوى وخرج عن نطاق الطلبات المبداة فيها بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجه لبحث باقي أسباب الطعن.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتي جديه مقابل أتعاب المحاماة وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة ” مأمورية دمياط “.



مصدر الخبر | موقع برلماني