من مبادئ «النقض» بشأن جريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانونًا
أوضحت محكمة النقض في حكمها بـ (الطعن رقم ١٧٧٧١ لسنة ٨٨ قضائية الدوائر الجنائية – جلسة 13 / 4 / ٢٠٢١)، ما يكفي لتحقيق جريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة قانونًا، مشيرة إلى أن مشاهدة الضابط للمتهم يبيع النقد الأجنبي يحقق حالة التلبس بجناية التعامل في نقد أجنبي التي تبيح القبض عليه وتفتيشه.
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم …… لسنة ۲۰۱۷ جنايات اقتصادية باب شرق (والمقيدة برقم ……. لسنة ۲۰۱۷ کلي الاسكندرية ) بأنه في يوم ٢٤ من ديسمبر سنة ٢٠١٦ بدائرة قسم شرطة باب شرق ـ محافظة الإسكندرية ، وهو شخص طبيعي قام بعملية من عمليات النقد الأجنبي بأن قام بالتعامل داخليًا في النقد الأجنبي عن غير طريق البنوك المعتمدة لذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية الاقتصادية لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا ـ بتوكيل خاص ـ بتاريخ۲۰ من مارس سنة ٢٠١٨ وعملا بالمواد ۱۰٦، ۱۱۱/١، ۲، ۱۱۲، ١٢٦/١، ٤، ۱۲۹ من القانون رقم ٨٨ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون رقم ٦٦ لسنة ۲۰۱٦. بمعاقبة …….. بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ مليون جنيه ومصادرة المبالغ النقدية المضبوطة وألزمته المصروفات الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ١٦ من مايو سنة ٢٠١٨. وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن في ١٧ ، ١٩ ، ٢٠ من مايو سنة ٢٠١٨ موقع عليها من المحاميين.
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التعامل في أوراق النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف أو الجهات المُرخص لها بذلك قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك بأنه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب من محافظ البنك المركزي، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه تعامل في أوراق النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف أو الجهات المرخص لها بذلك، وطلبت عقابه بمقتضى أحكام القانون رقم ٨٨ لسنة ۲۰۰۳ بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد. لما كان ذلك، وكان مؤدی ما نصت عليه المادة ۱۳۱ من هذا القانون من أنه “لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذاً له، وفي المادتين ١١٦ مكرراً و ۱۱۹ مکرراً (أ) من قانون العقوبات في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون، الا بناءً على طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من رئيس مجلس الوزراء” هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي اجراء من إجراءات بدء تسيرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب من محافظ البنك المركزي أو طلب من رئيس مجلس الوزراء، وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم، لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية، فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم، ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية- أقيمت بطلب من محافظ البنك المركزي، فانه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت الدعوى بحالتها الراهنة صالحة للفصل فيها، فإن المحكمة، تفضي فيها بجلسة اليوم.
حيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصه من كافة أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المقدم/ ……… الضابط بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة وردت إليه معلومات أكدتها تحرياته تفيد قيام المتهم …….. صاحب محل …….. للمصوغات الكائن بمنطقة كامب شيزار شارع بور سعيد دائرة قسم باب شرقي بالتعامل في النقد الأجنبي بأسعار السوق السوداء خارج نطاق المصارف المعتمدة وبدون ترخيص، متخذاً من محله التجاري مسرحاً لمزاولة نشاطه، وبناءً على اتصال من مصدره السري توجه وبصحبته الشاهد الثاني بالقرب من المحل المذكور حيث تظاهر المصدر برغبته في بيع مبلغ من الدولارات الأمريكية فقبلها المتهم واثناء قيامه بعد المبلغ قام بضبطه وبتفتيشه عثر بحوزته على مبلغ ثمانية آلاف دولار أمريكي، وثلاثة آلاف ريال سعودي، وواحد وثلاثون وثلاثمائة وثلاثون درهم اماراتي، وخمسة وستون ألف جنيه مصري وبمواجهته أقر بالاتجار في العملات الأجنبية المضبوطة.
وحيث إن الواقعة على النحو السالف ذكره قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهم مما شهد به كلاً من المقدم/ ……..، والمقدم/ …….. بالإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة. فقد شهد المقدم/ ……. الضابط بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة أنه وردت إليه معلومات أكدتها تحرياته تفيد قيام المتهم …….. صاحب محل ……. للمصوغات الكائن بمنطقة كامب شيزار شارع بور سعيد دائرة قسم باب شرقي بالتعامل في النقد الأجنبي بأسعار السوق السوداء خارج نطاق المصارف المعتمدة وبدون ترخيص، متخذاً من محله التجاري مسرحاً لمزاولة نشاطه، وبناءً على اتصال من مصدره السري توجه وبصحبته الشاهد الثاني بالقرب من المحل المذكور حيث تظاهر المصدر برغبته في بيع مبلغ من الدولارات الأمريكية فقبلها المتهم واثناء قيامه بعد المبلغ قام بضبطه وبتفتيشه عثر بحوزته على مبلغ ثمانية آلاف دولار أمريكي، وثلاثة آلاف ريال سعودي، وواحد وثلاثون وثلاثمائة وثلاثون درهم اماراتي، ومائة وخمسة وستون ألف جنيه مصري وبمواجهته أقر بالاتجار في العملات الأجنبية المضبوطة . وشهد المقدم/ ……… بمضمون ما شهد به سابقه في شأن واقعتي القبض والتفتيش.وقد أرفق بملف الدعوى إذن محافظ البنك المركزي المصري بتحريك الدعوى الجنائية قبل المتهم .وبسؤال المتهم بمحضر الضبط أنكر الاتهام المسند إليه. وجرى دفاعه على انتفاء أركان الجريمة المسندة إليه، وبطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة تلبس، وبطلان استجوابه بمحضر الضبط، وعدم جدية التحريات، وعدم معقولية الواقعة، وإنفراد الضابطين بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة، وعدم قيد المأمورية بدفتر الأحوال، والتناقض البين في أوراق الدعوى. وقدم حوافظ مستندات طويت على صور ضوئية من شهادات ميلاد أبنائه، ووثيقة زواجه، وجوازات سفر له هو وزوجته وأولاده، وشهادة تخرجه من كلية التجارة، وشهادة تحركات، وصور من حركات حسابه بالبنوك، وصورة الأسعار صرف العملات بتاريخ الواقعة، والبطاقة الضريبية الخاصة بالمحل خاصته، وصحيفة الحالة الجنائية له، وصور رسمية لمحاضر وشكاوی وبرقيات للتحقيق في واقعة الضبط، ووثيقتي تأمين بإسمه بالدولار الأمريكي، وصورة ضوئية لحكم بالبراءة، وصور فوتغرافية للمحل وما يفيد تقنين وضع كاميرات مراقبة داخله. كما قدم مذكرة بدفاعه تتضمن ذات أوجه الدفاع المبداه بمحضر الجلسة.
وحيث إنه عن الدفع بانتفاء أركان الجريمة المسندة إليه فمردود بأن جريمة التعامل في النقد الأجنبي على غير الشروط والأوضاع المقررة في القانون طبقاً لنص المادة ۱۱۱ من القانون ۸۸ لسنة ۲۰۰۳ المعدل بالقانون رقم ٦٦ لسنة ۲۰۱٦ يكفي لتحققها وجود النقد الأجنبي وتداوله سواء بالبيع أو الشراء على خلاف الشروط والأوضاع المقررة في هذه المادة وعن غير طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام القانون، وكان الثابت أن ضابطي الواقعة تمكنا من ضبط المتهم أثناء تعامله في النقد الأجنبي مع المصدر السري وتم ضبط المبالغ المالية المبينة بعاليه، فإن ذلك يدل على توافر القصد الجنائي في حق المتهم، ويكون معه الدفع قد ورد على غير سند صحيح في الواقع والقانون خليقاً بالرفض.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة التلبس، فمردود بما هو مقرر قانوناً أن التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها ويكفي لتوافرها أن يكون شاهدها قد حضر إرتكابها بنفسه، وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه، وأن قيام حالة التلبس تجيز القبض على مرتكب الجريمة وتتيح تفتیشه بغير اذن من النيابة العامة. وكان الثابت أن تحريات الشاهد الأول دلت على أن المتهم يتعامل في النقد الأجنبي خارج نطاق المصارف المعتمدة وبدون ترخيص، وبناء على اتصال من مصدره السري توجه وبصحبته الشاهد الثاني بالقرب من المحل المذكور حيث تظاهر المصدر برغبته في بیع مبلغ من الدولارات الامريكية فقبلها المتهم وأثناء قيامه بعد المبلغ قام مُحرر المحضر بضبطه وتفتيشه . فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت في هذه الدعوى كما هي معرفة به في القانون مما يبيح لضابط الواقعة القبض على المتهم وتفتيشه دون إذن من النيابة العامة عملاً بالمادتين ٣٤، ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية . الأمر الذي يكون معه هذا الدفع غير قائم على سند صحيح في القانون خليقاً بالرفض.
وحيث إنه لما كانت هذه المحكمة تطمئن إلى تحريات المقدم/ …….. لكونها جاءت متفقة مع ماديات الدعوى، فإنها تعول عليها باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أخرى في الدعوى، ومن ثم يضحى الدفع بعدم جديتها غير سديد.
وحيث إنه عن الدفع بعدم معقولية الواقعة، فإنه لما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي ساقتها – على النحو السالف عرضه – واقتنعت بصورة الواقعة التي استخلصتها من هذه الأدلة، فإن الدفع المبدى في هذا الشأن يكون ولا محل له.
وحيث إنه عن الدفع ببطلان استجواب المتهم بمحضر الضبط، فإن المحكمة تلتفت عنه لعدم التعويل على دليل مستمد منه.
وحيث إنه عن انفراد الضابطين بالشهادة وحجب باقي افراد القوة فذلك لا يمنع الأخذ بشهادتهما كدليل في الدعوى.
وحيث إنه من المقرر أنه لا يصح الاعتداد بالتعليمات في مقام تطبيق القانون فإن ما يثيره المتهم من عدم إثبات ضابطي الواقعة تحركاتهما بدفتر الأحوال قبل قيامهما بمأمورية ضبط الطاعن يكون في غير محله جديراً بالرفض.
وحيث إن الدفع بالتناقض البين في أوراق الدعوى، وكان المتهم لم يبين أوجه التناقض الذي قام عليه دفعه، ومن ثم يكون مجهلاً وتلتفت عنه المحكمة.
وحيث إنه لما كان ما تقدم جميعه فإنه يكون قد ثبت في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أن المتهم ……. في يوم ٢٤/١٢/٢٠١٦ بدائرة قسم باب شرقي محافظة الاسكندرية. وهو شخص طبيعي قام بعملية من عمليات النقد الأجنبي بأن تعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق البنوك المعتمدة لذلك على النحو المبين بالتحقيقات. الأمر الذي يتعين معه عملا بالمادة ٣٠٤/٢ من قانون الإجراءات الجنائية عقابه بالمواد ۱۰٦، ۱۱۱/١، ۲، ۱۱۲، ١٢٦/١، ٤ ، ۱۲۹ من القانون رقم ٨٨ لسنة ۲۰۰۳ بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد المعدل بالقانون رقم ٦٦ لسنة ۲۰۱٦. مع إلزامه بالمصاريف الجنائية عملاً بالمادة ۳۱۳ من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها أخذ المتهم بقسط من الرأفة في حدود ما نصت عليه المادة ١٧ من قانون العقوبات. وايقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم عملاً بنص المادتين ٥٥، ٥٦ من القانون ذاته .
الحكم
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة: ــــ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة ستة أشهر وتغريمه مليون جنيه وبمصادرة المبالغ النقدية وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم.
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين