أمين مساعد نقابة المحامين: اعترضنا على 22 مادة بمشروع قانون الإجراءات الجنائية وتفاجأنا بتجاهل البرلمان والتصويت عليها سريعا (حوار)
معركة كبيرة خاضتها نقابة المحامين داخل اللجنة النوعية لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، من خلال ممثليها، استمرت ١٤ شهرًا لإصدار قانون الإجراءات الجنائية على نحو يضمن ويصون حقوق وضمانات المحامى التى أقرها الدستور وقانون المهنة.
وكانت نقابة المحامين أصدرت مؤخرا بيانًا حول مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، معتبرة أنه لم يحظ بالدراسة الكافية.
كما اعتبرت أن بعض نصوص المشروع أثارت اللغط والجدل الكبيرين في الأوساط القانونية بسبب ما تضمنته من توسع في سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية.
النقابى المخضرم محمود الداخلي، الأمين العام المساعد لنقابة المحامين، وممثلها فى اللجنة النوعية المشكلة لمناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وأحد القامات النقابية والقانونية البارزة، يكشف فى حوار لـ«فيتو» كواليس ما دار داخل الغرف المغلقة ونقاشات اللجان المعنية بإصدار القانون داخل البرلمان.
*هل ناقشتم مواد مشروع القانون قبل عرضه على اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب؟
على مدى ١٤ شهرًا استمرت اللجنة النوعية، التى تشكلت بقرار من رئيس مجلس النواب، فى عملها لدراسة مشروع قانون الإجراءات الجنائية والتى ضمت ممثلين عن كل المؤسسات القانونية منها النيابة العامة ووزارات العدل والشئون النيابية والقانونية والداخلية ونقابة المحامين، وأساتذة بكليات الحقوق، وأعضاء برلمان، ووكيل مجلس الشيوخ، وأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، وممثل عن اللجنة الدستورية والتشريعية بالبرلمان، وطرحت مواد المشروع على أعضاء اللجنة، لإبداء الرأى إذا ما كانت هناك اعتراضات، ثم التصويت.
*ما هى المواد التى اعترضت عليها المحامين؟
اعترضنا على ٢٢ مادة منها ٩ مواد تمس مهنة المحاماة وباقى المواد تتعلق بالمواطن منها المواد “١٥، ٦٩، ٧٤، ١٠٤، ٢٤٠…” وغيرها من مواد اعترضنا عليها على اعتبار أنها تمس مهنة المحاماة والمواطنين، فهذا القانون هو قانون عام وليس خاصا، تشريع مجتمعى لا يخص فئة بعينها، وبالفعل أسسنا اعتراضاتنا فى مضبطة اللجنة النوعية التى كان يترأسها النائب إيهاب الطماوي، وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان، ومقررها المستشار محمد عبد العليم كفافى، نائب رئيس مجلس الدولة، ومستشار رئيس البرلمان، وجاء الرد أن هذه الاعتراضات ستبحث، وستُعرض على لجنة الصياغة ومن ثم تُعرض على تشريعية البرلمان، لضمان توافقها مع النص الدستوري.
*هل وضعت لجنة الصياغة اعتراضاتكم فى عين الاعتبار؟
لا، تفاجأنا بأن بعض الألفاظ غير منضبطة فى صياغتها فى المواد المعترض عليها ولنا عليها تحفظات كما هى ولم تُعدل.
*ما هى المواد المعترض عليها تفصيلًا من قبل المحامين؟
منها إطلاع محامى الخصوم على أوراق القضايا قبل التحقيق بيوم، وأعطى الحق للنيابة العامة في تحديد هذا اليوم، ولها الحق أيضًا إذا ما ارتأت أن هناك أسبابا غير مبررة أن يمنع التصوير أو الاطلاع على هذه الأوراق.
من المواد المعترض عليها أيضًا فى مشروع القانون السماح لرئيس محكمة الجنايات والجنح المستأنفة، فى حالة وجود تشويش من قبل المحامىبأن يحرر مذكرة ويرسلها للنيابة العامة للإخلال بالنظام العام، ولم تفسر المادة تحديدًا المقصود من التشويش، وهى من المواد التى تمس ضمانات المحامي، وبالتالى أرجعناها للاعتراض عليها، ولإعادة ضبط صياغتها.
أيضا بعض المواد أعطت لرئيس المحكمة سلطة التحقيق وضبط بعض الجرائم التى يمكن أن تقع خارج الجلسة دون توضيح ما المقصد بخارج الجلسة ولم تحدد المادة الأماكن التى ستصبح من صلاحيات قاضى الجلسة، ونحن أكدنا أن رئيس المحكمة اختصاصاته تقع داخل قاعة الجلسة بما يتواءم مع الحفاظ على نظام عام للجلسة دون الإخلال به، وكان المبرر في وضع هذه المادة أن هناك نصا دستوريا يتعلق بالتأثير على الشهود، رغم أنها ممارسات جميعها تحدث خارج القاعة وبعيدة عن اختصاصات رئيس المحكمة.
ومادة أخرى تنص أن بعض الأوراق لا تُسلم للمحامين إلا إذا ارتأت النيابة العامة ذلك، وهى أوراق ملك الغير ممكن أن تعطل مصالحهم، ولا يجوز أن يتحدث المحامى فى التحقيقات إلا بإذن النيابة العامة، وهو ما يخالف الضمانات التى نص عليها الدستور الحالى فى المواد ٥٤ و٩٨ و٩٩ ويخالف قانون المحاماة رقم ٤٠٤٧ المعدل فى ٢٠١٩ فى المادتين ٤٩ و٥٠، والذى أعطى للمحامى الحق فى عرض طلباتهم والاعتراض على أسلوب التحقيق، ويعترضون على الإجراءات إذا ما كانت باطلة، وغيرها من مواد تنتقص من ضمانات وحقوق المحامى التى نص عليها الدستور وأقرها قانون المهنة.
*هل هناك بعض الإيجابيات التى أشدتم بها داخل مشروع القانون الجديد؟
بالتأكيد، فاستحداث باب مستقل عن الحبس الاحتياطي، وباب أدلة الخبراء، أحد الإيجابيات داخل مشروع القانون التى أشدنا بها، ولاسيما أنهم خفضوا مدد الحبس، واستئناف الجنايات، انسلخ هذا الباب قبل إسقاط الحق الدستورى عنه عند مرور ١٠ سنوات، واستحدث القانون درجة مستأنف الجنايات بداية العام الحالى لتكون درجة تقاضى ثانية فى قضايا الجنايات قبل الطعن أمام محكمة النقض. وكذلك باب ندب الخبراء وسماع الشهود، والإقرار أن عدم سماع الشهود يؤدى إلى حبس وغرامة، وانتقال النيابة إلى الشاهد إذا ما كان فى حالة مرضية تستعصى حضوره.
*بالعودة إلى تجاهل لجنة الصياغة لاعتراضاتكم على ألفاظ فى بعض المواد، ما هى الإجراءات الذى اتخذها ممثل نقابة المحامين تجاه هذا التجاهل ؟
تقدمنا بطلب للجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أكدنا فيه اعتراضاتنا السابقة على صياغة بعض مواد مشروع القانون بشكل مفصل.
*ما هى الآلية التى كان على أساسها يتم الاعتراض على المواد غير المنضبطة؟
اللجنة النوعية المشكلة فعلت مبدأ التصويت، ويوجد بها عدد كبير من المحامين من بينهم النائب ضياء الدين داوود، إيهاب الطماوي، وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان، ناصر عثمان، أمين سر اللجنة الدستورية والتشريعية بالبرلمان، الحقوقى عبد الجواد أحمد، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، الدكتور محمد شحاتة، أستاذ القانون الجنائى وهو محام، الدكتور أسامة حسنين عبيدو، وكنا أمام المجموعة الحكومية المتقدمة بمشروع القانون، وكنا نعترض على بعض المواد سويًا وكنا نختلف أحيانًا أخرى، عند التصويت كان البعض يعترض على بعض المواد والبعض الآخر يحاول تعديلها، وهو ما أدى إلى تصعيدها إلى اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، لضبطها حتى تتوافق مع نصوص الدستور وتحديدًا المادة ٥٤، التى تقر وتصون حريات وضمانات المحامي.
*ما هو موقف اللجنة البرلمانية المعنية من اعتراضات المحامين بعد تصعيد مشروع القانون إليها؟
تفاجأنا أن التصويت داخل اللجنة التشريعية على المواد التى اعترضنا عليها يمر سريعًا، اعترضت فورًا وتقدمت بطلب صدق عليه رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، نؤكد فيه اعتراضنا عليها، وطالبنا بإعادة مناقشتها وصياغتها صياغة منضبطة، ولا سيما إنه كان هناك تصويت جماعى لصالح اعتراضاتنا من قبل أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية وتفاجأنا بتغيير موقف بعضهم، وبالتالى تمت الموافقة عليها دون النظر إلى هذه الاعتراضات، وبناءً عليه فإن الطلب المقدم منا لرئيس اللجنة التشريعية تضمن إعادة مناقشة نقابة المحامين لهذه المواد التى تمت الموافقة عليها، فى سبيل أن تضع النقابة النص المقترح وتؤسسه دستوريًا وتدرس الفلسفة القانونية لهذه المواد.
*ما هى الخطوات التى اتخذتها نقابة المحامين لعدم تمرير المواد المعترض عليها؟
فى بداية الأمر تقدمنا بمذكرة مبدئية نطالب فيها بحذف بعض المواد أو تعديلها، ثم تقدمنا مرة أخرى بمذكرة أخرى شارحة دستوريًا وأسسنا عليها كل شيء، ووعدت اللجنة التشريعية بمجلس النواب بأن المواد التى لم تنظر سيتم النظر فيها وبأن المواد المتحفظ عليها من قبل المحامين ونوقشت سيتم مناقشها مرة أخرى.
*ما هى مطالبك تجاه مشروع قانون الإجراءات الجنائية؟
لابد أن يحدث حوار مجتمعى موسع على مواد هذا المشروع، فهناك عدد كبير من القانونيين لم يطلعوا عليه، ولابد أن يأخذ القانون وقته فى المناقشات، ويشمل هذا الحوار جميع الفئات والمؤسسات المتماسة مع هذا القانون، ونثمن موقف نقابة الصحفيين التضامنى مع موقف المحامين، ولماذا التعجل فى إصدار هذا القانون وهو متروك من ٢٠١٧ ثم إن المواد القادمة ضمن القانون القادم قادرة أن تدير الإجراءات لحين إصدار قانون أكثر انضباطا يراعى حقوق جميع الفئات وحتى لا يطعن عليه دستوريًا، ولا سيما أن القانون قائم منذ ٧٤ عامًا منذ إصداره، فلماذا التعجل فى إصداره على هذا النحو.
ونطالب بتعديل لبعض المواد الخاصة بالمحامين لضمان حقوقهم وضماناتهم أثناء تأدية عملهم داخل النيابات والمحاكم وضبط الصياغة للنصوص التى قُدمت إلى اللجنة الدستورية والتشريعية التى بها عوار دستوري.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ “فيتو”.
مصدر الخبر | موقع فيتو