أحوال محاكم مصر

استئناف القاهرة: ترسى مبدأ حضانة الأم لا تسقط حال زواجها إلا بشروط.. برلمانى

استئناف القاهرة: ترسى مبدأ حضانة الأم لا تسقط حال زواجها إلا بشروط.. برلمانى

أصدرت الدائرة “31” لشئون الأسرة – بمحكمة استئناف القاهرة – حكما فريدا من نوعه، أرست خلاله مبدأ قضائيا يهم الأمهات الحاضنات اللاتى يلجأن للزوج ما يؤدى معه لإسقاط الحضانة عنهن قالت فيه: ” لا تسقط الحضانة عن الأم الحاضنة حال زواجها بأجنبى، شريطة عدم ثبوت ضررا يلحق بالصغير من جراء إقامته مع والدته بعد زواجها، وذلك تطبيقا لقاعدة ارتكاب أخف الأضرار اتقاء لأشدها، فهي صاحبة الحق في حضانته والأولى به في ترتيب الحاضنات بما يحقق مصلحته الفضلى”، ما يعنى معه حينما يكون هناك ضررين على الطفل نختار اخفهما ضررا لأن من حق الطفل يعيش مع أمه فمن مصلحته أن يظل في حضانة والدته حتى لو تزوجت من أجنبى.

 

صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 9506 لسنة 140 قضائية أحوال شخصية، لصالح المحامى رامى عبدالمقصود، برئاسة المستشار أحمد هانى مختار، وعضوية المستشارين عادل سعدالدين، وسارة عدلى حسين، وبحضور كل من وكيل النيابة محمد رفاعى، وصفوت عبدالمعطى، أمين السر.

الوقائع.. الجدة لأب تقيم دعوى بضم الصغير وإسقاط الحضانة عن الأم لزواجها بأجنبى

بعد سماع المرافعة والإطلاع على الأوراق ورأى النيابة والمداولة قانونا، وحيث أن واقعات الدعوى المستأنفة ومستنداتها سبق وأن أحاط بها تفصيلا الحكم المستأنف، ومن ثم تحيل إليه المحكمة في هذا الشأن مدعا للتكرار جاعلة منه أسبابًا مكملة لقضائها هذا وتجترئ منه ما يكفي الربط أوصال النزاع في أن المدعية “رضا. ع” سبق وأن أقامت الدعوى رقم 2784 لسنة 2022 أسرة حدائق القبة ضد “عبد الرحمن. م”، و”إيناس. ع”، بموجب صحيفة موقعة من محام، وأودعت بقلم كتاب تلك المحكمة في 25 ديسمبر 2022 وأعلنت قانونا للمدعي عليهما طلب في ختامها الحكم بإسقاط حضانتها للصغير، وإلزامها بتسليم الصغير “محمد عبدالرحمن” إليها حتى تتمكن من رعايته وتدبير شئونه وأموره، وتلبيه كافة طلباته لزوال سبب حضانة المدعى عليها الثانية لزواجها من آخر من غير ذي محرم ووفاة والدتها وأمرها بعدم التعرض وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

 

محكمة أول درجة تستجيب لطلب الجدة لأب.. والأم تستأنف الحكم لإلغاءه

وذلك على سند من القول أن المدعى عليه الأول هو نجل المدعية وكان زوج المدعى عليها الثانية، وقد طلقت خلعا بتاريخ 27 فبراير 2020 بعد أن رزق منها على فراش الزوجية الصحيحة بالصغير (محمد) ويبلغ من العمر سنتين إلا أن المدعى عليها الثانية قد تزوجت بآخر غير محرم للصغير بتاريخ 21 مايو 2022 ولم تعد تهتم به وهو في حاجة إلى الرعاية والحنان والعطف إلا أنها لم تراع ذلك وزوجها يعامله معامله قاسية ولا يوجد من يستحق الحضانة سوى المدعية والتي تتوافر فيها جميع شروط الحضانة لوفاة والدة المدعى عليها الثانية وصحتها جيدة ومتزوجة من جد الصغير، ولم تفلح محاولات التسوية الودية، الأمر الذي حدا بها إلى إقامة دعواها بغية الحكم لها بطلباتها… وقدمت سندا لدعواها حافظة مستندات طويت على مستخرجات رسمية من قيد وفاة والدة المدعـ عليها الثانية ,قيد ميلاد الصغير “محمد” مواليد 22 يونيو 2020 وقيد زواج المدعى عليها الثانية بتاريخ 19 مايو 2022 شخص يدعى “مصطفى. أ”.

الأم الحاضنة تثبت أن هناك موانع لضم الجدة لأب صغيرها

وفى تلك الأثناء – الدعوى تداولت بجلساتها أمام محكمة أول درجة على النحو المبين بمحاضرها تفصيلاً، وقد مثلت المدعية والمدعى عليها الثانية كلا بمحام عنه ولم يمثل المدعى عليه الأول، وقد أودع الخبيرين الاجتماعي والنفسي تقريرهما والذي انتهيا فيه على إجابة المدعية إلى طلبها باعتبارها التالية في ترتيب الحضانات لزواج الأم ووفاة الجدة لأم، وحيث أنه بجلسة 26 فبراير 2023 قضت المحكمة بنقل حضانة الصغير “محمد.ع” إلى الجدة لأب المدعية “رضا. ع” وعدم تعرض الغير لها وألزمت المدعية بالمصاريف ومبلغ خمسة وسيمون جنيها مقابل أتعاب المحاماة وأعفتهما من الرسوم القضائية.

 

إلا أن هذا القضاء لم يلق قبولا لدى المحكوم ضدها الثانية “إيناس. ع”، فطعنت عليه فضلا والاستئناف الماثل بموجب صحيفة موقعة من محام، وأودعت بقلم كتاب هذه المحكمة في 30 مارس 2023 وأعلنت قانونا للمستأنف ضدها “رضا. ع”، طلبت في ختامها الحكم بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى أو القضاء بنقل حضانة الصغير إلى شقيقة الأم وإلزام المستأنف ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، وذلك لسبب حاصله الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطا في تطبيق القانون.

 

مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم

وتابعت مذكرة الطعن: أن الحكم جاء مجحفًا بحقوق المستأنفة، وذلك لعدم تمكينها من الاطلاع والرد فضلا عن كبر سن المستأنف ضدها الذي يزيد عن الخامسة والخمسون عاماً وإصابتها بالعديد من الأمراض المزمنة وعدم صلاحيتها لرعاية شئون أبنائها، فأحد أبنائها صادر ضده العديد من الأحكام، وتم إيداعه دور الرعاية لتنفيذ العقوبة، وآخر صادر ضده عقوبة عسكرية ولها ابنه مريضة سرطان، مما يعنى عدم صلاحيتها لتربية الصغير، كما أنها لم تقدم دليلا على أن زواجها من أجنبي كاف لإثبات إهمالها في رعاية الصغير وانتزاعه من حضانتها، ثم انتهت إلى طلباتها سالفة البيان.

 

وحيث أن الاستئناف تداول بجلساته على النحو المبين بمحاضره تفصيلاً، وقد مثل طرفيها كل بمحام عنه، وقدمت المستأنفة أربع حوافظ مستندات من بينها صورتين ضوئيتين من حكمين قضائيين بحبس نجل المستأنف ضدها شقيق والد الصغير بتهمة خيانة الأمانة، وصورة ضوئية من تقرير طبي يفيد إصابة نجلتها بورم سرطاني، وبجلسة 24 يوليو 2023 فوضت النيابة الرأي للمحكمة التي قررت حجز الاستئناف للحكم.

“الاستئناف” ترسى مبدأ قضائيا جديدا

المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن موضوع الاستئناف، فلما كانت المستأنفة قد أقامته بطلباتها سالفة البيان لما أوردته من أسباب، وكان من المقرر قانونا وفقا لنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل أنه ينتهي حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة من الخامسة عشرة، ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذه السن في البقاء في يد الحاضنة دون أجر حضانة وذلك حتى يبلغ الصغير من الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.

 

وبحسب “المحكمة”: كان من المقرر قضاء أن النص في الفقرة الخامسة من المادة 20 مفاده أن أحق النساء بحضانة الصغير أمه ما دامت للحضانة، وإذا لم توجد الأم أو كانت غير أهل للحضانة، انتقل حق الحضانة إلى أم الأم مهما علت، وقدمت أم الأم على أم الأب في الحضانة مع تساويهما في درجة القرابة، لأن قرابة الأولى من جهة الأم، وقرابة الثانية من جهة الأب، وحق الحضانة مستفاد من جهة الأم، فالمنتسبة بها تكون أولى من المنتسبة بالأب، وكان من المقرر فقها أن لفظ الحضانة إنما يطلق على ثبوت يد الحاضنة من النساء طالما كان الصغير هذه السن والحاضنة هي من كانت صاحبة حق في الحضانة سواء كان الصغير في يدها أو في يد الغير تطالب بضمه إليها باعتبارها صاحبة الحق الشرعي في حضانته، ويبتدئ زمن حضانة النساء للصغير من حين الولادة وإلى أن يبلغ الصغير أو الصغيرة خمسة عشرة عاما.

“الاستئناف”: لا تسقط الحضانة عن الأم الحاضنة حال زواجها بأجنبى

وتضيف “المحكمة”: وكان من المقرر أن ولاية التربية – وتعرف بالحضانة – غايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته التي لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعا، والأصل فيها ومدار أحكامها مصلحة الصغير، وهي تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها، باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه، وأقدر على صيانته، ولأن انتزاعه منها – وهي أشفق عليه وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبرا – مضرة به إبان هذه الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره، وكان من المقرر أن زواج الحاضنة لا يسقط حقها في الحضانة مباشرة إلا إذا كان سيترتب على ذلك ضرراً بالمحضون، وذلك بارتكاب أخف الأضرار اتقاء لأشدها.

 

وحيث أنه لما كان ما تقدم وهدياً بما سبق – وكان الثابت للمحكمة من أوراق الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن المستانفة للصغير “محمد” وأنه مازال في من حضانة النساء كونه من مواليد 22 يونيو 2020 أي يبلغ من العمر 3 سنوات، ولما كانت المستأنف ضدها لم تثبت أن هناك ضررا لحق بالصغير من جراء إقامته مع والدته المستأنفة بعد زواجها، ومن ثم فهي صاحبة الحق في حضانته والأولى به في ترتيب الحاضنات بما يحقق مصلحته الفضلى عملا بقاعدة ارتكاب أخف الأضرار اتقاء لأشدها، ولما كانت محكمة أول درجة لم تلتزم هذا النظر وانتهت إلى قضائها المستأنف، الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى.

1

2

3

4

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى