الهيئات القضائية

«الأم أحق بالولاية التعليمية».. حكم نهائي يحسم صراع عائلتين على طفلين

أصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، حكما نهائيًا وباتًا، اليوم السبت، يحسم صراعًا بين أب وأم والجدة للأب والجدة للأم، بعد 8 أحكام متلاحقة من محكمة الأسرة بالحضانة وبالولاية التعليمية لهم جميعا.

وحصلت الأم زغلولة سعيد زكي أبوشنب، اليوم السبت 20 مارس 2021، قبل ساعات من الاحتفال بعيد الأم، على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، بعدم قبول الطعن على حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في الدعوى رقم 12217 لسنة 15 ق الصادر أيضا في عيد الأم بجلسة 21 مارس 2016، بتأييد قرار الإدارة التعليمية برفض تسليم الملفات الدراسية للأب عمر عيد عمر الخاصة بالطفلين إسراء بالفرقة الأولى الإعدادية بمدرسة النهضة بإدارة العامرية التعليمية بمحافظة الإسكندرية، ومحمد بالصف السادس الابتدائي بذات المدرسة، بقصد تحويلهما إلى مدرسة النجاح الإعدادية التابعة لإدارة أبو المطامير التعليمية بمحافظة البحيرة، مقر إقامة الأب، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها عدم تغيير النظام الدراسي للطفلين وفقا لرغبة الأب، وعقدها لأم الطفلين زغلولة سعيد زكي أبوشنب.

وألزمت المحكمة الأب عمر عيد عمر والجدة للأب عزيزة على مصطفى عمرو، والجدة للأم هدية عبد الله سالم محمود المصروفات، وأصبح هذا الحكم نهائيا وباتا.

وأكدت المحكمة برئاسة القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، انتصارها للأم المصرية في كفاحها من أجل الحصول على حرية أطفالها في العيش في كنفها بعد الطلاق، ورسمت للجهات الإدارية حدودا للتعامل مع رغبة كل طرف من العائلة، بصدد النظام المدرسي للأطفال.

وفي قصة أليمة تجسد قمة الصراع والتناحر بين الآباء والأمهات على اختيار النظام المدرسي للأبناء بعد الطلاق، كان بطلها الأب والأم والجدة للأب والجدة للأم، وحصول كل منهم على 8 متلاحقة بالحضانة والولاية التعليمية تغاير الأخرى وكان ضحيتها طفلين إسراء بالمرحلة الإعدادية ومحمد بالمرحلة الابتدائية، وأصر القاضي ببصيرة على ضرورة سماع الطفلين وفي موقف درامي بكى الطفلان في أحضان الأم طالبين من القاضي وضع نهاية لهذا الصراع.

وقالت المحكمة، إن الحق في تكوين الأسرة لا ينفصل عن الحق في صونها، بما يكفل تنشئة أطفالها وتقويمهم وتحمل مسئولياتهم صحياً وتعليماً وتربوياً، بحيث أصبح حق الطفل في الحياة والنمو في كنف أسرة متماسكة ومتضامنة والاستماع إليه من أخص حقوقه وفي التمتع بمختلف التدابير الوقائية وحمايته من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الإهمال أو التقصير أو غير ذلك من أشكال إساءة المعاملة أو الاستغلال، ومن حق الطفل أيضا الاستماع إليه في جميع المسائل المتعلقة به، بما فيها الإجراءات القضائية والإدارية.

ورسم المشرع معيارًا للأفضلية أوجبه على الكافة لا محيص عنه ولا تبديل، بأن تكون لحماية الطفل ومصالحه الفضلى الأولوية في جميع القرارات والإجراءات المتعلقة بالطفولة أيا كانت الجهة التى تصدرها أو تباشرها.

وأضافت المحكمة، أن مدار الولاية التعليمية المعقودة للحاضن ترتبط بمصلحة الصغير وأن الحضانة يجب أن يراعى فيها مصلحة المحضون التي تقضي بأن يبقى عند أمه لأنها أكثر رحمة وشفقة وعطفا وحنانا، وكونها أكثر تفرغا من الأب لرعاية الأطفال خاصة البنات اللاتي يحتجن لتعلم أمور النساء ولا يفصحن في أمورهن الخاصة إلا لأمهاتهن ولكثرة ما يحصل من اعتداء وتعنيف من قبل زوجات الآباء تجاه أطفال المطلقات، وبالتالي فالأم أحق بالحضانة ومستلزماتها بشئون التعليم ما لم يطعن في عقلها أو أخلاقها وعفتها طعنا مثبتا.

وأشارت المحكمة إلى أنه يتعين على الآباء والأمهات يهيّئوا للصغير من أمره خيراً و رشداً، لا أن يتخذوا منه وسيلة لتحقيق مآرب لهم لا صلة لها بمصلحة الصغير يكيد بعضهم لبعض ظهيرا، متخذين من هوى النفس نفيرا، فتتحول حياة الصغير في ظلها عوجاً وأمتاً، لذا فإن تحقيق مصلحة الصغير تقتضي أن تكون شئونه التعليمية بيد من التصق به في كافة دقائق حياته اليومية وهي حاضنته رعاية وتربية بحكم الرابطة الإنسانية الفياضة التي اختصها الله عز وجل وأودعها قلب الأم قطب الرحى بين الصغير وحاضنته.

وذكرت المحكمة أن استخدام المشرع للفظ “الولاية التعليمية” للحاضن أثار اللبس وكان الأدق أن يستخدم “الشئون التعليمية” لأن الولاية في أصلها تكون دائما للأب على حين أن غاية المشرع لم تكن خرق أحكام الولاية المعقودة للأب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وإنما كان قصده قيام الحاضن على شئون الصغير التعليمية، لذا كان من الأوفق على المشرع أن يتجنب ما قد يثور اختلاطا للمفاهيم بين “الولاية” وإن كانت تعليمية وبين دقة “الشئون التعليمية” وهو المعنى الحقيقي الذي رمى إليه سعيا لمصلحة الصغير.

وأوضحت المحكمة، أن بعض الآباء يتناحرون بعد الانفصال عن زوجاتهم بشأن اختيار النظام التعليمي للصغار، إما نكاية في الحاضنة أو إشعارها بالذل والهوان لإرغامها على التنازل عما يكون لها من حق فيتصارعون على سحب الملفات الدراسية للصغار – على نحو ما كشفت عنه الدعوى الماثلة – إما لنقلهم في مدارس تقع خارج نطاق المحافظة المقيدين دراسيا بها لتكون بعيدة عن أعين الحاضنة لتعجيزها، وإما لإلحاقهم بمدارس أقل مستوى في تقديم خدمة التعليم أو لتغيير مسار النظام التعليمي بأكمله، بنظام تعليمي آخر أقل جودة، ولا ريب أن هذا التصارع والتناحر يؤثر على نفسية الطفل ويعرض حقه التعليمي لخطر الرسوب والتشتت والضياع، لذا فإن بقاء الصغير مع حضانته للقيام بتربيته ورعايته وعلى القمة من تلك الرعاية شئونه التعليمية يحقق الصفاء النفسى للطفل.

واختتمت المحكمة، أنه إذا أضحى الخلاف بين الزوجين مستحكما والشقاق بينهما عميقا وصار بنيان الأسرة متهدما وصرحها متداعيا ورباطها متأكلا، يكاد أن يندثر بوقوع الطلاق بينهما فإن صدعهما مازال غائرا يقيم بينهما جفوة فى المعاملة فلا يجب أن تكون حياتهما سعيرا يمتد أوزاره إلى الأطفال، ولا يؤول أمرهما هشيما ولا يكون اُلفهما ووفاقهما حسيرا، وعليهما السعي معروفا بشأن استكمال النظام المدرسي لهؤلاء الأطفال كما كان قبل الطلاق أو التصدى لرغبة الأب في تبديل هذا النظام بعد الطلاق للنكاية بمطلقته عندا ونفيرا، بينما يرتكن الطفل في همساته وسكناته وحركاته لأمه الحاضنة التي تقوم على شئونه في الفترة الأولى من حياته وأهمها شئونه التعليمية، والمحكمة تغلب جانب الأم بعد أن تمخض عن الصراع بين العائلتين حصول الأب والأم والجدتين للأب وللأم على 8 أحكام متلاحقة عن الحضانة والولاية التعليمية أصاب الطفلين بالتشتت مما يتعين معه تغليب جانب الأم.

وبعد النطق بالحكم ارتمى الطفلان إسراء ومحمد في أحضان الأم زغلولة زكي في موقف مبكي مؤثر، وأسدلت المحكمة الستار في عيد الأم عن أغرب دعوى جسدت بشكل درامي صراع العائلات في اختيار النظام المدرسي للأطفال.

مصدر الخبر | موقع نقابة أخبار اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى