أحوال محاكم مصر

“الاستئناف”: البراءة فى إيصالات الأمانة لانتفاء ركن التسليم لا يعنى عدم السداد

أصدرت محكمة استئناف مدني المنيا، حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المتعاملين بإيصالات الأمانة، يتصدى لثغرة الأحكام الصادرة بالبراءة بحق المدين ومن ثم عدم تسليم وسداد المبلغ المطلوب سداده، وذلك بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة، بإلزام المدعي عليه بسداد مبلغ 650 الف جنيه، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الجنح ببراءته من جنحة إيصال الأمانة استنادا على انتفاء ركن التسليم، وهو حكم مخالف للاتجاه الحديث في محكمة النقض بشأن أحقية المدعي عليه في الطعن على إيصال الأمانة بصورية سند الإلتزام الوارد بالإيصال سند الدعوى طبقا لنص المادة 137 فقرة 2.

صدر الحكم في الاستئناف المقيد برقم 4673 لسنة 58 ق. م المنيا، برئاسة المستشار محمد احمد الدرديري وعضوية المستشارين هاني عزت أبو الخير، ومصطفى عبد العظيم، بأمانة سر محمد إبراهيم.

الوقائع.. نزاع بين الدائن والمدين حول سداد مبلغ 650 ألف جنيه

وقائع الدعوى تتحصل في أن المدعي قد تقدم لقاضي الأمور الوقتية بطلب لاستصدار أمر أداء ضد المعروض ضده أودع قلم كتاب المحكمة بغية استصدار أمر أداء لصالحه ضد المعروض ضده بمبلغ وقدره 650 ألف جنيه قيمة الدين، مع إلزام المدعي عليه بالمصاريف والأتعاب – وذلك على سند من القول من أن المدعي يداين المعروض ضده بمبلغ 650 ألف جنيه، وذلك بموجب إيصال أمانة وحيث إن المدعي قد أنذر المعروض ضده بموجب إنذار إلا أنه لم يحرك ساكنا ولم يقم بسداد ذلك المبلغ، مما حدا به لتقديم أمر الأداء بغية الحكم له بطلباته الواردة بالأمر.

وقدم سندا لذلك حافظة مستندات طويت على: 1- صورة من إيصال الأمانة سند دعواه، 2- إنذار بضرورة السداد مؤرخ 17 أبريل 2022، وحيث عرض ذلك الأمر على قاضي الأمور الوقتية والذي أصدر قراره في غضون 26 مايو 2022 برفض إصدار الأمر وتحديد جلسة لنظر موضوعه، وحيث أحيلت الأوراق لمحكمة أول درجة، وقيدت برقمها سالف الذكر ومثل المدعي بوكيل عنه – محام – وأعلن المدعى عليه برفض إصدار أمر الأداء بموجب صحيفة مستوفاة لشرائطها الشكلية ومعلنة وفق صحيح القانون طلب في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى للمدعى بمبلغ وقدره 650 ألف جنيه، مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.

محكمة أول درجة تقضى بالبراءة لانتفاء ركن التسليم.. والدائن يستأنف الحكم

وفى تلك الأثناء – تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة أول درجة على النحو الثابت بمحاضرها ومثل المدعى بوكيل عنه – محام – وقدم إعادة إعلان ولم يحضر المدعى عليه أو من ينوب عنه، قضت محكمة أول درجة بإلزام المدعى عليه بأداء مبلغ وقدره 650 ألف جنيه للمدعى قيمة إيصال الأمانة سند الدعوى.

إلا أنه لم يلق هذا القضاء قبولا لدى المدعى عليه، فطعن عليه بالاستئناف، طلب فى ختامها الحكم أولا: بقبول الاستئناف شكلا، وثانيا: فى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به وذلك لبطلان إجراءاته التى بنى عليها من إعلان باطل، واحتياطيا: إحالة الاستئناف للتحقيق لإثبات عدم وجود ثمة مديونيات على المستأنف، وضم الجنحة رقم 6813 لسنة 2021 جنح أبو قرقاص والمستأنفة برقم 30 لسنة 2022 جنح مستأنف أبوقرقاص مع إلزام المستأنف ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.

الاستئناف يتصدى لألاعيب الإعلانات المضروبة

وذلك لأسباب حاصلها بطلان الحكم المستأنف لابتنائه على اجراءات باطلة حيث إن إعلانات صحيفة أول درجة لم تتم بالطريق القانونى السليم الذى رسمه القانون لكون المستأنف يقيم بالقاهرة، وله عنوان موضح بالبطاقة الشخصية وبصورة التوكيل، وأن المحضر قام بإعلانه على منزل والده إداريا ولم يصل العلم الحقيقى الى المدعى عليه “المستأنف”، والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال حيث قد قضى فى الجنحة رقم 6813 لسنة2021 جنح أبو قرقاص والمستأنفة برقم 30 لسنة 2022 جنح مستأنف أبوقرقاص ببراءة المستأنف من إيصال الأمانة سند الدعوى لانتفاء ركن التسليم.

وتداول نظر الاستئناف بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره ومثل خلالها طرفى الاستئناف كلا بوكيل عنه – محام – وعلى مدار تداول الاستئناف بالجلسات طلب الحاضر عن المستأنف ضم الجنحة رقم 6813 لسنة 2021 جنح أبو قرقاص، وقدم حافظة مستندات طالعتها المحكمة والحاضر عن المستأنف ضده دفع ببطلان صحيفة الاستئناف المعلنة له لعدم توقيع المحضر عليها، ودفع بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود لنفى الدليل الكتابى، وقدم مذكرة وحافظة طالعتهما المحكمة، وبجلسة المرافعة الأخيرة قررت المحكمة حجز الاستئناف ليصدر به الحكم.

شروط الإعلانات الصحيحة

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: بشأن ما ينعاه المستأنف على الحكم المستأنف بطلانه لعدم انعقاد الخصومة لبطلان إعلان صحيفة أول درجة وعدم اتصال علم المستأنف بها فأنه مردود عليه بما هو مقرر بنص الماده العاشرة من قانون المرافعات أنه تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه ويجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الاحوال التى يبينها القانون، وإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه كان عليه ان يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل فى خدمته او انه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار.

وبحسب “المحكمة”: ومن المقرر أيضا بنص الماده الحادية عشر من قانون المرافعات أنه إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم الورقة إليه طبقا للمادة السابقة أو امتنع من وجده مـن المذكورين فيها عـن التوقيع على الأصل بالاستلام أو عن استلام الصورة، وجـب عليه أن يسلمها فـى اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الـذى يقع موطن المعلن إليه فى دائرته حسب الأحوال وذلك بعد توقيعه على الأصل بالاستلام، وعلى المحضر خلال 24 ساعة أن يوجه إلى المعلن إليه فى موطنه الأصلى أو المختار كتابا مسجلا، مرفقا به صورة أخرى مـن الورقة، يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، ويجـب علـى المحضر أن يبين ذلك كله فـى حينه فى أصل الإعلان وصورتيه، ويعتبر الإعلان منتجا لآثاره من وقت تسليم الصورة إلـى مـن سـلمت إليه قانونا.

محكمة ثانى درجة تلزم المدين بسداد 650 ألف جنيه

ووفقا لـ”المحكمة”: ومن المقرر كذلك أنه إذا لم يجد المحضر من يصح تسليم صورة الإعلان إليه كأن وجد مسكنه مغلقا فعليه عملا بالمادة 11 من قانون المرافعات تسليم صورة الإعلان إلى جهة الإدارة مع توجيه كتاب مسجل يتضمن أن صورة الإعلان سلمت لهذه الجهة، والعبرة في تحديد تاريخ الإعلان عندئذ – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بتاريخ تسليم الصورة المعلنة إلى جهة الإدارة لا بيوم وصول الكتاب المسجل للمعلن إليه، ولا يجوز المجادلة في إرسال الكتاب المسجل متى أثبت المحضر ذلك إلا بطريق الطعن بالتزوير.

وتضيف “المحكمة”: وحيث أنه بالبناء على ما تقدم – وكان الثابت للمحكمة من مطالعتها للأوراق أن المحضر أثبت بورقة إعلان صحيفة الدعوى انتقاله لمسكن المستأنف – وهو الثابت بالصورة الضوئية لبطاقة الرقم القومى للمستأنف المرفقة بالأوراق – فوجده مغلقا فقام بتسليم الصورة فى ذلك اليوم إلى جهة الإدارة وأخطره بذلك بخطاب مسجل برقم 2601 خلال الأربع وعشرين ساعة التالية، كما أثبت المحضر أيضا بورقة إعادة إعلان المستأنف بصحيفة الدعوى إتباعه للخطوات السابقة ولم يجده ووجد والده ورفض الأخير الاستلام.

لغز المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات

وبحسب “المحكمة”: وأنه أرسل إليه مسجلا برقم 2900 في 31 مايو 2022 ومن ثم فإن إجراء إعلان وإعادة إعلان صحيفة الدعوى للمستأنف تكون صحيحة وفقا لما نص عليه القانون، وينتج أثارها فى مواجهته سيما وأن صحيفة الإعلان باعتبارها ورقة رسمية، فلا يجوز إثبات عكس ما جاء بها إلا بطريق الطعن بالتزوير، ولم يطعن المستأنف، ومن ثم فإن ما أثاره المستأنف بصحيفة استئنافه بشأن بطلان إعلان صحيفة أول درجة وعدم اتصال علمه بها قد جاء قولا مرسلا وعليه يكون الدفع المبدى فى هذا الشأن قد جاء على غير سند من القانون والواقع وهو ما تقضى المحكمة برفضه، وتكتفى بالإشارة لذلك بالأسباب دون المنطوق.

وتضيف “المحكمة”: وحيث إنه بشأن ما ينعاه المستأنف على الحكم المستأنف القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال حيث أنه فاته أن ذلك الايصال سند الدعوى قد تم الطعن عليه بالتزوير فى الجنحة رقم 6813 لسنة 2021 جنح أبو قرقاص والمستأنفة برقم 30 لسنة 2022 جنح مستأنف أبو قرقاص، وقد قضى فيها بالبراءة لانتفاء ركن التسليم، فإنه مردود عليه بما هو مفاد المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات – أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ويكون للحكم بالبراءة – أيا كان سببها هذه الحجية ما لم يكن مبنيا على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له.

ولما كان ذلك – وأخذا به وكان الثابت للمحكمة من الحكم الصادر فى الجنحة رقم 6813 لسنة 2021 جنح ابو قرقاص والمستأنفة برقم 30 لسنة 2022 جنح مستأنف أبو قرقاص أنه قضى ببراءة المستأنف من تهمة تبديد المبلغ المسلم اليه من المستأنف ضده على سبيل الأمانة بموجب إيصال الأمانة سند الدعوى، وأن هذا الحكم قد أقام قضاءه على ما أورده من أسباب أن المستأنف وقع على الإيصال سند الدعوى فى ظرف كتابى مغاير لبياناته، الأمر الذى استشفت منه المحكمة أن تسليما حقيقيا للمبلغ محل الإيصال لم يتم فى حينه وقد خلت الأوراق من دليل جازم على ارتكاب المستأنف للجريمة محل التأثيم، وأنطباق أركانها وقد تشككت المحكمة فيما طرح من أدلة ثبوت قبل المستأنف ما يتعين معه عليها والحال كذلك القضاء ببراءة المستأنف من التهمة المسندة إليه.

ولما كانت تلك الأسباب كافية لإقامة حكم البراءة عليها ولم يتطرق إلى بحث واقعة المديونية فى ذاتها إذ الفصل فى هذه الواقعة ليس ضروريا ولا لازما للفصل فى الجريمة المسندة إلى المستأنف، ولما كان ذلك فإن الحكم بالبراءة لا تكون له حجية فى هذا الخصوص أمام المحكمة المدنية، ولا يمنع هذه المحكمة من بحث مدى التزام المستأنف بالوفاء بذلك المبلغ طالما قدم المستأنف ضده دليلا على ثبوت هذه المديونية، وعجز المستأنف عن نفيها الأمر الذى يكون معه الدفع قائما على غير سند من الواقع والقانون ترفضه المحكمة.

وحيث إنه عن موضوع الاستئناف وكان الثابت للمحكمة أن المستأنف ضده قد ثبت ظاهر حقه بأن قدم محررا يحاج به المستأنف ويدل على التزامه بالمبلغ المدعى به وهو الإيصال سند الدعوى المزيل بتوقيع منسوب صدوره للمستأنف، وكانت الأوراق قد وردت خلوا مما يفيد وفاء المستأنف بهذا المبلغ وأن المستأنف ضده قد تمسك بحقه فى عدم الإثبات بشهادة الشهود اعمالا بالمادة 60 من قانون الاثبات وهو ما تلتزم به المحكمة، فإن المحكمة تستخلص من ذلك انشغال ذمة المستأنف بهذا المبلغ وأن الحكم المستأنف فيما خلص اليه من قضاء قد التزم صحيح القانون لا خطأ ولا فساد ولا عوار يبطله ولم يأتى المستأنف أمام هذه المحكمة بجديد سائغ ومقبول قاطع فى دلالته يعول عليه، ومن ثم فإن هذه المحكمة تقضى برفض الاستئناف الماثل موضوعا وتأييدا الحكم المستأنف فيما قضى به على أسبابه.

​​​​​فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: أولا: بقبول الاستئناف شكلا.

ثانيا: وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف المصاريف ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى