زيادة معاش المحامين، ملف ملح يفرض نفسه وبقوة على طاولة المجالس المتعاقبة لمجلس النقابة، فهو يمثل ضمانة لحياة كريمة لآلاف الأعضاء الذين أفنوا سنوات خدمتهم في ساحات العدالة، ففي الوقت الذي تشهد فيه تكاليف المعيشة ارتفاعًا متسارعًا، بات المعاش الحالي لا يواكب المتغيرات الاقتصادية ولا يتناسب مع دور المحامين في الدفاع عن الحقوق وسيادة القانون.
الجمعية العمومية للمحامين على خط النار
من هنا جاءت الدعوات لزيادة المعاش والتي يتبناها عبد الحليم علام، نقيب المحامين، باعتبارها استحقاقًا اجتماعيًا وإنسانيًا قبل أن تكون مطلبًا نقابيًا، يهدف إلى رد الجميل لجيل حمل أمانة الدفاع عن المهنة وصون كرامتها، غير أن الطريق إلى هذه الزيادة لا يخلو من تحديات قانونية وإجرائية، ما يجعل النقاش حولها قضية متشابكة بين الاعتبارات المالية والالتزامات التنظيمية والضوابط القانونية التي تحكم عمل النقابة.
يتخوف البعض من مصير الجمعية العمومية المنتظرة، لاعتماد الميزانيات وزيادة المعاشات، ولا سيما أنه طُعن على الدعوة السابقة لزيادة المعاشات وحُكم ببطلانها، بدافع أن جدول أعمالها كان لا يتضمن اعتمادًا لميزانيات المحامين من أعوام ٢٠١٧ حتى ٢٠٢٣.
في هذا الصدد يقول عبد الحليم علام، نقيب المحامين: إنه دعا بالفعل إلى عرض ميزانيات النقابة العامة عن الأعوام من ٢٠١٧ حتى ٢٠٢٤ على مجلس النقابة بداية من ٤ نوفمبر المقبل في المواعيد المحددة تابعًا، باعتبار ذلك إجراءً قانونيًا واجبًا قبل الدعوة للجمعية العمومية، مشيرا إلى أن دعوة الجمعية العمومية لزيادة المعاشات يستوجب عرض الميزانيات واعتمادها.
مؤكدًا أن بطلان الدعوة الماضية لزيادة المعاشات كانت بسبب عدم عرض الميزانية، أنه كان يرغب في دعوة الجمعية العمومية لزيادة المعاشات فقط، حتى لا يتوهم البعض أنه يمرر الميزانية بدعوة زيادة المعاشات.
وشدد على أن هناك مقاومة شديدة داخل النقابة من البعض لعدم زيادة المعاش أو أي تطور إيجابي لصالح المحامين، ولاسيما أنه فور معرفتهم بإن مجلس النقابة ينتوي دعوة الجمعية العمومية لزيادة المعاشات تسارعوا للطعن عليها موضحا أنه سيتم دعوة الجمعية العمومية، بعد إتمام كافة الإجراءات القانونية، للتصويت على زيادة المعاشات بحد أقصى 4 آلاف جنيه كمرحلة أولى، وألفين جنيه كحد أدنى، إلى أن تتم الزيادة بالشكل الذي يكفل كرامة المحامي.
وقال: معاشات المحامين تشهد تطبيق الزيادة الدورية 5%، بالإضافة لأربع منح استثنائية يتم صرفهم باستمرار كل عام في سابقة هي الأولى في تاريخ النقابة، أن مجلس نقابة المحامين مع النقباء الفرعيين، أقر زيادة الحد الأقصى للمعاش إلى 4000 جنيه شهريًا، بواقع 100 جنيه عن كل سنة اشتغال فعلي بالمحاماة، بحد أقصى 40 عامًا، ويكون الحد الأدنى لاستحقاق المعاش 2000 جنيه شهريًا.
وتابع:” كما يحتفظ آخر مستحق للمعاش المقرر عن وفاة المحامي بكامل قيمة المعاش عند تقريره، ويُعاد توزيع المستحق المقطوع معاشه على باقي المستحقين. يبدأ صرف المعاش بالقرار الجديد اعتبارًا من عام 2026 طبقًا للقواعد المقررة بالقانون، أنه وسيتم النظر في زيادة المعاشات القديمة بذات القواعد المقررة، وذلك بعد إقراره من الجمعية العمومية”.
من جانبه أشار سعيد عبد الخالق، عضو مجلس نقابة المحامين، إن زيادة المعاشات من خلال الجمعية العمومية، تتطلب مجموعة من الإجراءات الأولية والقانونية، منها دراسة الميزانية وموارد النقابة من خلال خبراء اكتواريين يقرون بقدرة النقابة على الزيادة أم لا، ومن ثم عرضها على مجلس النقابة، لمناقشتها والموافقة عليها قبل عرضها على الجمعية العمومية لنقابة المحامين.
وكذلك عرض الميزانيات ودعوة الجمعية العمومية لاعتمادها وغيرها من إجراءات قانونية حتى يتثنى زيادة المعاشات دون بطلان انعقاد الجمعية العمومية للمحامين.
من جانبه أكد محمد الكسار، عضو مجلس نقابة المحامين، أن النقيب العام دعا لعرض الميزانيات من ٢٠١٧ وحتى ٢٠٢٤، ٤ نوفمبر المقبل وكل عام ٣ أيام، تمهيدًا لدعوة الجمعية العمومية، فضل عن أن الخبراء الاكتواريين، أكدوا قدرة ميزانية وموارد النقابة على تطبيق الزيادة التي أعلن عنها مجلس النقابة سابقًا، وتم عرض تقرير الخبراء على مجلس النقابة وتم الموافقة عليه.
يبقى الملف مفتوحًا بين حرص النقيب ومجلسه على تحقيق زيادة مستحقة للمعاشات، وبين تمسك بعض الأعضاء بضرورة استكمال الإجراءات القانونية والمالية قبل أي قرار.
وفي ظل هذا التباين، تتجه الأنظار إلى ما سيسفر عنه اجتماع المجلس المقبل بشأن اعتماد الميزانيات، باعتباره المفتاح القانوني لتمهيد الطريق نحو عقد جمعية عمومية صحيحة تناقش زيادة المعاشات دون طعون أو أزمات جديدة.
وينص قانون المحاماة، على أن مجلس النقابة العامة هو الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل في الدعوة لانعقاد الجمعية العمومية، سواء كانت عادية أو غير عادية.ويجوز أن يتولى نقيب المحامين توجيه الدعوة بناءً على قرار من المجلس، أو في الحالات العاجلة التي تستدعيها الضرورة القانونية.
يصدر قرار الدعوة متضمنًا جدول أعمال محدد وواضح، يشمل البنود التي ستُعرض على الجمعية مثل: اعتماد الميزانية والحساب الختامي، ومناقشة تقرير مجلس النقابة، أو النظر في تعديل الاشتراكات وزيادة المعاشات. ولا يجوز مناقشة أي موضوع خارج جدول الأعمال إلا إذا وافقت الجمعية بأغلبية خاصة أثناء انعقادها.
يُحدد مجلس النقابة موعد انعقاد الجمعية ومكانها بدقة، وغالبًا ما تُعقد في مقر النقابة العامة بالقاهرة، أو في مكان آخر يراه المجلس مناسبًا. ويُراعى عند تحديد الموعد أن يكون ملائمًا لتيسير مشاركة المحامين من مختلف المحافظات.
تنص المادة (128) من قانون المحاماة على أن يتم نشر الدعوة في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار قبل الموعد المحدد بمدة لا تقل عن 15 يومًا.كما تُخطر النقابات الفرعية بصورة من الإعلان وجدول الأعمال لتعميمها على أعضائها. ويُعد الإعلان في الصحف وإخطار النقابات الفرعية ركنًا جوهريًا في صحة الدعوى، ويترتب على مخالفته بطلانها أو إمكانية الطعن عليها أمام القضاء الإداري.
لا تُعقد الجمعية العمومية إلا بحضور النصاب القانوني من الأعضاء المسددين لاشتراك النقابة. وفي حال عدم اكتمال النصاب في الموعد الأول، تُؤجَّل الجمعية إلى موعد ثانٍ يُعلن عنه بنفس الإجراءات، ويُعتبر الاجتماع الثاني صحيحًا أيًا كان عدد الحاضرين.
ويترأس نقيب المحامين أو من ينوب عنه الجلسة، وتُناقش البنود وفق جدول الأعمال المعلن. وتُتخذ القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين، وتُدوَّن في محضر رسمي يُوقَّع من النقيب وأمين السر، ثم يُحفظ في سجلات النقابة العامة كوثيقة رسمية.
يُعد اعتماد الميزانية والحساب الختامي من أهم اختصاصات الجمعية العمومية العادية، ولا يجوز مناقشة أي قرارات مالية جوهرية — مثل زيادة المعاشات — دون اعتماد الميزانيات السابقة أولًا، باعتبارها الأساس المالي والقانوني لأي التزامات جديدة على النقابة.
مصدر الخبر | موقع فيتو