الهيئات القضائية

المستشار عبد المجيد محمود النائب العام الأسبق لـ”صوت الأمة”: عيد القضاة تقدير من الرئيس السيسي للقضاء المصرى وتأكيداً على قدسية الرسالة

دائماً ما ينصف القضاء من له حق من الشعب، لكن ربما هي المرة الأولي في التاريخ ينصف فيها الشعب قاضياً، بالعودة إلى الوراء حيث ما كانت علية مصر في عام 2012 حينما تقرر في فترة اختطافها من جانب جماعة الإخوان الإرهابية، استبعاد نائبها العام المستشار عبد المجيد محمود من منصبه، كان للشعب موقف رافض للإطاحة بممثله نُصرة للمنصب وجلاله ونٌصرة للرجل ووقاره وقبلهم جميعاً نُصره لحق الشعب في الإبقاء على ممثله.

لم يكن الرفض الشعبي لقرار المعزول محمد مرسي بإقصاء النائب العام مجرد رفض لقرار، لكنه عكس رفض المصريين لكل من يحاول النيلُ من شموخ مؤسسته العادلة، فكانت معركة إعادة النائب العام الأسبق المستشار عبد المجيد محمود معركة انتصار للحق ولمعناها ولقيمهُ قبل وبعد أي شيء أخر.

انتصر المصريون وعاد الرجل وكان هذا الانتصار واحداً من أهم انتصارات المصريين على الجماعة الإرهابية، انتصار سجله التاريخ بأحرف ناصعه تليق بعدالة القضية ومحراب العدالة.

كان من المهم ونحن نحتفل بالعيد الأول للقصاء المصري، أن تُجري “صوت الأمة” حواراً مع أحد أهم أبطال معارك المصريين مع الجماعات الإرهابية المستشار عبد المجيد محمود وإليكم نص الحوار ..

في البداية كيف استقبلت قرار الرئيس السيسى بالاحتفال بقضاة مصر سنوياً في عيد القضاة بداية أكتوبر من كل عام؟

ليس جديداً على الدولة المصرية الممثلة في قائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تُكرم أبنائها، وهذا القرار بمثابة دعم جديد من الرئيس يضاف إلى قائمة دعمهُ للقضاء، ويكشف مدى احترامه لاستقلاله وهو دعم حقاً غير محدود، وتأكيداً على قدسية الولاية والرسالة، وأود أن أسجل كلمة شكر إلى الرئيس السيسي الذي بذل جهداً لإعادة بناء مصر الحديثة لتعود لمكانتها التي تتفق مع تراثها وتاريخها.

ما هي رسالتك للقضاة في عيدهم الأول؟

قضاة مصر سيظلوا ظهيراً لشعب مصر الذين هم جزءاً منه وعنصر أساسي في نسيجة حقا، فكل عام وأنتم يد المظلومين التي تبطش كل ظالم، كل عام وأنتم على العهد مع الله، وتحية واجبة لروح الشهيد هشام بركات، وتحية لكل مُخلص يتحمل تبعات البناء والتنمية منذ عودة مصر من خاطفيها، وتحية إلى القائمين على أمر قضاء مصر من أبنائه الشرفاء، والذين أفخر بهم، ففي مكان الصدارة المستشار عمرو مروان وزير العدل والنائب العام المستشار حماده الصاوي اللذان أعتز بفترات العمل معهما، ولا أحد ينكر جهودهما الدؤوبة من أجل رفعة القضاء والقضاة وأدعوا لهم بالتوفيق.

بمناسبة عودة مصر المخطوفة ألا تتفق معي أن 2012 أسوء فترة في تاريخ قضاة مصر؟

بلا شك، لأن القضاة تحملوا عبأ مراحل التحقيق مع عناصر الإخوان، وكان من الصعب علينا أن نراهم على كرسي الحكم، وبرغم الصعوبات والأيام السوداء التي مرت على القضاء المصري منذ 2012 وحتي 2013 وما بعدها من أحداث مؤسفة، إلا أن أبناء النيابة العامة ضربوا أروع الأمثلة في النزاهة والشرف واستقلالية القضاء، ووقفوا في وجه عصابة الإخوان في فترة حرجة وصعبة، وهي الفترة التي تولوا فيها حكم البلاد وكانت أصعب الفترات بعد سقوطهم.

ما رأيك في محاولات الإرهابية وحلفائهم تشويه صورة القضاء المصري في الداخل والخارج؟

هذا الأمر ليس غريباً على جماعة الإخوان، فعلى مر تاريخها لا تعرف قيم معينه، ومغيبة تماماً عن قيمة الوطن والحفاظ على ثوابته، فهي لا تعرف إلا قيمها فقط المتعارف عليها منذ 90 عاماً، تلك القيم التي حاولوا العبث من خلالها بعقول المصريين الذين كشفوا حيلهم، واستمراراً لنهجهم لم تهدأ محاولاتهم ضد المصريين وكان القضاء لهم بالمرصاد.

فالشخصيات التي شاهدناها تصول وتجول فترة حكم الإخوان بداية من مرسي العياط وأعضاء مكتب الإرشاد جميعهم كان مكانهم السجن، ورغم ما كانوا يرتكبونه من أبشع الجرائم سواء قبل وصولهم للحكم أو بعد عزلهم من الحكم أو فترة حكمهم إلا أن معاملتهم كانت تتم وفقاً للقانون، وأتحدى أنه في عز الإجراءات التي كانت تُتخذ ضدهم أن تعرض شخص منهم للتعذيب، أو إهانة، وهذا كان في مقابل الجرائم التي ارتكبوها أمام قصر الاتحادية وجرائم من عنف معنوي ضد القضاة، فما أبشع جريمة اغتيال الشهيد هشام بركات وقضاة سيناء ومحاولاتهم التي لم تهدأ في استهداف أخرون، ومع ذلك وفرت النيابة العامة ومنصة القضاء من بعدها لهؤلاء المتهمين ضمانات المُتهم في المحاكمة العادلة، وأصدرت أحكام الإدانة بعدما طالعت الأوراق والأدلة عن بصر وبصيرة.

خاض القضاء معركة شرسة مع الإخوان فترة حكمهم بعد قرار إقصائك من منصب النائب العام.. فمتى بدأت خطة استبعادك؟

بدأ التخلص من النائب العام بعد انتخابات مجلس النواب الإخواني بعدما تلفظوا بأفظع الألفاظ داخل قاعة المجلس ضد النائب العام والقضاء، ورددوا شعارات سخيفة ومتدنية وهي “الشعب يريد تطهير القضاء”، ووقتها ادعى المستشار احمد مكي الذي كان يشغل منصب وزير العدل أن هذا الشعار ما هو إلا توجه للقوة الثورية، فكان ردي عليه” أوعى تقول القوة الثورية” لأنهم براء من هذا، وكان ذلك تحديداً بعدما رفضنا طلب الإخوان القبض على بعض الإعلاميين، وأبلغت مكي بهذا الرفض ليعاود الاتصال بي بعد صدور حكم ببراءة المتهمين في أحداث موقعة الجمل الشهيرة وقالي لي “القوة الثورية”، فقاطعته واعترضت على اللفظ وقولت له” قول القوة الإخوانية”، فرد “قدم طلب لعودتك لمنصة القضاء رئيساً لمحكمة الاستئناف لأن الشعب بيقول عاوز تطهير القضاء وبيطالب بتنحيك”، فرفضت طلبه وأكدت له أنني لن أترك منصب النائب العام.

تعرضت بعد الرفض لتهديدات من المستشار حسام الغرياني بحصار مكتبك.. فماذا حدث؟

فعلاً بعد إبلاغي لمكي بالرفض فوجئت بعدها بدقائق بمكالمة هاتفية من المستشار حسام الغرياني والذي لم تكن له صفة قضائية في هذا التوقيت سوى أنه من المقربين من جماعة الإخوان ومرسي، وأخبرني في المكالمة أنه يتحدث من قصر الإتحادية وأن الوضع حرج جداً وقد يؤدي لحصار مكتبي أو الاعتداء عليا من قبل أنصار الإخوان مثلما حدث مع المستشار السنهوري، فكان ردي عليه:” أه عاوزين يضربوا النائب العام زي ما اعتدوا على السنهوري.. أنا مستعد لمواجهتهم وعلى استعداد أدخل التاريخ زي السنهوري، ولن أترك المنصب وأرفض منصب سفير مصر لدى الفاتيكان”.

لكنهم بالفعل أذاعوا في الإعلام قبولك لمنصب السفير؟

بعد انتهاء المكالمة أرادوا إحراجي فقاموا بإعلان تعييني بمنصب سفير بالفاتيكان، وكان بمثابة تدخل سافر في منصب النائب العام، ورفض أبناء النيابة العامة وتصدى رجال القضاء الشرفاء في مختلف أقاليم مصر في دور تاريخي لن يُنسى، وحافظنا على منصب النائب العام لقدسية المنصب وليس لشخصي، وخوضنا مواجهة قضائية ضد الإعلان الدستوري وحصلنا على حكم محكمة الاستئناف ثم حكم محكمة النقض وأُعيد النائب العام لمنصبة، وكان حكم العودة بداية أول مسمار في نعش الإخوان، ولولا وقوف أبناء النيابة العامة والقضاء الذين استمديت قوتي منهم لمل تمكنا من الحفاظ على هيبة المنصب.

من وجهة نظرك ماهي الأسباب التي دفعت الإرهابية الانتقام من القضاء فور وصولهم للحكم؟

كانت محاولة يائسة منهم لمحو التاريخ الأسود لجرائمهم المثبتة بأوراق التحقيقات والأحكام القضائية الصادرة ضدهم بالإدانة في جرائمهم بحق المصريين من قبل 2011، فوضعوا مخطط لإقصاء القضاء المحايد واستبداله بقضاة نجحوا في اختراق عقولهم بأفكارهم المسمومة، ولاشك أن منصب النائب العام وما يتمتع به من حصانة، فضلاً عن السلطات والاختصاصات بموجب الدستور والقانون بصفته ممثل الشعب ويطبق القانون على الجميع دون تمييز، كما أن سلطة النائب العام في تقدير مبررات الحبس الاحتياطي أو إصدار قرارات التحفظ على أموال المتهمين ومنعهم من السفر كلها حق أصيل للنيابة العامة التي يمثلها النائب العام، فلحساسية المنصب أرادوا اختيار نائباً عاماً على قدر طموحاتهم يسمح لهم باختراق السلطة القضائية والتحكم في القرارات الصادرة سواء ضد عناصرهم أو ضد من يعارضهم في طريقة حكمهم للبلاد، كما أنهم ضربوا بمبدأ الفصل بين السلطات عرض الحائط لأن قناعتهم أن السيطرة على مفاصل الدولة كلها من أهم مبادئ الجماعة.

صرحت من قبل أن حكم عودتك إلى المنصب رسالة من رجال القضاء.. فماذا تقصد؟

العودة بالفعل كانت رسالة لكل من يحاول الاعتداء على استقلال القضاء أو الاعتداء على القضاة، ورسالة لكل من تسول له نفسه أن ينال من هذا الحصن، لأنه حصن للشعب، لكل من يحاول النيل من النيابة العامة لأنه في النهاية هذا القضاء الشامخ الحر النزيهة هو ملاذ للناس، حتى هو ملاذ لتلك العناصر الإرهابية التي تسعى لتشويهه، وهنا تظهر قيمة القضاء وقيمة العدالة التي ينفذها القضاة وأعضاء النيابة العامة.

Capture

مصدر الخبر | موقع صوت الامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى