الهيئات القضائية

«النقض»: الزواج بأخرى لا يعد ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 916 لسنة 74 ق جلسة 27 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 15 ص 92، أن الزواج بأخرى في حد ذاته لا يعد ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، وعلة ذلك استبعاد المشرع الأضرار التي مرجعها المشاعر الإنسانية في المرأة تجاه ضرتها للتزاحم بين امرأتين على رجل واحد.

الحكم
الطعن 916 لسنة 74 ق جلسة 27 / 1 / 2007 مكتب فني 58 ق 15 ص 92

برئاسة السيد القاضي/ كمال مراد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ علي بدوي، سعيد عبد الرحمن، عبد الصبور خلف الله ومحمد فوزي نواب رئيس المحكمة.

———-

– 1 أحوال شخصية “مسائل الولاية على النفس: المسائل المتعلقة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى: شرطه” “إثبات الضرر منه”.

الحكم بالتطليق. م 11 مكرراً من المرسوم بق 25 لسنة 1929 المضافة بق رقم 100 لسنة 1985. شرطه. إثبات الزوجة وقوع الضرر بها من اقتران زوجها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما.

المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 يدل على أن المشرع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن تثبت الزوجة وقوع الضرر بها لاقتران زوجها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما.

– 2 أحوال شخصية “مسائل الولاية على النفس: المسائل المتعلقة بالمسلمين: التطليق للزواج بأخرى: شرطه” “إثبات الضرر منه”.

الزواج بأخرى في حد ذاته لا يعد ضرراً مفترضا يجيز للزوجة طلب التطليق. علة ذلك. على الزوجة إقامة الدليل على إصابتها بضرر منهى عنه شرعاً حقيقي ثابت مستقل بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق وليس مترتباً عليها منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما. استبعاد المشرع الأضرار التي مرجعها المشاعر الإنسانية في المرأة تجاه ضرتها للتزاحم بين امرأتين على رجل واحد.

إذ كان لا يعد الزواج بأخرى في حد ذاته ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، وإنما يجب على الزوجة التي تعارض الزواج الجديد أن تقيم الدليل على أن ضرراً منهياً عنه شرعاً أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون هذا الضرر حقيقياً لا متوهماً، واقعاً لا متصوراً، ثابتاً وليس مفترضاً مستقلاً بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق في حد ذاتها وليس مترتباً عليها، مما لا يغتفر لتجاوزه الحدود التي يمكن التسامح فيها شرعاً منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها ويعد إساءة دون وجه حق اتصلت أسبابها بالزيجة التالية وكانت هي باعثها، وعلى ذلك يكون المشرع قد استبعد الأضرار التي تعود إلى المشاعر الإنسانية التي تعتمل في صدر المرأة تجاه ضرتها التي مرجعها الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد وهذا أمر لا يمكن تنقية النفوس البشرية منه ولم يقصد النص المذكور إلى إزالته.

– 3 محكمة الموضوع “سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى”.

تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين والأدلة المقدمة في الدعوى والموازنة بينها وترجيحها من سلطة تقدير قاضي الموضوع ما دام أقام قضاءه على أسباب سائغة تؤدي إلى ما خلص إليه. عدم التزامه بتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم والرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.

إذ كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين والأدلة المقدمة في الدعوى ومنها أقوال الشهود والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الحال في الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.

– 4 نقض “أسباب الطعن بالنقض: السبب المفتقر إلى الدليل”.

الطعن بالنقض. وجوب تقديم الدليل على ما يتمسك به من أوجه الطعن. إغفال ذلك. أثره. عار عن الدليل. غير مقبول.

المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الشارع عدّد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه طعنهم، وكان الطاعن لم يقدم دليلاً على صحة ما يدعيه فإن طعنه يكون عارياً عن الدليل، ويكون معه الطعن برمته جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم غير مقبول.

———–

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم …… لسنة 2003 كلي “أحوال شخصية” طنطا “مأمورية المحلة الكبرى” على الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه بائناً، وقالت في بيان ذلك إنها زوج له، وإذ تزوج عليها بأخرى دون رضاها، وإذ ترك مسكن الزوجية وقتر في الإنفاق عليها مما أضر بها المضارة الموجبة للتطليق، فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع شاهدي المطعون ضدها حكمت بتاريخ 29/12/2003 بالتطليق. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم …… لسنة 54ق طنطا. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 7/9/2004 بتأييد الحكم المستأنف – طعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

————-

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد في قضائه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما جاء بأقوال شاهديها من أنه أصابها انهيار مرضي نقلت على أثره للمستشفى من جراء زواجه عليها بأخرى وهو ما أضر بها المضارة الموجبة للتطليق، وإذ كانت هذه الشهادة مرسلة لا يؤيدها دليل ويدحضها أقوال شاهديه والمستندات المقدمة منه والتي تدل على قيامه بالإنفاق تنفيذاً للحكم الصادر ضده لصالحها في الدعوى رقم ….. لسنة 2000 جزئي طنطا، وأنها قد تركت مسكن الزوجية منذ إقامتها للدعوى رقم ….. لسنة 2000 كلي أحوال شخصية طنطا والتي أقامتها بطلب تطليقها عليه للعقم، وأنها قد منعته وأهلها من زيارتها، وإذ أغفل الحكم دلالة تلك المستندات، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه “…… يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة، ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى، إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً …… الخ” يدل على أن المشرع اشترط للحكم بالتطليق وفق نص هذه المادة أن تثبت الزوجة وقوع الضرر بها لاقتران زوجها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما إذ لا يعد الزواج بأخرى في حد ذاته ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، وإنما يجب على الزوجة التي تعارض الزواج الجديد أن تقيم الدليل على أن ضرراً منهياً عنه شرعاً أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون هذا الضرر حقيقياً لا متوهماً، واقعاً لا متصوراً، ثابتاً وليس مفترضاً مستقلاً بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق في حد ذاتها وليس مترتباً عليها، مما لا يغتفر لتجاوزه الحدود التي يمكن التسامح فيها شرعاً منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها ويعد إساءة دون وجه حق اتصلت أسبابها بالزيجة التالية وكانت هي باعثها، وعلى ذلك يكون المشرع قد استبعد الأضرار التي تعود إلى المشاعر الإنسانية التي تعتمل في صدر المرأة تجاه ضرتها التي مرجعها الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد وهذا أمر لا يمكن تنقية النفوس البشرية منه ولم يقصد النص المذكور إلى إزالته، وأن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير دواعي الفرقة بين الزوجين والأدلة المقدمة في الدعوى ومنها أقوال الشهود والموازنة بينها وترجيح ما يطمئن إليه واستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الحال في الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها، ولا عليه من بعد أن يتتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أثاروها ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها بتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة على ما استخلصته من البيئة الشرعية للمطعون ضدها من أن زواجه بأخرى دون رضاها قد أصابها بضرر مادي ومعنوي يتمثل في هجره لها وتقتيره في الإنفاق عليها مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وذلك بعد طرحه أقوال شاهديه لعدم اطمئنانه إليها، وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمل قضاء الحكم وتؤدي إلى ما انتهى إليه وتتضمن الرد الضمني المسقط لكل قول وحُجة مخالفة، ولا ينال من ذلك ما قرره من أن المطعون ضدها هي التي هجرت مسكن الزوجية قبل زواجه بأخرى ذلك أنه من المقرر – في قضاء النقض – أن الشارع عدّد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه طعنهم، وكان الطاعن لم يقدم دليلاً على صحة ما يدعيه فإن طعنه يكون عارياً عن الدليل، ويكون معه الطعن برمته جدلا في تقدير المحكمة للأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم غير مقبول.

ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى