“النقض”: المحضر غير ملزم بالتحقق من صفة من خاطبه أو تسلم منه الإعلان ما دام انتقل إلى موطن الشخص المراد إعلانه
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم ٣٢٦ لسنة ٦٣ القضائية ” أحوال شخصية”، أنه متى انتقل المحضر إلى موطن الشخص المراد إعلانه، فإنه غير ملزم بالتحقق من صفة من خاطبه أو تسلم منه الإعلان، ولا يجدى الطاعنة من بعد التعلل بعدم وصول الإعلان إليها أو الإدعاء بأن الصفة التى قررها من تخاطب معه المحضر أو تسلم الإعلان غير صحيحة.
الوقائع
تتحصل الوقائع في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ٢٠٢ لسنة ١٩٩١ شرعى بندر بنها على الطاعنة بطلب الحكم باعتبارها ناشزا. وقال بيانا لدعواه إنها زوج له وأنه دعاها بموجب الإعلان الموجه لها فى ٢٤/ ٧/ ١٩٩١ للدخول فى طاعته إلا أنها لم تستجيب، ولم تعترض على هذا الإنذار ومن ثم أقام الدعوى، بتاريخ ١٠/ ٢/ ١٩٩٢ قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية، فقيدت برقم ١٠١ لسنة ١٩٩٢ كلى أحوال شخصية بنها وبجلسة ٢٨/ ٢/ ١٩٩٣حكمت المحكمة بنشوز الطاعنة عن طاعة المطعون ضده، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ٨٧ لسنة ٢٦ ق طنطا ” مأمورية بنها”. وبتاريخ ٧/ ٧/ ١٩٩٣ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت فى مرحلتى التقاضى ببطلان الإعلان الموجه إليها من المطعون ضده فى ٢٤/ ٧/ ١٩٩١ الذى يدعوها فيه للدخول فى طاعته لخلوه من صفة المخاطب معه الذى تسلم الإعلان إلا أن الحكم ذهب إلى أن القانون لم يلزم المحضر ببيان صفة المخاطب معه، وانتهى إلى صحة الإعلان بالرغم من أن القانون حدد أشخاصا بذاتهم لتسلم الاعلان فى محل إقامة المعلن إليه فى حالة عدم وجوده ومن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك بأنه من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه لما كانت المادة الخامسة من القانون رقم ٤٦٢ لسنة ١٩٥٥ تقضى بإتباع أحكام قانون المرافعات فى الاجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية، والوقف التى كانت من اختصاص المحاكم الشرعية، وذلك فيما عدا الأحوال التى وردت بشأنها قواعد خاصة فى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والقوانين الأخرى المكملة لها وكانت المادة ١٣ منه قد ألغت المواد من ٤٨ إلى ٦٢ فيما عدا المادة ٥٢ من اللائحة المذكورة وهى الخاصة برفع الدعاوى وقيدها أمام محكمة أول درجة، فإن قواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية تكون هى الواجبة التطبيق إذ أن القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ وإن نظم كيفية دعوة الزوج زوجته للدخول فى طاعته إلا أنه لم يتضمن كيفية الإعلان. وكان مفاد نص المادتين ١٠/ ٢، ١١ من قانون المرافعات أنه إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه كان عليه أن يسلم ورقة الاعلان إلى من يقرر أنه وكيله، أو يعمل فى خدمته، أو من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار فإذا لم يجد من يصح تسليم الورقة إليه أو امتنع من وجده من المذكورين عن استلام صورة الإعلان وجب عليه أن يسلمها إلى جهة الإدارة فى ذات اليوم وإخطار المعلن إليه بذلك، ومن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه متى انتقل المحضر إلى موطن الشخص المراد إعلانه، فإنه غير ملزم بالتحقق من صفة من خاطبه أو تسلم منه الإعلان، ولا يجدى الطاعنة من بعد التعلل بعدم وصول الإعلان إليها أو الإدعاء بأن الصفة التى قررها من تخاطب معه المحضر أو تسلم الإعلان غير صحيحة، لما كان ذلك، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورد فى أسبابه من أن المحضر غير مكلف بالتأكد من شخص وصفة مستلم الإعلان، ثم أحال إلى أسباب الحكم الابتدائى فى هذه الخصوص التى تضمنت أن المحضر انتقل إلى مسكن الزوجة فلم يجدها ورفض شقيقها تسلم صورة الإنذار فسلمه المحضر لمأمور القسم وأخطر عنه قانوناً فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انتهى إلى قضاء صحيح فى هذا الصدد، ومن ثم فإن النعى عليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده طلقها بعد أن وجه إليها الإعلان بالدخول فى طاعته مما ينتهى معه الأثر المترتب على هذا الإنذار، وأنه بفرض مراجعته لها فإنه كان يتعين عليه توجيه إعلان آخر بعد المراجعة. إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بأن المراجعة لا تنشئ زوجية جديدة، ومن ثم فإنه يكون أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك بأنه من المقرر فى فقه الحنفية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الطلاق الرجعى لا يغير شيئاً من أحكام الزوجية القائمة، فلا يزيل الحل ولا الملك، وليس له من أثر سوى الانتقاص من عدد الطلقات التى يملكها الزوج ولا تزول حقوق الزوج على زوجه إلا بانقضاء العدة، فالرجعة هى استدامة ملك النكاح متى تمت قبل انتهاء العدة، وهى ليست إنشاء لعقد زواج جديد فلا يلزم لها عقد ومهر جديدان بل هى امتداد للزوجية القائمة وتكون بالقول أو بالفعل ولا يشترط الإشهاد عليها ولا رضاء الزوجة ولا علمها. بما مفاده أنه إذا وجه الزوج لزوجه إعلاناً يدعوها فيه لطاعته ثم طلقها وراجعها من بعد قبل انتهاء العدة فإنها إذا لم تمتثل بعد المراجعة لهذا الإنذار بالعودة لمنزل الزوجية تعتبر ناشزاً دون حاجة لتوجيه إنذار آخر لأن أثر الإنذار الذى وجه من قبل يظل باقياً ببقاء الزوجية إذ أن المطلقة من طلاق رجعى تعتبر زوجة حكماً أثناء العدة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده بأسبابه من أن المطعون ضده راجع الطاعنة خلال مدة العدة فتعتبر الزوجية قائمة فله عليها حق الطاعة والقرار فى مسكن الزوجية ويكون أثر إنذار الطاعة مستمراً طالما أن الزوجية لازالت قائمة. وهذه أسباب سائغة لها سندها من الواقع وتتفق مع الأحكام الشرعية والقانونية المقررة، ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم جعل من عدم اعتراضها على الإعلان بدعوتها للدخول فى طاعة المطعون ضده فى الميعاد المقرر قانوناً قرينة قانونية قاطعة على نشوزها لا تقبل اثبات العكس فى حين أن النص فى المادة ١١ مكررا ثانياً من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩ أجاز للزوجة أن تثبت أن امتناعها عن الدخول فى الطاعة كان بحق، فكان على المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن امتناعها عن طاعته بدون حق ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك بأن النص فى المادة ١١ مكرراً ثانياً من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٩المضافة بالقانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ على أنه ” إذا امتنعت الزوجة عن طاعة الزوج دون حق توقف نفقة الزوجة من تاريخ الامتناع، وتعتبر ممتنعة دون حق إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج إياها للعودة بإعلان على يد محضر لشخصها أو من ينوب عنها……. وللزوجة الاعتراض على هذا أمام المحكمة الابتدائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ هذا الإعلان، وعليها أن تبين فى صحيفة الاعتراض الأوجه الشرعية التى تستند إليها فى امتناعها عن طاعته وإلا حكم بعدم قبول اعتراضها، ويعتد بوقف نفقتها من تاريخ انتهاء ميعاد الاعتراض إذا لم تتقدم به فى الميعاد…….. “مما مؤداه أن الزوجة تعتبر خارجة عن طاعة الزوج إذا لم تعد لمنزل الزوجية بعد دعوة الزوج لها بالدخول فى طاعته.
ولم تعترض على إعلانه لها بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ هذا الإعلان لتبين الأوجه الشرعية التى تستند إليها فى امتناعها عن طاعته، وهذا الميعاد من مواعيد السقوط وبانتهائه يسقط حق الزوجة فى الاعتراض، ومن هذا التاريخ تعد ناشزاً وخارجة عن طاعة الزوج، وتوقف نفقتها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر بقضائه بنشوز الطاعنة عن طاعة المطعون ضده على سند من أنها امتنعت عن طاعته رغم دعوته إياها بالدخول فى طاعته، وأنها لم تعترض فى الميعاد الذى حدده القانون فإن الحكم لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ولا حاجة به من بعد لإحالة الدعوى للتحقيق لاثبات ما إذا كانت ممتنعة عن طاعة زوجها بحق أم لا طالما فوتت ميعاد الاعتراض على إنذار الطاعة، ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت بأن المطعون ضده طلقها بتاريخ ٣٠/ ١١/ ١٩٩١ وأنها بانت منه فى ٢٩/ ١/ ١٩٩٢ برؤيتها دم الحيض ثلاث مرات، وانتهى الحكم إلى أن الزوجين إن اختلفا حول انتهاء العدة فإن القول قولها بيمينها إلا أنه بعد أن أورد هذه القاعدة تغافلها ولم يوجه اليمين إليها وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك بأن من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفى لحمله ويبرر وجه قضائه فلا محل للنعى عليه بالتناقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بأسبابه أنه فى حالة اختلاف الزوجين فى صحة الرجعة فادعى الزوج أنها وقعت فى فترة العدة، وأنكرت هى ذلك فالقول للزوجة بيمينها، إن كانت المدة بين الطلاق والوقت الذى تدعى فيه انقضاء عدتها تحتمل ذلك إذا كانت العدة بالحيض لأن الحيض والطهر لا يعلم إلا من جهتها، وأقل مدة للعدة بالحيض وفق الراجح من مذهب أبى حنيفة ستون يوماً، وأن المدة بين الطلاق وبين الوقت الذى تدعى فيه انقضاء عدتها لاتحتمل ذلك لأن الطلاق حدث فى ٣٠/ ١١/ ١٩٩١ وأعلنها المطعون ضده بمراجعته لها قبل مضى اسبوعين على هذا التاريخ كما أقام دعواه فى ١٧/ ١٢/ ١٩٩١ بموجب صحيفة أعلنت للطاعنة فى ٢٨/ ١٢/ ١٩٩١ أى فى تاريخ لاحق لإيقاع الطلاق الرجعى ضمنها أنها زوج له وأنها لازالت فى عصمته مما يقطع بأن المراجعة تمت أثناء العدة إذ أن أقل مدة للعدة ستون يوما باعتبارها من ذوات الحيض، فإن الحكم لا يكون معيباً بالتناقض إذ أن مفاد هذه الأسباب أن الرجعة قد تمت يقينا خلال فترة العدة فلا يقتضى الأمر تحليف الطاعنة بشأن ما إذا كانت عدتها قد انقضت أم لا لعدم مضى أقل مدة مقررة للعدة شرعاً ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس.
الحكم
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين