“النقض” تتصدى لفوائد الشيكات.. وتُقر عدم استحقاق فوائد تأخيرية عن الشيك حال عدم التقدم بصرفه
أصدرت الدوائر المدنية – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين المتعاملين بالشيكات، رسخت فيه لـ 4 مبادئ قضائية بشأن الفوائد التأخيرية، قالت فيه: “1-عدم استحقاق فوائد تأخيرية عن الشيك حال عدم التقدم بصرفه”.
2ـ الفوائدَ تعويضٌ للدائنِ عن احتباسِ مالِهِ مِنَ التداولِ.
3ـ الفوائدُ حددها المُشرِّعِ مقدمًا بحدٍ أقصى لا يجوز تجاوزُه وتقييدها بشروطٍ تتعلق بتاريخ استحقاقها والمطالبة الصريحة بها.
4ـ عدم جواز التوسع في مفهوم اعتبار الشيكات أداة وفاء لعدم اعتبارها وفاءً مبرئًا لذمة الساحب.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 16069 لسنة 86 قضائية، برئاسة المستشار مجدي مصطفى، وعضوية المستشارين وائل رفاعي، عصام توفيق، رفعت هيبة ومحمد راضي.
الوقائع.. نزاع بين متعاملين بالشيكات حول الفائدة التأخيرية
تخلُصُ الوقائعُ ـــــــ على ما يبينُ من الحكمِ المطعون فيهِ وسائرِ الأوراقِ ـــــــ في أنَّ المطعونَ ضدها الثانيةَ أقامـتْ ضد الطاعنِ دعوى قضائية بطلبِ الحكمِ ــــ وفـقًا لطلباتِها الختاميَّةِ ــــ بردِّ الحالِ لِمَا كانَ عليهِ قَبْلَ وقـوعِ الفعـلِ الضارِ بإلغاءِ القرارِ الوزاري رقم 366 بتاريخ 23 أغسطس 2009 والخاصِ بتخصيصِ أرضِ التداعِي وإلزامِ الهيئةِ باستردادِها لثبوتِ انعدامِه وردِّ الشيكاتِ السبعةِ ومبلغِ ثمانينَ ألفًا وثمانمائةٍ وخمسين جنيهًا التي تحصَّلَ عليها الطاعنُ منها والفوائدِ القانونيَّةِ للمبالغِ الماليَّةِ التي تمَّ الاستيلاءُ عليها ومبلغِ مائةِ ألفِ جنيهٍ تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا.
المحكمة تقضى برد الشيكات بفوائد سنوية 4% مِنَ تاريخِ المطالبةِ حتى تاريخِ السدادِ
وذلك على سندٍ من شرائِها مِنَ الطاعنِ شقةً سكنيَّةً سدَّدَتْ له عنْها مُقابلًا نقديًّا وعددَ سبعةِ شيكاتٍ بقيمةِ مليون وعشرينَ ألفًا وتسعمائةٍ وخمسةٍ وعشرينَ جنيهًا، وبالتوجُّه إلى مكانِ المشروعِ تبيَّنَ عدمُ إتمامِ الشقةِ عينِ التداعي، ومِنْ ثَمَّ أقامتِ الدعوى – وفى تلك الأثناء – استجوبتِ المحكمةُ أطرافَ التداعي، ثم حكمتْ بإلزامِ الطاعنِ بردِّ الشِّيكَاتِ محلِ التداعي معَ استحقاقِ فائدةٍ عليها قَدْرُها 4% سنويًّا مِنَ تاريخِ المطالبةِ حتى تاريخِ السدادِ، ثم استأنفَ المطعونُ ضده الأَوَّلُ هذا الحكمَ، كما استأنفَه الطاعنُ أمامَ ذاتِ المحكمةِ، بعدَ أنْ ضمَّتِ المحكمةُ الاستئنافَيْن ِقضتْ بجلسةِ 20 سبتمبر 2016 بتأييدِ الحكمِ المُستأنَفِ، ثم طعنَ الطاعنُ في هذا الحكمِ بطريقِ النقضِ.
مذكرة الطعن تستند على القصور في التسبيب لإلغاء الحكم لهذا السبب
مذكرة الطعن استندت على القصور في التسبيب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إنَّ الطَّاعنَ ينَعَى على الحكمِ المطعونِ فيه القصورَ في التسبيبِ ومخالفةَ القانون، وفي بيانِ ذلكَ يقولُ: إنَّهُ ألزمَهُ بفائدةٍ 4% على المبالغِ الثابتةِ بالشِّيكَاتِ حالَ كونِهِ لمْ يُطْلِقْها للتداولِ أو يُقدِّمْها للبنكِ لصرفِ قيمتِها، بل قدَّمَها إلى المحكمةِ حالَ طلبِها منْهُ، ممَّا يعيبُه، ويستوجبُ نقضَه.
النقض تقرر: عدم استحقاق فوائد تأخيرية عن الشيك حال عدم التقدم بصرفه
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إنَّ هذا النَّعيَ سديدٌ؛ ذلكَ أنَّ النصَ في المادة 226 منِ القانونِ المدني على أنَّه: ” إذا كانَ محلُ الالتزامِ مبلغًا مِنَ النقودِ، وكانَ معلومَ المقدارِ وقتَ الطلبِ وتأخَّرَ المدينُ في الوفاءِ بهِ، كانَ مُلزَمًا بأنْ يدفعَ للدائنِ على سبيلِ التعويضِ عَنْ التأخُّر فوائدَ قدرُها 4% في المسائلِ المدنيَّةِ و 5% في المسائلِ التجاريَّةِ، وتسري هذه الفوائدُ من تاريخِ المُطالبةِ القضائيَّةِ بها، إنْ لمْ يُحَدِّدِ الْاتفاقُ أوِ العرفُ التجاريُّ تاريخًا آخرَ لسريانِها، وهذا كلُه ما لمْ ينُص القانونُ على غيرِه”، ممَّا مفادُه أنَّ المشرعَ واستثناءً مِنَ القواعدِ العامةِ في تقديرِ التعويضِ – والذي يَتِمُّ بمعرفةِ القاضي أوْ باتفاقِ المتعاقدَيْنِ – تكفَّلَ بتقديرِه مُقدمًا – عندما يكونُ محلُه مبلغًا معلومًا مِنَ النقودِ وتأخَّرَ المدينُ في سدادِه – وذلك في صورةِ فوائدَ حدَّدَ لها حدًا أقصى لا يجوز تجاوزُه.
وبحسب “المحكمة”: كما حدَّدَ لها شروطًا تتعلقُ بتاريخِ استحقاقِها، والمطالبةِ الصريحةِ بها، كما منعَ تقاضي فوائدَ على متجمدِ الفوائدِ، ووقفَ بمجموعِ الفوائدِ التي يتقاضاها الدائنُ عَنْ أنْ تُجاوِزَ رأسَ المالِ، وذلك كلُه دليلٌ على مناهضتِهِ للمغالاةِ فيها، وبوضعِه قُيُودًا عليها للحيلولةِ دونَ استغلالِ الحاجةِ الماديَّةِ للمدينِ وموازنتِها مع مصلحةِ الدائنِ بِحَثِّه لِمَدِينِهِ على أداءِ دينِهِ، ويضحى مِنْ غيرِ المُتَصَوَّرِ- بعد هذه الدلالاتِ مِنَ المُشَرِّعِ – أنْ يُتوسَّعَ في تفسيرِ نصِ هذه المادةِ بأن يشملَ النقودَ كعملةٍ في هيئتِها الملموسةِ، وكمقياسٍ ومُستودَعٍ للقيمةِ، ووسيلةٍ لتقييمِ الأشياءِ، معَ ما يقومُ مقامَها من أدواتِ وفاءٍ، فهي هنا محلٌ للالتزامِ، ودونَ الأخذِ في الاعتبارِ بمصدرِ هذا الالتزامِ.
4 مبادئ تضعها المحكمة لإنهاء الأزمات
وتضيف: وممَّا تكونُ معَهُ الشِّيكَاتُ، وإنْ كانتْ في الأصلِ – وعلى ما جرى به قضاءُ هذه المحكمةِ – أداةَ وفاءٍ، إلَّا أنَّهُ لا يجوزُ التَّوَسُّعُ في هذا المفهومِ للشِّيكَاتِ؛ إذ إنَّ سحبَ الشِّيكِ لا يُعَدُ مُبرئًا لذمةِ ساحبِهِ، فلا ينقضي بهِ الالتزامُ إلَّا بقيامِ المسحوبِ عليهِ بصرفِ قيمةِ الشِّيكِ للمستفيدِ، ممَّا يكونُ معهُ وفاءُ الدينِ بالشِّيك وفاءً مُعلقًا على شرطِ التحصيلِ، فلا يُسْتَحَقُ عنْها فوائدُ تأخيريةٌ إلَّا عندَ التَّقدُّمِ بصرفِها وعدمِ تحصيلِ قيمتِها، فَيُسْتَحَقُ من هذا التاريخِ الفوائدُ التأخيريةُ؛ ذلكَ أنَّ الفوائدَ هي تعويضٌ للدائنِ عن احتباسِ مالِهِ مِنَ التداولِ، ولمَّا كانتِ الشِّيكَاتُ محلُ النَّعي لمْ يتمّ التَّقَدُّمُ لتحصيلِها، فلا يُسْتَحَقُ عنها أيةُ فوائدَ، وإذْ خالفَ الحكمُ المطعونُ فيه هذا النظرَ، فإنَّه يكونُ معيبًا -في هذا الخصوصِ– بمخالفةِ القانونِ والخطأِ في تطبيقِهِ، ممَّا يُوجِبُ نقضَه نقضًا جُزئيًّا فيما قَضى به من فوائدَ على الشِّيكَاتِ.
مصدر الخبر | موقع برلماني