النقض تحدد ضوابط أخذ “عينة بول” من المتهم وتحليلها
أصدرت الدائرة الجنائية “ج” – بمحكمة النقض – حكما حديثا فريدا من نوعه، حول إجراء تحليل مخدرات للمتهم بمناسبة إرتكابة جريمة القتل الخطأ، رفضت خلاله طعن النيابة العامة بشأن براءة شخص من تهمة تعاطى المخدرات، مستندة على مبدأ قضائى قالت فيه: ” أخذ عينة بول من المتهم وتحليلها لمجرد الاشتباه فى تعاطيه مخدر دون قيام حالة من حالات التلبس بالجريمة مخالف للدستور”.
صدر الحكم في الطعن المرفوع من النيابة العامة، والمقيد برقم 3433 لسنة 91 القضائية، برئاسة مجدي عبد الحليم، وعضوية المستشارين محمد أيمن، والدكتور هاني صبري، ومحمد حبيب، وأحمد عبد المعز، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض إسلام قرمان، وأمين السر خالد صلاح.
الوقائع.. اتهام شخص بتعاطى المخدرات أثناء قيادة السيارة
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده في قضية الجناية رقم 451 لسنة 2020 قسم نوبيع، والمقيدة بالجدول الكلي برقم 309 لسنة 2020 كلي جنوب سيناء، بأنه في يوم 18 من مارس سنة 2020 بدائرة قسم نويبع – محافظة جنوب سيناء: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ” مورفين ” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ” أفيون ” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ” حشيش ” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
محكمة الجنايات تقضى بالبراءة.. والنيابة العامة تطعن على الحكم
وفى تلك الأثناء – أحالته إلى محكمة جنايات جنوب سيناء لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة 10 من ديسمبر سنة 2020 ببراءته مما أسند إليه، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن النيابة العامة بطريق النقض موقعاً عليها من محام عام بها .
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون، ومن حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة إحراز جواهر ” المورفين – الأفيون – الحشيش ” المخدرة بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه فساد في الاستدلال، وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على بطلان ما قامت به النيابة العامة من إجراءات أخذ عينة البول من المطعون ضده وتحليلها لحصولها بغير سند من القانون رغم أن الأخير كان معروضاً على النيابة العامة لارتكابه جريمة قتل خطأ، وتحقيقاً لمدى توافر الظرف المشدد وهو تعاطي مخدر أثناء القيادة أمرت بإجراء التحليل، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حكم نقض حديث عن إجراء تحليل مخدرات للمتهم بمناسبة إرتكابه جريمة القتل الخطأ
وبحسب “المحكمة”: وحيث أن المادة 54 من دستور جمهورية مصر العربية قد جرى نصها على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق، ويجب أن يبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ويحاط بحقوقه كتابة، وكان مؤدى هذا النص أن أي قيد يرد على الحرية الشخصية بوصفها حقاً طبيعياً من حقوق الإنسان لا يجوز إجراءه إلا في حالة من حالات التلبس كما هو معرف قانوناً، أو بإذن من السلطة المختصة.
ووفقا لـ”المحكمة”: وكان من المقرر في قضاء محكمة النقض أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بإدراكها بحاسة من حواسه، وأن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول لتقدير محكمة الموضوع دون معقب إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها .
الحيثيات: أخذ عينة بول من المتهم وتحليلها لمجرد الاشتباه فى تعاطيه مخدر دون قيام حالة من حالات التلبس بالجريمة مخالف للدستور
لما كان ذلك – وكانت المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه : ” لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنه، ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها “، كما نصت المادة 55 من ذات القانون على أنه : “لمأموري الضبط القضائي أن يضبطوا الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أن يكون قد استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عن ارتكابها أو ما وقعت عليها الجريمة وكل ما يفيد في كشف الحقيقة”.
وتضيف “المحكمة”: وكان مفاد ذلك أن التفتيش إعمالاً للمادتين سالفتي الذكر هو أحد إجراءات التحقيق الابتدائي الذي شرع السلطة التحقيق المختصة مباشرته عند وقوع جريمة وإسنادها إلى شخص محدد ولغاية معينة، وهي ضبط الأشياء التي استعملت في الجريمة أو نتجت عنها أو تعلقت بها متى استلزمت ذلك ضرورة التحقيق، ولم توجد وسيلة أخرى للحصول عليها مع الأخذ في الاعتبار أن المتهم لا يدخل طرفاً في تقديم الأدلة، فلا يجبر على تقديم دليل ضد نفسه أياً كان شكله والهدف منه طالما أن هذا الدليل غير متصل بالجريمة محل التحقيق .
المحكمة تضع ضوابط القبض والتفتيش
لما كان ذلك – وكان البين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة أمرت عقب استجواب المطعون ضده بأخذ عينة من بوله وتحليلها للكشف عما إذا كانت تحوي آثاراً للمواد المخدرة، وكان الثابت من الأوراق وما تم فيها من تحقيقات أن المطعون ضده لم يضبط حال تعاطيه مادة مخدرة أو أنه ارتكب جريمة القتل الخطأ وهو يقود السيارة تحت تأثير مخدر أو خمر، كما خلت تحقيقات النيابة العامة مما يشير إلى أنه حال استجوابه أمامها كان ظاهراً عليه علامات تثير تلك الشبهة، مما كان يستدعي أخذ عينة بول له وإجراء تحليلها أو أن هذا الإجراء كان طواعية منه.
وتؤكد “المحكمة”: فإن القيام به من قبل وكيل النيابة المحقق لا يعدو أن يكون إجراء تحكمياً لا سند له من ظروف الدعوى وليس له ما يسوغه لانتفاء مبرراته، ويضحى قائماً على غير سند من القانون باعتباره اعتداء على الحرية الشخصية للمطعون ضده وحقه في سلامة جسده وعدم إيذائه بدنياً وينطوي على إساءة استعمال السلطة، فإنه يكون باطلاً ولا يعتد بالدليل المستمد منه، وكانت الدعوى قد خلت من أي دليل آخر يصلح للاستناد إليه في إدانة المطعون ضده، بما يتعين معه الحكم ببراءته، وهو ما يلتقي في نتيجته مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، ويكون ما تنعاه النيابة العامة – الطاعنة – على الحكم المطعون فيه غير مجد، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
مصدر الخبر | موقع اليوم السابع