النقض : تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم مرجعه إلى محكمة الموضوع
النقض : تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم مرجعه إلى محكمة الموضوع
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ۱٤۰۲۲ لسنة ۹۱ قضائية، أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم، والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات، مرجعه إلى محكمة الموضوع، التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدَّم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
المحكمـــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً:
أولاً:في الطعن المرفوع من المدعية بالحقوق المدنية/……………..:
من حيث إن مفاد المادتين ٦، ۱۱ من القانون رقم ۱۲۰ لسنة ۲۰۰۸ بإصدار قانون بإنشاء المحاكم الاقتصادية، المعدل بالقانون رقم ١٤٦ لسنة ۲۰۱۹ – المعمول به وقت صدور الحكم المطعون فيه – أنهما لا تجيزا الطعن بالنقض، فيما يتعلق بالدعوى المدنية وحدها، إلا إذا كانت التعويضات المطلوبة تجاوز عشرة ملايين جنية – النصاب الانتهائي للدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية – وكانت الطاعنة قد ادعت مدنياً قبل المطعون ضدها بمبلغ مائة ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت، وهو بهذه المثابة لا يجاوز نصاب الطعن بالنقض المار بيانه، فإن الطعن الماثل يكون غير جائز، ويتعين معه القضاء بذلك، ومصادرة الكفالة، وتغريم الطاعنة مبلغاً مساوياً لها، مع إلزامها بالمصاريف، عملاً بالمادة ٣٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، الصادر بالقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة 1959، المستبدلة بالقانون رقم ٧٤ لسنة ۲۰۰۷، والمادة 12/3 من القانون رقم ۱۲۰ لسنة ۲۰۰۸ المار ذكره.
ثانياً:في الطعن المرفوع من الطاعنة/……………..:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم تعمد استعمال برنامج معلوماتي من شأنه المساس بشرف المجني عليها وإزعاجها بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وسبها بتلك الوسيلة العلنية، وإنشاء وإدارة حساب على شبكة معلوماتية بهدف ارتكاب تلك الجرائم. قد شابه الفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، ، والإخلال بحق الدفاع، والخطأ في الاسناد؛ ذلك بأنه عول في قضائه على تقرير الفحص الفني لقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، رغم عدم صلاحيته كدليل، لتناقضه مع تقرير إدارة شرطة الاتصالات بشأن ملكية الطاعنة وحيازتها لخط الهاتف المحمول المُرسل منه رسائل السب في تاريخ الواقعة، وإغفاله بيان الشخص المُنشئ للقناة التي تم من خلالها تحميل وبثَّ المحتوى المكوّن للركن المادي للجريمة، والرقم التعريفي المُستخدم في إنشائه، ومسئوليته عن إدارة تلك القناة، وعوّل على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها، وترديدها لأقوال المجني عليها وما جاء بتقرير الفحص الفني، مما يُبطل شهادة مجريها، وأعرض دون ردّ عن دفاعها بعدم صحة الواقعة، وشيوع الاتهام، وكيدية الاتهام وتلفيقه، ولم تعرض المحكمة القرص المدمج المقدَّمَ من المجني عليها على جهة فنية لفحصه، وكذا فحص هاتف الطاعنة أو حاسبها الآلي للتأكد أنه بذات الرقم التعريفي للجهاز المستخدم في الواقعة، وأخيراً أورد بمدوناته خلافاً للحقيقة غلق مركز التجميل الخاص بالطاعنة إدارياً بسبب اتهام المجني عليها لها بالإهمال في علاجها. كل ذلك، يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث الحكم الابتدائي المؤيَّد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه إبلاغ المجني عليها/ …………….. بتضررها من الطاعنة لنشرها مقاطع مرئية مسجلة “فيديوهات” من خلال استخدام شبكة معلوماتية “تطبيق يوتيوب” على شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” عبر قناة باسم (……….)، تضمنت صوراً خاصة بها تحصلت عليها من خلال حساب الطاعنة الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عنونتها بعبارات سب. وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو في حق الطاعنة، أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها استدلالاً، مرفقاً بها صور ملتقطة من المقاطع المرئية محل الشكوى، وتقرير الفحص الفني للإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، وتحريات الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، ثم أورد مؤدى كل دليل من هذه الأدلة في بيانٍ كافٍ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتِّب عليها، ومن ثم يضحى رمي الحكم بالقصور في هذا الشأن، ولا محل له.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم، والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات، مرجعه إلى محكمة الموضوع، التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدَّم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير الفحص الفني لقسم المساعدات الفنية بالإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، متفقاً مع أقوال المجني عليها استدلالاً، وتأيد بتحريات الشرطة، وأعرضت – في حدود سلطتها التقديرية – عما أثاره دفاع الطاعنة بما تضمنه إدارة شرطة الاتصالات، بشأن ملكية أخرى لخط الهاتف المحمول المُرسل منه رسائل السب في تاريخ الواقعة، وهي غير ملزمة من بعد بإجراء تحقيق في هذا الشأن، ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها، ولم تر هي من جانبها حاجة إلى إجرائه، فضلاً عن أن هذا النعي – بفرض صحته – غير منتج في نفي التهمة، ما دام الحكم الابتدائي – المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه – لم يعوّل على ملكية الطاعنة أو حيازتها لخط الهاتف المحمول المشار إليه فيما أسنده إليها من اتهام، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاعها في هذا الشأن، واطرحه بردٍ سائغ، فمن ثم يكون النعي عليه، غير سديد.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيَّد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المحكمة – في نطاق سلطتها التقديرية – أفصحت عن اطمئنانها إلى أقوال المجني عليها، وتقرير الفحص الفني، وتحريات الشرطة، وحصلتها بما لا تناقض فيه، فإن ما تثيره الطاعنة من منازعة حول استدلال الحكم بتلك الأدلة، أو محاولة تجريحها، والقول بانتفاء صلتها بجهاز الحاسب الآلي المستخدم في الواقعة، وشيوع التهمة، وكيدية الاتهام وتلفيقه، وعدم صحة الواقعة، محض جدل موضوعي، في تقدير أدلة الدعوى، لا يُثار لدى محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة بشأن عدم عرض المحكمة للقرص المدمج المقدَّمَ من المجني عليها على جهة فنية لفحصه، وكذا فحص هاتفها أو حاسبها الآلي، فإن البين من محاضر جلسات المحاكمة – بدرجتيها – أن المدافع عنها لم يطلب تحقيقاً في هذا الشأن، فليس لها من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها، ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه.
لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه تزيُده، فيما استطرد إليه من سبق اتهام المجني عليها للطاعنة بالإهمال الطبي في علاجها، مما استتبع غلق المركز الطبي المملوك لها إدارياً، مادام الثابت من مطالعة الحكم أن ما تزيد إليه في هذا الصدد لم يكن له أثر في منطقه، أو في النتيجة التي انتهى إليها.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن – برمته – يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً، مع مصادرة الكفالة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: – أولاً: بعدم جواز طعن المدعية بالحقوق المدنية ومصادرة الكفالة وتغريمها مبلغاً مساوياً لها وإلزامها بالمصاريف المدنية.
ثانياً: بقبول طعن الطاعنة شكلاً وفي الموضوع برفضه ومصادرة الكفالة.
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين