“النقض” تُرسخ مبادئ قضائية لتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر
أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، وكذا المتعاملين في سوق البيع والشراء الخاص بالعقارات، قالت فيه: “يحق للمالك الجديد للعقار طرد المستأجرين فى حالة عدم تسجيل عقد إيجارهم وفقا للمادة 11 من قانون الشهر العقارى، وعقد الإيجار إذا زادت مدته عن 9 سنوات لا بد من تسجيله بالشهر العقارى طبقا لنص المادة 11 من قانون الشهر العقارى، وذلك لكى يكون حجة على الغير والمشترى الجديد للعقار الذى سجل عقده يعتبر من الغير، وصحة التوقيع لا تصلح لنفاذ عقد الإيجار”، وذلك رغم أن القانون القديم نص على أن العقد لا ينتهي حتى ولو انتهت مدته إلا بشروط.
ملحوظة:
المادة 11 من قانون الشهر العقارى نصت على هذا المبدأ القانوني بأنه يحق للمالك الجديد للعقار طرد المستأجرين فى حالة عدم تسجيل عقد إيجارهم، ولكن يلاحظ أنه:
1- لا يسرى إلا فى حالة المشترى الجديد للعقار بشرط حسن النية.
2- ولا يسرى فى مواجهة المؤجر أو خلفه العام.
3- ويلاحظ أنه لا يتم انقاص مدة العقد لمدة تسع سنوات، ولكن لا ينفذ فى حق المالك الجديد إلا ولمدة 9 سنوات، وبالتالى فتاريخ احتساب التسع سنوات تبدأ من تاريخ شراء المالك الجديد للعقار.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 307 لسنة 76 قضائية، برئاسة المستشار حسنى عبد اللطيــــف، وعضوية المستشارين ربيع محمد، ومحمد شفيع، ومحمد منشاوى، ووضياء الدين عبد المجيد، وأمانة سر عاطف أحمد خليل .
الوقائع.. نزاع بين المالك الجديد للعقار والمستأجر
تتحصل وقائع النزاع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 4799 لسنة 2003 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بعدم نفاذ عقد الإيجار المؤرخ 3 أغسطس 2002 فى حقه فيما زاد على مدة 9 سنوات، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب هذا العقد يستأجر المطعون ضده الأول من المطعون ضده الثانى – أحد الملاك السابقين للعقار – الشقة محل النزاع، وإذ قام بشراء العقار الكائن به العين بموجب عقد البيع المسجل برقم 637 لسنة 2003 شهر عقارى شمال القاهرة، وباعتباره من الغير وفقاً لحكم المادة 11 من قانون الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946، فإن عقد الإيجار المذكور لا يَنْفَذ فى حقه فيما يجاوز مدة التسع سنوات لعدم تسجيله.
ومن ثم فقد أقام الدعوى – أَدخل المطعـون ضده الأول المـطعـون ضـده الـثـانى خـصـماً فـيها، كـما أقـام على الطاعن الدعوى رقم 3158 لسنة 2004 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بنفاذ عقد الإيجار سالف البيان فى حقه بكامل شروطه ومدته دون تعديل على سند من علم الطاعن عند شراء العقار بعقد الإيجار سنده ورضائه به، ثم ضمت المحكمة الدعويين للارتباط، وحكمت فى الدعوى الأولى برفضها، وفى الثانية بالطلبات، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 8322 لسنة 8 ق القاهرة وبتاريخ 13 ديسمبر 2005 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ فى تطبيقه وتأويله والقصور فى التسبيب، والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائى الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه قد قضى بنفاذ عقد الإيجار المؤرخ 3 أغسطس 2002 فى حقه بكامل مدته، رغم عدم تسجيله وفقاً للمادة 11 من قانون الشهر العقارى ورغم خلو الأوراق، مما يفيد علمه بهذا العقد ومدته وقت تسجيل عقد البيع الصادر له من الملاك السابقين للعقار، بما يعيبه ويستوجب نقضه .
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كان النص فى المادة 11 من قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1976 على أنه: ” يجب تسجيل الإيجارات والسندات التى ترد على منفعة العقار إذا زادت مدتها على 9 سنوات …..، ويترتب على عدم تسجيلها أنها لا تكون نافذة فى حق الغير فيما زاد على مدة 9 سنوات بالنسبة إلى الإيجارات والسندات …. “، يدل على أن عقد الإيجار إذا كان واردا ًعلى عقار وكانت مدته تزيد على 9 سنوات فإنه يجب لنفاذه فى حق الغير فيما زاد على هذه المدة أن يكون مُسَجَّلاً، وأنه يُعَدُّ من الغير فى هذا الخصوص مشترى العقار الذى قام بتسجيل عقده قبل تسجيل عقد الإيجار طبقاً لإجراءات وقواعد التسجيل التي نظمتها نصوص هذا القانون.
عن سوق العقارات.. حتى لا تقع فريسة لـ”المشترى الجديد”
وبحسب “المحكمة”: وكان مقتضى إعمال نص المادة 11 سالفة البيان أن يكون هذا الغير حسن النية وقت تسجيل سنده، بما لازمه ألا يكون عالماً وقت التسجيل بتأجير العين مشتراه مدة تجاوز تسع سنوات، بحيث إذا أثبت المستأجر هذا العلم بما أتيح له من وسائل الإثبات المـقـررة قانوناً – باعـتـبار أن العـلم واقعة مادية يجـوز إثـباتها بكافة الـطـرق بما فيها البينة والقرائن – تَوَافَرَ لدى الغير سوء النية المُفْسِد لأثر تسجيل سنده قِبَلَ المستأجر، ويحق للأخير فى هذه الحالة الاحتجاج عليه بعقده غير المُسَجَّل فيما زاد على مدة 9 سنوات.
ووفقا لـ”المحكمة”: ولا محل للقول – فى مجال إعمال حكم المادة 11 المشار إليها – بعدم كفاية سوء النية لإفساد تسجيل سند الغير، ذلك أن هذا القول وإن صَح إعماله عند المفاضلة بين عقدى بيع واردين على عقار واحد وصادرين من متصرف واحد بصدد نقل ملكيته، إلا أنه فى مجال إعمال نص المادة 11 سالف البيان لم يستهدف النص مثل هذه المفاضلة، وإنما اشترط للاحتجاج على الغير بعقد الإيجار الذى جاوزت مدته 9 سنوات أن يكون مُسَجَّلاً، وهو حكم يتسع لبحث مسألة حسن نية ذلك الغير أو سوئها، وهى مسألة موضوعية لمحكمة الموضوع الحق فى تقديرها شريطة أن تقيم قضاءها على دليل مقبول مستمد من واقع الدعوى وأوراقها.
النقض: يحق للمالك الجديد للعقار طرد المستأجرين فى حالة عدم تسجيل عقد إيجارهم
لما كان ذلك – وكان الثابت من الحكم الابتدائى الذى أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه، أنه قضى بنفاذ عقد الإيجار غير المُسجل سند المطعون ضده الأول والمؤرخ 3 أغسطس 2002 فى مواجهة الطاعن بكامل مدته التى جاوزت 9 سنوات، استناداً إلى علم الأخير علماً يقينياً بهذا العقد ومدته، دون أن يورد الدليل الذى استقى منه هذا العلم ويستظهر منه وقت حصوله، حتى يمكن التحقق من أنه يصح قانوناً بناء الحكم عليه، ولا يُغنى عن ذلك ما حَصله الحكم من الإخطار الموجه من المؤجر إلى المطعون ضده الأول في 2 يوليو 2003 ببيع العقار للطاعن والتنبيه عليه بسداد الأجرة إليه، إذ لا يكفى بذاته للاستدلال على علم الأخير بعقد الإيجار ومدته وقت تسجيل عقد البيع سنده، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لهذه الأسباب:
نقضت المحكمة الحكم المطعـون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
مصدر الخبر | موقع برلماني