أحوال محاكم مصر

النقض : يتعين علي المحكمة ألا تنبي حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى

النقض : يتعين علي المحكمة ألا تنبي حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ۱۰۰۹٦ لسنة ۹۰ قضائية، أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة ، إلا أن شرط ذلك أن يكون إستخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما إنتهت إليه قائماً في أوراق الدعوي ، وكان الأصل أنه يتعين علي المحكمة ألا تنبي حكمها إلا علي الوقائع الثابتة في أوراق الدعوي، وليس لها أن تقيم قضاءها علي أمور لا سند لها من التحقيقات.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن إستوفي الشكل المقرر في القانون .

وحيث إن مما ينعاه الطاعن علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز السلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” وذخائره بدون ترخيص ، والضرب العمد البسيط باستخدام أداة ، وإطلاق أعيرة نارية داخل المدن ، قد إنطوى علي فساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت بالأوراق ؛ ذلك أنه عول في إدانته – من يبين ما عول عليه – أقوال شاهد الإثبات أمير محمد أحمد عفيفي بتحقيقات النيابة العامة وأحال في شهادته إلي ما شهدت به المجني عليها بما يفيد مشاهدته الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية صوبها وإحداث إصابتها وهو ما لا أصل له من أقواله بالتحقيقات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد عول في إدانة الطاعن – من بين ما عول عليه – علي أقوال شاهد الإثبات الثاني/ أمير محمد أحمد عفيفي بتحقيقات النيابة العامة وأحال في بيان شهادته لما شهدت به المجني عليها بما يفيد مشاهدته الطاعن حال إطلاق الأعيرة النارية صوبها وإحداث إصابتها ، وكان البين من المفردات – المضمومة – أن أقوال شاهد الإثبات المذكور بالتحقيقات قد خلت مما نسبه الحكم إليه في حق الطاعن .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة ، إلا أن شرط ذلك أن يكون إستخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما إنتهت إليه قائماً في أوراق الدعوي ، وكان الأصل أنه يتعين علي المحكمة ألا تنبي حكمها إلا علي الوقائع الثابتة في أوراق الدعوي ، وليس لها أن تقيم قضاءها علي أمور لا سند لها من التحقيقات.

فإن الحكم المطعون فيه إذ إستند في قضائه المطعون فيه – ضمن ما إستند إليه – في إدانة الطاعن إلي أقوال شاهد الإثبات سالف الذكر بتحقيقات النيابة وما قرر به من مشاهدته للواقعة وإطلاق الطاعن الأعيرة النارية صوب المجني عليها رغم مخالفة ذلك للثابت بالأوراق – علي السياق المتقدم – يكون قد إستند إلي ما لا أصل له في الأوراق وهو ما يعيبه بما يبطله ، ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخري إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون منها عقيدتها مجتمعة بحيث إذا سقط إحداها أو إستبعد تعذر التصرف علي مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل ، أو الوقوف علي ما كانت تنتهى إليه لو أنها تفطنت إلي أن هذا الدليل غير قائم.

لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن ، ولما كانت الدعوى بحالتها هذه بعد ضم المفردات صالحة للفصل في موضوعها دون حاجة إلي تحديد جلسة لنظرها فإن المحكمة تعرض لموضوع الدعوي عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 39 من قانون إجراءات الطعن أمام محكمة النقض المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017.

وحيث إن واقعة الدعوي حسبما إستقرت في يقين المحكمة مستخلصة من أوراقها تخلص في أنه في يوم 15/12/2019 وبسبب خلاف علي حيازة شقة قام المتهم أحمد عبد الرحمن إسماعيل عثمان بالتعدي علي شقيقته المجني عليها / سحر عبد الرحمن إسماعيل عثمان بآداه – سلاح ناري فرد خرطوش – وأطلقه صوبها من مكان تواجده بأعلي العقار إلي مكان تواجدها بالأسفل بجوار العقار ، فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بمناطق الرأس وخلفية العنق وأعلي الظهر وهي علي نمط وغرار ما يتخلف عن الإصابات النارية الرشية ” خرطوش ” ومدة علاجها أقل من عشرين يوماً .

وحيث إن الواقعة علي النحو المتقدم قام الدليل علي صحتها وثبوتها في حق المتهم مما إجتزئتة المحكمة من شهادة المجني عليها سحر عبد الرحمن إسماعيل ، وسعدية حسانين محمد ، ونجاة خطاب محمد ، ونجوي رفعت عبد الموجود ، ودنيا عبد الحكيم صبحي ، والضابطان/ محمد فخري متوكل ، خالد محمدي محمود ، وما ثبت من تقريري مصلحة الطب الشرعي ، وقسم الأدلة الجنائية .
-إذ شهدت المجني عليها / سحر عبد الرحمن إسماعيل أنه وبسبب خلاف علي حيازة شقة قام شقيقها المتهم بإطلاق ثلاثة أعيرة نارية إصابتها إحداها صوبها من مكان تواجده بأعلي العقار إلي مكان تواجدها بالأسفل بجوار العقار فأحدث إصابتها المبينة بتقرير الطب الشرعي وشهدت كل من سعديه حسانين محمد ، نجاة خطاب محمد ، نجوي رفعت عبد الموجود ، دنيا عبد الحكم صبحي ، بذات مضمون ما شهدت به المجني عليها – وشهد الضابط / محمد فخري متوكل – معاون مباحث مركز بنها – بأن تحرياته السرية أسفرت عن صحة الواقعة وقيام المتهم بإرتكابها .

– وشهد الضابط / خالد محمدي محمود – مفتش مباحث فرقة شمال بنها بأن تحرياته السرية جاءت بذات مضمون الشاهد سابقه .

كما ثبت من تقرير مصلحة الطب الشرعي أن إصابات المجني عليها بمناطق الراس وخلفية العنق وأعلي الظهر علي نمط وغرار ما يتخلف عن الإصابات النارية الرشية ” خرطوش ” ومدة علاجها أقل من عشرين يوماً .
وثبت من تقرير قسم الأدلة الجنائية تعرض لافته مثبته أعلي باب العقار من الخارج لأثار إطلاق عيار ناري أطلق من أعلي لأسفل .

وحيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه من إتهام وطلب محاميه القضاء ببراءته مما أسند إليه من إتهام .

وحيث إنه عن الدفع بتناقض أقوال الشهود فيما بينها ، وبين التحريات وبين الدليل الفني فهو مردود بأن المحكمة قد إستخلصت أقوال الشهود بما لا تناقض فيه جاءت أقوالهم جميعاً متفقة مع ما إستخلصه الحكم منها ، وأن تحريات الشرطة وأقوال مجريها جاءت كذلك غير متناقضة مع تلك الأقوال ، وجاء تقريري الطب الشرعي والأدلة الجنائية مؤيداً لأقوال الشهود وتلك التحريات ، ودلت جميعاً بوضوح علي أن المتهم أطلق من السلاح الناري – فرد خرطوش – ثلاثة أعيرة أصابت إحداها المجني عليها ، فأحدثت إصابتها ، ومن ثم فإن هذا الدفع يكون غير سديد .

وحيث إنه عن الدفع ببطلان وإنعدام وعدم جدية التحريات ، فهو مردود بأن المحكمة قد إطمأنت إلي ما ورد بتلك التحريات بشأن صحة الواقعة وإرتكاب المتهم لها ، وتري المحكمة أنها جاءت صادقة موافقة للواقع وأخبرت بالحقيقة ، وجاءت موافقة لماديات الدعوي ، هذا فضلاً عن أن دفاع المتهم لم يبين أساس دفعه هذا ، ومن ثم فإن هذا الدفع يكون كذلك غير سديد وتقضي المحكمة برفضه .

وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض علي المتهم ، وأن صحة الواقعة أنه هو الذي قام بنفسه بالتوجه إلي مركز الشرطة وتسليم نفسه ، فهو دفع غير منتج في الأوراق ، ولا يؤثر في ماديات وجوهر الإتهام المسند إليه ولا يؤثر في عقيدة المحكمة ، ولم تعول المحكمة علي ثمة دليل مستمد من هذا القبض المدعي به ، ومن ثم يضحي دفعه هذا جديراً بالرفض .

وحيث إنه عن باقي دفوعه بكيدية الإتهام وتلفيقه ، وعدم معقولية الواقعة ، وعدم حيادية الشهود لوجود خلافات معهم ، وعدم ضبط السلاح .. فهي كلها دفوع موضوعية تري المحكمة أنها جميعها قصد بها التشكيك في أدلة الدعوي والصورة التي إعتنقتها المحكمة لها ، ومن ثم فإن ما يثيره المتهم بشأن ذلك كله يكون في غير محله جديراً بالرفض .

وحيث إن المحكمة تري توافر أركان جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن – فرد خرطوش – في حق المتهم إستناداً للأدلة سالفة الذكر والتي إطمأنت إليها المحكمة ولا ينال من ذلك عدم ضبط السلاح مادام أن الأدلة التي أوردتها المحكمة وإطمأنت إليها قد أجمعت علي أن المتهم كان يحرز السلاح وأنه من النوع المعين بالقانون ، ولا يحتاج فحصه لخبرة خاصة . وأن تقرير الطب الشرعي قد أثبت أن الإصابة بالمجني عليها علي نمط وغرار ما يتخلف عن الإصابات النارية الرشية ” فرد خرطوش ” .

وحيث إنه لما سلف يكون قد ثبت يقيناً لدي المحكمة أن المتهم / أحمد عبد الرحمن إسماعيل عثمان … في يوم 15/12/2019 بدائرة مركز بنها محافظة القليوبية .

ضرب المجني عليها سحر عبد الرحمن إسماعيل ، فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة أقل من عشرين يوماً وكان ذلك بإستعمال آداة ” فرد خرطوش ” .

– أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن ” فرد خرطوش ” – أحرز ذخائر ” خرطوش ” مما تستعمل علي السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه .

– أطلق أعيرة نارية داخل مدنية ” دائرة مركز بنها ” .
-الأمر المعاقب عليه بالمواد 1/1 ، 26/1 ، 4 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل ، والجدول رقم ” 2 ” الملحق بالقانون ، والمادتين 242/1 ، 3 ، 377/6 من قانون العقوبات .

وحيث إن الإتهامات سالفة الذكر قد إنتظمها مشروع إجرامي واحد ، وإرتبطت فيما بينها إرتباطاً لا يقبل التجزئة ، ومن ثم تنتهي المحكمة لمعاقبة المتهخم بالعقوبة المقررة لأشدهم وهي جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات .

وحيث إنه نظراً لظروف الواقعة تري المحكمة معاملة المتهم بالرأفة وتنزل بالعقوبة علي النحو الوارد بالمنطوق عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات .
وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فإن المحكمة تلزم بها المحكوم عليه عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية .

وحيث إنه عن الدعوي المدنية فالمحكمة تري أن الفصل فيها يستلزم إجراء تحقيق يترتب عليه إرجاء الفصل في الدعوي الجنائية ، ومن ثم تري المحكمة إحالة الدعوي المدنية للمحكمة المدنية المختصة ، عملاً بالحق المقرر لها بالمادة 309 إجراءات جنائية .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بمعاقبة المتهم أحمد عبد الرحمن إسماعيل عثمان بالحبس مع الشغل لمدة سنه وتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
أمين السر رئيس الدائرة

 

مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى