الهيئات القضائية

بسبب العقود الصورية.. “النقض” توضح شرط نفى حجية التوقيع على الأوراق العرفية: تغيير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض يعد خيانة للأمانة

أصدرت الدائرة المدنية “ج” – بمحكمة النقض – حكما في غاية الأهمية رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية بشأن شرط نفي حجية التوقيع على الأوراق العرفية، قالت فيه: “تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها اعتباره خيانة أمانة، وأن الاستيلاء على الورقة خِلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم وتغيير الحقيقة فيها يعد تزويراً”.

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 11051 لسنة 85 قضائية، لصالح المحامى علاء مبروك، برئاسة المستشار شريف سلام، وعضوية المستشارين شريف سلام، ووائل صلاح الدين قنديل، وحمدي طاهر، وحسام سيف.

 

الوقائع.. نزاع حول صورية عقد بيع “شقة”
تتحصل الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 949 لسنة 2021 مدني بنها الابتدائية على المطعون ضده بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ 8 يناير 2012، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد البيع سالف الذكر باع للمطعون ضده الشقة محل التداعي، وأن الأخير حرر ورقة ضِدّ أقر فيها بصورية هذا العقد، ومن ثم فقد أقام الدعوى، طعن المطعون ضده بالتزوير على التوقيع المنسوب له على ورقة الضِدّ غير المؤرخة.

المحكمة تستعين بقسم أبحاث التزييف والتزوير
ندبت المحكمة أبحاث التزييف والتزوير، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 13 ديسمبر 2014 بقبول الطعن بالتزوير، وبرد وبطلان صلب الإقرار غير المؤرخ محل الطعن بالتزوير، وإعادة الدعوى للمرافعة ليتناضل الخصوم في الموضوع، وبتاريخ 14 ديسمبر 2014 حكمت برفض الدعوى، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 865 لسنة 12 ق طنطا ـــ مأمورية شبرا الخيمة ـــ وبتاريخ 14 أبريل 2015 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

 

مذكرة الطعن تستند على أن المطعون ضده قد وقع هذا الإقرار على بياض
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب، حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ إذ أقام قضاءه برد وبطلان الإقرار غير المؤرخ، وبرفض الدعوى استناداً إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير من أن المطعون ضده قد وقع هذا الإقرار على بياض، وأن صُلبه قد حُرر بيد شخص آخر، وفي وقت لاحق على التوقيع وغير معاصر له، رغم أن التوقيع على بياض لا يعني بالضرورة أن صُلب المحرر مزور ما لم يُثبت مدعي التزوير كيفية وصول توقيعه الصحيح على ورقة المحرر المطعون عليه أو أنه قد اُختلِس منه، كما لم تعن المحكمة بتحقيق ذلك، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

 

“النقض” توضح شرط نفي حجية التوقيع على الأوراق العرفية
المحكمة في حيثيات الحكم، قالت إن هذا النعي في محله؛ ذلك بأنه من المقرر ـــ في قضاء هذه المحكمة ـــ أن تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، وهو الذي يرجع في إثباته للقواعد العامة، ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو في الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أما إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خِلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يُعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة، والاحتيال والغش الذي يجعل من تغيير الحقيقة في الورقة الموقعة على بياض تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذي يكون قد اُستخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفي معه تسليمها بمحض الإرادة .

 

وبحسب “المحكمة” – وأن مفاد نص المادة 14 من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات أن حجية الورقة العرفية إنما تُستمد من شهادة الإمضاء الموقع به عليها، وهي بهذه المثابة تُعتبر حجة بما ورد فيها على صاحب التوقيع بحيث لا يمكنه التحلل مما تُسجله عليه إلا إذا بَيَّنَ كيف وصل إمضاؤه هذا الصحيح إلى الورقة التي عليها توقيعه، وأقام الدليل على صحة ما يدعيه من ذلك.

 

تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض يعد خيانة للأمانة
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برد وبطلان الإقرار غير المؤرخ “ورقة الضِدّ”، وبرفض الدعوى استناداً إلى ما ورد بتقرير خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن توقيع المطعون ضده الموقع به على ذلك الإقرار قد تم صحيحاً على بياض، وأن صُلب الإقرار قد حُرر بيد شخص آخر، وفي وقت لاحق على التوقيع وغير معاصر له، وانتهى بذلك إلى رده وبطلانه، في حين أن ذلك التقرير لم يرد به ما يُفيد أن توقيع المطعون ضده على الإقرار قد اُختلس منه بغتة، ولم يعن الحكم بتحقيق كيفية وصول هذا التوقيع الصحيح إلى الورقة رغم أن مدعي التزوير لم يقم الدليل على ما يدعيه من أن شخصاً اختلس توقيعه، وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى