أودعت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة حيثيات أحكامها برئاسة المستشار عمر ضاحي نائب رئيس مجلس الدولة ،
في الطعون المقامة من مرشحي مجلس الشيوخ الدورة الجديدة ٢٠٢٥ ، والتي تنوعت أحكامها ما بين الرفض لبعض الطعون ،
والقبول لآخري ، مع عدم قبول بعض الطعون .
حيثيات رفض الطعون
وأكدت المحكمة في أحد الطعون المقام من مرشح وتبين من الأوراق الواردة بحافظة المستندات المقدمة من الحاضر عن الدولة ،
أن المُدَّعِي تخلف عن أداء الخدمة العسكرية والوطنية وتمت محاكمته في الجنحة رقم (1944) لسنة 2017 (ع . أسيوط) ،
وتقدم إلى لجنة تلقي طلبات انتخابات مجلس الشيوخ 2025- النظام الفردي بمحافظة بني سويف ،
وقد أُرفق ضمن أوراق ترشحه نموذج للمتخلفين عن تأدية الخدمة العسكرية والوطنية،
وعلى ذلك أصدرت لجنة فحص طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ بمحافظة بني سويف القرار باستبعاده من الترشح .
وأضافت المحكمة في أسباب حكمها ، ولما كان ما تقدم وكان الحق في الترشح لعضوية مجلس الشيوخ ونيل شرف تمثيل الأمة هو حق مقيد،
بينما الحق في الانتخاب هو حق عام مطلق، وهو ما يفرض على المتخلف عن التجنيد عدم أحقيته في الترشح،
إذ لا يجوز لمن تهرب من أداء الخدمة العسكرية أو تخلف عن أدائها أن يعامل معاملة من أدى هذه الخدمة أو أعفي منها قانوناً،
فالأمر جد مختلف بين ممارسة حق الترشح لمجلس الشيوخ وتمثيل الأمة في هذا المجلس بما له من أهمية واعتبارات خاصة، وبين ممارسة حق الانتخاب.
ورأت المحكمة ، أن قرار الهيئة الوطنية للانتخابات ، صحيح فيما تضمنه من استبعاد المُدَّعِي من كشوف المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ،
لعام 2025 (فردي) بمحافظة بني سويف ، والقرار قائما على سببه الصحيح المبرر له قانونا ولا يجب إلغاؤه ، الأمر الذى تقضي معه الْمَحْكَمَةُ برفض الدَّعْوَى.
واستندت المحكمة ، علي أن المشرع الدستوري بين الدرجة السامية والمقدسة لواجب الدفاع عن الوطن وأرضه،
وجعل التجنيد وسيلة تحقيق ذلك الواجب المقدس، ومن ثم يكون التجنيد واجبا؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وعليه فإنه يتخلص من أداء هذا الواجب المقدس يكون فاقدا شرطًا من شروط الصلاحية المطلوب توافرها لعضوية مجلس النواب .
ورتب الدستور في المادة (110) منه على فقده إسقاط عضويته عضو مجلس النواب ــ وذلك ينطبق بالتالي على مجلس الشيوخ ــ
مما يؤكد أنه ضرورة توافر ذلك الشرط ابتداء واستمراره ، وإذا كان واجب أداء الخدمة العسكرية واجبا مقدسا وشرفا لا يدانيه شرف،
فإن التخلف عن أداء هذا الواجب أو التخلص أو التهرب منه بأية وسيلة يصم صاحبه بفقدان الثقة والاعتبار ،
ويكون حائلا بينه وبين شرف تمثيل الأمة، ومن ثم لا يجوز قبول أوراق ترشيحه لعضوية مجلس النواب سواء وقعت عليه العقوبة المقررة بالمادة (49) أو تلك المقررة بالمادة (50) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم (127) لسنة 1980 أو غيرها من العقوبات أو لم توقع عليه وسواء رد إليه اعتباره أو لم يرد .
وأشارت المحكمة ، أنه لا يستوي من تهرب من أداء الخدمة العسكرية مع من أداها أو أعفي منها قانونا،
وأنه لا حاجة بالقول بأن استلزم أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها قانونا أن يحرم من تخلف عن أدائها حرمانا دائما من حق الترشح ،
إذ لا تثريب على فرض هذا الحرمان على من لم يسلك سبيل الرشاد، وتخلف عما هو واجب مقدس حتى يجاوز سن التجنيد ،
كما لا يصح التعلل بأنه قد رُدَّ إليه المحكوم عليه في جريمة التخلص من أداء الخدمة العسكرية اعتباره .
وانتهت المحكمة ، أنه من المقرر واجب أداء الخدمة العسكرية ، هو واجب مقدس وشرف لا يدانيه شرف،
وبالتالي فإن التخلف عن أداء هذا الواجب وهذا الشرف أو التخلص أو التهرب منه بأية وسيلة يصم صاحبه بفقدان الثقة والاعتبار ،
ويمثل ذلك حائلا بينه وبين شرف عضوية المجالس الشعبية المحلية أو عضوية المجالس النيابية،
ومن ثم فمن تهرب من أداء الخدمة العسكرية لا يجوز قبول ترشيحه لعضوية المجالس الشعبية والنيابية .
وكان أقام الطعن أحد المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ ٢٠٢٥ ، وطالب بإلغاء قرار الوطنية للانتخابات والذي قضي باستبعاده ، وتم استبعاده من كشوف المرشحين .
كما أودعت المحكمة أسباب حكم آخر مغاير للأول ، فقبلت المحكمة طعن آخر مقام من مرشح ، وقضت فيه بقبول الدعوى ، وألغت قرار لجنة تلقي وفحص طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ دورة 2025 ، فيما تضمنه من استبعاد مرشح (مقيم الطعن ) من القائمة النهائية للمترشحين لهذه الانتخابات على المقاعد الفردية، وأمرت المحكمة بإدراج اسمه في تلك القائمة، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .
وتبين بالأوراق للمحكمة ، على نحو قطعي لا مراء فيه أو تشكك، مدعوم بالمستندات، أن المُدعي تقدم لمنطقة التجنيد لأداء الواجب العسكري، وحصل على شهادة باستثنائه من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية طبقاً لحكم الفقرة (4) من المادة (6) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية، أي أنه حال دون أداء المُدعي هذا الواجب مانع أو عذر قانوني لا يسوغ معه القول بالتخلف عن أداء هذا الواجب، فمن غير المستساغ اعتباره متهربًا من أداء الخدمة العسكرية .
وأوضحت المحكمة ، أن المرشح وضع نفسه تحت تصرف القوات المسلحة ، ولم يتردد في تلبية الواجب العسكري، إلا أن الأخيرة هي التي استثنته من أداء هذا الواجب، وبذلك يتساوى مركز المُدعي القانوني مع من أُعفي من أداء الخدمة العسكرية، وفي هذا المقام تؤكد المحكمة على أن القول باستبعاد فئة من الفئات المستثناة دون غيرها قول غير سليم ،
فالمشرع منح وزير الدفاع سلطة استثناء فئة بعينها من الخدمة العسكرية لاعتبارات الأمن والمصلحة العامة، .
ويوكل الأمر في شأن عضوية المجالس النيابية إلى جهة الإدارة ممثلة في وزير الدفاع وفقا لتقديره ومن بعده اللجان المختصة بتلقي والبت في طلبات المرشحين، كما أنه يهدر فروقًا جوهرية واختلافات شاسعة ما بين الانتظام في الخدمة الإلزامية بالقوات المسلحة والتي تقوم على الالتزام ووحدة التوجه وخلع الانتماءات السياسية والحزبية ونبذ الخلاف ويحظر في هذا الإطار جميع الآراء السياسية والحزبية داخل القوات المسلحة، وبين المجالس النيابية التي تقوم بحسب الأصل على تمثيل كل فئات المجتمع بأطيافه السياسية والحزبية بما يستتبع ذلك من التعددية واختلاف الرؤى وثراء في الأفكار وتنوع في الاتجاهات والحلول، وبما يفضي إلى تمثيل المجتمع تمثيلا ديمقراطيًا سليما لا يستبعد أحدا دون وجه حق قانونا ولا ينبذ فئة أيا كانت ويؤدي إلى صلابة المجتمع ويصب في الصالح العام .
وانتهت المحكمة بحيثيات حكمها ، فصار السبب الذي تساندت عليه الجهة الإدارية لإصدار قرارها باستبعاد المرشح ، فاقدا سببه المشروع واقعًا وقانونًا، ويضحي تنكُرها لحق المُدعي في الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ لعام 2025 رغم توافر كافة الشروط والمستندات المتطلبة للترشح قانونًا بحقه، مخالفًا للقانون لافتقاده ركن السبب، مما يتعين معه القضاء والحالة كذلك بإلغاء القرار الخاص بمنعه من الترشح ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إدراج اسم المُدعي بالقائمة النهائية للمترشحين لعضوية مجلس الشيوخ دوره 2025 .
وكان أقام الطعن أحد المرشحين علي المقاعد الفردية بانتخابات الشيوخ ، وذكر شرحا لدعواه، أنه تقدم إلى لجنة تلقي طلبات الترشح ببطلب للترشح لانتخابات مجلس الشيوخ دورة 2025 عن أحد الدوائر (فردي)، إلا أنه فوجئ باستبعاده من قائمة المرشحين لهذه الانتخابات على سند من القول من أنه لم يقدم ما يفيد أدائه الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها، ونعى المدعي على القرار الطعين مخالفته للقانون، مما جعله يلجأ للقضاء لإلغاء هذا القرار .
مصدر الخبر | موقع صدى البلد