حُكم نهائي: الخطبة الموحدة ضرورة تحفظ لمصر والأمة العربية وجودها وتحميها من الفكر المتطرف
أثبتت شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا في أغسطس 2021، نهائية الحكم الذي أصدره المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، رئيس محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة، بتأييد قرار وزير الأوقاف بتنظيم موضوع الخطبة الموحدة ليوم الجمعة للأئمة والدعاة والخطباء على مستوى المساجد والزوايا بجمهورية مصر العربية, وقد أصبح هذا الحكم نهائياً وباتاً.
وطالب المدعون وعددهم ثمانين مواطناً في دعواهم القضائية بإلغاء قرار وزير الأوقاف بتنظيم موضوع الخطبة الموحدة للخطباء بالمساجد الزوايا، وطالبوا الأخذ برأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بترك الخطيب حراً على حد زعمهم وطالبوا أيضا بخضوع المساجد لمشيخة الأزهر دون وزارة الأوقاف، ويأتي أهمية الحكم في وقت يستبين فيه للشعب حقيقة الجماعات المنحرفة الذين يتخذون من الدين ستارا عبر المنافذ الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى وهم غير مؤهلين للبت فيه.
وقضت محكمة القضاء القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، بتأييد قرار وزير الأوقاف بتنظيم موضوع الخطبة الموحدة للخطباء والأئمة بالمساجد والزوايا على مستوى الجمهورية.
وأكدت المحكمة في حكمها على مجموعة من المبادئ والقيم الدينية التي تحفظ للأوطان كيانها بأن الخطبة الموحدة ضرورة تحفظ لمصر والأمة العربية والإسلامية وجودها وتحميها من الفكر المتطرف المناهض لوجود الدولة, وأن مصر تؤرخ لدور عالميًا وليس إقليميا وتواجه بقوة وثبات وتضحية دعاة التطرف والإرهاب حماية للإنسانية, مؤكدة أن منظومة ثنائية بين الأزهر الشريف وزارة الاوقاف لخدمة الإسلام الوسطى المستنير, وأن بعض الخطباء استخدموا المنابر لتحقيق أهداف سياسية وأخرى تحريضية لشق الصف متخذين من الدين ستارًا, وأن المسجد ذكرا لله بالارشاد والوعظ لتقرب العبد إلى ربه وليس مصدراً للتحزب والاختلاف الفكري والمذهبي, ووضعتإطاراً للخطباء والأئمة فليس من حق الخطيب أن يوجه الناس لرغباته ويملي عليهم قناعاته الشخصية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيوهمهم أنه الحق المبين فيؤدي إلى الاحتقان الشعبي فى البلدان الإسلامية والعربية, وأن الخطيب يتمتع بحرية في طريقة أداء الخطبة شفاهة ارتجالًا أو مكتوبة مقروءة بما لا يخرج عن مضمون الخطبة الموحدة لإبراز ملكاته ومواهبه لجمهور المصلين, وأن الخطبة لا تكون طويلة مملة أو قصيرة مخلة ولا تزيد على عشرين دقيقة وتقصيرها علامة على فقه الخطيب، فلا يطيل فينسى الناس بآخر كلامه أوله ، وهو هدي النبي في خطبه الراتبة.
وذكرت المحكمة أن الواقع المصري كشف عقب ثورتي الشعب في 25 يناير 2011 و 30 يونيه 2013 أن بعض خطباء الجمعة استخدموا المنابر لتحقيق أهداف سياسية متخذين من الدين ستارًا لهم بعيدًا عن واقع المجتمع وحولوا موضوع خطبة الجمعة إلى تحقيق أغراض حزبية وسياسية وأخرى تحريضية وشق الصف عبر المنابر، بما يخدع البسطاء على الرغم من قدسية المسجد وأن الجمعة شرعت لتكون جرعات إيمانية أسبوعية تعالج قضايا وهموم المجتمع وتعطي للمسلم طوق النجاة من الوقوع في المعاصي والآثام فأصبح توحيد موضوع الخطبة ضرورة لمواجهة المخاطر التى تواجه مصر والأمة الإسلامية والعربية, كما يرسخ قيم المواطنة, فالمسجد ذكرا لله بالوعظ والإرشاد ولتقريب العبد إلى ربه وليس مصدراً للتحزب والاختلاف الفكري والمذهبي, وليس من حق الخطيب وهو المؤتمن أن يوجه الناس على ما يشتهي أو يرغب، ويملي عليهم قناعاته الشخصية في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فتشتد الخطورة من فوق منابر الجمعة بما يوهم عامة الناس أن هذا هو الحق المبين مما يؤدي الى الاحتقان الشعبي فى البلدان الاسلامية والعربية, لذا فإن توحيد موضوع الخطبة يؤدي إلى توحيد المجتمع المصري والعربي والإسلامي تجاه الأزمات التي تهدد استقراره تحقيقاً للمصالح المعتبرة لمواجهة الفكر الإرهابي المنحرف عن صحيح الدين.
واستطردت المحكمة أن الأزمة المصيرية لشعوب العالم الإسلامي والعربي على قمتها دعاة التشدد بإسم الدين وقتلة الإنسانية والجماعات المتطرفة التي تستبيح الدماء والأموال لتفسد في الأرض, وأن هاجس عدوى الإرهاب والتشدد لم يعد قاصرًا على العالم العربي والإسلامي بل انتقل إلى العالم الغربي حتى المتقدم منها, ذلك أن الإرهاب لا دين له ولا وطن, مما يكون معه للنشاط الدعوى المصري مع مثيلاته بالبلاد العربية والإسلامية أبلغ الأثر إزاء المواجهة الفكرية لما يحدث من إرهاب نتيجة استقطاب الجهلاء بأحكام الدين, وإذ كانت مصر قد استوت على قمة العالمين العربي والإسلامي, ليس فقط بكثافة سكانها وموقعها المتميز, وإنما بحضارة تليدة وموروث ثقافى جعل منها في ثورات العرب وحروبهم وبانتصاراتهم الدولة القائدة, وفي ميدان السلام والتعاون الدولة الرائدة, فإن تعبير شعبها المعطاء – وقضاؤها جزء من هذا الشعب – عن مكنونه في مسألة مصيرية تتعلق بالمخاطر والإرهاب الذي يحاك للأمة العربية والإسلامية بات أمرًا لازماً ليتشارك مع الموقف الرسمي للدولة في نبذ كل عدوان أو تهديد به, ينال مصر أو أحد الشعوب العربية والإسلامية, ومصر بذلك تؤرخ لدور عالمي وليس إقليمي لانها تواجه بقوة وثبات وتضحية دعاة الارهاب والتطرف لحماية الانسانية جمعاء.
وأضافت المحكمة أن طريقة أداء الخطبة شفاهة وارتجالًا أو مكتوبة مقروءة أمراً اختيارياً للخطيب في ضوء ما يمكنه من أداء رسالته وبما لا يخرج عن مضمون موضوع الخطبة المحدد, فيترك لكل خطيب قدر من إبراز ملكاته ومواهبه في إيصال موضوع الخطبة الموحدة لجمهور المصلين بالأداء الذي يمكنه من الوصول على عقولهم وقلوبهم فطريقة أدائها ليست إلزامية على وجه معين, فمن شاء ألقاها شفاهة وارتجالا ومن شاء ألقاها مكتوبة مقروءة وفى الحالتين يلتزم بموضوع الخطبة الموحدة, ذلك أن الارتجال الواعي لا يستطيعه كل خطيب ويظل لبعض أصحاب الموهبة من الخطباء القدرة على الإدراك والتجديد والإبداع في ذات موضوع الخطبة بما لا يحيد عنها, ومن ثم تحقق الخطبة الموحدة مصلحة معتبرة.