أحوال محاكم مصر

رغم الوفاة.. كيف تستفيد من مزايا الامتداد القانونى لعقد إيجار شقة ؟والنقض تتصدى للأزمة

رغم الوفاة.. كيف تستفيد من مزايا الامتداد القانونى لعقد إيجار شقة ؟والنقض تتصدى للأزمة

عادة ما يمتلك الأشخاص شقة أو “عين” كانت فى الأساس مؤجرة لشخص ما منذ فترة من الزمن من المالك السابق، ويقومون بشرائها بعد ذلك فى الوقت الذى يكون فيه المستأجر الأصلى على قيد الحياة، ويقيم هو وعائلته فى الشقة، ومن ثم يتوفى المستأجر الأصلي ثم زوجته بعده، ثم يتزوج أبنائه جميعاً عدا ابنة واحدة تظل مقيمة بالعين لمدة شهر تقريباً ومن ثم وافتها المنية، ومن ثم تُغلق العين بمعرفة اشقائها.
وبعد كل هذه الأحداث يُبدى صاحب العين أو المالك الأصلى رغبته باسترداد العين لوفاة المستأجر ووفاة ابنه أو ابنته المقيمة معه وعدم استحقاق الامتداد لأحد من أبنائه، فيفاجأ بهم يساومونه مقابل استرداد العين ويطالبونه بسداد مبلغ مالي كبير، والإشكالية هنا تتلخص فى الإجابة على السؤال..هل من حقه من الناحية القانونية استرداد العين أم لا؟ وهل هناك اشتراطات استرداد العين لمالكها مرة أخرى؟
رغم الوفاة.. كيف تستفيد من مزايا الامتداد القانونى لعقد إيجار المسكن؟
وللإجابة على تلك الإشكالية، تُجيب نعمه مصطفى، الخبير القانونى والمحامية، تنص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه: “…لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك”، ويتضح من نص الفقرة الأولى من المادة 29 سالفة الذكر، أنه يشترط لامتداد الإيجار لصالح زوج وأقارب المستأجر إذا توفي أو ترك العين خلال فترة الامتداد القانوني للإيجار توافر الشروط الآتية:
1-وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين المؤجرة.
2-أن يكون المستفيد من الامتداد الزوج والأولاد والوالدان.
3-إقامة الزوج والأولاد والوالدين في العين المؤجرة حتى الوفاة أو الترك.
الشرط الأول: وفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة:
ووفقا لـ”مصطفى” في تصريح لـ”برلماني”: “الترك” المقصود به في هذا الخصوص هو تخلي المستأجر الأصلي عن العين المؤجرة لصالح من كانوا يقيمون معه وقت حصول الترك تخلياً فعلياً، والترك المعول عليه هو الترك الإرادي، وتعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة قد يكون صريحاً، وقد يكون ضمنياَ، وواقعة ترك المستأجر العين المؤجرة لآخر من مسائل الواقع وتستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
الشرط الثاني: أن يكون المستفيد من الامتداد الزوج أو الأولاد أو الوالدان
والزوج يشمل الذكر والأنثى – بحسب “مصطفى” – فإذا كان الرجل هو مستأجر المسكن وترك المسكن أو توفي فإن زوجته تفيد من حكم الامتداد، وإذا كانت الزوجة هي المستأجرة وتركت المسكن أو توفيت أفاد الزوج من حكم الامتداد، والمقصود بالأولاد الذين يفيدون من الامتداد، الأبناء الحقيقيون، والأبناء الذين يثبت نسبهم للمستأجر الأصلي طبقاً للشريعة الإسلامية، أما الأبناء بالتبني، فلا يفيدون من الامتداد، وهو ما سبق وأن تصدى له حكم محكمة النقض المقيد برقم 4510 لسنة 65 قضائية، والذى جاء فيه: “وامتداد عقد إيجار المسكن لا يكون إلا للأقارب من الدرجة الأولى فقط”.
الشرط الثالث: إقامة الزوج أو الأولاد أو الوالدين في العين المؤجرة حتى الوفاة أو الترك
فيشترط لإعمال النص أن يبقى الزوج والأولاد والوالدان الذين كانوا يقيمون مع المستأجر بالعين المؤجرة، حتى الوفاة أو الترك، إنما لا يشترط أن تكون إقامتهم قد استمرت مدة معينة قبل الوفاة أو الترك، وهو ما أقرته محكمة النقض في الطعن المقيد برقم 3025 لسنة 59 قضائية، والذى جاء فيه: حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “مفاد نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أنه يكفى لكي يتمتع أي من هؤلاء بميزة الامتداد القانوني لعقد الإيجار أن تثبت له إقامة مع المستأجر بالعين المؤجرة، أيا كانت مدتها وأيا كانت بدايتها بشرط أن تستمر حتى تاريخ الوفاة أو الترك”.
المقصود بالإقامة:
ويقصد بالإقامة التي تبيح وتتيح للمستفيد من الامتداد القانوني التمتع بهذه الميزة، أن تكون – كما عرفتها محكمة النقض بأنها: “الإقامة المُستقرة المعتادة وانصراف نية المقيم إلى أن يجعل من هذا المسكن مراحه ومغداه بحيث لا يعول على مأوى دائم وثابت سواه، فتخرج الإقامة العارضة والعابرة والموقوتة مهما استطالت وأياً كان مبعثها ودواعيها،… وكان الفصل في كون الإقامة مستقرة أم لا مطلق سلطة قاضي الموضوع دون معقب عليه متى أقام قضاءه على أسباب سائغة”، طبقا للطعن المقيد برقم 146 لسنة 43 قضائية.
– وقت الاعتداد بالإقامة:
ووقت الاعتداد بالإقامة هو وقت وفاة المستأجر الأصلي، فلا يعتد بالإقامة اللاحقة، حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29/1 ق 49 لسنة 1977، بعد وفاة المستأجر أو تركه العين، المقصود بها، الإقامة المستقرة حتى الوفاة أو الترك دون الإقامة اللاحقة”، طبقا للطعن رقم 3246 لسنة 60 قضائية.
– الإقامة اللاحقة حق وليس واجب:
علماً بأنه لا يُشترط الإقامة اللاحقة للوفاة للمُستفيدين من حكم المادة 29/1 لأن الانتفاع بالعين المؤجرة حق لهم وليس واجباً عليهم. حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “مفاد نص المادة 29/1 من القانون 49 لسنة 1977 يدل على أن الإقامة التي يُعتد بها لامتداد العقد لصالح المذكورين من أقارب المُستأجر هي الإقامة المُستقرة مع المُستأجر والممتدة لحين وفاته أو تركه السكن دون اشتراط إقامة لاحقة، فإذا ما توافرت الإقامة بشروطها على النحو المُتقدم أضحى من امتد إليه العقد مستأجراً أصلياً بحكم القانون الذي أوجب على المُؤجر في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تحرير عقد إيجار له ولا إلزام عليه من بعد أن يُقيم بالعين المُؤجرة إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجباً عليه”، طبقا للطعن المقيد برقم 473 لسنة 52 قضائية.
 رأى محكمة النقض في الأزمة 
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 2902 لسنة 67 قضائية، والذى جاء في حيثياته: “من المُقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه: “لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك”، يدل على أن عقد إيجار المسكن لا ينتهي بالنسبة لهؤلاء بوفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين وتستمر العلاقة الايجارية قائمة مع أي من المُستفيدين المُشار إليهم متى كانت إقامتهم مستقرة حتى الوفاة أو الترك، دون اشتراط لإقامة لاحقه. فإذا توافرت الإقامة بشروطها على النحو المتقدم أضحى من أمتد إليه العقد مُستأجراً أصلياً بحكم القانون الذي أوجب على المُؤجر تحرير عقد إيجار له – ما دام أنه لم يكشف عن إرادته في التخلي عن العين بعد وفاة المستأجر الأصلي – ولا إلزام عليه من بعد أن يقيم بالعين المؤجرة، إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجباً عليه”.
– إثبات الإقامة:
لما كانت “الإقامة” هي واقعة مادية، وبالتالي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة “شهادة الشهود” وقرائن الأحوال، ومن أهم تلك القرائن أن الأصل في الزوجة أنها مع زوجها “المستأجر”، وإن كان ليس هناك ما يمنع من حدوث العكس، حيث يقيم الزوج في منزل أسرة زوجته، لأنه ليس في ذلك ما يتنافى مع أحكام قوانين الأحوال الشخصية.
وكذلك فالأصل في أبناء المستأجر الأصلي أنهم يُقيمون مع والديهم، فإن ادعى المؤجر العكس كان عليه إثبات ذلك، لكونه يدعي خلاف الثابت أصلاً ويدعي على خلاف الوضع الظاهر، وقد اعتبرت محكمة النقض تمسك الابنة المتزوجة باستمرار إقامتها بمنزل أسرتها قبل الزواج وبعده وبعدم تخليها عن الإقامة فيه، تمسكاً منها بالثابت أصلاً، فلا تكلف بإثباته، طبقا للطعن رقم 13 لسنة 48 قضائية.
وجود سند قانوني للمدعى عليه في شغل عين التداعي، كاف لرفض دعوى الطرد للغصب:
لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق، وبتقرير الخبرة الفنية المودع بملف الدعوى، وبشهادة الشهود في الخبرة، وبإقرار المدعين أنفسهم، أن “أبنه المستأجرة الأصلية” كانت تقيم مع والدتها “المستأجرة الأصلية” قبل وفاتها، ومن ثم فهي تستفيد من ميزة الامتداد القانوني لعقد إيجار مورثتها، وتعتبر مستأجرة أصلية، ومن ثم فإن إقامتها في عين التداعي – بعد الاستفادة من الامتداد القانوني لعقد إيجارها – هو حق خالص لها وليس واجب ولا إلزام عليها، وطالما ثبت السند القانوني لشغل أبنه المستأجرة الأصلي لعين التداعي، فلها أن تستضيف في شقتها من تشاء من أقاربها لرعايتها وحراستها، وعليه تضحى دعوى الطرد للغصب الماثلة قد جاءت على غير سند صحيح من القانون خليقة بالرفض.
لا سيما وإنه من المقرر في قضاء محكمة النقض: “خلوص المكان لمالكه، فيكفي المُدعي إثباتاً لواقعة الغصب التي يُقيم عليها دعواه أن يُقيم الدليل على وجود المُدعى عليه في العين محل النزاع المملوكة له، لينتقل بذلك عبء إثبات العكس على عاتق المُدعى عليه بوصفه مُدعين خلاف الأصل وليثبت أن وجوده بالعين يستند إلى سبب قانوني يبرر ذلك”، طبقا للطعن رقم 133 لسنة 55 قضائية.
وعليه، فإذا نجحت – كما هو متوقع وثابت بأوراق الدعوى وشهادة الشهود في الخبرة كما فهمت من حديثكم – في إثبات وجود عقد الإيجار مع المستأجرة الأصلية، ووفاتها وامتداد عقد الإيجار لابنتها التي كانت تقيم معها قبل الوفاة، ومن ثم فإن الإقامة الدائمة في العين المؤجرة للمستفيدة هو حق لها وليس واجب عليها، وإن قيام المستفيدة من الامتداد القانوني باستضافة أقاربها في العين المؤجرة هو حق مطلق لها ولا يكون للمؤجر في هذه الحالة اللجوء للقضاء لطلب طرد الضيف من عين التداعي.
حيث إنه من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقص، أن: “المقصود بالإيواء أو الاستضافة أن يستنزل المستأجر ضيوفاً تربطهم به صلة قرابة أو صداقة متينة، لمدة قصيرة أو طويلة، وذلك بصفة عارضة واستجابة لظروف طارئة، فإن ما يتذرع به الطاعن من نفي لصلة الخؤولة التي تربط بين المطعون عليها وبين الشخص الذي شغل الشقة – أياً كان وجه الحق فيها – لا غناء فيه لجواز إيواء من تربطه بالمستأجر صداقة وثيقة”، طبقا للطعن رقم 77 لسنة 54 قضائية.

 

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى