صراع الأحفاد على ميراث الجد .. أول قضية من نوعها أمام محكمة النقض
صراع الأحفاد على ميراث الجد .. أول قضية من نوعها أمام محكمة النقض
في عام 2003، شهدت الدراما المصرية مسلسلا من نوع خاص، والذي يروي صراع الابناء والأحفاد على الميراث، وحق غير مشروع لأحد الأبناء في الاستيلاء على إرث والده، والسطو على حق اشقائه بحجة العمل تحت مراقبة والده دون شكوى، هذا العمل الدرامي الكلاسيكي «الليل وآخره» الذي ابرز صراع الأبناء والاحفاد على الميراث والحق الشرعي فيه.
المثير انه وبعد 20 عامًا تتكرر أحداث القضية لكن على أرض الواقع، وبشكل اكثر درامى؛ لتنظرها محكمة النقض فى قضية تعتبر هى الأولى من نوعها؟، فما هى القصة، وكيف دارت احداثها؟، هذا ما سنعرفه من البداية إلى النهاية الآن.
منذ زمن عاش رجل بسيط في احدى قرى محافظة الشرقية، حياة بسيطة جدا، كان هدف ذلك الرجل أن يتزوج وينجب اطفالا ويملك اراضي زراعية، يأكل ويشرب ويعيش ويربي ابناءه من خيرها، ظل يعمل ذلك الفلاح البسيط حتى استطاع تحقيق حلمه بعد أن انجب اول طفل «محمد»، واشترى اول ارض زراعية، وبمجرد أن حمل نجله بين يديه استبشر فيه أن يكون ظهره وسنده في المستقبل، وبعد سنوات جاءت الطفلة الثانية ثم الثالثة والرابعة، وأخيرًا جاء الطفل الخامس، وايضا اشترى قيراط في الثاني حتى اصبح يملك مجموعة اراضي زراعية، والتي تقدر حاليا بملايين الجنيهات، وفي منتصف تلك الاراضي بيت صغير يعيش فيه الفلاح مع اسرته.
اعتمد الرجل الفلاح على ابنه الاكبر بشكل كبير؛ ليكون رجل المنزل من بعده ليحمي امه وشقيقاته الثلاث وشقيقه الصغير، لذلك ظل الأب يفكر وينظر إلى السماء ويطلب العون، حتى قرر انه سوف يعلمه كل شيء في عمله، وليصبح فلاحا وصاحب عقارات، وبالفعل كان نجله محمد شديد الذكاء، تعلم في وقت قصير، وبسبب المسؤولية شعر الابن بأنه اصبح رجلاً، لديه رأي وقرار، وكأنه «معلم صغير»، وبدأ يعلق على كل كبيرة وصغيرة في البيت، ورأيه في تصرفات الفتيات، وكأنه تقمص دور الاب.
فجأة وبدون سابق انذار، توفي الفلاح عام 1971، ومنذ ذلك الوقت استلم وبشكل حقيقي الابن الاكبر كل المسؤولية، وبالفعل بدأ يطور ويبني العقارات، وعندما اصبح محمد شابا تزوج، أما الفتيات فقام بتزويجهن واحدة تلو الأخرى، والشقيق الصغير بدأ يدرس وسافر إلى القاهرة ليكمل دراسته ويبدأ حياته المهنية بعيدا عن الزراعة والعقارات.
وفاة وصراع
كان الجميع في حماية وظل شقيقهم الاكبر، لم يفكر احد في تقسيم الميراث، وعلى نفس الخطى بدأ الشقيق الاكبر تعليم ابنائه كيف يديرون العقارات والاراضي الزراعية، وفجأة توفي الشقيق الاصغر واحدى شقيقاته، طالب ابناؤهم بالحق في ميراث آبائهم من تركة والدهم.
وهنا المفاجأة؛ قرر محمد أن الميراث بالكامل لأولاده الستة، وليس من حق احد ان يتقاسم معهم، وبالفعل بدأ ابناؤه الحرب.
صار الاحفاد في وجوه البعض، وحتى قرروا الذهاب إلى المحامي حسام الجعفري لإقامة دعوى امام محكمة جنح ابو حماد ضد محمد وابنائه، تداولت القضية بالمحكمة حتي قضت بتغريم كل متهم 100 ألف جنيه، فطعنوا امام محكمة النقض على امل حرمان الطاعنين من الميراث، لكن ايدت النقض حكم محكمة أول درجة بتسليم الحق الشرعي من الميراث للطاعنين ولكن مع تخفيف الغرامة عن كل متهم من 100 الى 20 الف جنيه، وبعد حكم النقض قرر المتضررون اقامة دعوى تعويض عن الامتناع عن تسليم الميراث، ومازالت القضية متداولة أمام المحكمة.
تساؤلات
يعلق المحامي حسام الجعفري على جريمة الامتناع عن تسليم الميراث قائلاً: نصت المادة 49 من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث المعدل بالقانون رقم 219 لسنه 2017 والمنشور بالجريدة الرسمية يوم 30 ديسمبر 2017 العدد 52 مكرر: مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث رضاءً أو قضاءً نهائيا. ويعاقب بذات العقوبة كل من حجب سندًا يؤكد نصيبًا للوارث أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين أو أي جهة مختصة وفى حالة العودة لأي من الأفعال السابقة تكون العقوبة الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة، وللمجنى عليه أو وكيله الخاص أو لورثته أو وكيلهم الخاص، إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال وذلك في الجنح المنصوص عليها في هذه المادة، ويجوز للمتهم أو وكيله الخاص إثبات الصلح المشار إليه.
هل يجوز التصالح في تلك الجريمة؟
نعم فقد راعى المشرع أن تلك النوعية من الجرائم تقع بين الأقارب وبين الأصول والفروع لذلك وخير ما فعل المشرع وحفاظَا على صلة الرحم؛ بأن أجاز التصالح ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، ولا يكون للصلح أثرًا على حقوق المضرور من الجريمة.
ما موقف محكمة النقص الجنائية بشأن ثبوت جريمة الامتناع عن تسليم حصة ميراثية؟
قررت ما قررته المحكمة الدستورية من عدم لزوم وجود قسمة نهائية رضًا أو قضاءً لقيام جريمة الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث وأن جرم فعل الامتناع عن تسليم النصيب الشرعي من الميراث فى عبارة عامة مطلقة تشمل جميع صور الامتناع سواء وقع على الحصة الشائعة أو النصيب المفرز، ذلك أن كليهما يصح أن يكون محلاً للتسليم، بحكم صلاحية كل منهما لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد، ولا فارق بين الاثنين إلا في أن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط غيره من المشتاعين، إلا أن ذلك لا يحول دون قابليتها للتسليم والحيازة، فملكية الحصة الشائعة ملكية تامة، يجمع مالكها فى يده جميع عناصر الملكية من استعمال واستغلال وتصرف، وينصب حقه مباشرة على حصته فى المال الشائع، وبذلك يُعد الامتناع عن تسليمها أحد صور الامتناع.
هل للطرف المتضرر احقيه بإلزام الممتنع بالتعويض؟
يحق للطرف المتضرر الرجوع بالتعويض علي الطرف الممتنع وفقا للمادة ١٦٣ من القانون المدني، وهو ما فعله المتضررون فى هذه القضية.
مصدر الخبر | موقع اخبار اليوم