في حكم لها.. «النقض»: لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها.. وتؤكد: بشرط ألَّا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات العقد
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ٢٢٠٦ لسنة ٨٢ قضائية ـ الدوائر المدنية – جلسة ٢٠٢١/٠٦/٢١، أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها، إلا أن ذلك مشروط بألَّا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات العقد والمناط في ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءهـــــــــا على أسبـــــاب سائغـــــة.
الحكم
باسم الشعب
محكمة النقض
دائرة الاثنين مدني د
الطعن رقم ٢٢٠٦ لسنة ٨٢ قضائية
جلسة الاثنين الموافق ٢١ من يونيو سنة ٢٠٢١
ــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي / مجدي مصطفى نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة / وائل رفاعي،عصام توفيق،رفعت هيبة
” نواب رئيس المحكمة ” وأحمد الفقي
ــــــــــــــــــــــــــ
(١-٣) عقد ” أركان العقد وشروط انعقاده : سلطان الإرادة : تحديد موضوع العقد : تكييــف العقد : تفسير العقد : تحديد نطاق العقد ” . محكمة الموضوع ” سلطتها فى تفسير العقود “.
(١) مبدأ سلطان الإرادة. لازمه. عدم استقلال أي من طرفيه متى وقع صحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب بنقضه أو تعديله. علة ذلك. امتناع ذلك على القاضي. اقتصار عمله على تفسير مضمونها بالتزامه بعدم الخروج على عبارة العقد الواضحة. علة ذلك. المواد ١٤٧/١، ١٤٨، ١٥٠ مدني.
(٢) تفسير العقود واستخلاص قصد عاقديها. من سلطة محكمة الموضوع. مناطه. الرجوع إلى إرادة المتعاقدين وقيامه على أسباب سائغة.
(٣) ثبوت بيع المطعون ضده للطاعن بموجب عقد البيع موضوع التداعي حصة مشاعًا في كامل مسطح الأرض والتأشير عليه بما يفيد سداد كامل الثمن وتخصيص القسم الأول من العقد لهذا الجزء وإكمال الطرفين التعاقد في القسم الثاني المعنون ” الوحدة المخصصة” باختصاص الطاعن بوحدة بالطابق السادس لقاء ثمن محدد وعدم تضمنه بیان ما إذا كان هذا المبلغ مغايرًا للمبلغ المتفق عليه بالقسم الأول وإن كان قد سُدِّد وكيفية سداده. قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بفسخ العقد استنادًا إلى تخلف الطاعن عن سداد قيمة تكلفة الوحدة السكنية المباعة له دون التعرض لبيان تفسير العقد في خصوص بند الثمن رغم جريان العرف في تلك المعاملات على عدم تجزئة الصفقة وتحديد مبلغ للحصة الشائعة في الأرض ومبلغ مماثل آخر يعادل قيمة الوحدة ذاتها. خطأ وقصور.
ــــــــــــــــــــــــــ
١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنَّ النص في الفقرة الأولى من المادة ١٤٧ من القانون المدني على أن ” العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين” وفي المادة ١٤٨ منه على أنه ” يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية” وفي المادة ١٥٠ من القانون ذاته على أنه ” إذا كانت عبارة العقد واضحةً فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أمَّا إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطريقة التعامل وبما ينبغي من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقًا للعرف الجاري في المعاملات” يدل على أن مبدأ سلطان الإرادة مازال يسود الفكر القانوني ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزمًا للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أيٍّ من الطرفين، إذ إن العقد وليد إرادتين وما تعقده إرادتان لا تحله إرادة واحدة، وهذا هو الأصل، كما يمتنع ذلك على القاضي- أيضًا- لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالتزام عبارات العقد الواضحة وعدم الخروج عنها بحسبانها تعبيرًا صادقًا عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، وذلك احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقًا لاستقرار المعاملات. (١)
٢- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها، إلا أن ذلك مشروط بألَّا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات العقد والمناط في ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءهـــــــــا على أسبـــــاب سائغـــــة. (٢)
٣- إذ كان البين من مطالعة العقد سند الدعوى والمؤرخ ٢٩/٤/٢٠٠١ أنه قد أُبرم فيما بين طرفي التداعي وباع بموجبه المطعون ضده للطاعن ١٦ سهمًا مشاعًا في كامل مسطح الأرض المبنية، وأن ذلك لقاء ثمن مقداره ١٠٤٥٠٠ جنيه، وتأشر على البند الخاص ببيان كيفية السداد على أقساط بأن الثمن قد سُدِّد کاملًا، وخصص لهذا القسم الجزء الأول من العقد، ثم أكمل الطرفان التعاقد في القسم الثاني المعنون ” الوحدة المخصصة” ببيان أن للطاعن ستة أسهم مشاعًا في أرض التداعي، وأنه تم تخصيص وحدة للطاعن بالطابق السادس والمبينة بالبند الأول من ذلك القسم لقاء مبلغ ١٠٤٥٠٠ جنيه، ولم يتضمن بیان ما إذا كان هذا المبلغ مغايرًا للمبلغ المتفق عليه بالقسم الأول وإن كان قد سُدِّد وكيفية سداده، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بفسخ العقد على سند من أن الطاعن تخلف عن سداد قيمة تكلفة الوحدة السكنية المباعة له دون التعرض لبيان تفسير العقد في خصوص بند الثمن، إذ إن العرف الجاري في تلك المعاملات ألَّا يتم تجزئة الصفقة وتحديد مبلغ للحصة الشائعة في الأرض ومبلغ مماثل آخر يعادل قيمة الوحدة ذاتها، بما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. (٣)
ــــــــــــــــــــــــــ
الـــــمــــحـكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / أحمد الفقي” القاضي بالمحكمة ” والمرافعة، وبعد المداولة.
حيثُ إنَّ الطعنَ استوفى أوضاعَهُ الشكليِّةَ.
وحيثُ إنَّ الوقائعَ – على ما يبينُ مِّنَ الحكمِ المطعونِ فيهِ وسائرِ الأوراقِ – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم ٨٣٩٥ لسنة ۲۰۱۰ مدني شمال القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ ٢٩/٤/٢٠٠١ والتسليم، وقال بيانًا لذلك: إنه باع بموجب ذلك العقد إلى الطاعن حصة مقدارها ستة أسهم مشاعًا في قطعة الأرض من العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن مقداره مائة وأربعة آلاف وخمسمائة جنيهٍ سُدِّد بالكامل في مجلس العقد، وإذ رغب الطاعن وآخرون في إقامة عمارة سكنية عليها وتخصيص شقة لكلٍّ منهم، فتم الاتفاق على أن يخصص له وحدة سكنية بالدور السادس نظير مبلغ مائة وأربعة آلاف وخمسمائة جنيه يعادل قيمة تكاليف إقامتها، وقد ورد بالبند العاشر من العقد المشار إليه أنه في حالة التأخير في سداد أقساط التخصيص تحل باقي الأقساط فورًا ويفسخ العقد من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو إعذار، وإذ تقاعس الطاعن عن سداد ذلك المبلغ، فقد أقام الدعوى. والمحكمة حكمت بالطلبات. استأنف الطاعن ذلك الحكم بالاستئناف رقم ٤۷۷۰ لسنة ١٥ ق استئناف القاهرة، وبتاريخ ٢٠/١٢/٢٠١١ قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جُزئيًّا فيما قضى به من فسخ العقد بخصوص شراء الطاعن الحصة في الأرض المقام عليها عقار التداعي، وإذ عُرض الطعنُ على المحكمة، في غرفة مشورة، فقررت استبعاد السبب الرابع، وحددت جلسة لنظر باقي الأسباب، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّ الطاعن ينعي بالأسباب من الأول حتى الثالث مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيانها يقول: إن العقد سند الدعوى هو عقد تخصيص وحدة سكنية في عقار قائم بالفعل وليس أرض فضاء، وأنه خالص الثمن، حيث خلا الجزء الثاني من ذلك العقد والمعنون “الوحدة المخصصة” من أي مستحقات عليه أو أقساط متأخرة أو مواعيد سداد، إلَّا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أخطأ في تفسيره، إذْ كيَّفَه على أنه عقد بيع قطعة أرض مقدارها ستة أسهم تعادل ١٦٥م۲ مشاعًا في كامل مساحة العقار البالغة ٧٦٣،٤٢ م۲، وانتهى من ذلك إلى أن طلبات المطعون ضده هي فسخ ذلك العقد الذي يتكون من شقينِ لكلٍّ منهما بنود منفردة بالمخالفة للثابت بالأوراق، بما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعيَّ في محله، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في الفقرة الأولى من المادة ١٤٧ من القانون المدني على أن ” العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين” وفي المادة ١٤٨ منه على أنه ” يجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية” وفي المادة ١٥٠ من القانون ذاته على أنه ” إذا كانت عبارة العقد واضحةً فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين أمَّا إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف على المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطريقة التعامل وبما ينبغي من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقًا للعرف الجاري في المعاملات” يدل على أن مبدأ سلطان الإرادة مازال يسود الفكر القانوني ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحًا لا يخالف النظام العام أو الآداب أصبح ملزمًا للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة أيٍّ من الطرفين، إذ إن العقد وليد إرادتين وما تعقده إرادتان لا تحله إرادة واحدة، وهذا هو الأصل، كما يمتنع ذلك على القاضي- أيضًا- لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالتزام عبارات العقد الواضحة وعدم الخروج عنها بحسبانها تعبيرًا صادقًا عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، وذلك احترامًا لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقًا لاستقرار المعاملات. كما وأنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين منها، إلا أن ذلك مشروط بألَّا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات العقد والمناط في ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة، إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة. لمَّا كان ذلك، وكان البين من مطالعة العقد سند الدعوى والمؤرخ ٢٩/٤/٢٠٠١ أنه قد أُبرم فيما بين طرفي التداعي وباع بموجبه المطعون ضده للطاعن ٦ أسهم مشاعًا في كامل مسطح الأرض المبنية، وأن ذلك لقاء ثمن مقداره ١٠٤٥٠٠ جنيه، وتأشر على البند الخاص ببيان كيفية السداد على أقساط بأن الثمن قد سُدِّد کاملًا، وخصص لهذا الجزء القسم الأول من العقد، ثم أكمل الطرفان التعاقد في القسم الثاني المعنون “الوحدة المخصصة” ببيان أن للطاعن ستة أسهم مشاعًا في أرض التداعي، وأنه تم تخصيص وحدة للطاعن بالطابق السادس والمبينة بالبند الأول من ذلك القسم لقاء مبلغ ١٠٤٥٠٠ جنيه، ولم يتضمن بیان ما إذا كان هذا المبلغ مغايرًا للمبلغ المتفق عليه بالقسم الأول وإن كان قد سُدِّد وكيفية سداده، إلَّا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بفسخ العقد على سند من أن الطاعن تخلف عن سداد قيمة تكلفة الوحدة السكنية المباعة له دون التعرض لبيان تفسير العقد في خصوص بند الثمن، إذ إن العرف الجاري في تلك المعاملات ألَّا يتم تجزئة الصفقة وتحديد مبلغ للحصة الشائعة في الأرض ومبلغ مماثل آخر يعادل قيمة الوحدة ذاتها، بما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه.
لــــــــــــــذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين