في عيدها : قالوا عن الأم !!
فى عيدها يمر بنا شريط الذكريات فنسترجع المواقف الجميلة و البعض منا تغمره أحزان فقدان أمه الحبيبة.
وتبقى الأم هي جنة الله في أرضه ويبقى كل يوم بــ وجودها عيداً.
قاضي أون لاين يستعرض لكم في هذا اليوم ذكريات لــ علامات مضيئة في مجالات مختلفة تحدثوا عن دور الأم في رحلة نجاحهم
د. عائشة عبد الرحمن ” بنت الشاطئ” كتبت عن دور والدتها في تشجيعها و استكمال تعليمها فقالت :
أنهيت دراستي في المدرسة الأولية ثم الراقية وكدت استسلم لضرورة حجزي في المنزل ،إذ كنت قد بلغت الثالثة عشرة من عمري ،لولا أن ظفرت لي أمي بعد بدء الدراسة بشهرين بالإذن في التعليم ممن لا يملك والدي أن يعصي له أمرا وهو إمامه في التصوف، واستقر بي الحال بعد عناء فى مدرسة المعلمات بطنطا.
وكتبت أيضا متسائلة عن والدتها :
هل كان حنان الأمومة هو الذي يدفعها إلي مساعدتي وهي تراني أذوي وأنا أرقب انهيار أمالي؟
أم تراها كانت تستشف أنني سأكون واحدة من الجيل الذي يشهد محنة الحيرة بين القديم الذي عرفه والجديد الذي يبلوه لأول مرة؟
أم لعلها كانت مسوقة ،مثلما كنت ،بدافع لاإرادى له لأن تدفعني إلي الطريق الآخر الذي لم أكن حتي فكرت فيه ؟
من ذلك مثلا أنه عندما أوصدت مدرسة المنصورة للمعلمات بابها دوني،أدهشني أن أمي لم تعد بي إلي دمياط ريثما تدبر أمرها،وإنما انطلقت تبيع سوارا ذهبيا كانت تتزين به وقطعت لنا تذكرتين للسفر إلي القاهرة بحثا عن مكان لي بمدرسة المعلمات بحلوان ،أما عندما أصر والدي في عطلة الصيف علي ردي إلي طريقي الذي حدت عنه،فقد كانت تعرض بيتنا للانهيار وهي تحاول الذود عن طموحي.
المستشارة الراحلة هند طنطاوي ” أول سيدة تتولى رئاسة هيئة النيابة الإدارية ” عندما سئلت عن المثل الأعلى في حياتها قالت :
أمي أولاً و أمي ثانياً وأمي عاشراً ، فهذه السيدة هي التي صنعتني و جعلت مني شخصية مفيدة و نافعة بتربيتها لي وبقراءتها لملكاتي ، و أتذكر أنني كانت أمنيتي أن أصبح طبيبة قبل امنية القاضية ، و عندما عرضت عليها ذلك قالت لي سوف تصبحين طبيبة فاشلة ، و منذ نعومة اظافري تجهزني للقضاء ، و تقول لي إن هذا المجال هو قدري بُعد نظرها وفراستها جعلها تحس بما يمكن أن أنبغ فيه.. لم تكن متعلمة ، و لكنها كانت مثقفة جداً .. كانت تمتلك البصيرة و الرؤية البعيدة ، ودخلت كلية الحقوق وتفوقت فيها، وأحست أمي حينذاك بأنها ملكت الدنيا وزادت سعادتها حينما التحقت بالعمل في النيابة الإدارية. كانت سيدة سبقت زمانها و صنعت من عائلتنا قصة نجاح باهرة.
السفيرة مشيرة خطاب عندما سئلت عن ذكرياتها عن الأم قالت :
أمى كانت تبدو رقيقة مثل النسمة وعندما تصمم على إنجاز شئ لابد أن تحققه ، وكان عندها حكمة جميلة فكانت لا تتوقف عند الصغائر وتركز على القضايا الأهم وتعلمت منها الكثير .. ومهما بلغ الإنسان من العمر يظل محتاجا لأمه ولحنانها.
طريقة تعاملها معنا كانت حاسمة جداً مثل الحضن المنيع وتضع قواعد واضحة وصارمة فى الأسرة ورغم ذلك فهى تمثل لنا الحنان الكبير جداً .كانت دائماً تدعو لنا وتقول «ربنا يحبب خلق الله فيكم» .
أقول لأمى بفضل دعواتها وثقتها فى وإيمانها بى وباخواتى ، وعلى الرغم من اختلاف الزمن إلا أننى أجد نفسى صورة مكررة منها ، عندما أراجع طباعى وأخلاقى أجد نفسى نسخة منها على اختلاف الزمن والبلاد الكثيرة التى سافرت وعشت فيها ، أمير الشعراء كان محقا عندما قال «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق» .
د. مفيد شهاب يتذكر والدته و يقول :
أفتقدها كثيراً وأتذكرها دائما ، أمى كانت بالنسبة لى نقطة مهمة فى حياتى ، أمى كانت تغذى القسط العاطفى لنا كانت تمثل لنا العاطفة اللامحدودة ، أمى كان عندها عاطفة لكل الناس كانت تسعى لتقديم الخير للناس، كانت مشهورة فى العائلة أنها الحكيمة لو أحد من الأقارب عنده مشكلة أو خلاف يأتون إليها لحل مشكلاتهم ولذلك كان دائما بيتنا مفتوحا ، أمى اجتماعية للغاية وأنا أخذت منها هذه الصفة أمى كانت تمثل لى العاطفة والإنسانية والروح الاجتماعية وأبى كان يمثل لى العقل والمنطق وقوة الشخصية .
عندما كنت فى البعثة فى فرنسا كانت تكتب لى خطاباً كل أسبوع وأتذكر خطاباتها ومازلت محتفظا بها إلى الآن ، وكانت تبدأ الخطاب ابنى الغالى مفيد وبعد ذلك تكتب لى شعراً «وعلى النفس بالآمالى أرقوها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل» وبعد ذلك تتحدث لى وتقدم لى النصائح من الحرص على تناول الطعام وفريضة الصلاة ثم تبدأ فى سرد أخبار العائلة لى .
المستشار د.خالد القاضي كتب عن والدته فقال :
أعترف أن أمى – رحمها الله – ورغم أميتها (العلمية) حيث لم تكمل دراستها حتى الابتدائية منها، إلا أنها كانت تعى جيدًا موجبات القانون وحتمية احترامه، لنشأتها وتربيتها فى بيت عالم جليل « الشريف عبدالحميد المجيد المغربى»، ثم زواجها فى سن مبكرة جدًا لرجل قانون والدى – رحمه الله – فكرست داخل وجدانى وكيانى معانى وقيم تقديس القانون بمفهومه النظامى العام، من انضباط المواعيد، والصمت أثناء الحوار، والحرص على الوفاء بالعهود والوعود، وصيانة واحترام نظام المنزل، ومتابعة دروسنا وواجباتنا أولا بأول، وأخلاقيات عدم الحديث بصوت مرتفع مثلا أثناء نوم والدى – رحمه الله – وإيثار زملائنا عن أنفسنا مهما كان، فضلا عن كرمها اللا محدود .
وقد اعتدتُ الاحتفال بعيد الأم – ككل المصريين – منذ نعومة أظافرى، بلقاء عائلى حميم نحاول فيه تكريم أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا كذلك بوصفهن أمهات المستقبل، ولكننى، أعتقد أنه لم – ولن – نفلح فى رد ولو جزء يسير من أفضالهن المتواصلة، وعطائهن غير المحدود.