الهيئات القضائية
كيف تصدى القانون لتسجيل المكالمات والتصوير بدون إذن.. عقوبات تصل لـ 5 سنوات سجن وغرامة.. و5 مبادئ قضائية لمواجهة انتشار الأجهزة الحديثة
مع انتشار الهواتف والأجهزة الحديثة التي أصبح من خلالها تسجيل المكالمات الواردة والصادرة من الهاتف المحمول دون أن يشعر المتحدث على الطرف الأخر وهي أمور معاقب عليها حتى ولو اريد منها اثبات حق من الحقوق، ويعلم الجميع أن عملية تسجيل المكالمات الهاتفية دون إذن أصحابها، جريمة تندرج تحت بند انتهاك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وحدد القانون المصري عقوبة من يقوم بتسجيل المكالمات دون إذن قضائي بالحبس لمدّة لا تزيد على سنة.
وبسبب التطور الإلكتروني الذي أصاب العالم خلال القرن الماضي وظهور ثورة الاتصالات الهائلة، أضحت الأحاديث الشخصية عامة والهاتفية خاصة عرضة للالتقاط والتسجيل والإفشاء، وأصبحت المكالمات الهاتفية بواسطة الأجهزة الصغيرة والدقيقة عرضة للتسجيل وبطرق مختلفة، وبالتالي عرضة للإفشاء، وعليه فقد أصبح من اليسير أن نجد العديد من المكالمات الشخصية التي نجريها أو تلك التي قد أجريناها بتلك الأجهزة النقالة، تم تسجيلها وحفظ تفاصيلها الصوتية الدقيقة، وبالتالي قد تقدم كدليل في الاتهام.
كيفية تصدى القانون لكوارث تسجيل المكالمات والتصوير بدون إذن
في التقرير التالي، يلقى “برلماني” الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بمدى جواز تسجيل المكالمات الهاتفية بدون إذن قضائي من عدمه مع انتشار الهواتف والأجهزة الحديثة التي أصبح من خلالها تسجيل المكالمات الواردة والصادرة من الهاتف المحمول دون أن يشعر المتحدث على الطرف الأخر، فضلا عن رصد 5 مبادئ قضائية تتعلق بإشكالية التسجيل دون إذن أو التقاط صور دون إذن، أبرزها: “يعاقب بالحبس كل من التقط صورة لآخر ونشرها أو وزع نسخاً منها دون إذنه أو إذن من فى الصورة جميعاً ما لم يتفق على خلافه”، وذلك في الوقت الذى انتشرت فيه مثل هذه الجرائم في الشارع المصرى – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض يحيى سعد جاد الرب.
في البداية – النصوص القانونية لمواجهة تلك الإشكالية تأتى في مقدمتها نص المادة رقم 309 مكرر من قانون العقوبات على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه:
أ- استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.
ب- التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.
عقوبات تصل لـ 5 سنوات سجن والغرامة
فإذا صدرت الأفعال المشار إليها في الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً، ويعاقب بالحبس الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها، مما يكون قد استخدم في الجريمة، كما تحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها – وفقا لـ”جاد الرب”.
وتنص المادة رقم 309 مكرر (أ) من قانون العقوبات على أنه: “يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو في غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان بغير رضاء صاحب الشأن، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التي تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه، ويعاقب بالسجن الموظف العام الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته، ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها” – الكلام لـ”سعد”.
و5 مبادئ قضائية لمواجهة انتشار الهواتف والأجهزة الحديثة
وتنص المادة 76 القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات على أنه: “مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من (1) … 2) تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات”، وتنص المادة 178 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 على أنه: “لا يحق لمن قام بعمل صورة لآخر أن ينشر أو يعرض أو يوزع أصلها أو نسخاً منها دون إذنه أو إذن من في الصورة جميعاً ما لم يتفق على خلافه”.
وتنص المادة 181من ذات القانون على انه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد فى قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب أحد الأفعال الآتية: أولاً …رابعًا – نشر مصنف أو تسجيل صوتي محمى طبقاً لأحكام هذا القانون عبر أجهزة الحاسب الآلي أو شبكات الإنترنت أو شبكات المعلومات أو شبكات الاتصالات أو غيرها من الوسائل بدون إذن كتابي مسبق من المؤلف أو صاحب الحق المجاور.
3 حالات للنشاط الإجرامي
مع انتشار الهواتف والأجهزة الحديثة التى أصبح من خلالها تسجيل المكالمات الواردة والصادرة من الهاتف المحمول دون أن يشعر المتحدث على الطرف الأخر، ولما كان إن الدستور كفل حرية الرأي وحرية المراسلات والمحادثات وكل حريات الأفراد، والاعتداء على هذه الحريات يستوجب معاقبة المعتدى، وقد نصت المادة 45 من الدستور المصري أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمتها وسريتها مكفولة، ولا يجوز الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محدودة وفقا لأحكام القانون.
كما أن المادة 309 مكرر عقوبات جرمت 3 صور تنطوى على الاعتداء على سرية المحادثات التليفونية ما لم تتوافر أحد أسباب إباحة ارتكاب إحدى هذه الصور، وأولى هذه الصور التجريمية هى التنصت على المحادثات التليفونية، فلكي يمكن القبول بارتكاب جريمة تنصت على محادثة تليفونية يجب أن يثبت ارتكاب الغير النشاط الإجرامي للجريمة، ويقصد بالغير هنا كل من كان خارج طرفي الحديث التليفوني، وهناك ثلاث حالات للنشاط الإجرامي.
الحالة الأولى: استراق السمع أي الاستماع خلسة إلى الحديث التليفوني
استراق السمع أي الاستماع خلسة إلى الحديث التليفوني سواء تم ذلك بالإذن المجردة أو باستخدام جهاز من الأجهزة المتخصصة لذلك، وعليه فلا يقع تحت طائلة العقاب التقاط الحديث التليفوني متى استمع إليه المتهم من خلال سماعة التليفون التي في يد المرسل نفسه أو استماع ضابط الشرطة للحديث التليفوني بموجب إذن قضائي بذلك يصدر من قاضى التحقيق أو القاضي الجزئى أو بموجب رضا المرحل نفسه أو لتوافر علاقة إشرافية كأن يتنصت الأب على محادثات ابنه الصغير أو يتنصت الزوج على محادثات زوجته متى كان لديه شك قوى فى سلوكها.
الحالة الثانية: تسجيل الحديث التليفوني
وفى هذا الشأن سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الإشكالية في الطعن المقيد برقم 14348 لسنة 65 قضائية حيث ذكرت في حيثيات حكمها بأنه: المقرر أن القصد الذي يتطلبه الشارع في جريمة استراق السمع المنسوبة إلى المطعون ضده والمعاقب عليها بنص المادة 309 مكررا من قانون العقوبات هو القصد العام الذي يتحقق بمجرد ارتكاب الفعل المادي وتستوي البواعث التي دفعت المتهم إلى فعله وأن مجرد الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة باستراق السمع يفترض فيه القصد إذا ما توافر عنصراه: العلم والإرادة.
الحالة الثالثة: نقل الحديث التليفوني
غير أن محكمة النقض كان لها رأى في هذا الشأن حيث قالت في أسباب الطعن رقم 22340 لسنة 62 القضائية، إن المادة 95 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية، فرضت لحماية الحياة الخاصة والأحاديث الشخصية للمتهم، غير أنها فلا تسري تلك الإجراءات على تسجيل ألفاظ السب والقذف من تليفون المجني عليه الذي يكون بإرادته وحدها ودون حاجة إلى الحصول على إذن من رئيس المحكمة الابتدائية بتسجيلها بغير أن يعد ذلك اعتداء على الحياة الخاصة لأحد.
ملحوظة: ويفهم من ذلك أنه يجوز التسجيل بغير إذن في حالة ما إذا تضمنت المكالمة الفاظ سب وقذف من جانب الطرف الأخر علما بأنه إذ تم استراق السمع أو التسجيل أو التقاط الصور أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع، فهنا يكون الرضاء مفترضا ولا عقوبة.
ومن الناحية المدنية قضت محكمة النقض في الطعن المقيد برقم 9542 لسنة 91 قضائية حيث ذكرت في حيثيات حكمها أنه: إذا لم يأذن من التقطت له الصورة للمُصور بنشر أصل هذه الصورة أو عرضها أو توزيعها أو أى نسخ منها فإنه لا يحق له ذلك، فإن قام على الرغم من عدم وجود هذا الإذن بنشرها أو عرضها أو توزيعها، فإنه يكون قد ارتكب خطأ فى حق من التقطت له هذه الصورة فإذا ما أثبت الأخير أنه قد أصابه من جراء هذا الخطأ أضرار مادية أو أدبية فإن من التقط الصورة فى هذه الحالة يُلزم بأن يؤدى له التعويض الجابر لهذه الأضرار.
مصدر الخبر | موقع برلماني