الهيئات القضائية

للمتضررين من ملاك العقارات.. حكم نهائى بعدم الاعتداد بقرار التمكين أو الحيازة الصادر من المحامى العام حال صدور حكم قضائى بالطرد على ذات العين

أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما يهم المتضررين من أصحاب العقارات، حيث أرست فيه مبدأ قضائيا، قالت فيه: “فى حال صدور قرار حيازة وتمكين على عين، وصدور حكم قضائى بالطرد على ذات العين فإن الحكم هو الذى يصبح واجب النفاذ ولا يعتد بقرار التمكين الصادر من المحامى العام”، الأمر الذى ينهى النزاع بين أصحاب العقارات والزوجات التى يصدر لهن قرارات تمكين من شقة الزوجية، بينما ترفض ترك الشقة لصاحب العقار رغم صدور حكم قضائى لصالحه بالطرد باعتبار أن الشقة إيجار وليس تمليكا.

صدر الحكم فى الدعوى المقيدة برقم 29 لسنة 40 قضائية، برئاسة المستشار حنفى على، وعضوية المستشارين محمد خيرى، والدكتور عادل عمر، وبولس فهمى، ومحمود محمد، والدكتور محمد عماد، والدكتور طارق شبل، وبحضور المستشار الدكتور عماد طارق، وأمانة سر محمد ناجى.

الوقائع.. نزاع بين سيدة وصاحب عقار على “محل”
تتحصل وقائع الدعوى – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن المدعى كان قد استصدر حكما من محكمة أوسيم الجزئية، بجلسة 22 فبراير 2017 فى الدعوى رقم 187 لسنة 2016 مدنى مركز أوسيم، قضى فى منطوقه بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1 سبتمبر 2015، المحرر بين المدعى والمدعى عليه – من غير خصوم الدعوى المعروضة – عن العين المبينة المعالم والأوصاف بصحيفة الدعوى والعقد سالف الذكر، وألزمت المدعى عليه فى تلك الدعوى بتسليم العين للمدعى خالية من الأشخاص والشواغل – ومن جانب آخر – استصدرت المدعى عليها الأولى، قرارا من النيابة العامة فى المحضر رقم 1200 لسنة 2017 إدارى أوسيم، قيد برقم 264 لسنة 2017 حيازات شمال الجيزة، جرى منطوقه فى بنده الأول بتمكين المدعى عليها الأولى – فى الدعوى المعروضة – من الحانوت عين النزاع والمبين الحدود والمعالم ومحضر معاينة الشرطة المؤرخ 23 فبراير 2017، ومحضر استيفاء النيابة العامة المؤرخ 14 نوفمبر 2017، ومنع تعرض المدعى وآخرين لها فى ذلك، وإذ تراءى للمدعى أن ثمة تناقضًا بين حكم محكمة أوسيم الجزئية وقرار النيابة العامة سالفى الذكر، فقد أقام الدعوى المعروضة.

السيدة صدر لصالحها قرار تمكين بينما صدر للمالك حكم بالطرد
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع، الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين، طبقًا للبند “ثالثًا” من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صـادرًا عن أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخر من جهة أخرى، وأن يكونا قد حسما النزاع فى موضوعه، وتناقضا، بحيث يتعذر تنفيذهما معًا.

التناقض بين القرار والحكم يؤدى لتدخل المحكمة الدستورية
وبحسب “المحكمة”، وحيث إن اختصاص النيابة العامة بنظر منازعات الحيازة، قد مر من الناحية التشريعية بمرحلتين:- أولاهما تلك التى صدر فيها القانون رقم 29 لسنة 1982 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، متضمنًا إضافة المادة “373” مكررًا إلى المواد الخاصة “بجرائم انتهاك حرمة ملك الغير”، الواردة فى الباب الرابع عشر، من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، ليجرى نصها على النحو الآتى:

اختصاص النيابة العامة بنظر منازعات الحيازة
“يجوز للنيابة العامة، متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد السابقة من هذا الباب، أن تأمر باتخاذ إجراء تحفظى لحماية الحيازة، على أن يُعرض هذا الأمر، خلال 3 أيام، على القاضى الجزئى المختص، لإصدار قرار مسبب، خلال 3 أيام على الأكثر، بتأييده، أو بتعديله، أو بإلغائه، ويجب رفع الدعوى الجنائية، خلال 60 يومًا من تاريخ صدور هذا القرار، وعلى المحكمة – عند نظـــــر الدعـــــوى الجنائية – أن تفصل فى النزاع، بناءً على طلـب النيابة العامة، أو المدعى بالحقوق المدنية، أو المتهم، بحسب الأحوال، وبعد سماع أقــوال ذوى الشأن بتأييد القرار، أو بإلغائه، وذلك كله دون مساس بأصل الحق. ويعتبر الأمر، أو القرار، الصادر كأن لم يكن، عند مخالفة المواعيد المشار إليها، وكذلك إذا صدر أمر بالحفظ، أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى”.

ثانيتهما تلك المرحلة، التى قدر المشرع فيها، تزايد منازعات الحيازة، التى ضاعف من أهميتها حدة أزمة الإسكان، فضلًا عن تفاقمها، وأنها قد تبلغ درجة الجريمة فى بعض الأحيان، وقد تتوقف فى بعض أطوارها عند حدود النزاع المدنى، وأن كثيرًا من هذه المنازعات، وإن بدت مدنية بحتة، فإنها قد تشتعل بين أطرافها إلى حد يوشك أن ينتقل بها إلى نطاق الجريمة، إذا تركت دون حل وقتى عاجل، ومن ثم وضع المشرع تنظيمًا جديدًا لمنازعات الحيازة، يُدخلها فى إطار قانون المرافعات المدنية والتجارية، فأصدر القانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية والإثبات فى المواد المدنية والتجارية والعقوبات والإجراءات الجنائية وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية، الذى أضاف إلى هذا القانون المادة “44” مكررًا، التى يجرى نصها على النحو الآتي:

 

المحكمة ترجح الحكم القضائى على قرار التمكين
“يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة، مدنية كانت أو جنائية، أن تصدر فيها قرارًا وقتيًّا مسببًا واجب التنفيذ فورًا بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة، ويصدر القرار المشار إليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل، وعلى النيابة العامة إعلان هذا القرار لذوى الشأن خلال 3 أيام من تاريخ صدوره، وفى جميع الأحـوال يكون التظلم من هذا القـرار لكل ذى شأن أمام القاضى المختص بالأمور المستعجلة، بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة فى ميعاد 15 يومًا من يوم إعلانه بالقرار، ويحكم القاضى فى التظلم بحكم وقتى بتأييد القــرار، أو بتعديله أو بإلغائه، وله، بناءً على طلب المتظلم أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يُفصل فى التظلم”.

 

ووفقا لـ”المحكمة” -وحيث إن قرار النيابة العامة على امتداد هاتين المرحلتين التشريعيتين- ظل إجراءً أوليًّا مؤقتًا، كاشفًا عن طبيعته التحفظية، متوخيًا حماية الحيازة المادية للعقار، وكان هذا القرار قلقًا، لا يستقر إلا بتأييده، بعد التظلم منه فى المواعيد التى حددها القانون، ووفق الإجراءات التى بينها، وأمام الجهة القضائية التى عينها، فإن قرار هذه الجهة، دون غيره، هو الذى يعتبر حكمًا قضائيًّا فى تطبيق أحكام البند ثانيًا من المادة “25” من قانون المحكمة الدستورية العليا، دون قرار النيابة العامة الصادر فى هذا الشأن.

 

والحيثيات تؤكد: الحكم هو الذي يصبح واجب النفاذ
وتضيف “المحكمة”، وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى المعروضة لا تعكس إلا حكمًا قضائيًّا واحدًا، هو ذلك الذى أصدرته محكمة مركز أوسيم الجزئية السالف بيانه، وكان التناقض بين الأحكام، الذى تختص هذه المحكمة بفضه، طبقًا للبند “ثالثًا” من المادة “25” من قانونها، لا يقوم إلا بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين أو هيئتين قضائيتين مختلفتين، وهو ما لم يتوافر فى الدعوى المعروضة، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.

وتابعت: وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ قرار المحامى العام الأول لنيابات شمال الجيزة السالف ذكره، فإنه يُعد فرعًا من أصـــل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم قبول الدعوى، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاص البت فى هذا الطلب، طبقًا لنص المادة “32” من قانونها، يكون – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد بات غير ذى موضوع.

 

1 أصل
2
3
4
6

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى