للمتضررين من نزع الملكية.. النقض تضع ضوابط جديدة لحفظ حقوق المُلاك
أصدرت الدائرة المدنية “د” – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم المتضررين من نزع الملكية للمنفعة العامة، يرسخ لمبدأ قضائيا بشأن التعويضات المقررة، قالت فيه: ” أن لمالك العقار الذى نزعت ملكيته للمنفعة العامة كذلك الحق فى التعويض عن عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلى إلى حين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 3311 لسنة 74 قضائية، برئاسة المستشار محمد عباس منيعم، وعضوية المستشارين عرفة أحمد سيد دريع، وأحمد على راجح، وعلى مصطفى معوض، وإيهاب ابراهيم عبد اللاه، وبحضور كل من رئيس النيابة محمد فريد نصر، وأمانة سر فتحى حمادة.
الوقائع.. المالك يقيم دعوى لتعويضه لنزع ملكية أرضه
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم 2641 لسنة 1997 مدنى أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير في الدعوى لتحديد أرض التداعي وتقدير قيمتها وقت رفع الدعوى والتعويض الجابر للأضرار التي لحقت به جراء عدم انتفاعه بها لحين صرف التعويض، وبإلزامه بصفته بأن يؤدى له ما يقدره الخبير .
الأرض تقع في في حرم سور القاهرة الفاطمي الأثرى
وقال بيانا لذلك إنه يمتلك وآخرين أرض التداعى، وقد قام المطعون ضده بصفته بالاستيلاء عليها لدخولها في التخطيط العمراني المحافظة القاهرة، وإذ انتهت إدارة الأملاك إلى أن الأرض هي ضائع تنظيم لا يجوز البناء عليها أو التصرف فيها، فضلا عن أنها تقع في حرم سور القاهرة الفاطمي الأثرى، وكان المطعون ضده بصفته مسئولا عن التعويض جراء استيلائه على الأرض المملوكة للطاعن، ومن ثم أقام الدعوى.
محكمة أول درجة تقضى بالتعويض للمالك
وفى تلك الأثناء – ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للطاعن التعويض الذي قدرته، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 7341 لسنة 120 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده بصفته بالاستئناف رقم 7389 لسنة 120 قضائية أمام ذات المحكمة، وضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط، وبتاريخ 2004/2/28 قضت المحكمة في الاستئناف الأول برفضه، وفى الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستانف بالزام المطعون ضده بأن يؤدى للطاعن تعويض بمبلغ 99945 جنيهاً ومقابل عدم انتفاع بواقع 4% سنوياً من قيمة التعويض المقضى به اعتبارا من 1982/3/6 وحتى تاريخ صرفه، فطعن الطاعن في هذا الحكم أمام محكمة النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه الطعن وان عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أنه يستحق تعويضاً عن مقابل انتفاعه بعقار النزاع من تاريخ الاستيلاء عليه حتى تاريخ دفع التعويض المستحق عن نزع ملكيته ولا يسقط حقه في استيفاء هذا التعويض إلا من تاريخ استحقاقه وهو لم يكن مستحق الاداء إلا من تاريخ تحديده بمعرفة الخبير في الدعوى فضلا عن إنه لا يبدأ سريان التقادم إلا من تاريخ ايداع الجهة نازعة الملكية لقيمة التعويض المستحق عن نزع الملك، إذ يعد عدم صرفه للتعويض المستحق مانعاً قانونياً يمنعه من المطالبة بحقه وتعد مطالبته بمقابل عدم انتفاعه معلق على شرط واقف هو صرفه للتعويض عن قيمة الأرض وهو ما لم يتحقق، وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حقه في المطالبة بمقابل عدم الانتفاع بمضى المدة محتسباً إياه من تاريخ 1982/3/6 دون تاريخ الاستيلاء مما يعيبه ويستوجب نقضه.
النقض تؤكد: تعويض مالك العقار عن نزع ملكيته للمنفعة العامة من تاريخ الإستلاء الفعلي
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعى في أساسه سديد ، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمالك العقار الذي نزعت ملكيته للمنفعة العامة الحق في التعويض عن عدم الانتفاع بالعقار من تاريخ الاستيلاء الفعلى إلى حين دفع التعويض المستحق عن نزع الملكية، وأن نزع الملكية للمنفعة العامة يكون نزعاً مباشراً إذا ما اتبعت القواعد والإجراءات التي نظمها القانون الخاص الصادر بشأنه، وقد يحدث بطريق غير مباشر بأن تخصص الدولة العقار المملوك لأحد الأفراد للمنفعة العامة دون اتخاذ الإجراءات المنوه عنها في هذا القانون فتنتقل حيازته من المالك الأصلي إلى الدولة ويتحقق بذلك حكم نزع الملكية ويتولد عنه أسوة بالصورة العادية المباشرة جميع الحقوق المنصوص عليها في القانون الأولى الشأن.
وبحسب “المحكمة”: وأن مقابل عدم الانتفاع في حالة اتخاذ إجراءات نزع الملكية يستحق حتى تاريخ صرف التعويض، وأنه يبدأ سريان التقادم من وقت استحقاق الدين، إذ إن الدائن لم يكن يستطيع المطالبة بالدين قبل استحقاقه، وأن مؤدى نص المادتين 374، 381 من القانون المدنى أن التقادم المسقط لا يبدأ في السريان – كأصل عام – إلا من الوقت الذى يصبح فيه الدين مستحق الأداء، وأن مدة سقوط الحقوق بعدم استعمالها لا تصح أن تبدا إلا من اليوم الذي يكون فيه استعمال الحق ممكناً بأن يصير على المدين واجب أداءه، فإذا كان وجوبه مؤجلاً أو معلقاً على شرط، فسقوطه بالتقادم لا يتحقق إلا من الوقت الذي يتحقق فيه الأجل أو الشرط، وأنه ولئن كان تحصيل الواقعة التي يبدأ بها التقادم هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أنه لمحكمة النقض أن تبسط رقابتها متى كانت الأسباب التي بني عليها الحكم استخلاصه ليس من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الأرض المنزوع ملكيتها والمطالب مقابل عدم الانتفاع بها قد تم الاستيلاء عليها فعلياً بتاريخ 1960/2/25 وقد خلت الاوراق مما يفيد قيام الجهة نازعة الملكية بتقدير التعويض المستحق عن نزع ملكيتها وقيام الطاعن بصرف هذا التعويض فإن حقه في مقابل عدم الانتفاع لا يكون قد سقط بالتقادم، وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط حق الطاعن في التعويض عن مقابل عدم الانتفاع فيما زاد عن 15 عاما سابقة على رفع الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من سقوط حق الطاعن في مقابل عدم الانتفاع فيما زاد عن خمسة عشر عاماً سابقة على رفع الدعوى، وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
مصدر الخبر | موقع برلماني