لملايين الورثة.. النقض توضح مدى خطورة بيع أو تصرف الوارث لمورثه مع احتفاظه بحق الانتفاع: القانون يعتبر ذلك التصرف “وصية لا بيعاَ” ولا يسرى في حق الورثة إلا في حدود الثلث.. وتؤكد: الهبة يتم توثيقها لنفاذ التصرف
أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكماَ قضائياَ يهم ملايين الورثة في حالة مرض المورث، يوضح مدى خطورة بيع أو تصرف الوارث لمورثه مع احتفاظه بحق الانتفاع “الاحتفاظ بحق الرقبة”، قالت فيه: “اعتبار القانون أن هذا التصرف (وصية لا بيعا) ولا يسرى في حق الورثة إلا في حدود الثلث”.
وتابعت: “احتفاظ المتصرف لنفسه بحيازة المال الموهوب وحق الانتفاع به مدى حياته وبحقه في السحب والاسترداد وصرف العائد يعتبر وصية وليس هبة حيث أن الهبة يتم توثيقها، وذلك لنفاذ التصرف”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 16486 لسنة 89 قضائية – برئاسة المستشار محمد محسن غبارة، وعضوية المستشارين على مرغنى الصادق، وأمين طنطاوى محمد، وعبدالحميد نيازى، ومجدى حسن الشريف.
الوقائع.. نزاع حول تصرف الوارث لمورثه مع احتفاظه بحق الانتفاع
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3387 لسنة 2017 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية – بطلب الحكم وبحسب طلباتهم الختامية – أصلياَ ببطلان إقرارات الهبة المبينة بالصحيفة بإجمالي مبلغ مقداره – اثنا عشر مليوناَ وواحد وثلاثون ألف جنيه – لعدم توثيقها ولصدورها مشوبة بالاستغلال، واحتياطياَ: بعدم نفاذ التصرفات محل تلك الإقرارات في مواجهتهم إلا في حدود الوصية، وقالوا بياناَ لذلك:
18694-رئيسية
إن مورثهم المرحوم “ع. ن” قام بالتصرف في أمواله لصالح زوجته المطعون ضدها الأولى على سبيل الهبة في مرض الموت فقد أقاموا الدعوى، وندبت المحكمة مصلحة الطب الشرعي، وبعد أن أودعت تقريرها حكمت المحكمة بعدم نفاذ إقراري الهبة المؤرخين 15 مايو 2017، 24 مايو 2017 في حق باقي الورثة إلا في حدود ثلث التركة لصدروها في مرض الموت، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، ثم استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 825 لسنة 23 قضائية، كما استأنفه الطاعنون أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 2445 لسنة 23 قضائية، ثم ضمت المحكمة الاستئنافين، وقضت فيهما بتاريخ 2 يونيو 2019 بتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة.
مذكرة الطعن تستند على تمسك الورثة بأن التصرف وصية وليست هبة
وذكرت مذكرة الطعن التي استندت على عدة أسباب إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، إذ إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها باعتبار تصرفات مورثهم بالهبة للمطعون ضدها في حقيقتها وصية قصد بها التحايل على قواعد الإرث مستندين في ذلك، مما ثبت بإقرارات الهبة ذاتها من توافر شروط القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدنى باعتبار أن الموهوب لها – المطعون ضدها الأولى – من ورثة المتصرف مورث الطرفين قد احتفظ لنفسه بحيازة المال الموهوب وحق الانتفاع به مدى حياته وبحقه في السحب والاسترداد وصرف العائد طوال حياته، ومن ثم فإن الهبة تكون موقوفة وتطبق في شأنها أحكام الوصية، وإذ عرض الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع، ولم يعن ببحثه رغم جوهريته، إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصماَ في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماَ حقيقياَ، وذا صفة في تمثيله بالخصومة، وكان المطعون ضدهم من الثاني إلى الأخير بصفاتهم قد وقفوا من الخصومة موقفاَ سلبياَ ولم يقض لهم أو عليهم بشيء ولم تتعلق أسباب الطعن بأي منهم، فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
النقض توضح مدى خطورة بيع أو تصرف الوارث لمورثه مع احتفاظه بحق الانتفاع
وبحسب “المحكمة” – إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة 917 من القانون المدني على أنه: “إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، اعتبر التصرف مضافاَ إلى ما بعد الموت، وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك”، يكون قد أقام قرينة قانونية من شأنها متى توافرت شروطها، إعفاء من يطعن في التصرف بأنه ينطوي على وصية من إثبات هذا الطعن ونقل عبء الإثبات على عاتق المتصرف إليه.
ووفقا لـ”المحكمة” – كما أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه، مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على المحكمة أن تمحصه وتجيب عليه بأسباب خاصة وإلا كان حكمها مشوباَ بالقصور.
وكان البين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن عقود الهبة هي في حقيقتها وصية مضافة إلى ما بعد الموت واستدلوا على ذلك بالقرينة القانونية المنصوص عليها بالمادة 917 من القانون المدني، ومما يثبت بعقود الهبة ذاتها من احتفاظ المورث لنفسه بالمال الموهوب وحقه في سحبه واسترداده والانتفاع به طوال حياته، وقدموا تأييداَ لدفاعهم صوراَ طبق الأصل من عقود الهبة، إلفا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع رغم جوهريته – إذ لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى – مما يعيبه بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.
مصدر الخبر | موقع اليوم السابع