الهيئات القضائية

«متحف العدالة» بالإسكندرية.. مخطوطات وفرمانات تبوح بالأسرار

خرائط وأحكام وفرمانات تبوح بأسرارها من جديد، لتكون واحدة من أهم الحقب التاريخية الشاهدة على العصر، حيث يضم متحف مقتنيات العدالة التابع لمحكمة استئناف الإسكندرية، المعروفة بـ«سرايا الحقانية»، كنزا تاريخيا مهما يجسد حقبا قانونية وتاريخية وسياسية مهمة فى تاريخ مصر.

ولعل من يهتم بالتاريخ ولديه شغف القراءة والاحتفاء بالقانون، لابد أن يبادر إلى المتحف للتعرف عما يحتويه من كنوز تاريخية وقانونية وسياسية تجسد حقبا معينة فى تاريخ مصر، لتشمل مخطوطات وخرائط نادرة وأحكامًا وفرمانات ومجموعات من الكتب القانونية الفرنسية وسجلات الأحكام.

ويمر ترميم المخطوطات بعدة مراحل حتى الوصول إلى كتاب أو خريطة أو مجموعة قانونية جاهزة للتصفح والقراءة لتشمل مراحل المعالجة من الفطريات وتدعيم الأوراق بمواد كيماوية والتعقيم الكامل.

الدكتور عبدالعزيز قنصوة، رئيس جامعة الإسكندرية، قال إن الجامعة شاركت فى إنشاء متحف مقتنيات سرايا الحقانية بمحكمة استئناف الإسكندرية، من خلال لجنة متخصصة من أساتذة كلية الآداب، قامت بعمليات الأرشفة والتوثيق لعدد من الكتب والمراجع وسجلات الأحكام والخرائط، وفرز مقتنيات المحكمة من الخرائط وانتهت إلى صلاحية 1340 خريطة من الخرائط الموجودة بالمتحف.

وأوضح «قنصوة» أنه تم تحديد الخرائط الأثرية من بين 1340 خريطة، والتى تحتاج إلى ترميم نوعى والخرائط المختارة، ضمن 9 أطالس ذات مقاييس رسم مختلفة تغطى كافة أرجاء المعمور المصرى، وتظهر كافة تفاصيله خلال الربع الأخير من القرن الثامن عشر.

وأشار إلى أن اللجنة قامت بعمليات المسح الرقمى للخرائط المختارة بهدف الحصول على صور رقمية لكل خريطة يمكن استخدامها أثناء عملية العرض.

الدكتور هانى خميس، عميد كلية الآداب فى جامعة الإسكندرية، قال إن قسم الوثائق والمكتبات فى الكلية، يضم مجموعة منتقاة من إخصائى الترميم والمعالجة للمخطوطات، للقيام بتنفيذ أى أعمال ترميم المخطوطات والكتب النادرة وإعادتها إلى حالتها الطبيعية.

وأوضح، لـ«المصرى اليوم»، أنه تم اتخاذ العديد من الخطوات اللازمة لتنفيذ مشروع توثيق مقتنيات مكتبة ومتحف محكمة الاستئناف، تتمثل فى زيارة الأماكن التى يتم الاحتفاظ بها بالمقتنيات بالمحكمة والتعرف على مقتنيات المكتبة والمتحف وتحديد خطة العمل، كما تم تقسيم المقتنيات إلى مجموعات الدوريات والكتب العربية والكتب الأجنبية والوثائق الخاصة بالمحكمة والخرائط والمواد المتحفية كالتماثيل واللوحات والمقتنيات المطبوعة النادرة وغيرها وتحديد المطلوب عمله لكل منها.

ثم تقسيم العمل بين المرشحين لتوثيق بيانات تلك المقتنيات، لتشمل الكتب العربية والدوريات والمخطوطات والكتب النادرة العربية والأجنبية، والوثائق والمحاضر الخاصة بالمحكمة، والخرائط والأطالس، والتوثيق والفهرسة، والكتب والمطبوعات النادرة، وتمت فهرسة المقتنيات العربية والدوريات وأهم المقتنيات النادرة كالفرمانات والمطبوعات النادرة وتم عمل قائمة مفهرسة بها وتم إدخال بياناتها بقاعد بيانات.

وأضاف أنه تم إعداد قاعدة بيانات أخرى للكتب الأجنبية وإدخال بياناتها وتسليمها للمسؤولين عن المكتبة لاستكمال عملية الإدخال لكافة البيانات واقتراح رقمنة صفحة العنوان من تلك المقتنيات لإدخالها بالقاعدة، واقتراح طرق عرض وتصنيف المقتنيات بالمكتبة بكافة أنواعها، ومراسلة المسؤولين بكل الأفكار والمستندات (كتيب خاص بكل البيانات الخاصة بأهم المطبوعات والوثائق) التى توثق المعروضات المختلفة.

وبالنسبة للوثائق، قال إنه تم إعداد نموذج لفهرسة الوثائق، والبيانات التى يجب إدخالها بقاعدة البيانات وتسليم نسخة منها للقائمين على ترجمة الوثائق وحصرها بالمكتبة، كما تم توثيق بيانات الخرائط والأطالس التى تمتلكها المكتبة وتسليم نسخة منها للمسؤولين، وبالنسبة للترميم، ونظرا للخبرات المتوافرة لدى المكتبة فى مجال الترميم من خلال العمل بالمكتبة المركزية، تم اقتراح خطة لترميم الوثائق والخرائط النادرة وتم مخاطبة رئيس الجامعة، للسماح لمشرف قسم المخطوطات بالمكتبة المركزية لخبرتها بالترميم بترميم عدد من الخرائط بالمحكمة.

وقال المستشار عمر مروان، وزير العدل، والذى افتتح المتحف أمس الأول، إن المتحف يمثل إضافة هامة لتوثيق وتجسيد تاريخ القضاء، وخاصة فى فترة المحاكم المختلطة، حيث يضم مجموعة من أهم وأندر الوثائق التى تؤرخ لتلك الفترة الهامة وقدم الشكر لجامعة الإسكندرية على دورها الكبير فى إنشاء المتحف.

وأضاف الوزير أن المتحف يضم الكثير من الوثائق التى لن تتكرر فى مكان آخر ومنها قضايا ومحاكمات نادرة، مشيراً إلى أنه جرى إضافة الكثير من الكتب والمراجع القانونية النادرة لإثراء المتحف.

وقال المستشار عبدالملك القمص مينا، رئيس محكمة استئناف الإسكندرية وعضو مجلس القضاء الأعلى، إن كافة المقتنيات كانت متواجدة فى مبنى سرايا الحقانية القديمة – أقدم محكمة شهدت أكبر المحاكمات فى التاريخ – منوهاً بأن وزارة العدل سعت للحفاظ على هذه المقتنيات النادرة ووضعها فى متحف وحمايتها.

وأوضح أن المتحف يضم أيضًا مقتنيات أثرية وكتبا تاريخية وسجلات تتضمن أحكام قضاة المحاكم المختلطة منذ عام 1876 حتى عام 1950 مكتوبة بخط يد القضاة الفرنسيين وموقعة منهم بتوقيعات حية بواقع 904 سجلات أحكام، مشيرا إلى وجود 1300 خريطة لعموم مساحة مصر، فضلاً عن 5400 كتاب ومجموعات قانونية فرنسية وبلغات أخرى نادرة منذ عام 1820، بالإضافة إلى مقتنيات وقطع أثرية ترجع لعهد المحاكم المختلطة فى مصر.

وأكد رئيس محكمة استئناف الإسكندرية أن المتحف بما يحتويه يعد بمثابة كنز قضائى وقانونى ورثته محكمة الإسكندرية ليكون فى المستقبل القريب قبلة الباحثين فى علوم القانون والاجتماع والتاريخ والسياسة.

حضر الافتتاح، اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، وعدد من أعضاء الهيئات القضائية والدبلوماسية، والدكتور هانى خميس، عميد كلية الآداب، والدكتور محمد السودانى، أستاذ الخرائط بقسم الجغرافيا بكلية الآداب، والدكتورة هانم عبدالرحمن والدكتورة نرمين اللبان من قسم الوثائق والمكتبات بكلية الآداب.

جانب من افتتاح متحف العدالة بحضور وزير العدل ومحافظ الإسكندرية

مصدر الخبر | موقع المصري اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى