قررت الدائرة الأولى للحقوق والحريات بـ محكمة القضاء الإداري، اليوم، تأجيل نظر الدعوى المقامة، والتي تحمل رقم 86698 لسنة 79 قضائية، إلى جلسة 17 يناير المقبل، وذلك لإيداع تقرير بالرأي القانوني.
تفاصيل قرار محكمة القضاء الإداري بتأجيل دعوى المطالبة بتجميد ووقف العمل بنصوص ”الاعتداء على قيم الأسرة”
وتتعلق الدعوى بالمطالبة بتجميد ووقف العمل بالنص العقابي الوارد بالمادة (25) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، فيما تضمنه من تجريم الاعتداء على أيٍّ من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري.
وتهدف الدعوى إلى إلغاء القرار الإداري السلبي بالامتناع عن إيقاف وتجميد العمل بالنص العقابي محل الطعن، تأسيسًا على مخالفته الصريحة لأحكام الدستور ومبادئ الشرعية الجنائية والحريات العامة، ولغموض عباراته التي تجعل منه – حسب ما ورد في الدعوى – “شَرَكا” قانونيًا يتيح التوسع في الملاحقات الجنائية على نحوٍ يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية الحديثة.
وأكد مقيم الدعوى أن المادة المطعون عليها اُستخدمت في ملاحقة فتيات “التيك توك” وصنّاع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يضر بصورة مصر الثقافية والسياحية ويقوّض اقتصادها الرقمي، إذ تُصدّر للعالم انطباعًا عن تضييق الحريات وتراجع الانفتاح الثقافي الذي شكّل أحد عناصر القوة الناعمة المصرية على مدى عقود.
واستندت الدعوى إلى ما قرّره الأستاذ الدكتور أحمد فتحي سرور، المرجع القانوني البارز، في مؤلفه «النقض الجنائي»، الذي قرر فيه أن النص الدستوري القابل للتطبيق بذاته ينسخ ضمنًا ما يخالفه من قوانين، ويوجب إعماله من يوم العمل به.
كما استشهدت الدعوى بما استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن القضاء يختص بالتحقق من وجود القانون إذا ما نُسخ الدستور بنص صريح، بشرط أن يكون نص الدستور واجب التطبيق بذاته دون حاجة إلى تشريع أدنى.
واستدلت الدعوى أيضًا بما قرره الفقه والقضاء من أن النصوص الدستورية المتعلقة بالحريات والإبداع والفكر والتعبير (المواد 65، 67، 71) نافذة بذاتها وتعلو على القوانين الأدنى، بما يترتب عليه نسخٌ ضمني لأي نص تشريعي يتعارض معها، ومن ثمّ وجوب إيقاف العمل بالنص العقابي المطعون عليه لمخالفته لهذه القواعد الدستورية العليا.
كما أحالت الدعوى إلى المادة (92) من الدستور، التي تنص على أن “الحقوق والحريات لا تقبل تعطيلًا ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارستها أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها”، وإلى المادة (95) التي تقرر مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وتوجب أن تُصاغ النصوص العقابية بعبارات واضحة محددة لا لبس فيها ولا غموض.
وأشارت صحيفة الدعوى إلى ما ورد في حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية، الذي قرر أن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يتحدد بضمانتين أساسيتين أولاهما أن تُصاغ النصوص العقابية بوضوحٍ كافٍ يمنع الغموض والالتباس، وثانيهما ألا تكون هذه النصوص شِباكًا أو شِراكًا يلقيها المشرّع باتساعها أو بخفائها متصيدًا من يقعون تحتها أو يخطئون مواقعها.
وأوضحت صحيفة الدعوى أن التوسع في استخدام تهمة «الاعتداء على القيم الأسرية» ضد صُنّاع المحتوى الرقمي يهدد حرية التعبير والإبداع الفني التي كفلها الدستور، ويُلحق أضرارًا مباشرة بقطاعي السياحة والاقتصاد الرقمي، إذ تعتمد المقاصد السياحية الحديثة على الانفتاح والتنوع الثقافي، وعلى الترويج من خلال المؤثرين والفنانين والبلوجرز الذين يمثلون واجهة مصر أمام العالم.
وأضافت أن النصوص الغامضة تفتح الباب أمام استغلال دعاة الرجعية وخصوم المدنية من دعاة الحسبة الذين يستهدفون الفنون والمرأة والحريات، بما يؤدي إلى عودة مفاهيم القروسطية ومحاكم التفتيش الفكرية، وإلى تهديد مبدأ مدنية الدولة ومكتسبات المجتمع الحديث.
واختتمت صحيفة الدعوى بطلب إيقاف وتجميد العمل بالنص العقابي فيما تضمنه من تجريم “الاعتداء على القيم الأسرية”، لكون النص – وفق ما ورد في الدعوى – قد جاء مبهما وفضفاضا، يستغله دعاة الرجعية وخصوم المدنية من طيور الظلام وخفافيش الحسبة في استهداف شباب وفتيات مصر وصنّاع محتواها، بما يُقوّض دعائم مدنية الدولة ويُهدد اقتصادها السياحي وسمعتها التنافسية بين المقاصد العالمية.
وأكدت الدعوى أن هذه النصوص تفرض قيما دخيلة ذات صبغة وهابية متشددة تتعارض مع ما استقر عليه وجدان المصريين من تراث ماسبيرو الفني وقيم الحرية والانفتاح المصري طيلة القرن الماضي، وتتناقض مع أنماط الحياة الطبيعية في ربوع التجمع الخامس والشيخ زايد والساحل الشمالي وشرم الشيخ، لصالح مفاهيم قروسطية أشبه بمحاكم التفتيش.
مصدر الخبر | موقع القاهرة 24