محكمة النقض تتصدى لعقود البيع الوفائى بـ8 مبادئ قضائية
محكمة النقض تتصدى لعقود البيع الوفائى بـ8 مبادئ قضائية
أصدرت الدائرة المدنية “أ” – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يهم ملايين المتعاقدين في سوق البيع والشراء،
يضع تعريف وضوابط وشروط ومعايير والآثار المترتبة على عقد البيع الوفائي، رسخت خلاله لـ 8 مبادئ قضائية،
تفك طلاسم استخدام عقد البيع الوفائي في طرق ملتوية، قالت فيه:
“1-يشترط في بيع الوفاء الذي يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة.
2- ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط في ذات العقد بل يجوز إثباته في ورقة لاحقة بشرط توافر المعاصرة الذهنية التي تربطه بالبيع.
3- وأن أساس بطلان البيع الوفائي الذي يستر رهنا هو أنه تصرف غير مشروع وعلى ذلك أبطله المشرع،
سواء باعتباره بيعاً أو رهناً لكونه وسيلة ملتوية ولكونه من وسائل الضمان تبدأ تحت ستار رهن.
4-وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس ينبغي أن يدرأه القانون عنه.
5- فتصبح يد المشتري وفاء بسبب الرهن دون أي سبب آخر، فتنتفي فيه نية التملك.
6- ويصبح وفاء الرهن قائماً على غير سند وهو ما لا يؤدي إلى إكساب الملكية مهما طال أمدها ما لم يحدث تغييراً في سببه.
7- وفاء الرهن لا تلحقه الإجازة ولا يترتب عليه أي أثر سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير فيبقى المبيع على ملك البائع ويكون له أن يسترده.
8- عقد البيع الوفائى باطل مطلقا ولا تجوز عليه الاجازة.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 8546 لسنة 91 قضائية، برئاسة المستشار عادل إبراهيم خلف، وعضوية المستشارين أحمد أبو ضيف،
ووائل عادل أمان، وعمرو جمال عبد الله، وأيمن محمد صابر، وبحضور كل من رئيس النيابة مصطفى البكري، وأمانة سر محمد عبد الرحمن.
الوقائع.. نزاع قضائى برد وبطلان عقد البيع الوفائي
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم،
الدعوى رقم 1846 لسنة 2018 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصفة مستعجلة،
بوقف التعامل على شقة التداعي لحين الفصل في الموضوع، وفي الموضوع برد وبطلان عقد البيع الوفائي المؤرخ 2012/8/28،
وقال بياناً لدعواه: إن هذا العقد ما هو إلا ضمان إضافي لحق المطعون ضده الأول في الحصول على حقوقه من الطاعن،
والذي احتفظ باسترداد شقة التداعي وفقا للبند السادس منه خلال المدة المتفق عليها بالبند الثاني من عقد الصلح المؤرخ بذات التاريخ، ومن ثم أقام الدعوى.
وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة بطلبات الطاعن الموضوعية، ثم استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف،
رقم 3260 لسنة 24 في القاهرة، وبتاريخ 2021/3/23 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى،
ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه،
وإذ عرض الطعن على المحكمة غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه،
مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع أن عقد البيع المؤرخ 2012/8/28 الصادر منه،
إلى المطعون ضده الأول هو في حقيقته عقد بيع وفائي يخفى رهنا، إذ تضمن أنه يحق له استرداد الشقة،
محل التعاقد شريطة قيامه بالوفاء بكافة ديونه المستحقة للمطعون ضده الأول خلال المدة المتفق عليها،
وثبت ذلك أيضاً من عقد الاتفاق والصلح المعاصر له بذات التاريخ من إقراره بأن عقد البيع ضماناً إضافياً لسداد كامل قيمة الشيك المحرر بينهما،
ومن ثم فإن هذا البيع يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً عملاً بنص المادة 465 من القانون المدني ولا ينقلب صحيحاً مهما طال به الزمن،
إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعواه، الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
شرط وقوع البيع بالوفاء الذى يبطله القانون
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادة 465 من التقنين المدني – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة –
أنه يشترط في بيع الوفاء الذي يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة،
ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط في ذات العقد بل يجوز إثباته في ورقة لاحقة بشرط توافر المعاصرة الذهنية التي تربطه بالبيع،
وأن أساس بطلان البيع الوفائي الذي يستر رهنا هو أنه تصرف غير مشروع وعلى ذلك أبطله المشرع،
سواء باعتباره بيعاً أو رهناً لكونه وسيلة ملتوية ولكونه من وسائل الضمان تبدأ تحت ستار رهن.
وبحسب “المحكمة”: وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس ينبغي أن يدرأه القانون عنه،
فتصبح يد المشتري وفاء بسبب الرهن دون أي سبب آخر، فتنتفي فيه نية التملك،
ويصبح قائماً على غير سند وهو ما لا يؤدي إلى إكساب الملكية مهما طال أمدها ما لم يحدث تغييراً في سببه،
فلا تلحقه الإجازة ولا يترتب عليه أي أثر سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير فيبقى المبيع على ملك البائع ويكون له أن يسترده.
عقد وفاء مشروط برهن وينتهي إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس
لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد البيع المؤرخ 2012/8/28 وعقد الاتفاق والصلح المحرر بذات التاريخ،
تضمنهما احتفاظ البائع بحق استرداد الشقة – موضوع النزاع الماثل – خلال مدة محددة بسداده كامل قيمة الشيك المحرر للمشتري،
وأن ذلك البيع ضماناً إضافياً لهذا السداد، ومن ثم يكون هذا التصرف بالبيع الصادر من الطاعن إلى المطعون ضده الأول ،
بموجب العقد المبين أنفاً في حقيقته بيعاً وفائياً يستر رهناً فيقع باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
وتضيف “المحكمة”: وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يعمل أثر بطلان البيع الوفائي، وذهب إلى اعتبار هذا البيع ،
وفقاً للعقدين المشار إليهما أنفاً معلق على شرط فاسخ ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون،
والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن،
وحيث إن موضوع الاستئناف رقم 3260 لسنة 24 ق القاهرة، صالح للفصل فيه، ولما تقدم.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده الأول المصاريف ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة،
وحكمت في موضوع الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف المصاريف ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
وفى هذا الشأن – يقول الخبير القانوني والمحامى مصطفى عبدالجليل غنيم – لقد عنى القانون المدنى الجديد،
بإبطال عقد البيع الذى يتضمن شرطا بجواز استرداد البائع المبيع سواء أكان فى ذات العقد أو ورقة أو عقد أو إقرار لاحق،
أو معاصر أو سابق للعقد الأصلى “وهو ما يعرف ببيع الوفاء”، وقد عرفت المادة 465 من القانون المدنى عقد البيع الوفائى،
فى نصها على أنه: “إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة وقع البيع باطلاً”.
وبحسب “غنيم” في تصريح لـ”برلماني”: والمستفاد من نص المادة سالفة الذكر أنه يشترط في بيع الوفاء الذي يبطله القانون،
أن تتجه إرادة طرفيه وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط في ذات عقد البيع،
ما دام الثابت أن الاتفاق قد تم على الأمرين معاً في وقت واحد وأن المعاصرة الذهنية بين البيع ،
وحق البائع في الاسترداد تتحقق سواء كانت الورقة سابقة أو لاحقة على البيع .
ويضيف “غنيم”: والمقرر قانون والمستقر عليه فقها وقضاء وفقا للمادة 465 من القانون المدني أنه يشترط في بيع الوفاء،
الذي يبطله القانون أن تتجه إرادة الطرفين وقت إبرام العقد إلى احتفاظ البائع بحق استرداد المبيع خلال فترة معينة،
ولا يلزم أن يدرج هذا الشرط في ذات عقد البيع بل يجوز إثباته في ورقة أخرى ولا يشترط لأعمال أثرها قيام المعاصرة الزمنية بينها،
وبين العقد ذاته بل تكفى المعاصرة الذهنية سواء كان تحرير الورقة في تاريخ سابق أو لاحق على العقد،
طالما أدت هذه المعاصرة إلى قيام الارتباط بينهما، وهذا ما جاء في العديد من أحكام محكمة النقض.
عقد البيع الذى يخفى (رهنا) يكون باطلا
ويوضح الخبير القانوني: وذهب جانب كبير من الفقه الى أن عقد البيع الذى يخفى رهنا يكون باطلا سواء بصفته بيعا أو بصفته رهنا،
ولا تلتزم المحكمة بعد ذلك ببحث تطبيق قواعد الرهن الحيازى، لأن شرط الاعتداد بالتصرف الحقيقى المستتر،
أن يكون العقد الصورى الظاهر غير باطل بحكم القانون، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض أن إخفاء رهن وراء البيع،
يعد تحايلا على القانون يترتب عليه بطلان البيع، إذ أن عقد البيع يخفى رهنا، ويستطيع البائع استرداد المبيع إذا هو رد الثمن،
إنما هو صورة من بيع الوفاء الذى حظره المشرع بالنص على بطلانه فى المادة 465 من القانون المدنى وهذه الصورية النسبية،
تثبت بالبينة والقرائن وسائر طرق الاثبات دون التفات لنصوص العقد أو ما أصدره المتعاقدين من اقرارات،
كما ورد في الطعن المقيد برقم 579 لسنة 48، الصادر بجلسة 6 مايو 1981.
ويقول “غنيم”: أن من الصور المعاصرة لعقد البيع الوفائى أن يقترن عقد البيع بعقد تأجير تمويلى،
وفى ظل حاجة بعض الأفراد الى تمويل عقارى يبيبع ملكه الى المشترى وغالبا ما يكون من شركات التمويل العقارى،
والتأجير التمويلى، فيقوم المشترى بتأجير العقار الى البائع تأجيرا تمويليا، وغنى عن البيان أن عقد التأجير التمويلى،
عقد ايجار على دفعات يحق به للمستأجر استخدام أصل معين مملوك للمؤجر بموجب اتفاق تعاقدى بين الطرفين ،
مقابل دفعات دورية لمدة زمنية محددة، ويجوز للمستأجر فى نهاية المدة شراء الأصل المؤجر،
وهنا تتحقق الصورة المستترة من صور البيع الوفائى، لأن حقيقة التصرف رهنا،
ولأن العقدان فى التصرف الأخير يجيزا للبائع الحق فى استرداد المبيع، وأروقة المحاكم مليئة بتلك الصورة من صور البيع الوفائى .
ما الحكمة التى ارتائها المشرع من حظر البيع الوفائى والغاية من ابطاله؟
يُجيب “غنيم”: الحكمة من حظر البيع الوفائى، لأن هذا البيع وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ ستارا لرهن،
وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس، والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع،
بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة، ويعتمد غالبا على احتمال وفائه،
بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد، ولكنه قل أن يحسن التقدير، فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل،
ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته وتحمل غبنا ينبغي أن يدرأه القانون عنه
ويضيف “غنيم”: وأساس بطلان البيع الوفائي الذي يستر رهناً هو أنه تصرف غير مشروع،
وعلى ذلك أبطله المشرع سواء باعتباره بيعاً أو رهناً لكونه وسيلة ملتوية من وسائل الضمان تبدأ تحت ستار رهن،
وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس ينبغي أن يدرأه القانون عنه فتصبح يد المشتري وفاءً بسبب الرهن،
دون أي سبب آخر فتنتفي فيه نية التملك منذ البداية ويصبح قائماً على غير سند وهو ما لا يؤدي إلى اكتساب الملكية مهما طال أمده،
ما لم يحصل تغييراً في سببه، فلا تلحقه الإجازة ولا يترتب عليه أي أثر سواء فيما بين المتعاقدين،
أو بالنسبة للغير فيبقى المبيع على ملك البائع ويكون له أن يسترده، طبقا للطعن رقم 179 لسنة 74 قضائية، الصادر بجلسة 21 يناير 2014.
مصدر الخبر | موقع برلماني