محكمة النقض تضع ضوابط التفتيش فى قضايا التنقيب عن الآثار بالمسكن
محكمة النقض تضع ضوابط التفتيش فى قضايا التنقيب عن الآثار بالمسكن
أصدرت الدائرة الجنائية “هــ” – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، بإلغاء حكم أول درجة بالسجن 3 سنوات لـ11 شخصا، وتغريم كلا منهم مليون جنيه، ومصادرة القطع الأثرية المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للأثار، والقضاء مجددا برائتهم من تهمة التنقيب عن الأثار مستندة على عدم استصدار إذن بتفتيش المسكن، وأن حكم أول درجة قد عول في قضائه بإدانة الطاعنين على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 5641 لسنة 92 القضائية، لصالح المحاميان محسن أبو زيد عقل، وأيمن هارون، برئاسة المستشار عابد راشد، وعضوية المستشارين أحمد خليل، وأحمد محمود شلتوت، ووليد عادل، وأحمد صفوت، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمد الفقى، وأمانة سر أحمد إبراهيم.
الوقائع.. القبض على 11 شخصا لاتهامهم بالتنقيب عن الأثار
اتهمت النيابة العامة الـ 11 الطاعنين في قضية الجناية رقم 18777 لسنة 2021 مركز إهناسيا، بأنهم في يوم 28 من سبتمبر 2021 بدائرة مركز إهناسيا – محافظة بنى سويف، أجروا أعمال الحفر بقصد الحصول على الأثار دون ترخيص بأن قاموا بالحفر داخل مسكن المتهمة الأولى بقصد التنقيب عن الأثار.
وفى تلك الأثناء – أحالتهم النيابة العامة الـ11 شخص إلى المحاكمة الجنائية العاجلة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 3، 5/1، 6، 32/1، 40، 42/2، 3 بند 2، 43/1، 44 من القانون رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانونيين رقمى 3 لسنة 2010، 91 لسنة 2018 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة الطاعنين بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريم كلا منهم مليون جنيه ومصادرة المضبوطات لصالح المجلس الأعلى للأثار.
ومحكمة أول درجة تقضى عليهم بالسجن 3 سنوات وتغريم كلا منهم مليون جنيه
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت أن مما ينعاه الطاعنين – بمذكرتى أسباب طعنهم – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة إجراء أعمال الحفر بقصد التنقيب عن أثار دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة قانونا قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المدافع عنهم دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لمخالفتهما القانون وانتفاء حالة التلبس إلا أن الحكم أطرح ذلك الدفع بما لا يسوغ اطراحه، ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض على الطاعنين وتفتيشهم لانتفاء حالة التلبس ورد عليه بقوله: “وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لإنتفاء حالة التلبس ولعدم وجود إذن من النيابة العامة – فلما كان من المقرر قانونا أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وتوافره يبيح لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه، وتقدير توافر حالة التلبس من الأمور الموضوعية التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائى تحت رقابة سلطة التحقيق وإشراف محكمة الموضوع، كما أنه من المقرر قانونا أن: “حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائى من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه”.
المتهمون يطعنون على الحكم لإلغاءه
وبحسب “المحكمة”: كما أنه حالة التلبس الجنائية توجب على مأمور الضبط القضائى طبقا للمادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية الانتقال فورا إلى محل الواقعة ومعاينة الآثار المادية للجريمة والمحافظة عليها، فضلا عن أنها طبقا للمادتين 34 و46 من هذا القانون تبيح له أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه أو تفتيشه، وحيث أنه لما كان ما تقدم وبالبناء عليه وكان الثابت للمحكمة من مطالعتها لكافة أوراق الدعوى ومستنداتها أن شاهد الإثبات الخامس النقيب محمد محفوظ أبلغ بوجود تسرب مياه من منزل المتهمة الأولى، وقد سارع بالانتقال إلى ذلك المسكن، وقد استبان له وجود حفرة تقارب العشرة امتار ووجود المتهمين وحوزتهم أدوات حفر، فتحفظ على المكان، وخلت الأوراق جميعها مما يفيد أو يثبت تفتيشه للمسكن بما يضحى معه الدفع المبدى قد جاء على غير سند من حيح الواقع والقانون وترفضه المحكمة”.
وتضيف “المحكمة”: لما كان ذلك، وكانت المادة 58 من الدستور تنص على أن: “للمنازل حرمة فلا يجوز دخولها، ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقا لأحكام القانون”، وهو نص عام مطلق لم يرد عليه بما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن هذا النص الدستورى يستلزم في جميع أحوال تفتيش المساكن صدور الأمر القضائى المسبب، وذلك صونا لحرمة المسكن التي تنبثق من الحرية الشخصية التي تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة، ومسكنه الذى يأوى إليه، وهو موضع سره وسكينته.
والنقض تبرئهم لعدم استصدار إذن بتفتيش المسكن
وتضيف “المحكمة”: ولذلك حرص الدستور على تأكيد حظر انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو بتفتيشه ما لم يصدر أمر قضائى مسبب، كما أوجبت المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية على رجال السلطة العامة استصدار إذن من النيابة العامة في حالة تفتيش المساكن وما يتبعها من الملحقات، لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ضابط الواقعة – شاهد الإثبات الخامس – قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه تبين له وجود حفر تقارب العشرة متر تقريبا بالغرفة الكائنة يسار الداخل من باب المسكن – وأنه عثر على المضبوطات داخل تلك الغرفة – مما مفاده أنه قد دلف إلى مسكن الطاعنة الأولى وأجرى ضبطها وباقى الطاعنين، وقام بتفتيش المسكن حيث تبين الحفر وعثر على المضبوطات، وذلك دون أن يصدر إذنا من الجهة المختصة قانونا بتفتيش المسكن، وكان الحكم قد عول في قضائه بإدانة الطاعنين على الدليل المستمد من ذلك التفتيش مما لا يجوز الاستناد إليه كدليل في الدعوى، فإنه يكون فضلا عن قصوره في التسبيب قد اخطأ في تطبيق القانون الذى يوجب نقضه.
لما كان ذلك، فإنه يتعين عملا بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 نقض الحكم المطعون فيه، وبراءة الطاعنين مما اسند إليهم، وبمصادرة القطع الأثرية المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للأثار عملا بالمادة 44 من قانون حماية الأثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونيين رقمى 3 لسنة 2010 و 91 لسنة 2018.
فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، والقضاء ببراءة الطاعنين مما أسند إليهم ومصادرة القطع الأثرية المضبوطة لصالح المجلس الأعلى للأثار.
مصدر الخبر | موقع برلماني