محكمة النقض تُقرر: عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى إذا سبق له نظرها
محكمة النقض تُقرر: عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى إذا سبق له نظرها
أصدرت الدائرة المدنية “ب” – بمحكمة النقض – حكما قضائيا فريدا من نوعه، يُرسى مبدأ قضائيا جديدا يتصدى لأزمة نظر القاضى للدعوى مرتين،
قالت فيه: “عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى إذا سبق له نظرها قاضياً، تأسيساً على أن مفاد نص المادتين (146/ 5،147) ،
من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم (13) لسنة 1968 يدل على أن القاضي لا يكون صالحاً لنظر الدعوى،
إذا كان قد سبق له نظرها قاضياً وإلا كان حكمه فيها باطلاً، وأن أسباب عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى متعلقة بالنظام العام،
ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت العناصر اللازمة للإلمام بها مطروحة على محكمة الموضوع”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 190 لسنة 93 قضائية، برئاسة كمال نبيه محمد، وعضوية المستشارين محمد عبد المحسن منصور،
ووليد أحمد صالح، وهشام عبد الحميد الجميلي، ومحمد الشهاوى، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد منصور، وأمانة سر ماجد أحمد ذكي.
الوقائع.. نزاع قضائى بين طرفين بسبب شقة مورثة
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولي والثانية،
أقامتا على مورث المطعون ضدهما بالبند ثالثاً الدعوى رقم 237 لسنة 2013 مدني محكمة المحلة الكبرى الابتدائية ( مأمورية قطور )،
يطلب الحكم بطرده من الشقة المبينة بالصحيفة ومنع تعرضه لهما فيها مع التسليم – على سند من أنهما تمتلكان هذه الشقة مناصفة بالشراء،
من سالف الذكر وآخرين – غير مختصمين في الطعن – بموجب عقد البيع المؤرخ 3 مايو 2011 ،
والمسجل برقم 290 لسنة 2012 شهر عقاري طنطا، لقاء ثمن مدفوع مقداره 100 ألف جنيه،
وإذ امتنع عن تسليمها لهما فقد أقامتا الدعوى.
وفى تلك الأثناء – تدخل الطاعن هجومياً في الدعوى بطلب الحكم بمنع تعرض المطعون ضدهما الأول والثانية له في شقة النزاع –
على سند من ملكيته لها بالعقد المؤرخ 1 يوليو 2009 ثم ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى،
وبعد أن أودع تقريره طعن مورث المطعون ضدهما بالبند ثالثاً بالتزوير على عقد البيع سند المطعون ضدهما الأول والثانية،
وبتاريخ 28 ديسمبر 2016 حكمت المحكمة برفض موضوع التدخل،
وبعدم قبول الطعن بالتزوير وفي موضوع الدعوى بالطرد والتسليم.
طرف يطعن على ملكية أخر للشقة بتزوير عقد البيع
ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 345 لسنة 11 قضائية طنطا، مأمورية المحلة الكبرى،
كما استأنفه مورث المطعون ضدهما بالبند ثالثاً أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 348 لسنة 11 ق طنطا،
فضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 12 يناير 2018 قضت بتأييد الحكم المستأنف،
ثم طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 16929 لسنة 88 قضائية، وبتاريخ 12 فبراير 2020 ،
نقضت المحكمة هذا الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا “مأمورية المحلة الكبرى”.
محكمة أول وثانى درجة تقضيان برفض التدخل وبعدم قبول الطعن بالتزوير وبالطرد والتسليم
ثم عجل الطاعن السير في الاستئناف الأول، وأحالته المحكمة للتحقيق وبعد أن استمعت المحكمة الشاهدي الطاعن،
وبتاريخ 15 نوفمبر 2022 قضت برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة –
فرأت أنه جدير بالنظر وحدد جلسة لنظر وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
الطعن أمام محكمة النقض بسبب تصدى ذات القاضي للدعوى مرتين
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون،
وفي بيان ذلك يقول إنه سبق لرئيس الدائرة مُصدرة الحكم المطعون فيه إبداء رأيه في الاستئنافين رقمي 345، 348 ،
لسنة 11 قضائية طنطا مأمورية المحلة الكبرى في شأن ذات النزاع والذي قضي بنقضه وإحالته مما يجعله غير صالح للفصل،
في النزاع وفقاً لنص المادة 146/5 من قانون المرافعات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن النعي في محله، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة –
أن مفاد نص المادتين 146/5، 147 مرافعات يدل على أن القاضي لا يكون صالحاً لنظر الدعوى،
إذا كان قد سبق له نظرها قاضياً وإلا كان حكمه فيها باطلاً، وكانت أسباب عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى،
متعلقة بالنظام العام ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض متى كانت العناصر اللازمة للإلمام بها ،
مطروحة على محكمة الموضوع، وكان نص المادة 269/3 مرافعات أنه: “… ويجب ألا يكون من بين أعضاء المحكمة التي أحيلت إليها القضية،
أحد القضاة الذين اشتركوا في إصدار الحكم المطعون فيه..”.
النقض: عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى إذا سبق له نظرها قاضياً
لما كان ذلك – وكان الثابت بالأوراق أن السيد المستشار صلاح رمضان رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه،
هو نفسه رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المنقوض والذي كان تحت نظر الدائرة التي نظرت الحكم المطعون فيه،
ومن ثم يضحي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه باطلاً،
بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
ولهذه الأسباب:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا ” مأمورية المحلة الكبرى”،
وألزمت المطعون ضدهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
يشار إلى أنه سبق لمحكمة النقض التصدي لتلك الأزمة في عام 2022 في الطعن المقيد برقم 2952 لسنة 65 قضائية،
وجاء في حيثياته: أن ما تنص عليه المادة 146 من قانون المرافعات من عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى،
ووجوب امتناعه عن سماعها إذا كان قد سبق له نظرها، يقتضى ألا يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى،
أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها، ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً.
مصدر الخبر | موقع برلماني