مشاهد وطقوس اليمين من المحكمة الدستورية إلى برلمان العاصمة الإدارية
مشاهد وطقوس اليمين من المحكمة الدستورية إلى برلمان العاصمة الإدارية
نحو عشر سنوات مرّت على أداء الرئيس السيسى اليمين الدستورية رئيسا منتخبا لأول مرة، وتحديدا الأحد 8 يونيو 2014 أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا؛ فلم يكن مجلس النواب موجودا وقتها، وبعدها توجه لقصر الاتحادية، وبوصوله أطلقت المدفعية 21 طلقة وأدى حرس الشرف التحية وعُزف السلام الوطنى، ثم استقبل أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء الدول والحكومات والبرلمانات، ورؤساء الوفود المشاركين فى المراسم، وتوجه لقاعة الاحتفال مع الرئيس المؤقت عدلى منصور الذى ألقى كلمة أعقبتها كلمة الرئيس، ثم وقعا وثيقة تسليم السلطة، واليوم يتجدد الحدث؛ وإن اختلفت التفاصيل قليلا.
فى العام 2014، أعرب الرئيس عقب توقيع الوثيقة، عن شكره وتقديره للأشقاء العرب وكل الأصدقاء الدوليين، الذين أثبتوا أن علاقة الأخوة والصداقة ليست أقوالا تُطلَق، وإنما أفعال تُؤتَى ومواقف تُسجل. واختص خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تقديرا لمبادرته النبيلة بالدعوة لمؤتمر أشقاء وأصدقاء مصر، معربا عن تطلعه لتعزيز علاقات مصر مع الدول الشقيقة والصديقة، وإكمال مسيرة التعاون وجنى ثمار المشاركة لصالح نشر قيم الحق والسلام.
وأشاد الرئيس فى كلمته بالمستشار عدلى منصور، قائلا: «مصر دولة وشعبا تتقدم لك بالشكر، على ما قدمتم للبلاد من خدمات جليلة وحكمة بالغة، خلال توليك رئاسة البلاد، ففى أقل من عام واحد تركت فى نفوسنا أثرًا رائعًا، وغرست فى عقولنا أفكارًا بناءة، ضربت مثلا جليًا فى الانتماء والإيثار، إعلاء مصلحة الوطن وإنكار الذات.. أقول لك: كنت رئيسا قديرا صبورا حكيما، إنسانا خلوقا كريما مُحبا للوطن ولأبنائه جميعًا، مُتيقن أن عطاءك من أجل الوطن سيستمر فياضا غزيرا فى مرحلة البناء المقبلة»، وبعدها ابتهل لله طالبا التوفيق: «اللهم أنر لى دربى، وسدد على طريق الحق خطاى، وأعنّى على العمل الذى يرضيك عنّى».
وأُجريت فعاليات التنصيب بقصر القبة بعد توليه الرئاسة مباشرة، وكانت رؤيته واضحة منذ اليوم الأول، فقال فى كلمته إن العقد الاجتماعى بين الدولة مُمثلة فى رئيسها ومُؤسساتها، والشعب، لا يمكن أن يستقيم من طرف واحد، إنما يتعين أن يكون التزاما على الطرفين، مضيفا: «لم أستجب لرغبتكم التى طالبتمونى بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية لكى أقدم وعودًا براقة ثم تُفاجأون بعدها بواقع مخالف، سوف نعتمد الحقيقة والمصارحة منهجًا لتطبيق عقدنا الاجتماعى، وكما سنتقاسم الاطلاع على حقيقة الأوضاع ونتشارك فى الجهد والعرق سوف نجنى معًا أيضا ثمار جهدنا وتعاوننا استقرارا سياسيًا واستتبابًا أمنيًا ونموًا اقتصاديا ساريا متنوعا وعدالة اجتماعية وحقوقا وحريات مكفولة للجميع»، ثم كرم الرئيس السيسى المستشار عدلى منصور ومنحه قلادة النيل.
وخلال ولايته الأولى من 2014 إلى 2018، تمكن الرئيس من إحداث تحولات عميقة فى نظرة العالم لمصر، فتعمّقت العلاقات مع القوى الدولية، وعادت القاهرة لأحضان القارة الأفريقية مُنهية عقودا من تجاهل القارة، وحرص الرئيس منذ توليه المسؤولية على تنظيم زيارات وجولات فى عدد من دول أفريقيا.
وداخليا، اهتم الرئيس ببناء شبكة قوية من برامج الحماية الاجتماعية، وإطلاق المبادرات الصحية، وتحسين معيشة ملايين المصريين، بجانب إقامة عدد كبير من المشروعات القومية، وإطلاق برنامج طموح للإصلاح الاقتصادى والتغلب على المشكلات المتراكمة منذ عقود، وحزمة من الإجراءات الهادفة لتخفيف أعباء الإصلاح على المواطنين، إضافة لبرامج رئاسية لتأهيل الشباب المتميزين للقيادة، وتمكين الأجيال الجديدة عبر مؤتمرات الشباب والبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب وغيرهما من الفعاليات.
وحققت مصر إنجازات غير مسبوقة فى قطاع الكهرباء إنتاجًا ونقلاً وتوزيعا، وفى بقية ملف الطاقة على صعيد أنشطة البحث والاستكشاف وترقية الإنتاج من الغاز، وفتح الباب للاستثمار فى مشروعات الطاقة المستدامة والهيدروجين الأخضر، كما بدأت تنفيذ برنامجها النووى السلمى عبر المحطة المصرية فى الضبعة.
أما الولاية الثانية فقد كانت مراسمها فى الثانى من يونيو 2018، ويومها استقبل مجلس النواب برئاسة على عبدالعال، الرئيس السيسى فى جلسة خاصة لأداء اليمين الدستورية، بعدما حُسم السباق الانتخابى تحت إشراف قضائى كامل بنسبة تتجاوز 97% للسيسى، وفى تلك المرة أقسم أمام البرلمان وفق النص الدستورى بدلا عن المحكمة الدستورية سابقا لظرف الاستثناء، فى البداية عزفت الموسيقى السلام الوطنى، وذهب الرئيس للاستراحة الرئاسية بالمجلس، وحلّقت 5 مروحيات فى سماء ميدان التحرير حاملة أعلام مصر وأفرع القوات المسلحة، فضلا على عدد من الطائرات الحربية وطائرات التدريب.
غادر الرئيس مقر البرلمان بعد أدائه اليمين الدستورية وإلقاء كلمته، وحضر الجلسة رئيس الوزراء الراحل المهندس شريف إسماعيل، وعدد كبير من وزراء حكومته، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، وقداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. وقال الرئيس فى كلمته: «أذكركم ونفسى بمسيرتنا سويا منذ لبّيت نداءكم، وارتضيت أن أكون على رأس فريق إنقاذ الوطن ممن أرادوا له السقوط فى براثن الانهيار والدمار متاجرين بالدين تارة وبالحرية والديمقراطية تارة أخرى.. وأنا على العهد معكم باق لم ولن أدّخر جهدا أو أؤجل عملا أو أُسوّف أمرا، ولن أخشى مواجهة أو اقتحاما لمشكلة أو تحدٍّ، وزادى فى طريقى اليقين بعظمة وعراقة أمّتنا وإيمانى بأن اصطفاف الشعب المصرى العظيم ضمانة الانتصار والعبور نحـو المستقبل».
وأضاف الرئيس: «كان يقينى صادقا ورهانى رابحا حين أثبت هذا الشعب العظيم عراقته وصلابته وخاض معركة التحدى محافظا على مكتسبات وطنه، وقادرا على تحدى التحدى وإثبات إرادته الحرة، وكانت لوحة الوطن رائعة الجمال والكمال، وقد ازدانت بالأزهر الشريف منبر وسطية الإسلام، وبالكنيسة المصرية العريقة رمز السلام والتسامح، ويُؤمّن إرادة شعبنا ويحميها رجال الجيش المصرى العظيم البواسل، وشرطتها الأبطال، الذين قدموا الدماء قربانا من أجل أن يبقى هذا الوطن مرفوع الرأس والهامة»، مستطردا: «والآن، وقد تحققت نجاحات المرحلة الأولى من خطتنا؛ أؤكد لكم بأننا سنضع بناء الإنسان المصرى على رأس أولويات الدولة، يقينا منى بأن كنز أمتنا الحقيقى هو الإنسان الذى يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل، بدنيا وعقليا وثقافيا، بحيث يُعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعـد محاولات العبث بهـا».
واليوم تأتى مراسم الولاية الثالثة، التى تبدأ غدا بشكل رسمى وتنتهى فى ربيع العام 2030، ويؤدى الرئيس السيسى اليمين الدستورية هذه المرة أمام مجلس النواب فى مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، ليشهد الحدث على انطلاقة مصر نحو جمهوريتها الجديدة، فى شهر الفضل والكرم، شهر الانتصارات رمضان المبارك.
وفى التفاصيل، بروتوكول الاستقبال وقراءة خطاب الهيئة الوطنية للانتخابات بنتائج الاستحقاق الرئاسى، ثم أداء اليمين وإطلاق المدفعية طلقاتها الاحتفالية، ومن المنتظر، أن يوجه الرئيس كلمة للأمة تتضمن وضع أساس المرحلة المقبلة، انطلاقا من النجاحات المتحققة خلال الفترتين الماضيتين، والآمال المنتظرة للسنوات المقبلة، كما يُجرى الرئيس جولة بالعاصمة الإدارية.
مصدر الخبر | موقع اليوم السابع