المجالس النيابية

مشروع قانون الإجراءات الجنائية بين التطبيق والتأويل

يتصدر قانون الإجراءات الجنائية المشهد السياسي في الوقت الراهن، بسبب مطالبات أحزاب وقوى سياسية بتعديل التشريع لذي لم يتم تغييره منذ قرابة 74 عامًا، حيث تستأنف لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب اجتماعاتها، لاستكمال مناقشة مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي أعدته اللجنة الفرعية، وذلك بعد أن وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدى رئيس اللجنة، خلال اجتماعها مع مكتب لجنة حقوق الإنسان، على 245 مادة من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، على أن تستكمل مناقشة باقى المواد فى اجتماعاتها المتتالية.

وفى الحقيقة تعتبر العدالة الجنائية حجر الأساس فى بناء دولة القانون والمؤسسات، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة للمجتمع وضمان حقوق الأفراد وحرياتهم، ومن هذا المنطلق يأتى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد ليعكس التزام الدولة بتطوير التشريعات بما يتماشى مع المستجدات المجتمعية والتحديات القانونية والواقعية، التى يواجهها النظام القضائى، وتبرز أهمية قانون الإجراءات الجنائية من كونه المعني بتنظيم الإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية، لذا يعتبر بمثابة حماية لحقوق وحريات المواطنين، فقد صدر القانون الحالي في أكتوبر من عام 1950، وخضع لتعديلات عدة خلال السنوات الماضية.

قراءة في مشروع قانون الإجراءات الجنائية

في التقرير التالى، يلقى “برلماني” الضوء على إشكالية مناقشة مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وذلك بعد صدور بيان نقابة المحامين بشأن مشروع القانون، وصياغة المواد من الناحية الدستورية، وكفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه في بعض درجات التقاضي، ومُدد الحبس الإحتياطى وتخفيضها والتعويض لها، وحق الطعن على الأحكام الجنائية على النيابة العامة، وحرمان المجني عليه والمدعي بالحق المدني من ذلك الحق، وما يتعلق بجرائم الجلسات في حق المحامى، وإستهداف تقليص دور المحامى في بعض المواد، وكذلك بعض الكلمات الواردة بتعديلات قانون الإجراءات الجنائية مثل كلمة “تشويش مخل” وهى لفظة أو كلمة موجودة في القانون الحالي منذ التعديل بالقانون 353 عام 1952 .

بمجرد موافقة لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال اجتماعها مع مكتب لجنة حقوق الإنسان، على 245 مادة من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، أصدرت نقابة المحامين، بيانًا عن الاجتماع العاجل المشترك بين مجلس النقابة العامة للمحامين والسادة نقباء النقابات الفرعية، لبحث مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وجاء نص البيان كالآتي:

بيان صادر عن الاجتماع العاجل المشترك بين مجلس النقابة العامة للمحامين

بيان صادر عن الاجتماع العاجل المشترك بين مجلس النقابة العامة للمحامين ونقباء النقابات الفرعية – لما كان قانون الإجراءات الجنائية الجارى مناقشته من خلال لجنة الشئون التشريعية والدستورية كمرحلة من مراحل سن هذا التشريع الجديد إحلالاً له بدلاً من التشريع الحالي الصادر منذ عام 1950، والذي هو الركن الدستورى الركين للقضاء الجنائي، لما لهذا القانون من دور راسخ فى حماية وصون حقوق وحريات الأفراد والمجتمعات فى جميع مراحل النظام الجنائى لما يهدف إليه من تعزيز الثقة والعدالة في النظام القضائى من خلال ضمان عدم تجاوز السلطات القانونية لحدودها والحد من تعسفها إذ هو بحق حجر الزاوية فى تحقيق العدالة الجنائية.

وبحسب “البيان”: ولما كانت المحاماة على النحو المقرر بالمادة / 198 من الدستور تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع، وكان المشروع المطروح على الرغم مما تضمنه من مزايا واستحقاقات دستورية لم يحظ بالدراسة الكافية حتى يعبر عن الأهداف المتوخاة من التشريع، فضلًا عن أنه لم يسبقه حوار فاعل وموسع فى المجتمع القانونى بمختلف طوائفه من القضاة والمحامين وأساتذة وفقهاء القانون ومؤسسات المجتمع المدنى المعنية بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما أثارته بعض نصوص المشروع من لغط وجدل كبيرين في الأوساط القانونية بسبب ما تضمنته بعض تلك النصوص من توسع فى سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حق الدفاع، والمساس بحقوق جوهرية للدفاع مقررة ومستقرة بموجب الدساتير والقوانين المتعاقبة والمواثيق الدولية.

ومن أمثلة ذلك على سبيل المثال لا الحصر وفقا لـ”البيان” :-

1– إعادة مشروع القانون صياغة بعض من نصوص القانون الحالي المخالفة دستوريًا، والتي تتنافى مع اعتبارات وأسس العدالة حيث لم يورد المشروع أي تعديلات تخص التأكيد على كفالة حق الدفاع بالوكالة المقرر دستوريا، واستمرار وجوب حضور المتهم بشخصه في بعض درجات التقاضي.

2– لم يورد المشروع أي تعديلات على النصوص التي تمنح لسلطة التحقيق حق إجراء التحقيق بغير حضور محام، والحق في حجب أوراق التحقيق عن المحامي، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال، وغيرها من الذرائع التي لا ضابط لها.

3– أعاد المشروع صياغة ذات النصوص التي تجيز لسلطة التحقيق ندب مأمور الضبط القضائي لمباشرة إجراءات التحقيق، ومنها استجواب المتهم في بعض الحالات.

4– أعاد المشروع بحصر اللفظ ذات النصوص الخاصة بالطعن بالاستتئناف على أحكام الجنايات، في تجاهل تام للملاحظات التي سبق إبداؤها وما اسفر عنه الواقع العملي من ثبوت خطأ بعض هذه النصوص.

5– كرس المشروع ذات النصوص التي تقصر حق الطعن على الأحكام الجنائية على النيابة العامة، وحرمان المجني عليه والمدعي بالحق المدني من ذلك الحق.

6– ما استحدثه المشروع من حق لمحكمة الجنايات بدرجتيها من إقامة الدعوى الجنائية على كل فعل يقع خارج الجلسة، وترى المحكمة – في تقديرها – أن من شأنه الإخلال بأوامرها أو بالاحترام الواجب لها أو التأثير في قضاتها أو في الشهود دون تحديد نطاق محدد لمكان وزمان ارتكاب الجريمة ما يوسع من اختصاص المحكمة بالمخالفة لأصول المحاكمات الجنائية.

7– تكريس الإخلال بحقوق الدفاع في عدد من المواد بإلغاء حق المحامي في إبداء ما يعن له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات بمحضر التحقيق على النحو المقرر بالمادة 124 من القانون الحالي، وجاء المشروع ليمنح الحق لعضو النيابة بمنع المحامي من الكلام في صياغة أقل ما توصف به أنها تفتقر للذوق التشريعي، وتمثل مساسًا بقيمة رسالة المحاماة وتنطوي على مساس بحقوق الدفاع لجعل ذلك رهينا بالإذن من قبل عضو النيابة العامة القائم على التحقيق.

8– ما تضمنه المشروع من إساءة معنوية لرسالة المحاماة فيما نص عليه من إجراءات خاصة تتخذ ضد المحامي في جرائم الجلسات، فضلا عن عدم انضباط وفساد صياغته بما قد يقود إلى إعاقة عمل المحامي بذريعة الإخلال بنظام الجلسة.

9– ما استحدثه المشروع من نص يسمح باخفاء شخصية الشاهد وبياناته بما يتنافى مع اعتبارات العدالة، بالاعتماد على شهادة شخص مجهل ويصدر الحكم متساندًا عليه بوصفه دليلًا في الدعوى.

10-ما استحدثه المشروع من اعتبار الأحكام الصادرة غيابيًا في الجنح في حق المتهم حضورية، على سند من إعلان المتهم بوسائل الاتصال الحديثة، وبما لا يتناسب مع الواقع العملى وما يحدث من تلاعب فى إعلان المتهم لحرمانه من العلم بتاريخ الجلسة.

ويضيف “البيان”: وغير ذلك مما تتضمنه المشروع من أوجه عوار ومخالفات دستورية سيجري تفصيلها في مذكرة شارحة على هدي ما سيلي من قرارات، ولما كان ممثل النقابة في اللجنة الفرعية لمجلس النواب، وعلى نحو ما عرض على مجلس النقابة قد أبدى اثناء المناقشات باللجنة الفرعية اعتراض النقابة على النصوص المعيبة، غير أنه فوجئ بعرض المشروع بذات أوجه العوار على لجنة الشئون التشريعية والدستورية.

لذلك:- قرر مجلس النقابة العامة للمحامين فى اجتماعه المنعقد بالاشتراك مع السادة نقباء المجالس الفرعية – طبقا لـ”البيان”:

أولًا:- إعداد مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص المعترض عليها مقارنة بنصوص القانون الحالي، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة، على أن تسلم المذكرة رسميًا إلى رئيس مجلس النواب، ورئيس لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.

ثانيًا:- مطالبة مجلس النواب بعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ لمزيد من المناقشة وفقًا لما أجازه له الدستور والقانون في هذا الشأن.

ثالثًا:- فتح كافة قنوات التواصل مع كافة الجهات المعنية لعمل اللازم نحو إعادة مشروع القانون لاستكمال دراسته الواقعية والتشريعية والحوار القانوني المجتمعي بشأنها.

رابعًا:- اعتبار مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف واتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات في ضوء ما سيجري من اتصالات ومشاورات بشأن المذكرة التي سيجري رفعها.

ملاحظات تعديلات قانون الإجراءات الجنائية

وفى سياق أخر – قالت الخبير القانوني والمحامية رحاب سالم، أن هناك حزمة من الملاحظات غير التي سلط عليها الضوء بيان نقابة المحامين كالتالى:

1- أول مشكلات تعديلات القانون هي مسألة الحبس الاحتياطي التى تمركزت حولها التغطيات الصحفية، والتي تقدم فيها 5 اقتراحات بالتعديلات المعروف منها هو تقليل مدد الحبس الاحتياطي وإعادة النظر في التدابير المتعلقة به، بينما ما صرح به حول المدة هو مقترح الـ6 أشهر بدل من سنتين بينما لم تنشر باقي التوصيات، إلا إنه المشكلة الحقيقية ليست في مدة الحبس الاحتياطي في القانون، ولكن وجود ضمانات كافية لالتزام الجهات المعنية – الكلام لـ”سالم”.

2- لأن القانون الحالي ينص على سقف سنتين حبس احتياطي يتم انتهاكه بشكل مباشر حينما نرى عدد من المحابيس والمتهمين يصلوا لأربع و5 سنوات حبس إحتياطى، أو بطرق ملتوية من خلال ما يسمى بـ”التدوير”، ومثل هذه النوعية من الوقائع حينما ينتهي سقف السنتين، يتم ضم المتهم لقضية جديدة بنفس بنود الاتهام للنيابة ليتم استمرار حبسه.

3-أزمة أخرى في المادة رقم 336 من بنود القانون التي تنص على إنه يجوز للقاضي ولو من تلقاء نفسه تصحيح أي إجراء يتبين خطأه، بينما الطبيعي وحق المواطن هو إنه أي إجراء جوهري خاطئ في القضية يبطلها وكل الإجراءات اللاحقة ومحاولة تصحيح الباطل هو انتهاك لحقوق المواطن.

4-الإشكالية الثالثة في المادة 368 التي تُقرر فرض حارس قضائي بطلب من النيابة على أموال المواطنين الصادر بحقهم أي حكم قضائي غيابي، ومنعهم من رفع أي دعوى وبطلان أي تصرف من تلقاء نفسه، بل وبإمكان المحكمة إلزام الحارس بدفع كفالة للجهات المختصة، وهذا فيه إهدار للإجراءات الطبيعية لمعارضة الأحكام القضائية الغيابية، لأنه الحكم الغيابي يكون بدون مواجهة أو علم من المتهم بالتُهم والأدلة وبالتبعية بدون دفاع فهو بلا قيمة لحد إعادة المحاكمة حضوريًا – هكذا تقول “سالم”.

5- الإشكالية الرابعة في المادة 72، التي تعطى وكيل النيابة حق الموافقة على طلبات ودفوع المحامي أو رفضها وإثبات هذا في المحضر، بينما الطبيعي إنه من حق المحامي تقديم كل طلباته ودفوعه بلا قيود.

6- الإشكالية الخامسة ففي المادة 105 و73 وهما متعلقين بحقين الأول حق الدفاع في الاطلاع على التحقيق قبل المواجهة بيوم على الأقل وحق الدفاع في الحصول على نسخة من القضية والتى أتاح فيها القانون للنيابة السماح بها أو غير ذلك، وهذا فيه تكريس لممارسة غير قانونية تتم بمنع الدفاع من الاطلاع على التحقيق أو الاتهامات والأدلة ولا الحصول على نسخة من القضية خلال المحاكمة، ويحصل فيها تعنت لدرجة أحيانًا يسمح للمحامي فقط بالاطلاع على قضية من مئات الأوراق خلال الجلسة، هذا بجانب مضاعفة تكاليف ورسوم وغرامات وطلبات وإجراءات التقاضي.

7- الإشكالية السادسة والأبرز هي فكرة سلطة التحقيق، فنحن لدينا مشكلة عميقة في قوانين الإجراءات القانونية السابقة إنها تمنح النيابة سلطة الاتهام، ثم التحقيق في الاتهامات التى هي نفسه وجهتها للمتهم بدل من قاضي التحقيقات المستقل، لكن حاليًا في التعديلات الجديدة فيه منح لضباط الشرطة سلطة التحقيق أصلًا وهذا في المادة 62 من القانون الذى يمنح لمأموري الضبط القضائي سلطة التحقيق واستجواب المتهم بالإنابة عن النيابة العامة في قضايا الجنح – طبقا لـ”سالم”.

8- الإشكالية السابعة في القانون هو تقييد بث ونشر أي تفاصيل عن الجلسات، وهذا من خلال تقييد عمل الصحفيين والمحامين في المواد 266 التى تقول أنه نقل وقائع الجلسات لا يتم إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد إذن من النيابة العامة، وهذا في إهدار واضح لمبدأ علانية الجلسات الذى هو أحد أركان تحقيق العدالة.

9-الإشكالية الثامنة أن التعديلات الجديدة لن تؤثر على مهمة المحامي في الدفاع عن المتهم فقط، ولكن الإشكالية أكبر من ذلك وأخطر، لأنها تهدر حق المواطنين عموماً في الدفاع عن نفسهم بشكل قانوني صحيح، فضلا عن أن التعديلات تفتح باب تلفيق الاتهامات للمواطنين واتمام الاجراءات الملفقة بشكل يبدوا شرعي وقانوني، فليس هناك محامى سيراقب صحة الإجراءات، والمحامي أصلا دوره هو الدفاع عن المتهم وحمايته من تلفيق الاتهامات، يعني الاعتداء علي حق الدفاع هو اعتداء علي حق الشعب كله.

10- وأخيرًا في كثير من مواد القانون في زيادة في الغرامات والمصروفات المتعلقة بالتقاضي، مثلا طلب إعادة المحاكمة ارتفع من 200 جنيه لـ 10 آلاف جنيه.

وإشادات حول تخفيض مُدد الحبس الاحتياطي

فيما أشاد محمود البدوي، المحامي بالنقض والخبير الحقوقي، أن هناك خطوات غير مسبوقة في مسار تحقيق مسار حقوقي مصري غير مسبوق يقوم على احترام الحقوق والحريات، وكذا إعلاء مبادئ حقوق الإنسان التي عبرت عنها كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة التي انضمت إليها الدولة المصرية، وهو ما عبرت عنه مصر في دستورها المعدل في 2014، وكذا ما أكدت عليه بموجب الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وهو ما نطلق عليه شمولية المسار الحقوقي لدى مؤسسة الرئاسة المصرية، بما يضمن تعزيز كل حقوق المواطن بكل أشكالها وأنواعها سواء اجتماعيًا أو مدنيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا أو ثقافيًا، وهو ما يمكن أن يُحدث نوعًا من المواءمة الحقيقية بين توجيهات الدستور المصري المُعدل وبين تعهدات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتحويلها إلى واقع ملموس ينعكس إيجابًا على نظام المحاكمات بمصر بما يعزز قيم حقوق الإنسان.

وأشار “البدوي” في تصريحات لـ”برلماني”: إلى أن التوصيات بتخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة سالبة للحرية قبل مرحلة المحاكمات، مع تفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ، لهو وبحق توجه غير مسبوق وسيحدث نقلة نوعية في مسار دعم المحاكمات العادلة والمُنصفة ويُعلي من قيمة مبدأ حقوق الإنسان، وبخاصة في ظل ما اعتنقته التشريعات الجنائية من أن الأصل العام في الإنسان هو البراءة، وهو ما يتماشى مع توجهات الدستور المصري المعدل في يناير 2014 وبخاصة المادة 54 منه.

تحديد حد أقصى للحبس الاحتياطي في الجنح والجنايات

كما أشاد “البدوي” بالتعديلات المقترحة المتعلقة بالحبس الإحتياطى، التي أعدتها اللجنة الفرعية بمجلس النواب، وبخاصة ما جاء بالفصل السابع والخاص بقواعد الحبس الاحتياطي والتدابير البديلة له، وتحديد حد أقصى للحبس الاحتياطي في الجنح والجنايات والجرائم التي تكون عقوبتها الإعدام والمؤبد لا يجب تجاوزه، وتحدثت أيضًا عن قواعد الحبس الاحتياطي وإجراءاته والتدابير البديلة له، بأن أعطت لوكيل النيابة إصدار قرار بالحبس الاحتياطي 4 أيام في وقائع الجنح والجناية المعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وأنه في حال الرغبة بمد الحبس الاحتياطي، فيكون القرار صادرًا عن القاضي الجزئي، وذلك بعد سماع المتهم والنيابة، على ألا تزيد المدة على 15 يومًا ولا يتجاوز مجموعها 45 يومًا.

وأوضح: أنه وإذا لم ينته التحقيق ورأت النيابة مد مدة الحبس الاحتياطي، يتم عرض الأوراق على محكمة الجنح المستأنفة، لتصدر أمرًا بمد مدة الحبس أو التدبير لمدد متعاقبة لا تزيد كل منها على خمسة وأربعين يومًا، إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، أو بالإفراج عن المتهم أو بإنهاء التدبير بحسب الأحوال، ويتم عرض الأمر على النائب العام إذا انقضى على حبس المتهم احتياطيًا تسعون يومًا، وذلك لاتخاذ الإجراءات التي يراها كفيلة للانتهاء من التحقيق.

مشروع القانون الجديد يتضمن موادًا لتقليص صلاحيات مأمور الضبط القضائي

من جانبه، أشار رئيس اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، النائب إيهاب الطماوي، إلى أهمية إعداد تشريع جديد لقانون الإجراءات الجنائية، قائلا: “إنه يعد بمثابة دستور ثاني منظم للحقوق والحريات العامة”، مؤكدا أن القانون القائم صدر خلال النظام الملكي لمصر وتطبيق دستور 1923 وقتها، كما جرى تعديله أكثر من مرة، في حين أن مصر أقرت دستورًا جديدًا عام 2014 منح العديد من الامتيازات والحقوق للمواطنين كان يجب تنظيمها في قانون الإجراءات الجنائية، ويتسق مع المواثيق الدولية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.

وأكد “الطماوي” في تصريحات صحفية: أن مشروع القانون الجديد يتضمن موادًا لتقليص صلاحيات مأمور الضبط القضائي، بحيث أنه لا يجوز دخول المساكن أو تفتشيها إلا بعد الحصول على إذن قضائي مُسبق ومُسبب، وتنظيم أوامر الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، وتنظيم قواعد الإعلان بالقضايا من خلال الطرق الحديثة، وكذلك تم تنظيم الحق في الصمت أثناء تحقيقات النيابة العامة أو أثناء المحاكمة، حيث أنه تم تخفيض مدة الحبس الاحتياطي بحيث يصبح الحد الأقصى في الجنح 4 أشهر بدلًا من 6 شهور، وفي الجنايات 12 شهرًا بدلًا من 18 شهرًا، وفي الجنايات التي تصل للمؤبد أو الإعدام 18 شهرًا بدلًا من سنتين، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي 24 شهرًا، وكذلك تم تنظيم التعويض عن الحبس الاحتياطي.

وأشار “الطماوى”: إلى أنه تم تفعيل حماية حقوق المرأة من خلال عدم تنفيذ أحكام الإعدام على المرأة المرضعة أو الحامل حتى يبلغ الصغير عامين، علاوة على تنظيم حقوق ذوي الهمم خلال مراحل التحقيق أو المحاكمة، سواء إذا كان متهمًا أو مجني عليه، إضافة إلى إلغاء باب الإكراه البدني واستبداله بأداء أعمال للمنفعة العامة، لافتًا أنه تم استحداث باب كامل متعلق بالتعاون القضائي الدولي في الأمور الجنائية، وإقرار إقرار مبدأ لا محاكمة من غير محام في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة.

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى