الهيئات القضائية

هل تعد جريمة التجمهر من الجرائم الماسة بالشرف التي تستوجب الفصل من العمل؟

تباينت أراء محكمة النقض في إشكالية اعتبار جريمة التجمهر من الجرائم الماسة بالشرف المتعلقة بالموظف العام والتي تستوجب الفصل من العمل، وذلك أثناء نظرها الطعنين اللذين حملا رقم 14770 لسنة 85ق و2575 لسنة 88 ق.
فأكدت محكمة النقض – الدائرة العمالية –  أثناء نظرها الطعن الذي حمل رقم 14770 لسنة 85 القضائية بتاريخ  12 أبريل 2017، على أن:”جريمة التجمهر والاتلاف لا تعتبر من الجرائم الماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ولا تعد إخلالاً من العامل بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل، ولا ينطبق عليها نص المادة (١٢٩) من قانون العمل رقم (١٢) لسنة ٢٠٠٣، وكذا لا ينطبق عليها نص المادة (٦٩) من ذات القانون”.
بينما أرست الدائرة العمالية بمحكمة النقض في حكم حديث لها في الطعن المقيد برقم 2575 لسنة 88 ق جلسة 16 أبريل 2019 عدة مبادئ قانونية بالنسبة لجريمة التجمهر والإتلاف حيث قالت: “أن جريمة التجمهر من الجرائم المخلة بالشرف، وفصل الموظف بناء على صدور حكم جنائي نهائي بارتكابها يتفق مع صحيح القانون، حتى ولو برئ هذا الموظف من ارتكابها في درجات التقاضي اللاحقة”.
محكمة النقض، بناءً على هذا المبدأ الجديد الصادر فى الطعن رقم 2575 لسنة 88 قضائية، قضت بتأييد فصل موظف عن عمله كمدير إدارة بشركة الإسكندرية للبترول، بعد صدور حكم جنائي بحبسه في قضية تجمهر واستعراض قوة، مؤكدة أنه رغم عدم وضع القانون تعريف محدد جامع مانع لمفهوم الجريمة المخلة بالشرف، إلا أن جرائم “التجمهر، استعراض القوة، وقطع الطريق، وإطلاق النار، وسفك الدماء”، تمثل تعطيلا لأحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والإضرار بالسلم الاجتماعي، كما تُعد جرائم مخلة بالشرف.
 الحكم الأول
 رقم 14770 لسنة 85 ق والذي قضت فيه المحكمة بعدم اعتبار جريمة التجمهر من الجرائم الماسة بالشرف أو الأمانة ولا تعد إخلالاً من العامل بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل
الوقائع
الطاعن يطلب عودته للعمل وصرف كامل أجره عن فترة حبسه مع التعويض المناسب
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها – شركة الإسكندرية الوطنية للتكرير والبتروكيماويات ” أنربك ” – الدعوى رقم ……… لسنة ٢٠١٤ عمال الإسكندرية الابتدائية انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلغاء قرار الشركة المطعون ضدها رقم ……… لسنة ٢٠١٣ الصادر في ١ / ١٠ / ٢٠١٣ بوقفه عن العمل اعتباراً من ٢٠ / ٩ / ٢٠١٣ وإعادته إلى عمله وصرف كامل أجره عن فترة حبسه مع التعويض المناسب ، وقال بياناً لها إنه من العاملين لدى المطعون ضدها التى أصدرت قرارها سالف الذكر بسبب الحكم عليه بالحبس في الجنحة رقم ……… لسنة ٢٠١٤ جنح مستأنف باب شرقى لمدة ستة أشهر الفترة من ٢٠ / ٩ / ٢٠١٣ حتى ٢٤ / ٣ / ٢٠١٤ لما نسب إليه في هذه الجنحة من ارتكابه جريمة التجمهر وإذ منعته المطعون ضدها وبدون مبرر من استلام عمله بعد تنفيذه عقوبة الحبس فقد أقام الدعوى.
وأقامت المطعون ضدها دعوى فرعية بطلب فصله من العمل , وبتاريخ ١٩ / ١ / ٢٠١٥ حكمت المحكمة بقبول الدعوى الفرعية شكلاً ورفضها موضوعاً وفى موضوع الدعوى الأصلية باستمرار الطاعن في عمله مع صرف أجره كاملاً من تاريخ الوقف وما لم يتم صرفه من مستحقات عملاً بنص المادة ٧١ / ٣ من قانون العمل ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم …… لسنة ٧١ ق الإسكندرية . كما أقام الطاعن استئنافاً فرعياً برقم ……. لسنة ٧١ ق الإسكندرية وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول قضت بتاريخ ١٤ / ٦ / ٢٠١٥ في موضوع الاستئناف …… لسنة ٧١ ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية والفرعية ومجدداً برفضه الأولى وفى الثانية بفصل الطاعن من عمله وفى موضوع الاستئناف رقم …… لسنة ٧١ ق الإسكندرية برفضه ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه ، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ قضى بفصله من العمل ورفض دعواه بطلب إلغاء قرار وقفه عن العمل وإعادته إلى عمله بمقولة أن معاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر في الجنحة رقم ……. لسنة ٢٠١٤ مستأنف باب شرقى على ارتكابه جريمة التجمهر والإتلاف واستعراض القوة من شأنه أن يضر بسمعة الشركة المطعون ضدها وبالعاملين بها وتفقدها الثقة فيه بما يبرر طلبها بفصله وفقاً للمادة ٦٩ من القانون ١٢ لسنة ٢٠٠٣ رغم أن جريمة التجمهر التى ادين بسببها لم تقع أثناء العمل ولم يترتب عليها ثمة ضرر بالمطعون ضدها بما ينتفى معه الخطأ الجسيم المبرر للفصل , وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادة ١٢٩ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ على أنه ” لصاحب العمل أن ينهى عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرماً لإنجاز عمل معين إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة وذلك ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ” يدل على أن المشرع جعل الحكم على العامل بعقوبة جناية سبب لانتهاء الخدمة أياً كان نوع الجناية ولم يجعل الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية غير عقوبة الجناية سبب لانتهاء الخدمة إلا إذا صدر في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم يكن الحكم مشمولاً بوقف التنفيذ هذا ولما كان الفصل لهذا السبب يختلف عن الفصل التأديبي الذى وردت حالاته بالمادة ٦٩ من القانون ١٢ لسنة ٢٠٠٣ ولا يعتبر تطبيقاً لنظرية الفسخ للإخلال بالالتزام لأنه لا يشترط أن تكون للجريمة التى ارتكبها العامل صلة بعمله أو بصاحب العمل فلا يكون هناك إخلال بالتزام يرتبه العقد وإنما الفصل في هذه الحالة لا يعدو أن يكون إلا ممارسة لحق استثنائي في الإنهاء قرره المشرع لصاحب العمل صيانة لسمعه المنشأة التى قد يسيئ إليها أن يبقى بها عامل ثبت جرمه بحكم نهائى في جناية أو في جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة .
لما كان ذلك , وكانت جريمة التجمهر والإتلاف موضوع الجنحة المشار إليها بوجه النعى لا تعتبر من الجرائم الماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ولا تعد إخلالاً من الطاعن بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل ، ومن ثم فإن دعوى الشركة المطعون ضدها بطلب فصل الطاعن من العمل لديها للحكم عليه بعقوبة الحبس لارتكابه جريمة الجنحة سالفة الذكر فاقدة لسندها القانونى , وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إدانة الطاعن بجريمة التجمهر خطأ جسيماً من شأنه أن يضر بسمعة الشركة المطعون ضدها وبالعاملين بها وتفقدها الثقة فيه ويبرر لها طلب فصله من العمل لديها وفقاً للمادة ٦٩ من قانون العمل رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ دون أن يقيم الدليل على ما ذهب إليه في هذا الشان فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، وكان الطاعن وفقاً لما تقضى به المادة ٨٥ من لائحة نظام العاملين لدى المطعون ضدها لا يستحق أجرة أثناء مدة حسبه نفاذاً للحكم النهائى الصادر في الجنحة رقم …….. لسنة ٢٠١٤ جنح مستأنف باب شرقى ، ولما تقدم تعين الحكم في الاستئنافين رقمى …….. , …….. لسنة ٧١ ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من أحقية الطاعن في صرف أجره كاملاً أثناء مدة تنفيذ عقوبة الحبس الصادر بها الحكم الجنائي الفترة من ٢٠ / ٩ / ٢٠١٣ إلى ٢٤ / ٣ / ٢٠١٤ وتأييده فيما عدا ذلك .
الحكم الثاني
رقم 2575 لسنة 88 ق والذي اعتبرت فيه المحكمة  أن جريمة  (التجمهر، استعراض القوة، قطع الطريق، إطلاق النار وسفك الدماء) يُعد من الجرائم المخلة بالشرف، التي تقتضي الفصل من العمل، لما لها من خطورة على أمن البلاد والعباد والاقتصاد القومى
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم … لسنة ٢٠١٤ عمال الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدى إليه تعويضاً عن فصله من عمله، قولاً منه إنه كان يعمل بالشركة الطاعنة منذ شهر مارس١٩٨٤ حتى وصل إلى وظيفة مدير إدارة، وإذ صدر ضده حكم فى القضية رقم … لسنة ۲۰۱٤ جنح باب شرقى واستئنافها رقم … لسنة ۲۰۱٤ مستأنف شرق الإسكندرية بحبسه لما نسب إليه من تُهَم “التجمهر واستعراض القوة” فقد تم وقفه عن العمل، ثم بتاريخ ١٦/٧/٢٠١٤ صدر قرار رئيس مجلس الإدارة بإنهاء خدمته بدءاً من ٢٤/٣/٢٠١٤، وإذ نُقِضَ الحكم الجنائى المشار إليه وأُعيدت محاكمته فقد تم تبرئته مما أُسند إليه، فأقام الدعوى. ردت الطاعنة على الدعوى بأن العبرة فى سلامة قرار الفصل من عدمه هو بوقت صدوره، ومحكمة أول درجة رفضت الدعوى بحكم استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم … لسنة ۷۱ ق الإسكندرية، وبتاريخ ٥/١٢/٢٠١٧ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة أن تؤدى إلى المطعون ضده مبلغ ۳۰۰۰۰۰ جنيه (ثلاثمائة ألف جنيه) تعويضاً عن فصله تعسفياً. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعی به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون و الخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم قضی للمطعون ضده بالتعويض على أن الجريمة المنسوبة إليه لا تُعد من الجرائم المخلة بالشرف ولا تستوجب الفصل فى حين أن ما نُسِب إلى المطعون ضده من تهم (التجمهر، استعراض القوة، قطع الطريق، إطلاق النار وسفك الدماء) تُعد خيانة للوطن وخروجاً من العامل عن المسلك اللائق للحفاظ على كرامة العمل، وهى بذلك تُعد من الجرائم المخلة بالشرف، وكان ينبغى على المطعون ضده وهو من كبار العاملين بالشركة أن ينأى بنفسه عن مواطن الشبهات، وعلى ذلك انتهت لجنة شئون العاملين إلى أن ما بدر من المطعون ضده يجعله غير أهل للثقة للعمل فى مجال البترول وأوصت بإنهاء خدمته، فصدر قرار رئيس مجلس الإدارة بإنهاء خدمته لما مثله مسلكه من خطورة على أمن الشركة، الأمر الذى ينفى عنها شبهة أى خطأ يوجب التعويض، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن الشركة الطاعنة هى إحدى شركات القطاع العام للبترول التابعة لإشراف الهيئة المصرية العامة للبترول ويختص مجلس إدارتها بوضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها وإصدار القرارات اللازمة لحسن تسيير أعمالها وتحقيق أهدافها وتصريف أمورها المالية والإدارية والفنية مسترشداً فى ذلك بلائحة الهيئة المصرية العامة للبترول الصادرة نفاذاً لأحكام القانون رقم ۲۰ لسنة ١٩٧٦ فى شأن الهيئة المصرية العامة للبترول والتى تطبق على جميع العاملين فى قطاع البترول، وقد نظمت المادتان ۱۱۰، ۱۲۲ منها مسئولية العامل التأديبية وكيفية وقفه عن العمل وأسباب إنهاء خدمته، فنصت المادة (۱۱۰) على أن ” كل عامل يحبس احتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائى نهائى يوقف عن عمله مدة حبسه ويوقف صرف نصف أجره فى حالة حبسه احتياطياً أو تنفيذاً لحكم جنائى غير نهائى، ويحرم من کامل أجره فى حالة حبسه تنفيذاً لحكم جنائى نهائى، ويعرض الأمر عند عودة العامل إلى عمله على رئيس مجلس الإدارة ليقرر ما يتبع فى شأن مسئولية العامل التأديبية …” .
ونصت المادة (۱۲۲) على أن تنتهى خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية … ٨- الحكم عليه بعقوبة جناية فى إحدى الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو ما يماثلها من جرائم منصوص عليها فى القوانين الخاصة أو بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن الحكم مع وقف التنفيذ …” بما مفاده أن لصاحب العمل أن يوقف العامل الذى يُحبس احتياطياً، كما أن له إنهاء خدمته إذا حكم عليه بعقوبة الجناية أياً كانت طبيعة هذه الجناية، لما لها من خطورة على أمن المجتمع، أو إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية فى جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. وناطت اللائحة بلجنة شئون العاملين – والتى تتكون من كبار العاملين بالشركة، فضلاً عن ممثل عن العمـال – أن تقرر بقرار مسبب منها ومن واقع أسباب الحكم الجنائى – أن بقاء العامل فى الخدمة يتعارض مع مقتضيات الوظيفة أو طبيعة العمل.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن لجنة شئون العاملين بالشركة الطاعنة قد قررت بتاريخ ٢٥/٦/٢٠١٤ فى شأن مسئولية المطعون ضده التأديبية والإدارية عن الأفعال المنسوبة إليه (التجمهر، استعراض القوة، قطع الطريق، إطلاق النار وسفك الدماء) وبإجماع الأراء – وبحصر اللفظ “أن بقاء المطعون ضده فى عمله يتعارض مع مقتضيات وظيفته واعتبارات الصالح العام وذلك فى ضوء الظروف التى تمر بها البلاد، وأن المذكور لم يعد أهلاً للثقة والأمانة الواجب توافرهما فى مثل طبيعة الأعمال بشركات البترول لما لها من أثر على الأمن القومى والخدمات الأساسية للمواطنين” وانتهت اللجنة – لجنة شئون العاملين – إلى عرض الأمر على رئيس مجلس الإدارة، وبناءً على ذلك أصدر رئيس مجلس إدارة الطاعنة بتاريخ ١٦/٧/٢٠١٤ القرار رقم ٦٣٥ لسنة ۲۰۱٤ بإنهاء خدمة المطعون ضده بدءاً من ٢٤/٣/٢٠١٤ تنفيذاً للحكم الجنائى النهائى الصادر بإدانته فى القضية رقم … لسنة ٢٠١٤ جنح باب شرقى واستئنافها رقم … لسنة ۲۰۱٤ مستأنف شرق الإسكندرية، مما مؤداه أن الطاعنة بكافة إداراتها قد ارتأت أن المطعون ضده – وهو من كبار العاملين بالشركة “مدير إدارة بإدارة فصل الزيت بالمستوى الأول بقطاع المياه والمعالجة بالإدارة العامة للمرافق” وله مدة خبرة قاربت على الثلاثين عاماً لم يعد صالحاً للبقاء فى عمله بالشركة، بحسبان أنه قد صدر بحقه حكم بعقوبة فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة فضلاً عن فقدانه شرط حسن السمعة اللازم للتعيين والاستمرار فى الوظيفة.
وذلك اتساقاً مع ما استقرت عليه هذه المحكمة من أنه وإن كان المشرع لم يضع تعريفاً محدداً جامعاً مانعاً لمفهوم الجريمة المخلة بالشرف والأمانة إلا أنه يمكن تعريفها بأنها “تلك الجرائم التى ترجع إلى ضعفٍ فى الخلق وانحراف فى الطبع” وهو ما ينطبـق على جرائم (التجمهر، استعراض القوة، قطع الطريق، اطلاق النار وسفك الدماء) والتى تُمثل تعطيلاً لأحكام الدستور والقوانين ومنعاً لمؤسسات الدولة والسلطات العامة عن ممارسة أعمالها واعتداءً على الحرية الشخصية للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور والقانون فضلاً عن الإضرار بالسلام الاجتماعى، ومن ثم فإن استمرار المطعون ضده بعمله بعدما ألحقت به تلك التهم المسيئة للسمعة والماسة بالشرف يتعارض مع طبيعة عمله بالشركة الطاعنة، لأنه اقترف من الجرائم ما يسىء إليه وإلى الجهة التى يعمل بها، منحرفاً بسلوكه عن الخلق القويم الواجب التحلى به وهو ما يفقده الثقة والاعتبار المفترضين فى أداء الواجب المنوط به.
ومن ثمَّ كان حتماً مقضياً على جهة عمله إنهاء خدمته بعدما نسب إليه من جرائم تحط من قدر مرتكبها، وتتنافى ومقتضيات وظيفته، ومن ثمَّ يضحى قرار فصله من العمل متفقاً وصحيح حكم القانون. ولا ينال من ذلك أنه قد حصل على البراءة – فيما بعد إذ لا يؤثر ذلك على صحة وسلامة قرار إنهاء خدمته وقت صدوره، لما هو مقرر من أن العبرة فى سلامة قرار إنهاء الخدمة وما إذا كان صاحب العمل قد تعسف فى ذلك من عدمه هى بالظروف والملابسات التى كانت محيطة به وقت صدوره لا بعده، ومتى كان ما تقدم، وكان ما نسب إلى المطعون ضده من أفعال على نحو ما سلف (التجمهر، استعراض القوة، قطع الطريق، إطلاق النار وسفك الدماء) يُعد من الجرائم المخلة بالشرف، لما لها من خطورة على أمن البلاد والعباد والاقتصاد القومى، فإن قرار الطاعنة بإنهاء خدمة المطعون ضده لهذا السبب لا يكون مخالفاً للقانون ولا يستوجب التعويض الذى قضى به الحكم المطعون فيه وهو ما يستتبع القضاء بنقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف برفضه، وتأييد الحكم المستأنف.

 

مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى