أحوال محاكم مصر
10 مبادئ لمحكمة النقض تتصدى لتلفيق قضايا المخدرات
10 مبادئ لمحكمة النقض تتصدى لتلفيق قضايا المخدرات
أصدرت الدائرة الجنائية “أ” – بمحكمة النقض – حكما قضائيا نهائيا وباتا بإلغاء الحكم الصادر من محكمة الجنايات بالسجن المشدد لمدة 15 سنة والغرامة ضد متهمين فى قضية اتجار مخدرات، والقضاء مجددا بالبراءة لإنتفاء حالة التلبس، والمحكمة ترسخ لـ10 مبادئ قضائية حيث قالت: “1-بطلان القبض والتفتيش لانتفاء مبررهما لانتفاء حالة التلبس.
2- التفتيش من إجراءات التحقيق ومن مستلزمات القبض ذاته فى حالات معينة.
3- كلما كان القبض صحيحا كان التفتيش على مقبوض عليه صحيحا.
4- بغير قيام مسوغ القبض القانونى لا يجوز لمأمور الضبط القضائى تفتيش المقبوض عليه سواء كان بإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائى.
5- المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية حددت متى يتم التعرض للحرية الشخصية.
6- التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
7- يتعين أن يدرك مأمور الضبط القضائي بإحدى حواسه وقوع الجريمة بما لا يحتمل شكاً أو تأويلاً.
8- والتلبس لا يتوافر مع القرائن أو الشبهات أو الخشية أو الارتباك التي يقررها مأمور الضبط القضائي.
9- الحيرة والإرتباك مهما بلغا لا يوفر الدلائل الكافية على اتهامهما بالجريمة المتلبس بها ولا يبيح من ثم القبض عليهما وتفتيشهما.
10- عدم تعرف ضابط الواقعة على المتهمين إلا بعد القبض عليهما وتفتيشهما ينفى حالة التلبس”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 11204 لسنة 91 القضائية، لصالح المحامى بالنقض حازم أبو ناف، برئاسة المستشار مصطفى محمد، وعضوية المستشارين حسين النخلاوى، وعباس عبدالسلام، والدكتور أحمد أبو العينين، وأحمد عبدالله أنيس، وبحضور كل من رئيس النيابة لدى محكمة النقض شريف بلال، وأمانة سر خالد عمر.
الوقائع.. القبض على متهمين بالإتجار في المخدرات
اتهمت النيابة العامة الطاعنين “على. س” و”رأفت. ج” في قضية الجناية رقم 35775 لسنة 2020 قسم الهرم، بوصف أنهما في يوم 5 من أغسطس سنة 2020 بدائرة قسم الهرم – محافظة الجيزة – حاز جوهراً مخدراً “حشيشاً” في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وفى تلك الأثناء – المحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة 9 من مايو سنة 2021 وعملاً بالمواد 201، 1/38، 1/24 من القانون رقم 182 لسنة 1990 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة 15 سنة وتغريمه مبلغ 50 ألف جنيه لما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط والزمتهما المصاريف الجنائية ، باعتبار أن حيازة وإحراز المخدر مجردان من القصود المسماة في القانون، فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.
محكمة الجنايات تقضى على المتهمين بالسجن 15 سنه
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة وإحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أطرح بما لا يسوغ الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء مبررهما لانتفاء حالة التلبس، ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه .
المتهمين يطعنان على الحكم أمام محكمة النقض لإلغاء الحكم
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: وحيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه للواقعة بقوله: “أن النقيب “محمد مجدي” تلقى معلومات مفادها أن المتهمين – السابق اتهامهما – والمطلوب التنفيذ عليهما في أحكام واجبة النفاذ – سطر أرقامها بالمحضر – متواجدين بشقة مستأجرة، فانتقل إلى مكان تواجدهما وإبان ذلك أبصر شخصين ما إن شاهداه حتى حاولا الفرار، فطاردهما وتمكن من ضبطهما، وبتفتيش الأول عثر بحوزته على قطعتين لجوهر الحشيش المخدر، وبتفتيش الثاني عثر معه على مبلغ مالي وهاتف محمول وثبت بالشهادات المستخرجة من جدول الجنح والجنايات بشأن تلك القضايا المذكورة بالمحضر أنه مطلوب التنفيذ عليهما، ثم عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأطرحه بقوله:
محكمة النقض تفند الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتقاء حالة التلبس
“وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتقاء حالة التلبس وكون الأحكام ضد المتهمين غيابية وتجاوز الضابط حدود التفتيش الوقائي فمردود بما هو مقرر أن المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لمأمور الضبط القضائي في سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم أن يفتشه مهما كان سبيل القبض أو الغرض منه؛ لأن التفتيش في هذا الحالة لازم باعتباره من إجراءات التحقيق بل باعتباره من مستلزمات القبض ذاته، وكلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يرى من خول إجراؤه على مقبوض عليه صحيحاً، وأنه بغير قيام مسوغ القبض القانوني لا يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيش المقبوض عليه سواء كان بإجراء من إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائي، وكان الضابط قد قبض على المتهمين لصدور حكم غيابي ضد كل منهما:
الأول في الجناية رقم 10317 لسنة 2019 جنايات العمرانية والمقيدة برقم 610 لسنة 2019 كلي بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وكفالة خمسين ألف جنيه، والثاني في الجناية رقم 3528 لسنة 2017 جنايات التبين والمقيدة برقم 151 لسنة 2017 كلي والمقضي فيها بجلسة بالسجن المؤبد – تنفيذاً لهذين الحكمين – فقد تم القبض صحيحاً مبنياً على مسوغ قانوني وصح معه تفتيش المتهمين، فإذا ما أسفر هذا التفتيش عن ضبط المخدر فإن المتهمين يكونا متلبسين بجناية إحرازهما وحيازتهما لهذا المخدر، ويكون ما أجراه الضابط قد وافق صحيح القانون، ويكون النعي في غير محله ترفضه المحكمة ” .
المادتان 24، 35 من قانون الإجراءات الجنائية
وبحسب “المحكمة”: لما كان ذلك، وكانت المادتان 24، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بضمان حريات المواطنين قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن 3 أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه، فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره، كما حولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً .
ليس لمأمور الضبط القضائي التعرض للحرية الشخصية في هذه الحالة
ووفقا لـ”المحكمة”: لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وباعتبار أن التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها، وأنه يتعين أن يدرك مأمور الضبط القضائي بإحدى حواسه وقوع الجريمة بما لا يحتمل شكاً أو تأويلاً، ولا يعني في ذلك القرائن أو الشبهات أو الخشية أو الارتباك التي يقررها مأمور الضبط القضائي، الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروطاً بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وكان من المقرر أيضاً أن القبض على الإنسان إنما يعني تقييد حريته والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيره تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده.
الحيرة والإرتباك مهما بلغا لا يوفر الدلائل الكافية على اتهامهما بالجريمة
لما كان ذلك – وكان مفاد ما أورده الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم وما أطرح به الدفع ببطلان القبض لإنعدام حالة التلبس ينبئ بأن ما قام به ضابط الواقعة حيال الطاعنين ما هو إلا قبض باطل، وأنه تم في غير حالة التلبس وبغير إذن من النيابة العامة، وأية ذلك أن ضابط الواقعة قرر أنه لم يتعرف على الطاعنين إلا بعد القبض عليهما وتفتيشهما، ولا يغير من ذلك ما حصله الحكم من ارتباك الطاعنين وفرارهما فور مشاهدتهما له وهو يقترب منهما، لما هو مقرر من أنه ليس في مجرد ما يعتري الأشخاص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا لا يوفر الدلائل الكافية على اتهامهما بالجريمة المتلبس بها ولا يبيح – من ثم القبض عليهما وتفتيشهما.
لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة كما حصلها الحكم المطعون فيه وما بأن لهذه المحكمة – محكمة النقض – من المفردات – المضمومة صورتها – لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر التي دين الطاعنان بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ما وقع في حقهما هو قبض باطل.
محكمة النقض تنصف المتهمين وتقضى بالبراءة
لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإن القبض على الطاعنين وتفتيشهما يكون باطلاً ويبطل كذلك كل ما ترتب عليه، ويكون ما أسفر عنه القبض والتفتيش وشهادة من أجراهما قد وقع باطلاً ولا يصح التمويل على الدليل المستمد منهما في الإدانة لما كان ذلك، وكانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعنين عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وببرءاة المتهمين مما أسند إليهما من مصادرة المخدر.
مصدر الخبر | موقع برلماني