الهيئات القضائية

النقض تفصل في طعن زوج حرض زوجته بمعاشرة غيره لتُنجب منه نتيجة إصابته بالعقم ثم أمرها بالتخلص من رضيعتها

فصلت محكمة النقض، في الطعن المقدم من زوج وزوجته لإلغاء الحكم الصادر ضدهما من محكمة أول درجة، بالسجن 10سنوات، وذلك على خلفية اتهامهما بقتل ابنة الزوجة بعد أن أمر الزوج زوجته بمعاشرة غيره، لتحقيق رغبتها في الانجاب، نتيجة اصابته بالعقم، ثم أمرها بالتخلص من رضيعتها عقب انجابها كشرط استمرار الحياة بينهما.

رسخت المحكمة خلال حيثيات الحكم عدة مبادئ قضائية بشأن سلطة المحكمة في تقدير الدليل بقضايا القتل، قالت فيه:

1- “الاشتراك بالاتفاق مقتضاه اتحاد نية القاتل، والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه.

2- للمحكمة الاستدلال عليه من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام سائغاً.

3- أن تحديد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حدة ودوره فيها غير لازم ما دام أثبت اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة”.

 

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 17997 لسنة 87 قضائية، برئاسة المستشار عاصم عبد الجبار، وعضوية المستشارين سـامـح عـــبد الله عبد الرحيم ومــحمـود عــبـد الـرحـمـن وأحمـد محمـد سليمـان وعمـر يس سـالـم.

 

الـوقـائـع..

زوجة تستجيب لرغبة زوجها في قتل رضيعتها كشرط استمرار الحياة بينهما

 

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 123 لسنة 2017 جنايات بيلا بأنهما في يوم 5 من ديسمبر سنة 2016 بدائرة مركز بيلا – محافظة كفر الشيخ – قتلا المجني عليها الطفلة “ل” مع سبق الإصرار، وذلك بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على إزهاق روحها، وكان ذلك بطريقي التحريض والاتفاق فيما بينهما، بأن اتفق الثاني مع الأولى وحرضها على قتل المجنى عليها سالفة الذكر، ونفاذًا لذلك الغرض وما إن ظفرت المتهمة الأولى بالمجنى عليها حتى كممت فاها وأنفها وأطبقت أنفاسها بيدها، فأحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها، وقد وقعت تلك الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق والتحريض على النحو المبين بالتحقيقات .

 

وفى تلك الأثناء – أحالتهما النيابة العامة إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا في 3 من يوليو سنة 2017 عملًا بالمواد 40/أولًا، ثانيًا، 41/1، 230، 231 من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من ذات القانون، بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات عما أسند إليهما وألزمتهما المصروفات الجنائية، ثم فطعنت المحكوم عليها “….” في هذا الحكم بطريق النقض في 13 من يوليو سنة 2017، كما طعن المحكوم عليه “…” في هذا الحكم بطريق النقض في 22 من أغسطس من العام ذاته.

 

 

مذكرة الطعن تستند إلى أن الحكم لم يبين مظاهر الاشتراك والاتفاق في الجريمة

مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث قالت : ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك بالاتفاق والتحريض مع المحكوم عليها الأولى بالقتل العمد مع سبق الإصرار ، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة في بيان وافٍ، ولم يدلل تدليلًا سائغًا على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار ، كما أنه لم يستظهر المظاهر والدلائل التي استخلص منها اشتراك الطاعن بالاتفاق الحاصل بينه وبين المتهمة الأولى على ارتكاب القتل، ولم يبين دورة تحديدًا في الجريمة، كما لم تفصح المحكمة عن ماهية الحرز الذى قامت بفضه ومحتواه ووجه استدلالها به، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

 

المحكمة في حيثيات الحكم، قالت رداَ على الأسباب الواردة بمذكرة الطعن، إن الحكم بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها ، وأورد مؤدى الأدلة السائغة التي استخلص منها الإدانة في بيان وافٍ يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة، واستقرت في وجدانها، وكان القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، متى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في هذه الدعوى – كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها، حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون، ويكون النعي على الحكم بالقصور في البيان لا محل له.

 

الاشتراك بالاتفاق مقتضاه اتحاد نية القاتل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه
وبحسب “المحكمة”: لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرًا خفيًا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص توافر هذه النية من ظروف الدعوى وملابساتها وهو استخلاص سائغ وكافٍ في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن والمحكوم عليها الأولى، فإنه لا محل للطعن على هذا الحكم في هذا الصدد.

 

ووفقا لـ”المحكمة”: لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة، إنما هي تستفاد من وقائع الدعوى وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها ما دام موجب هذه الوقائع لا يتنافر عقلًا مع هذا الاستنتاج، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص في غير محله، هذا فضلًا عن أن عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات الموقعة على الطاعن مقررة لجريمة القتل العمد – بغير سبق إصرار – التي أثبتها الحكم في حقه، فإن ما قد يثار من فساد الحكم في استظهار ظرف سبق الإصرار – بفرض صحة ذلك – يكون غير مُجد.

 

 

وللمحكمة الاستدلال عليه من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام سائغاً
لما كان ذلك – وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية القاتل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبآت الصدور ودخائل النفس التي لا تقع عادة تحت الحس، وليس لها أمارات ظاهرة، كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه، وللقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستنتاج سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره.

 

أصل الحكاية.. زوج يأمر زوجته بمعاشرة غيره للإنجاب

وتضيف “المحكمة”: لما كان ذلك – وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن سبق له أن قام بتحريض المحكوم عليها الأولى زوجته على أن تعاشر غيره لكي تحمل من الآخر ومن ثم تستطيع تغطية أمر إصابته بالعقم، واستطاع اقناعها بذلك مستغلًا رغبتها في البنوة، ثم بعد أن تسبب في ارتكابها هذا الإثم بإقراره، قام بتحريضها مرة أخرى على التخلص من المجنى عليها مقابل إعادة الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، وهو ما دفعها إلى كلا من الأمرين ووقعت الجريمة بناء على تحريضه واتفاقه، فإن استخلاص الحكم يكون سائغًا ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .

 

هذا فضلًا عن أنه من المقرر أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم في الجريمة على حدة ودوره فيها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك – كما هو الحال في هذه الدعوى – ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على الحرز الذى تم فضه في جلسات المحاكمة، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.

 

فلهذه الأسباب:

قضت المحكمة بتأييد الحكم الصادر ضدهما من محكمة أول درجة بالسجن 10 سنوات، وذلك على خلفية اتهامهما بقتل ابنة الزوجة بعد أن أمر الزوج زوجته بمعاشرة غيره لتحقيق رغبتها في الانجاب نتيجة اصابته بالعقم ثم أمرها بالتخلص من رضيعتها عقب انجابها كشرط استمرار الحياة بينهما.

11

2

3

4

مصدر الخبر | موقع اليوم السابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى