fbpx
الهيئات القضائية

عقوبة مستقلة لمحو تسجيلات جرائم التقاط الصور والابتزاز الإلكترونى

أصبحنا فى عصر انتشار تكنولوجيا المعلومات أكثر عرضة للوقوع كضحايا للجرائم الإلكترونية، فانتشار التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة يعد سلاح ذو حدين، يمكن استخدامهم من أجل تسهيل الاتصالات حول العالم، فهم من أهم وسائل انتقالات الثقافات المختلفة حول العالم من أجل تقريب المسافات بين الدول والحضارات المختلفة، ولكن يمكن أيضاً استخدامهم فى التسبب بأضرار جسيمة لأشخاص بعينهم أو مؤسسات كاملة من أجل خدمة أهداف سياسية أو مادية شخصية.

 

مفهوم الجرائم الإلكترونية “الجرائم المعلوماتية”

الجريمة الإلكترونية هى فعل يتسبب بضرر جسيم للأفراد أو الجماعات والمؤسسات، بهدف ابتزاز الضحية وتشويه سمعتها من أجل تحقيق مكاسب مادية أو خدمة أهداف سياسية باستخدام الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت، فتكون الجرائم المعلوماتية بهدف سرقة معلومات واستخدامها من أجل التسبب بأذى نفسى ومادى جسيم للضحية، أو إفشاء أسرار أمنية هامة تخص مؤسسات هامة بالدولة أو بيانات وحسابات خاصة بالبنوك والأشخاص من شأنها أن تضر بسمعتهم وثرواتهم.

هل لمحو التسجيلات الخاصة بجرائم التقاط الصور عقوبة؟

فى التقرير التالى، يلقى “برلمانى” الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية، وهى محو التسجيلات الخاصة بجرائم التقاط الصور فى مكان خاص والتهديد بالنشر وإفشاء أمور خادشة للحياء، وذلك فى الوقت الذى تتشابه فيه الجريمة الإلكترونية مع الجريمة العادية فى عناصرها من حيث وجود الجانى والضحية وفعل الجريمة، ولكن تختلف عن الجريمة العادية باختلاف البيئات والوسائل المستخدمة، فالجريمة الإلكترونية يمكن أن تتم دون وجود الشخص مرتكب الجريمة فى مكان الحدث، كما أن الوسيلة المستخدمة هى التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة والشبكات المعلوماتية – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض علاء مبروك.

 

فى البداية – أصبحت الجرائم الالكترونية عبر وسائل التطبيقات الحديثة السوشيال ميديا من الجرائم التكنولوجية المستحدثة والتى لها طبيعة خاصة تختلف كليا عن الجرائم المتعارف عليها هذه الجريمة إنما تتعلق بالهاتف المحمول الذى أصبح مع الأطفال دون رقابة من الوالدين، فيقوم هؤلاء الاطفال باللعب مع بعضهم البعض سواء شباب أو بنات بالتصوير فى الأماكن الخاصة ببعض الصور الخاصة بتلك الفتيات فى أوضاع معينة، ويقوموا بنشر تلك الصور عبر تطبيقات “الواتس آب” أو “الفيس بوك”، ثم يقومون بتهديد الفتيات بتلك الصور طالبين من عمل معين دون علمهم بأن ما يقومون به من أفعال إنما يقع تحت طائلة القانون – وفقا لـ”مبروك”.

المشرع اعتبرها عقوبة تكميلية يجب توقيعها مع عقوبة الجريمة الأشد

فقد سبق لمحكمة النقض المصرية التصدى لجريمة محو التسجيلات الخاصة بجرائم التقاط الصور فى مكان خاص والتهديد بالنشر وافشاء أمور خادشه للحياء، وتتلخص الواقعة حال كون الأول طفل هتك عرض طفلة، ولم تبلغ من العمر 18 سنة، وقام بتجريدها من ملابسها وقام الثانى بتصويرها على الهاتف المحمول الخاص به حال كونها عارية الجسد دون علمها، وذلك بان التقطوا صورا للطفلة فى مكان خاص ونشروها عبر السوشيال ميديا وهددوها كتابة بإفشاء أمور خادشه للحياء وذلك للقيام بعمل معين.

 

ويضيف “مبروك”: أن عقوبة محو التسجيلات المتحصلة من جريمة التقاط صور للمجنى عليها فى مكان خاص بغير رضاها إنما هى عقوبة تكميلية يجب توقيعها مع عقوبة الجريمة الأشد وفقا لنص المادة رقم 309 من قانون العقوبات يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن بغير رضاء المجنى عليه، كل من استرق السمع أو سجل او نقل عن طريق التليفون محادثات جرت فى مكان خاص، وكل من التقط أو نقل صور شخص، كما ذكرت المادة 309 مكرر “أ” يعاقب بالحبس كل من اذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلا أو مستندا متحصلا عليه بالتليفون، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور الخادشة للحياء التى تم التحصل عليها عبر الهاتف المحمول لحمل شخص على القيام بعمل.

 

يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها

ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها، مما يكون قد استخدم فى الجريمة او تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتصلة بالجريمة او اعدامها، وقد نصت المادة 25 من القانون 175 لسنة 2018 مكافحة تقنية المعلومات يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 شهور وبغرامة لا تقل عن 50 الف جنيه ولا تجاوز 100 الف جنيه كل من اعتدى على المبادئ الاسرية فى المجتمع المصرى أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو ارسل بكثافة العديد من الرسائل الالكترونية لشخص معين دون موافقته أو منح بيانات شخصية الى نظام أو موقع الكترونى تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه.

 

محكمة النقض تتصدى للأزمة

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدى لمثل هذا الأمر فى الطعن المقيد برقم 3224 لسنة 90 قضائية حيث اتهمت النيابة العامة كل من 1- ….، 2- …. “المطعون ضده”، 3- …. بأنهم: – المتهمان الأول والثاني: حال كون المتهم الأول طفل هتكا عرض المجنى عليها الطفلة/ “….” والتى لم تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً بالقوة، وذلك بأن استدرجها الأول لمسكنه وقام بتجريدها من ملابسها وباغتها الثانى بتصويرها على الهاتف الجوال الخاص به حال كونها عارية الجسد دون علمها، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، والتقطا صوراً للمجنى عليها فى مكان خاص على النحو سالف البيان، ونشرا صوراً للمجنى عليها سبقا وأن تحصلا عليها بالطرق سالفة البيان، والمتهمون جميعاً: هددوا المجنى عليها كتابة بإفشاء أمور خادشه للحياء وذلك لحملها على القيام بعمل معين، بينما المتهم الأول: وهو طفل شرع فى الحصول بالتهديد على مبالغ مالية من المجنى عليها.

3 متهمين قصر يلتقطون صورا عارية جبرا لفتاة قاصر

وفى تلك الأثناء – أحالت النيابة العامة المتهمين الثلاثة للمحاكمة الجنائية، والمجنى عليها ادعت مدنياً قبل المتهم الثانى “الماثل” بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنية على سبيل التعويض المدنى المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل للثانى وغيابياً للأول والثالث فى 16 من نوفمبر 2019 بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحق المدنى مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت وبمعاقبة الأول والثالث بالسجن لمدة ست سنوات، فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض فى 12 من يناير سنة 2020.

 

النيابة تطعن على الحكم لإثبات جريمة محو التسجيلات

النيابة العامة ذكرت فى مذكرة الطعن بأنها تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المحكوم عليه الثانى بجرائم هتك عرض طفلة، والتقاط صور لها فى مكان خاص، ونشرها وتهديدها كتابة بإفشاء أمور خادشه للحياء لحملها على القيام بعمل قد أخطأ فى تطبيق القانون؛ ذلك أنه أغفل القضاء بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

 

المحكمة فى حيثيات الحكم قالت إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجرائم هتك عرض طفلة، والتقاط صور لها فى مكان خاص ونشرها وتهديدها كتابة بإفشاء أمور خادشه للحياء لحملها على القيام بعمل التى دان المطعون ضده بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة، انتهى إلى عقابه طبقاً للمواد 268، 309 مكررا/ 1 بند ب، 309 مكرر أ/1، 2، 326، 327/1 من قانون العقوبات، والمواد 2/1، 95/1-11، 116 مكررا، 122/2 من القانون 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ثم أوقع عليه عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنتين وذلك بالتطبيق للمادتين 17، 32 من قانون العقوبات.

 

محكمة النقض تضيف عقوبة محو التسجيلات

لما كان ذلك، وكان البند الأخير من المادة 309 مكرراً من قانون العقوبات التى دين المطعون ضده بها ينص على أنه: “ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها”، ولما كانت عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة هى عقوبة تكميلية واجب الحكم بها، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبة الأصلية لما عداها من جرائم مرتبطة بها، إلا أن هذا الجب لا يمتد إلى العقوبات التكميلية المنصوص عليها فى هذه الجرائم.

ولما كانت عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة هى عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط به هذه الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة إعمالاً لنص البند الأخير من المادة 309 مكرراً من القانون المشار إليه يكون قد خالف القانون، بما يتعين معه تصحيحه بإضافة عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة إلى العقوبة المقضى بها.

1
22

3

4

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليق

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock