النقض توضح حالة يجوز للمحكمة فيها الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية
النقض توضح حالة يجوز للمحكمة فيها الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم ٢٤٦٠١ لسنة ٨٨ قضائية، أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
” الوقائـع “
اتهمت النيابـة العامـة الطاعنين في قضية الجناية رقــم …. لسنة ٢٠١٤ جنايات مركز شرطة تلا (المقيدة بالجدول الكلى برقم …. لسنة ٢٠١٤ شبين الكوم) بأنـهما في يوم ١٧من يوليو سنة ٢٠١١ ــــ بدائرة مركز شرطة تلا ــــ محافظة المنوفية: ــــــ
١ـــــ ضربا المجني عليه / …. بأن قاما بالتعدي عليه بسلاح أبيض ” سنجة ” فأحدثا به الإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعي المرفق والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها تتمثل في انكليوز جزئي بالرسخ الإيسر وقطع بالأوتار الباسطة لأصبع اليد اليسرى تقدير نسبتها بحوالي ١٥% خمسة عشر بالمائة على النحو المبين بالتحقيقات.
٢ــــــ حازا وأحرزا أسلحة بيضاء ( سنجة ) بدون ترخيص على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتـــهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعـاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة.
وأدعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة ٦ من يونية سنة ٢٠١٨. عملاً بالمواد ٢٤٠/١، من قانون العقوبات، والمواد ١/١، ٢٥ مكرر /١، ٣٠/١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل والبند رقم ٦ من الجدول رقم ١ المرفق بالقانون الاول المعدل بقرار وزير الداخلية ١٧٥٦ لسنة ٢٠٠٧، مع إعمال حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين والمواد ١٧، ٥٥ /١، ٥٦ /١ من ذات القانون بالنسبة للمتهم الثاني. أولاً: بمعاقبة …. بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية. ثانياً: بمعاقبة …. بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف الجنائية وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ اليوم وفي الدعوى المدنية بإحالتها بحالتها للمحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقص في ١٦ من يوليو سنة ٢٠١٨.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ١٦من يوليو سنة ٢٠١٨ موقع عليها من المحامي/ ….
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر قانوناً.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيا على الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمتي الضرب المفضي لعاهة وإحراز سلاح أبيض دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دان الطاعن الأول عن جريمة إحداث العاهة رغم أنها لم تنشأ من الضربة المنسوبة له، والتفت عن دفاعه بتعديل القيد والوصف للطاعن الأول لكون الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة ضرب بسيط له، ودان الطاعن الثاني معولاً على أقوال المجنى عليه رغم ما يعانيه من أمراض الشيخوخة، فضلاً عن كونه ضرير ملتفتاً عن ما قدمه من مستندات تثبت ذلك، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين التي دان الطاعنين بها، ساق على صحة إسنادهما إلى كل متهم وثبوتهما في حقه أدلة استمدها من أقوال المجني عليه والضابط مجري التحريات، ومما جاء بالتقرير الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن يسأل الجاني بصفته فاعلاً أصلياً في جريمة إحداث عاهة مستديمة، وإذا كان قد اتفق مع غيره على ضرب المجنى عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً لهذا الغرض الإجرامي الذى اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت العاهة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذى أحدثها، وكان يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أن ما ساقه من أن الطاعنين ضربا المجنى عليه الطاعن الأول مستخدماً عصاه والطاعن الثاني مستخدماً سنجة مما يقطع بتوافر اتفاقهما على التعدي على المجنى عليه، مما يتعين معه مساءلة كل منهما عن جريمة إحداث عاهة مستديمة بصرف النظر عمن باشر منهما الضربة التي نجمت عنها العاهة، ويكون منعاهما على الحكم في صدد اعتبار الطاعن الأول فاعلاً أصلياً في الجريمة غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النعي بأن الواقعة مجرد جنحة ضرب بسيط وليس جناية ضرب أحدث عاهة مستديمة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ولا يجوز مجادلتها في شأنه لدي محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخري ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعيه فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة: ــــ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه.
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين