المقالات القانونية

المرأة المصرية قاضية.. خطوة سيسجلها التاريخ بقلم المستشار محمد سمير

أعتقد أن التاريخ سيتوقف طويلاً ليسجل في صفحاته عام ٢٠٢١ كعام جاء شاهداً على خطوة غير مسبوقة لاستحقاق دستوري وقانوني للمرأة في أن تكون حاضرة في الجهات والهيئات القضائية كافة بمختلف درجاتها.
فقد جاء توجيه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في إطار الاحتفال بيوم المرأة العالمي حول إعمال الاستحقاق الدستوري للمادتين ١١، ٥٣ من دستور مصر بالمساواة وعدم التمييز ليضع بداية جديدة لمرحلة فارقة حيال تعزيز المواطنة وتكريس المبادئ الدستورية كخطوة طال انتظارها بعد أن ظلت المرأة غائبة عن النيابة العامة ومجلس الدولة حتى الآن.
منذ أن عينت المستشارة/ تهاني الجبالي كأول امرأة قاضية بالمحكمة الدستورية العليا عام ٢٠٠٣ وصولاً للأستاذة الدكتورة / فاطمة الرزاز – عميد كلية حقوق حلوان السابق ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا اعتباراً من ديسمبر الماضي، خلال تلك الفترة دخلت المرأة المصرية منظومة القضاء على ثلاث دفعات منفصلة كان اجماليها ٦٦ قاضية فقط تم اختيارهن جميعًا من عضوات النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة وليس بالطريق التقليدي من بداية السلم القضائي أسوة بزملائهم الذكور، و بينما كان تواجد المرأة حاضرًا وبقوة في هيئة النيابة الإدارية التي تشكل فيها المرأة نسبة تقارب ٤٣% من اجمالي عدد أعضائها ، بخلاف تواجدها بهيئة قضايا الدولة بنسبة تقارب ٢٠%.
وكانت النيابة الإدارية وخلال العام الماضي وحتى الآن ومنذ تولي المستشار / عصام المنشاوي رئاسة الهيئة، قد بادرت في إطار رؤية شاملة على دعم تولي المرأة لمختلف المناصب القيادية بها، فشهدت تولي العديد من عضوات النيابة منصب مدير نيابة في أغلب محافظات الجمهورية سواء في القاهرة أو الوجهين البحري والقبلي، كما باشرت حتى الآن ٢٣ عضوة من مستشارات النيابة الإدارية مهمة الادعاء أمام المحاكم التأديبية المختلفة في سابقة كانت الأولى من نوعها لتقلد هذا المنصب. إن نظرة سريعة على دول منطقتنا العربية ترينا مدى احتياجنا لتلك الخطوة التي سبقتنا فيها العديد من الدول العربية، فتشكل المرأة ما يقارب ٦٠% من القضاء اللبناني، ٤٨% من القضاء التونسي، ٤٥% من القضاء الجزائري، ٣٠% من القضاء المغربي، ٢٥% من القضاء الأردني، ١٢% من القضاء العراقي، وتترأس المرأة المجلس الأعلى للقضاء التونسي بالانتخاب، وتترأس مجلس الدولة الجزائري، ومجلس الدولة العراقي، كما تترأس المحكمة العليا السودانية مؤخرًا، كما تتواجد المرأة بالنيابة العامة في الإمارات العربية من ٢٠٠٨ وفي قطر ٢٠١٥ بل وفي السعودية مؤخرًا تم فتح النيابة العامة أمام المرأة، أما على الصعيد الدولي فهناك العديد والعديد ويكفي أن نذكر في هذا الصدد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السيدة فاتو بن سودة.
إن مصر التي عرفت أرضها أقدم حضارات العالم قاطبة لا يمكن لها إلا أن تحرص لا على مجرد تكريس المساواة بين أفراد المجتمع دون تمييز بل أن تكون لها الريادة كما كانت من قبل عبر التاريخ في تأكيد تلك القيم والمبادئ. واختتم مقالتي هنا بما سطره المؤرخ الكبير جيمس هنري بريستد في كتابه الشهير فجر الضمير والذي وصف فيه نشأة الضمير الانساني في الحضارة المصرية القديمة (أدرك المصري القديم أن حضارة بلا قيم هي بناء أجوف لا قيمة لها، لذا سعى إلى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التي تحكم إطار حياته، تلك القيم التي سبقت «الوصايا العشر» بنحو ألف عام، لذا نحتوا على جدران مقابرهم رمز إلهة العدل ماعت، والمؤكد أن المصريون قد سبقوا العالم أجمع في بزوغ فجر الضمير الإنساني).

مصدر الخبر | موقع الشروق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى