أحوال محاكم مصر

النقض تضع ضوابط القبض والتفتيش داخل الدائرة الجمركية

أصدرت الدائرة الجنائية “د” – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يضع ضوابط القبض داخل الدائرة الجمركية، رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: “1-مواد قانون الجمارك قد خلت من نص يخول مأمور الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك حق تفتيش الأشخاص داخل الدائرة الجمركية.

2-وهناك موانئ برية (مواقف برية) تخرج عن نطاق الموانئ والدوائر والمناطق الجمركية مثل موقف محرم بك بالإسكندرية

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 4160 لسنة 92 القضائية، لصالح المحامى بالنقض جورج أنطون، برئاسة المستشار أحمد حافظ، وعضوية المستشارين مدحت دغيم، وعبدالحميد دياب، وياسر الهمشرى، ومحمد أنيس، وبحضور كل من رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض محمد حسن، وأمانة سر أحمد سعيد خطاب.

الوقائع.. القبض على شخصين بميناء الإسكندرية البرى “موقف محرم بك”

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم 7386 لسنة 2021 قسم شرطة كرموز المقيدة بالجدول الكلى برقم 1424 لسنة 2021 غرب الإسكندرية، بأنهما في يوم 2 من أبريل سنة 2021 بدائرة قسم شرطة كرموز – محافظة الإسكندرية: حازا بقصد الإتجار جوهرا مخدرا “هيروين” في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات بالأسكندرية لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

الاتهام “حيازة هيروين”.. والمحكمة تقضى بسجنهما 3 سنوات

وفى تلك الأثناء – محكمة الجنايات قضت حضوريا في 26 من ديسمبر 2021 عملا بالمواد 1، 2، 37/1، 41/1، من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونيين رقمى 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989، والبند رقم “2” من القسم الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 36 لسنة 1997 بمعاقبتهما بالسجن المشدد 3 سنوات وتغريمهما 10 ألاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط، وذلك باعتبار أن إحراز المخدر بقصد التعاطى، وقرر المحكوم عليهما بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.

المتهمان يطعنان لإلغاء الحكم.. ومذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم

مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانهما بجريمة إحراز جوهر الهيروين بقصد التعاطي، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أطرح بما لا يسوغ دفعهما القائم على بطلان الاستيقاف لإنتفاء مبرراته، وبطلان القبض والتفتيش الواقع عليهما لإنتفاء حالة التلبس، ولعدم مشاهدة الجريمة، وأن مكان الواقعة خارج نطاق الموانىء والدوائر الجمركية، فضلاً عن أن القائم بالتفتيش ليس من مفتشي الجمارك، بما يبطل التفتيش الواقع عليهما لكونه ليس بتفتيش إداري للمسافرين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

الدفاع يدفع بـ5 دفوع.. أبرزها أن القائم بالتفتيش ليس من مفتشي الجمارك

المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: “حيث أن وجيز الواقعة حسبما استخلصتها المحكمة واطمأنت إليها تتحصل في أن المقدم محمود فاروق الصاوى، الضابط بالإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، حال مروره الأمني استوقف المتهمين داخل الميناء البرى – الموقف الجديد – وذلك لمحاولتهما الفرار، وبمناقشة المتهم الأول أقر له بحيازته لمواد مخدرة داخل حقيبته بالاشتراك مع المتهم الثانى، وتبين أن بداخلهما قطعتين لمخدر الهيروين على شكل أسطوانى، فضبطهما وأقر المتهمان بإحرازهما وحيازتهما للمخدر المضبوط.

ثم عرض للدفع ببطلان الاستيقاف لعدم توافر حالة التلبس واطرحه بقوله ” وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاستيقاف لعدم توافر حالة التلبس، فإنه من المقرر قانوناً أن تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الموانئ ومنها الميناء البرى – مكان ضبط الجريمة وفي نطاقه، أنه إذا قامت دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظلة التهريب فيمن يوجدون داخل تلك المناطق، فإن التفتيش والضبط يتما وفقاً للقانون، ذلك وأن القانون لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش في إحدى الحالات المبررة له، وأنه يكفي أن يقوم مأمور الضبط القضائي بالضبط والتفتيش في آية حالة تنم عن الشبهة، وأن مفاد ذلك أن الضبط والتفتيش في تلك الموانئ ومنها ميناء الإسكندرية البرى الذي لا يخضع للقواعد المنظمة لذلك، بل يكفى وجود الشبهة لدى المتواجدين في هذه الأماكن.

النقض ترد على دفع بطلان الاستيقاف لعدم توافر حالة من حالات التلبس

وبحسب “المحكمة” في حيثيات الحكم: لما كانت المحكمة تطمئن إلى ما شهد به المقدم محمود فاروق الصاوى بالإدارة العامة الشرطة النقل، من أنه حال مروره الأمني بميناء الإسكندرية البري، اشتبه في المتهمين واستوقفهما، لمحاولتهما ترك الأمتعة والفرار، وأنهما بذلك وضعا نفسهما في موضع الشبهة التي تبيح له، وقد قامت دواعي الشك في المتهمين لتركهما الحقيبة التي كانت جوارهما، هذا فضلاً عن أن المتهم الأول أقر له بحيازته لمواد مخدرة داخل الحقيبة، وأن ذلك الإقرار تطمئن المحكمة إلى صدوره من المتهم، وهو ما يسقط القيود الإجرائية للضبط والتفتيش في حاله إقرار المتهم نفسه بوجود جريمة وأن التفتيش جاء لاحقاً لتوافر تلك الشبهة وعلى إقرار المتهم بإحراز المخدر، ويضحى ذلك الدفع غير سديد.

لما كان ذلك، وكان لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب، بقدر ما يضيرها الإفتئات على حقوق الناس، والقبض عليهم دون وجه حق، وقد كفل الدستور هذه الحريات بإعتبارها أقدس الحقوق نص عليه في أقدس الحقوق الطبيعية للإنسان، كما أن بما نص عليه في المادة 54 منه من أن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة ولا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن طبيعي وهي حبسه أو تقيد حريته المجتمع، ويصدر هذا الأمر القاضي المختص أو من النيابة العامة وفقاً الأحكام القانون.

لموظف الجمارك الحق في التفتيش داخل نطاقه

لما كان ذلك وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، وكان مؤدى الواقعة كما حصلها الحكم المطعون فيه لا ينبئ عن أن الطاعنين شوهدا في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية، ولما كان ذلك، وكان المشرع إذ نص في المادة 26 من القانون 66 لسنة 1963 على أن: “لموظف الجمارك الحق في تفتيش الأماكن والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية”، قد أفصح عن أن الغاية من التفتيش الذي تجريه الجمارك وفقا لأحكام هذه المادة هو منع التهريب داخل الدائرة الجمركية وأنه تفتيش من نوع خاص لا يقيد بقيود القبض والتفتيش المنظمة بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وبما توجبه المادة 41 من الدستور من استصدار أمر قضائي في غير حالة التلبس، كما لم يتطلب المشرع صفة مأمور الضبط القضائي فيمن يجرى التفتيش من موظفي الجمارك.

المشرع قصر حق إجراء التفتيش لموظفى الجمارك فقط دون غيرهم في هذه الحالة

لما كان ذلك، وكان المشرع قد قصر حق إجراء التفتيش المنصوص عليه في المادة 26 المشار إليها على موظفي الجمارك وحدهم دون أن يرخص بإجرائه لمن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى على غرار النص في المادة 29 من ذات القانون على أن: “لموظفي الجمارك ومن يعاونهم من رجال السلطات الأخرى حق مطاردة البضائع المهربة، ولهم أن يتابعوا ذلك عند خروجها من نطاق الرقابة الجمركية، ولهم أيضاً حق المعاينة والتفتيش على القوافل المارة في الصحراء عند الاشتباه في مخالفتها لأحكام القانون، ولهم في هذه الأحوال حق ضبط الأشخاص والبضائع ووسائل النقل واقتيادهم إلى أقرب فرع للجمارك”.

لما كان ذلك، وكانت مواد قانون الجمارك قد خلت من نص يخول مأمور الضبط القضائي من غير موظفي الجمارك حق تفتيش الأشخاص داخل الدائرة الجمركية، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1973- المتعلقة بضمان حريات المواطنين القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائي؛ إعمالاً للمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية إلا في أحوال التليس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها لا تجيز لمأمور الضبط القضائى القبض على المتهم وتفتيشه بغير أمر قضائى، إعمالا للمادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها.

“المواقف البرية” تخرج عن نطاق الموانئ والدوائر الجمركية

لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه، ومن الإفادة الواردة من نيابة غرب الإسكندرية الكلية بناء على الاستعلام نيابة النقض الجنائي أن ميناء الإسكندرية البرى “موقف محرم بك” مكان الضبط يخرج عن نطاق الموانئ والدوائر الجمركية، وأنه مشروع محطات الركاب الانتظار التابع لديوان عام محافظة الإسكندرية التابعة لوزارة التنمية المحلية، والذي يكون الاختصاص فيه لنقل الركاب من الإسكندرية إلى محافظة أخرى وداخل الإسكندرية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، إذ اعتبر مكان الضبط منطقة جمركية، وأن القانون يخول لضابط الواقعة تفتيش الأفراد به وانتهى إلى صحة الإجراء، ورفض الدفع ببطلان الاستيقاف والضبط وما أسفر عنه التفتيش، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، بما يوجب نقضه.

لما كان ذلك، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمداً منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وبمصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقول الطعن شكلا، وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعنين مما هو منسوب إليهما ومصادرة المخدر المضبوط.

مصدر الخبر | موقع برلماني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى