نائب رئيس مجلس الدولة: الرقابة الإدارية تعاون القاضي الإداري في كشف الانحرافات التعاقدية
قال المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، إن الرقابة الإدارية تُعاون القاضى الإداري في كشف الانحرافات التعاقدية.
وأكد “خفاجي” أثناء المناقشة العلنية لرسالة الدكتوراه المقدمة من الباحث أحمد محمد البوشى – رئيس النيابة العامة بالخانكة بالقليوبية – التى اُجريت بكلية الحقوق جامعة الزقازيق، أن تعديل السيسي لقانونها بإنشاء الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد عمل عظيم للتعاون الدولي بمكافحة الفساد، وأن القاضي الإداري أصدار أحكاما صارمة بحماية المال العام وكشف الفساد المالي في العديد من العقود الإدارية وبعضها كان نتيجة بلاغات هيئة الرقابة الإدارية قبل وصولها إلى القضاء الجنائي حيث قامت هيئة الرقابة الإدارية فيها بدور رئيسي من خلال تقاريرها وتحرياتها وضبطها للعديد من الأنشطة في المجال الحكومي وكان عملها بمثابة الأدلة اليقينية الاقناعية على سلامة الاتهام.
وأوضح أن القاضي الإداري أنشأ العديد من المبادئ القانونية في مجال العقد الإداري بسبب تقارير رجال تلك الهيئة منها مبدأ عدم جواز استرداد المبالغ التي حصلتها النيابة العامة في جرائم المال العام المتصلة بالعقود الإدارية نتيجة بلاغات الرقابة الإدارية والتي تصدر فيها النيابة قرارًا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية للتصالح بقصد الإعفاء من العقاب.
وأضاف الدكتور محمد خفاجي أثناء المناقشة أن دور هيئة الرقابة الإدارية عظيم وهي الحارس الأمين على مسيرة الأداء الوظيفي الرشيد لأنها تهدف إلى منع الفساد ومكافحته بكافة صوره، واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة، وحفاظًا على المال العام وغيره من الأموال المملوكة للدولة.
ولفت إلى أن القاضي الإداري يعتد بنظر ثاقب لتحرياتها فيما يتعلق بالجهات المدنية خاصة إذا أسفرت التحريات عن أمور تستوجب التحقيق فتُحال الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال بعد موافقة رئيس الهيئة أو نائبه، وألزم المشرع على النيابة الإدارية أو النيابة العامة أو سلطة التحقيق المختصة إفادة الهيئة بما انتهى إليه التحقيق حتى تكون على بينة وبصيرة بنتيجة الموضوعات التي تتولاها.
وأشار الدكتور محمد خفاجي أن المشرع رصد لهيئة الرقابة الإدارية لها عدة أدوار رئيسية مستحدثة في ثوبها التشريعي الجديد وأفسح المجال لها لينبسط على كافة مظاهر الأنشطة المتباينة للجهات التى اتخذ النشاط القانونى لها قالبا جديدا في سبيل كشف وضبط الجرائم التى تستهدف الحصول على محاولة الحصول على أى ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدنيين أو أحد شاغلي المناصب العامة بالجهات المدنية أو اسم إحدى الجهات المدنية المنصوص عليها قانونا، وكذا الجرائم المتعلقة بتنظيم عمليات النقد الأجنبي المنصوص عليها بقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 وفقًا لأحكامه، والجرائم المنصوص عليها بالقانون رقم 5 لسنة 2010 بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية والجرائم المنصوص عليها بالقانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.
وأوضح خفاجي أن المشرع لم يقصر دور الرقابة الإدارية على نفسها بل أوجد لها قدرًا من التعاون البناء مع الأجهزة المعنية المتعلقة بكافة السبل لأدائها لمهام عملها فاختصها بوضع ومتابعة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، بالمشاركة والتنسيق مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية في الدولة والتعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والوثائق والمعلومات مع الهيئات والأجهزة الرقابية في الدولة، وغيرها من الجهات المختصة بمكافحة الفساد في الخارج كما لم يعد دورها رقابيا صرفا بل توجيهي ومجتمعي وحق التتبع الدولى في مجال منع الفساد ومكافحته، فأضحى من مهامها نشر قيم النزاهة والشفافية، والعمل على التوعية المجتمعية بمخاطر الفساد، وسبل التعاون لمنعه ومكافحته.
وتقوم الهيئة في سبيل ذلك بالتعاون مع كافة الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدنى، فضلا عن متابعة نتائج المؤشرات الدولية والإقليمية والمحلية في مجال منع الفساد ومكافحته، ووضع التوصيات اللازمة لتلافى أى نتائج سلبية أسفرت عنها تلك المؤشرات، ومتابعة تنفيذها بصفة دورية، وتقييم أداء المسئولين عن تنفيذها.
وأكد الدكتور محمد خفاجي أن التعديل الذى أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقانون رقم 207 لسنة 2017 على قانون هيئة الرقابة الإدارية عمل عظيم للتعاون الدولى في مكافحة الفساد، إذ بموجبه ينشأ بهيئة الرقابة الإدارية مركز متخصص يُسمى “الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد” تتبع رئيس الهيئة، ونظرا لأهميته القصوى فإن المشرع جعله كيانا وظيفيا واعتبره أحد قطاعات الهيئة.
وتهدف تلك الأكاديمية إلى إعداد أعضاء الهيئة وتدريبهم على النظم الحديثة المتصلة بمجال اختصاص الهيئة، والارتقاء بمستوى أداء العاملين بها، فضلًا عن دورها الدولى في مجال مكافحة الفساد بدعم التعاون مع الهيئات والأجهزة المختصة بمكافحة الفساد في الدول الأخرى.
واختتم خفاجي أن المشرع منح للأكاديمية في سبيل تحقيق أغراضها القيام بالعديد من الأعمال ذات الصلة بالغرض من إنشائها منها عقد دورات تدريبية لأعضاء الهيئة وفق الخطط والبرامج السنوية للأكاديمية ودورات تدريبية للعاملين بالهيئة، وعقد الدورات والمؤتمرات والندوات وحلقات النقاش في مجالات نشر قيم النزاهة والشفافية والتوعية بمخاطر الفساد وسبل مكافحته، وتبادل الخبرات والوثائق والبحوث مع الجهات التى تباشر نشاطها مماثلًا في الداخل أو الخارج وإيفاد البعثات الدراسية والتدريبية لأعضاء الهيئة في إطار المنح الدراسية التى ترد إلى الأكاديمية من الدول الأجنبية والمنظمات الدولية وفقًا للضوابط التى تحددها اللائحة الداخلية للأكاديمية، بل أجاز المشرع للأكاديمية أن يمتد نشاطها ليشمل تدريب أعضاء الهيئات والأجهزة المعنية بمكافحة الفساد بالداخل والخارج وسائر العاملين بالدولة وهو ما يؤكد دورها الريادى في هذا الصدد.
وكانت لجنة الحكم والمناقشة برئاسة الدكتور عبد الرءوف هاشم أستاذ القانون العام ومستشار رئيس الجامعة، والدكتور حمدى عمر عميد كلية الحقوق الأسبق وعضو لجنة الخبراء العشرة لوضع الدستور عام 2014، والدكتور محمد خفاجي، قد انتهت إلى منح الباحث درجة الدكتوراة بتقدير جيد جدا.