المحاماة ركنًا أصيلًا لا يتجزأ من منظومة العدالة بقلم الأستاذ/ محمد جلال عامر
قال المستشار عبد العزيز فهمي رئيس محكمة النقض المصرية عند افتتاح أولى جلساتها عام 1931:
إذا وازنت بين عمل القاضي وعمل المحامي، لوجدت أن عمل المحامي أدق وأخطر لأن مهمة القاضي هي الوزن والترجيح أما مهمة المحامي فهي الخلق والإبداع والتكوين.
وقال أيضا دوجيسو رئيس مجلس القضاء الأعلى بفرنسا: “المحاماة عريقة كالقضاء، مجيدة كالفضيلة، ضرورية كالعدالة، هي المهنة التي يندمج فيها السعي إلى الثروة مع أداء الواجب، حيث الجدارة والسلطان لا ينفصلان، المحامي يكرس حياته لخدمة الجمهور دون أن يكون عبدًا له، ومهنة المحاماة تجعل المرء نبيلاً بغير ولادة، غنيًا بلا مال، رفيعًا من غير حاجة إلى لقب، سعيدًا بغير ثروة”.
ولذلك يجب التأكيد على أن يعامل المحامي من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام الواجب للمهنة، وأنه إذا وقع منه بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعى محاسبته نقابيًا أو جنائيًا يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك كما جاء في المادة “49”.
ولذلك أهتم الدستور المصري دوما بإدراج النصوص الخاصة بالمحاماة اللي تعد هي ضمانات للمحامي للقيام بأعماله باستقلالية وحرية وأمان.
ويعد أبرز النصوص اللي تعد حصانة المحامي وجدار الدفاع الأول عنه ما جاء في نصوص المادة ” 198 ” من الدستور أن: “المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلا، وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام.. ويتمتع المحامون جميعا أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال.. ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون”.
كما أن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، -بتعديلاته المختلفة، والتي كان آخرها سنة 2019- منح المحامي حصانات كثيرة تضمن استقلاليته في ممارسة مهنته السامية، بدءًا مما نصت عليه المادة الأولى من القانون المذكور من أن: “المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم. ويمارس مهنة المحاماة المحامون وحدهم في استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون”
واستمرت عدة مواد تتحدث عن احترام المحامي و الدفاع عنه كما جاء في نصوص المواد ” 50، 50-مكرر، 51، ..، “.
حتى إنها ساوت بينه وبين عضو هيئة المحكمة في حمايته حال الاعتداء عليه أثناء ممارسته لعمله أو بسببه، فنصت المادة (54) على أن: “يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامة بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة”.
و على ما ذُكر سالفاً لا يجوز إهانة المحامي بأي شكل أو صفه من أعضاء النيابة أو المحكمة كما نسمع في بعض الأحيان فبدون المحامي لا تكتمل معادلة العدالة ولا يستقيم الميزان، فالمحامي بالنسبة للمواطنين درعُ و سيف و باحترام المحامي بزيه الأسود اللامع احتراماً للدستور و القانون صاحب الكلمة العظمى في تلك البلاد.
مصدر المقال | موقع نقابة المحامين