المستشار محمد خفاجى: الإعلام له دور خطير فى التبصير الانتخابى
المستشار محمد خفاجى: الإعلام له دور خطير فى التبصير الانتخابى
تمر منطقة الشرق الأوسط بظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، حيث يشهد عالم اليوم مخاطر محتملة وتحولات سياسية وثقافية واستراتيجية كبيرة نتيجة احتكار النظام الأحادي وصراع الدول الكبرى لجعله متعدد الأقطاب، ويأتي الاستحقاق الدستوري المصري بإجراء الانتخابات الرئاسية وسط زخم هذه الأحداث.
وما يهم المواطن المصري هو أن يأتي رئيس قوي قادر على مواجهة التحديات للحفاظ على قوة مصر في ظل ملفات دولية وإقليمية غير طبيعية ومعقدة، ما يستلزم استنهاض الوعي العام بالمشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية.
وأجرى القاضي المصري الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة المعروف بدراساته القومية والوطنية، دراسة قيمة بعنوان: “ضمان المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية: الطريق الآمن لاستقرار الوطن وتنميته”.
وهي دراسة تحليلية في ضوء العالم السياسي الجديد ودور قوى السيادة الاجتماعية في حوار الجماهير. نعرض في الجزء الثالث عن دور الإعلام في المشاركة الشعبية في مجموعة من الأفكار أهمها الإعلام له دور خطير في التبصير الانتخابي وبيان الحقائق التي تُحاك ضد الوطن.
وصناعة الثقافة السياسية من مهام الإعلامي لتأسيس وعي عام يراعي الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد وميكروفون الإعلامي ليس أقل أهمية من منصة القاضي، لأنه قاضي الكلمة النزيهة في مخاطبة الجماهير والإعلام التقليدي عليه عبء تطوير نفسه حتى يحاكي الإعلام الجديد للوصول إلى الناس.
أولًا: للإعلام وظيفة اجتماعية في إقامة التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصالح المجتمع
يقول الدكتور محمد خفاجي إن للإعلام المقروء والمرئي والمسموع والرقمي وظيفة اجتماعية، وإنه يتعين إقامة التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية.
فالعمل الإعلامي سواء كان مقروءًا أو مرئيًا أو مسموعًا أو رقميًا يتعين أن يتمتع بوظيفة اجتماعية، فيقيم التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد، فالحرية حق وواجب ومسئولية في وقت واحد والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة، وتقديم ما يهم عموم الناس بما يسهم في تكوين رأي عام مستنير.
ويضيف: “من واجب الإعلام عدم الاعتداء على خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم، ذلك أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تشجيع أو إثابة العبث بحرية الاتصال والتواصل والتعبير وإساءة استخدامها في التشهير أو التطاول أو الإساءة بما يخالف حماية السلام والأمن الاجتماعي”.
ثانيًا: للإعلام دور خطير فى التبصير الانتخابى وبيان الحقائق التى تُحاك ضد الوطن، وصناعة الثقافة السياسية من مهام الإعلامى لتأسيس وعى عام يراعى الأمن القومى والمصالح العليا للبلاد
ويذكر الدكتور محمد خفاجى أن للإعلام دورًا خطيرًا في التعبير عن الرأى العام وتوجيهه وفى وضع الحقائق التى تُحاك ضد الوطن أمام الشعب وتبصيره، فكما أنها أداة فعالة لمراقبة تصرفات الحكام فإنه ينبغى عليها أن تترجم رغبات واَمال المحكومين.
وإن أهمية الإعلام تتعاظم مع دخول المجتمع المصرى مرحلة الديمقراطية بعد ثورتين للشعب في زمن وجيز، لذا بات مطلوبًا من الإعلام نشر المعرفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكى يستطيع المواطن أن يحدد موقفه مما حوله باعتبار أن الديمقراطية معرفة قبل كل شىء.
ويشير: كما أنه مطلوب من الإعلام إشاعة الثقافة السياسية اللازمة لتأسيس وعى ديمقراطى يراعى الأمن القومى والمصالح العليا للبلاد، تتمتع بالمصداقية وتتسم بالاتزان وضبط النفس والابتعاد عن كل ما يسىء إلى القيم والمعايير الديمقراطية، فتلك من مهامه، فليس في مقدور أحد أن يدعى احتكار الحقيقة أو الاستئثار بالصواب، بل تشكل جميعها واحة أمان تفىء إلى ظلالها كل الأفكار والآراء التى تصب في تقوية ساعد الدولة، فالحفاظ على الأمن القومى واجب دستورى والتزام الكافة بما فيها الإعلام ومراعاته مسئولية وطنية.
ثالثًا: الإعلام التقليدى عليه عبء تطوير نفسه حتى يحاكى الإعلام الجديد للوصول إلى الناس
ويؤكد الدكتور محمد خفاجى: الرأى عندى أن الإعلام التقليدى عليه عبء تطوير نفسه حتى يحاكى الإعلام الجديد للوصول إلى الناس، لأن طريقة الوصول إلى وسائل الإعلام في عالم اليوم قد تغيرت بشكل كبير، لذا يجب أن تكون أحدث المعلومات في متناول أيدى الشعوب من مصادرها الصحيحة للحد من الشائعات، مع احتفاظ الدولة بالمعلومات التى تحرص عليها لدواعى الأمن القومى، ذلك أن شبكة الإنترنت خلقت – بما تتمتع به من قوة اتصال مذهلة – فرصًا على نطاق واسع ومتزايد ومطرد وسريع الإيقاع؛ بإطلاق الإمكانات وإحداث ثورة في الوصول إلى المعلومات وتغيير حياة الناس وحدث انفجار لوسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى تغيير الطريقة التي يتبادل بها الأفراد والمجموعات المعلومات والأفكار.
ويشير: قد يخيل للبعض أن فيسبوك وتويتر – الذى غيَّرعلامته التجارية إلى X- وسيلة للبقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة فقط، والصحيح أن انتشارها أصبح الآن استثنائيًا وخطيرًا فى كافة مجالات الحياة على اتساعها، فوسائل الإعلام الجديدة أيضًا تلعب دورًا حاسمًا في أوقات الأزمات لا ينبغى التقليل من شأنها، لذا فإن تمكين وسائل الإعلام من أن تصبح أكثر انفتاحًا وأكثر فعالية وأكثر استقلالية بضوابط تراعى الأمن القومى يؤدي في الواقع إلى تحسين بيئة الاستقرار السياسي الاجتماعى ويمكن اعتبار وسائل الإعلام بمثابة “الحراسة” على الديمقراطية السياسية، بشرط أن يعرف الإعلام مسئوليته ويعمل بإخلاص وأمانة وفى هذه الحالة يمكن أن يكون قوة كبيرة في بناء الوطن.
رابعًا: ميكروفون الإعلامى ليس أقل أهمية من منصة القاضى لأنه قاضى الكلمة النزيهة المتجردة فى مخاطبة الجماهير
ويذكر الدكتور خفاجى: الرأى عندى أن الإعلام ضمير الأمة ومرآة المجتمع، وضمير الأمة بطبيعته يعتبر الإعلام جزءًا هامًا في تشكيل الرأى العام، لذا وجب أن يتحلى الإعلامى لسان رأى الأمة بنزاهة المقصد، فميكروفون الإعلامى لا يقل أهمية عن منصة القاضى، لأنه قاضى الكلمة النزيهة المتجردة التى يخاطب بها الجمهور فى كشف الحقائق بعد توثيق، وتسخيرها لخدمة الوطن والمواطنين بمختلف فئاته بأعلى مستويات الوعى والإدراك والنهوض بمستوى الخدمات العامة، والمصداقية تكون فى مضمون العمل الإعلامى ذاته والوسيلة والمصدر، ومصداقية الإعلامى هى شرفه واعتباره.
ويضيف: أما الدور الأهم في ظل الظروف التى تحاك بالوطن بعد ثورتين للشعب فى زمن وجيز – حيث تم إنهاك الاقتصاد الوطنى خلالهما، فضلًا عن مجابهة مصر للإرهاب الذى يحاك بمصر والأمة العربية – فيقع على عاتق أجهزة الدولة والجهات والهيئات المختصة بالشأن الإعلامى والصحفى، وهو دور لا يحتمل التأخير أو التأجيل، بفتح أبواب المنابر الإعلامية للدعوة للمشاركة الانتخابية – ومن بينها تبنى هذه الدراسة الماثلة والعمل على نشرها – وبيان أثرها الإيجابي على استقرار الوطن، ولها أن تستعين فى هذا الشأن بأهل الدراية والاختصاص على اختلافهم من أجل النهوض بالديمقراطية التى تسير بالتوازن مع التنمية.
خامسًا: أخلاقيات المهنة تعبير طوعي عن الاجتهاد المهني لتصحيح الأخطاء وإخضاع النفس للضمير العام والمسئولية أمام الجمهور
ويختتم: يجب على الصحفيين والإعلاميين أن يعتبروا قواعد أخلاقيات المهنة تعبيرًا طوعيًا عن الاجتهاد المهني المتصل بالجودة لتصحيح أخطائهم، وإخضاع أنفسهم للضمير العام والمسئولية أمام الجمهور، ذلك أن البيئة الإعلامية متغيرة تتحدى أخلاقيات المهنة، وهو ما يحدث من خروقات لبعض الإعلاميين بالخارج الذين يحملون هدفًا واحدًا للنيل من الاستقرار بتوجه أيديولوجى وبدافع سياسى محض، لذا يجب أن تلعب الهيئات الصحفية والإعلامية دورًا أساسيًا في تحديد ودعم المعايير المهنية للمجتمع الصحفى والإعلامى بقواعد أخلاقية للتنظيم المشترك تتعلق بالنزاهة والمصداقية والمصالح العليا للوطن، لذا تلجأ العديد من الدول ومن بينها مصر إلى وضع أنظمة للتنظيم المشترك، حيث يحدد القانون الإطار القانوني لأخلاقيات وسائل الإعلام ذاتية التنظيم.
مصدر الخبر | موقع الدستور