تعليق محكمة النقض على المادة 82 من قانون المحاماة الخاصة بالأتعاب.. وما يتعين على القاضي إذا ما رأى تعديل المتفق عليه بين المحامي وموكله
علقت محكمة النقض على المادة 82 من قانون المحاماة الخاصة بتقاضي الأتعاب، وقالت: «إن النص في الفقرة الثانية من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ على أن “يتقاضى المحامي أتعابه وفقا للعقد المحرر بينه وبين موكله، وإذا تفرع عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى حق للمحامي أن يطالب بأتعابه عنها” – يدل على أن الأصل هو سريان الاتفاق المبرم بين الطرفين فلا يتقاضى المحامي زيادة على مقدار الأتعاب المتفق عليها ما لم يثبت أنه قام بأعمال أخرى خارجة عن نطاق ذلك الاتفاق لم يكن في وسعه توقعها، أو أنه تردى في خطأ لدى تقدير تلك الأتعاب فقدرها بما لا يتناسب مع أهمية ما قام به من عمل وما بذله من جهد وما توصل إليه من نتائج وأنه ما كان يقبلها لو كان يعلم ذلك».
وتابعت: « يتعين على القاضي إذا ما رأى تعديل الاتفاق المتفق عليه (الاتفاق على أتعاب المحاماة بين المحامي وموكله) بالزيادة أو النقص أن يبين في حكمه الظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الاتفاق على أتعاب لا تتناسب مع ما قام به المحامي من أعمال – قبل تنفيذها – حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان إطراح المحكمة للاتفاق يستند أو لا يستند إلى اعتبارات مقبولة».
الحكم
جلسة ١١ من ديسمبر سنة ٢٠٠١ م
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعيد شعلة، سيد الشيمي، مدحت سعد الدين نواب رئيس المحكمة وعز العرب عبد الصبور.
(٢٤٨)
الطعن رقم ٤١٦٩ لسنة ٧٠ القضائية
(١ – ٣) محاماة “أتعاب المحامي”. وكالة. عقد. إثبات “عبء الإثبات”. محكمة الموضوع. نقض. حكم “عيوب التدليل: القصور، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد كذلك”.
(١) الأصل. سريان الاتفاق المبرم بين المحامي وموكله بشأن أتعاب المحاماة. عدم تقاضي المحامي زيادة على الأتعاب المتفق عليها. الاستثناء. إثباته قيامه بأعمال خارجة عن نطاق الاتفاق لم يكن في وسعه توقعها أو أنه قدر الأتعاب بما لا يناسب أهمية ما قام به من عمل وبذله من جهد وما توصل إليه من نتائج وأنه ما كان يقبلها لو كان يعلم ذلك. م ٨٢/ ٢ ق المحاماة ١٧ لسنة ١٩٨٣.
(٢) تعديل القاضي الاتفاق على أتعاب المحاماة المتفق عليه بين المحامي وموكله. وجوب أن يبين في حكمه الظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الاتفاق على أتعاب لا تتناسب مع ما قام به المحامي من أعمال قبل تنفيذها. علة ذلك. تمكين محكمة النقض من مراقبة مدى سبب إطراح المحكمة للاتفاق.
(٣) تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بوجود اتفاق بينه وبين المحامي المطعون ضده حدد فيه أتعابه عن كافة القضايا التي يباشرها لحسابه بمبلغ شهري معين وتدليله على ذلك بكتابين أرسلهما له الأخير أشار فيهما إلى ذلك الاتفاق وما يستحقه من أقساط الأتعاب ملتمساً زيادتها عند تجديد عقده. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عنه وقضاؤه بزيادة الأتعاب دون بيان أسباب خروجه عن الأصل العام من وجوب إعمال إرادة الطرفين. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وقصور مبطل.
١ – إن النص في الفقرة الثانية من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ لسنة ١٩٨٣ على أن “يتقاضى المحامي أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله. وإذا تفرع عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى حق للمحامي أن يطالب بأتعابه عنها” – يدل على أن الأصل هو سريان الاتفاق المبرم بين الطرفين فلا يتقاضى المحامي زيادة على مقدار الأتعاب المتفق عليها ما لم يثبت أنه قام بأعمال أخرى خارجة عن نطاق ذلك الاتفاق لم يكن في وسعه توقعها، أو أنه تردى في خطأ لدى تقدير تلك الأتعاب فقدرها بما لا يتناسب مع أهمية ما قام به من عمل وما بذله من جهد وما توصل إليه من نتائج وأنه ما كان يقبلها لو كان يعلم ذلك.
٢ – يتعين على القاضي إذا ما رأى تعديل الاتفاق المتفق عليه (الاتفاق على أتعاب المحاماة بين المحامي وموكله) بالزيادة أو النقص أن يبين في حكمه الظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الاتفاق على أتعاب لا تتناسب مع ما قام به المحامي من أعمال – قبل تنفيذها – حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان إطراح المحكمة للاتفاق يستند أو لا يستند إلى اعتبارات مقبولة.
٣ – لما كان الثابت في الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجود اتفاق بينه والمطعون ضده (المحامي) على أن يتقاضى مبلغ….. شهرياً عن كافة القضايا التي يباشرها لحسابه، وأيد دفاعه هذا بالكتابين المؤرخين….، ….. اللذين أشار فيهما وكيله إلى ذلك الاتفاق، وقال إنه يستحق مبلغ…… قيمة القسط الأول من أتعابه (أول….. سنة…..) ومبلغ…… قيمة القسط الثاني (….. سنة……) ومبلغ….. قيمة أتعابه عن المدة من…… حتى……، والتمس زيادة هذه الأتعاب عند تجديد عقده في…… حتى يتناسب مع كم القضايا التي يباشرها لحساب الطاعن. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وخرج عن الأصل العام – وهو وجوب إعمال إرادة الطرفين – فقضى بزيادة أتعاب المطعون ضده عن تلك التي حددها الاتفاق المبرم بينه وبين الطاعن دون بيان أسباب خروجه عن ذلك الأصل، فإنه فضلاً عن مخالفته القانون وخطئه في تطبيقه يكون معيباً بقصور يبطله.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى ٤٩٤٢ لسنة ١٩٩٩ مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ ٤٥٨٣٠ جنيهاً قيمة ما سدده من رسوم ومصاريف القضايا التي باشرها لحسابه وما يستحقه من أتعاب. ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ ١٣٧٣٠ جنيهاً. استأنف المطعون ضده الحكم بالاستئناف رقم ٦٩٠١ لسنة ٥٥ ق الإسكندرية، واستأنفه الطاعن بالاستئناف رقم ٢٠٩ لسنة ٥٦ ق الإسكندرية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ ٢٠/ ٥/ ٢٠٠٠ في الاستئناف الأول بزيادة المبلغ المحكوم به إلى ١٤٩٠٠ جنيه، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعُرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في صحيفة استئنافه بوجود اتفاق بينه وبين المطعون ضده ينتهي في ٣١/ ٨/ ١٩٩٨ حددت فيه أتعابه عن كافة القضايا التي يباشرها لحسابه بمبلغ ٣٠٠ جنيه شهرياً. وبأنه تم تنفيذ الاتفاق لمدة عامين مما يوجب الالتزام بمقدار الأتعاب المنصوص عليها فيه، وقدم تأييداً لدفاعه هذا كتاباً أرسله له المطعون ضده أقر فيه بحصول ذلك الاتفاق وأورد أن جملة المصروفات والرسوم التي سددها عن القضايا التي باشرها مبلغ ٥٦٣.٨٥ جنيهاً وأنه يستحق مبلغ ١٨٠٠ جنيه قيمة أتعاب القسط الأول (سبتمبر ١٩٩٦) ومبلغ ١٨٠٠ جنيه قيمة أتعاب القسط الثاني (مارس ١٩٩٧) كما أقر في كتابه المرسل للطاعن بتاريخ ٣/ ٦/ ١٩٩٨ بأن جملة أتعابه المستحقة عن المدة من ١/ ١/ ١٩٩٨ حتى ٣١/ ٨/ ١٩٩٨ مبلغ ٢٥٠٠ جنيه، وأنه يأمل في زيادة المبلغ المتفق عليه سنوياً لأن لا يتفق مع الكم الهائل من القضايا التي يباشرها، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع الجوهري الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولم يبين أهمية الدعاوى التي باشرها المطعون ضده والجهد الذي بذله والنتائج التي حققها، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة ٨٢ من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ١٧ سنة ١٩٨٣ على أن “يتقاضى المحامي أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله. وإذا تفرع عن الدعوى موضوع الاتفاق أعمال أخرى حق للمحامي أن يطالب بأتعابه عنها” – يدل على أن الأصل في سريان الاتفاق المبرم بين الطرفين فلا يتقاضى المحامي زيادة على مقدار الأتعاب المتفق عليها ما لم يثبت أنه قام بأعمال أخرى خارجة عن نطاق ذلك الاتفاق لم يكن في وسعه توقعها، أو أنه تردى في خطأ لدى تقدير تلك الأتعاب فقدرها بما لا يتناسب مع أهمية ما قام به من عمل وما بذله من جهد وما توصل إليه من نتائج وأنه ما كان يقبلها لو كان يعلم ذلك. ومن ثم فإنه يتعين على القاضي إذا ما رأى تعديل الاتفاق المتفق عليه بالزيادة أو النقص أن يبين في حكمه الظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الاتفاق على أتعاب لا تتناسب مع ما قام به المحامي من أعمال – قبل تنفيذها – حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان إطراح المحكمة للاتفاق يستند أو لا يستند إلى اعتبارات مقبولة. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بوجود اتفاق بينه والمطعون ضده على أن يتقاضى مبلغ ٣٠٠ جنيه شهرياً عن كافة القضايا التي يباشرها لحسابه، وأيد دفاعه هذا بالكتابين المؤرخين ١٨/ ٦/ ١٩٩٧، ٣/ ٦/ ١٩٩٨ الذين أشار فيهما وكيله إلى ذلك الاتفاق، وقال إنه يستحق مبلغ ١٨٠٠ جنيه قيمة القسط الأول من أتعابه (أول سبتمبر سنة ١٩٩٦) ومبلغ ١٨٠٠ قيمة القسط الثاني (مارس سنة ١٩٩٧) ومبلغ ٢٥٠٠ جنيه قيمة أتعابه عن المدة من ١/ ١/ ١٩٩٨ حتى ٣١/ ٨/ ١٩٩٨، والتمس زيادة هذه الأتعاب عند تجديد عقده في ١/ ٩/ ١٩٩٨ حتى يتناسب مع كم القضايا التي يباشرها لحساب الطاعن. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه التفت عن هذا الدفاع الجوهري والذي من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وخرج عن الأصل العام – وهو وجوب إعمال إرادة الطرفين – فقضى بزيادة أتعاب المطعون ضده عن تلك التي حددها الاتفاق المبرم بينه وبين الطاعن دون بيان أسباب خروجه عن ذلك الأصل، فإنه فضلاً عن مخالفته القانون وخطئه في تطبيقه يكون معيباً بقصور يبطله، ويوجب نقضه.
مصدر الخبر | موقع نقابة المحامين