رفض دعوى تعويض ضد وزير الداخلية لمتهم ادعى تعذيبه بأحد الأقسام
أيدت المحكمة الإدارية العليا الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برفض الدعوى المقامة من أحد المواطنين ضد وزير الداخلية وأحد الضباط والتي طلب فيها إلزامهم متضامنين بأن يؤديا له تعويضا عما زعمه من أنه تعرض للتعذيب حينما تم القبض عليه بقسم شرطة ايتاى البارود بمحافظة البحيرة، وهو ما رفضته المحكمة لثبوت انتفاء شبهة ممنهجة التعذيب عن جهاز الأمن المصري.
قالت محكمة القضاء الإداري في حكمها الذي أصدره المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن الدولة المصرية بموجب دستورها تحترم التزاماتها الدولية تلتزم بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها، باعتباره العمق الإستراتيجى لفكر الدولة القائم على التنمية الشاملة، وأن وزارة الداخلية لم تنتهج ثمة تعذيب ممنهج على المدعى كما ادعى بهتاناً، في الشرطة في خدمة الشعب وولائها له وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن وتسهر على حفظ النظام العام والأداب العامة وتحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية , وأن الدستور المصرى كان حريصا على أن كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته , ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً , ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيا وصحيا .
وأضافت المحكمة أن أي ضابط من ضباط الشرطة يخالف شيئاً مما تقدم يعد ذلك منه جريمة شخصية يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون، لذا فإن الضابط الذي يرتكب التعذيب- وهو ما خلت منه الأوراق- على أحد المواطنين بمناسبة وظيفته، يعتبر أنه ارتكب خطأ جسيماً faute lourde la وهو الخطأ الذي يجاوز المخاطر العادية للوظيفة، ولا يمكن قبوله أو إيجاد عذر لارتكابه، ولا يمكن التسامح فيه , وهو بهذه المثابة يعد خطأ شخصياً منه لا يُسأل عنه مرفق الشرطة , وإنما يُسأل عنه الضابط ذاته جنائيا وتأديبياً ويتحمل وحده قيمة التعويض من ماله الخاص وليس من مال وزارة الداخلية , بحسبان أن التعذيب يمثل خطأ شخصياً faute personnelle la , يتجاوز حدود المخاطر العادية للوظيفة الأمنية وليس خطأ مرفقياً la faute de la service , التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمان لمخالفته أصلاً من الأصول المتعلقة بحقوق الإنسان , لذا يتحمل مرتكبه وحده قيمة التعويض من ماله الخاص دون مال وزارة الداخلية .
وأوضحت المحكمة أن مفهوم الأمن في الفكر الحديث تحول من منظور ضيق كان قاصراً على جهاز الشرطة فحسب إلى نظرة أعم وأشمل جعلت منه مسئولية قومية يتشارك فيها كل أفراد المجتمع، إذ أضحى مفهوم الأمن شراكة بين كل أجهزة الدولة وكافة قطاعات الجمهور ومساهمات منظمات المجتمع المدنى، فالعلاقة بين الشرطة والجمهور من أهم القضايا الأمنية لأن مساهمة الجمهور في حفظ الأمن وتعاونه مع الشرطة يعد من مقتضيات الفاعلية لكشف الجريمة , خاصة أن الإحصاءات العالمية تؤكد أن عدد الجرائم المقترفة يفوق إلى حد كبير عدد الجرائم المكتشفة الأمر الذي يبرز أهمية وضرورة التعاون الوثيق بين الشرطة والجمهور في تحقيق الأمن وما يقتضيه ذلك من وجوب اتسام العلاقة بينهما بالحميمية والتعاون , فالأصل أن الشرطة تؤدى وظيفتها في خدمة الشعب باعتباره واجبا دستوريا يبلور رسالة الشرطة في علاقاتها بالشعب، لهذا كان لزامًا أن تكون ممارستها تحت إشراف السلطة القضائية ضمانا لعدم إساءة استخدامها .
واختتمت المحكمة أن الثابت في الأوراق أن ادعاء المدعى بأنه قد تعرض للتعذيب على يد ضابط بقسم شرطة إيتاى البارود يمثل بهتاناً دون أن يقيم الدليل عليه، وقد عجز عن إثبات دعواه رغم تكليفه بذلك عدة جلسات دون جدوى، حال أن النيابة العامة قد حفظت المحضر لعدم كفاية الأدلة , فإن ادعاءه يكون مرسلا وينتفى معه ركن الخطأ في جانب وزارة الداخلية بحسبانه المتبوع المسؤول عن الضرر الذي يحدثه تابعه وهو ضابط الشرطة بعمله غير المشروع إذا ثبت في حقه وكان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها , وهو ما خلت الأوراق من ثبوته , وأصبح ادعاء تعرض المدعى للتعذيب محض افتراء وقول مرسل عارياً من دليل عليه , وتنهار معه باقى أركان المسئولية الموجبة للتعويض , ويضحى طلب المدعى بإلزام وزارة الداخلية بالتضامن مع الضابط بالتعويض بحجة تعذيبه قائماً على غير أساس سليم من الواقع أو القانون مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
مصدر الخبر | موقع المصري اليوم